“احفر يا حبيبي، احفر!”… شعار ترامب للإمبريالية الجديدة
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
23 يناير، 2025
بغداد/المسلة: “احفر يا حبيبي، احفر!”، كان هذا الشعار الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال خطاب تنصيبه الثاني، في إشارة واضحة إلى السياسات التي ينوي تطبيقها لدفع الاقتصاد الأميركي إلى أقصى الحدود، مع التركيز على استغلال الموارد الطبيعية، وتقوية النفوذ الاقتصادي والسياسي الأميركي عالميا.
و في خطاب استغرق نصف ساعة أمام الملايين حول العالم، بدا ترامب وكأنه يعلن ثورة شاملة على سياسات سلفه، متبنيا رؤية وصفها بأنها “عصر ذهبي جديد” للولايات المتحدة اذ تعهد بخفض الضرائب، وتحفيز قطاع النفط والطاقة التقليدية، ورفض السياسات البيئية التي اعتبرها معيقة للتنمية فيما انسحابه المتوقع من اتفاقية باريس للمناخ كان إشارة رمزية لرؤية ترامب التي ترى في الحفر والتنقيب عنوانا لعصر جديد من النمو الأميركي، قائلا: “لن يُدفع خير أميركا لغير الأميركيين”.
و تصريحات ترامب عن قناة بنما كانت الأكثر إثارة للجدل. بتأكيده أن أميركا “تنازلت عن القناة وستستعيدها”، يعيد ترامب فتح باب النزعة الإمبريالية بشكل مباشر، متذرعا بوجود تهديد صيني، ليصنع من هذا “الخطر الحضاري” ذريعة لتعزيز الهيمنة الأميركية.
وترامب لم يترك ساحة الدين بعيدة عن خطابه، بل أظهر قدرة على توظيفه لتوحيد قاعدة داعميه المتنوعة. مشاهد دعوات رجال الدين خلال حفل التنصيب، رغم الجدل حول إلغاء مشاركة الإمام المسلم، كانت تجسيدا لهذا التوظيف.
ووصف بعض المراقبين هذه السياسة بأنها “براغماتية دينية” تهدف إلى جمع الأضداد تحت راية واحدة، شعارها “أميركا أولاً”.
و ما بين تهديد الدول المنافسة وتعزيز خطاب القوة، وبين وعود السلام وإنهاء الحروب، يضع ترامب إدارته القادمة أمام اختبار صعب. كيف يمكن الجمع بين خطاب الهيمنة وشعارات السلام؟ في عالم مليء بالصراعات، قد لا تكون الإجابة واضحة، لكن رؤية ترامب تبدو واضحة في تركيزها على “الحفر”، سواء كان ذلك في باطن الأرض أو في عمق سياسات التوسع والهيمنة.
و مع تصاعد شعارات “احفر يا حبيبي، احفر!”، تبدو ملامح الخطة الأميركية الجديدة أكثر وضوحا: اقتصاد قوي يتجاوز أي اعتبارات بيئية، ونفوذ عالمي يتجاوز أي حدود.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
التلاعب بالانتخابات…التحدي المزمن أمام الديمقراطية.
1 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة:
محمد حسن الساعدي
تعاني العملية الانتخابية في العراق من تحديات كبيرة، أبرزها التزوير المنظم الذي شوه إرادة الناخب وأفقد الانتخابات معناها الحقيقي، إذ تتنوع أساليب التزوير بين شراء الأصوات والتلاعب بالنتائج واستخدام بطاقات مزورة،والضغط على الناخبين،وكلها تتم في ظل ضعف الرقابة وتسييس مفوضية الانتخابات، إذ تسهم عمليات التلاعب وتفشي هذه الظاهرة غياب المحاسبة، وهيمنة الأحزاب المتنفذة، وضعف الوعي الانتخابي،ما يؤدي إلى إعادة إنتاج نفس الطبقة السياسية الفاسدة. والنتيجة هي فقدان الثقة الشعبية بالعملية الديمقراطية، وارتفاع نسب العزوف عن التصويت.
لقد تطورت أساليب التزوير في العراق من التلاعب اليدوي البسيط إلى أنماط أكثر تعقيدًا، شملت عمليات تزوير في نتائج العد والفرزمن خلال تدخلات في مراكز العد أو التلاعب بالبرمجيات المرتبطة بنقل البيانات،وشراء الأصوات حيث يُستخدم المال السياسي لشراء ذمم الناخبين، خاصة في المناطق الفقيرة، بالاضافة الى البطاقات الانتخابية المزورة أو غير الفعالة،إذ يُبلّغ الكثير من المواطنين عن اختفاء بطاقاتهم أو استخدامها من قبل آخرين، والضغط على الناخبين سواء بالترهيب أو عبر استغلال النفوذ الحزبي في دوائر الدولة لتوجيه التصويت، وعمليات التلاعب بتوزيع المقاعد من خلال استخدام طرق حسابية غامضة وغير شفافة، ما يتيح لبعض القوى الحصول على تمثيل يفوق حجمها الفعلي.
يرتبط انتشار التزوير بعدة عوامل بنيوية، منها ضعف الرقابة القضائية المستقلة، وتسييس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات،وتغلغل الأحزاب في أجهزة الدولة، ما يسمح بالتلاعب في مفاصل الانتخابات،وغياب تطبيق القانون بحق المزورين، حيث نادرًا ما يُحاكم شخص بتهمة التزوير رغم كثرة الأدلة، بالاضافة الى الفراغ الثقافي والجهل الانتخابي في بعض المناطق، مما يجعل الناس عرضة للاستغلال.
أن استمرار التزوير في الانتخابات له تداعيات خطيرة على المستوى السياسي والاجتماعي،وهي انعدام الثقة بالعملية الديمقراطية، وارتفاع معدلات العزوف عن التصويت، وشرعنة تمثيل قوى لا تعكس إرادة الشعب الحقيقي،وإعادة إنتاج الفساد السياسي عبر بقاء نفس الطبقة الحاكمة، وتغذية الانقسامات الطائفية والعرقية، حيث تُستخدم الانتخابات وسيلة لتكريس المحاصصة.
تبقى عمليات التزوير في الانتخابات العراقية عقبة كبرى أمام التحول الديمقراطي الحقيقي،ما لم تتكاتف الجهود الرسمية والشعبية لتجفيف منابع التزوير، فإن العملية السياسية ستظل رهينة القوى المتنفذة،وسيبقى المواطن يعاني من غياب التمثيل الحقيقي وسوء الإدارة، لذلك فان مستقبل العراق الديمقراطي يتطلب شجاعة في مواجهة هذه الآفة، وإرادة سياسية حقيقية لإصلاح ما أفسده الفساد والمال السياسي.
لمعالجة هذا الواقع السياسي والانتخابي المتراجع لا بد من إصلاح جذري للمفوضية العليا للانتخابات واختيار أعضاء مستقلين حقًا،وتفعيل الرقابة المحلية والدولية على كل مراحل العملية الانتخابية، وتحديث النظام الانتخابي بما يضمن عدالة التمثيل ويغلق منافذ التزوير، وفرض عقوبات صارمة وفعلية على من يثبت تورطه في التزوير،و رفع الوعي الانتخابي لدى المواطنين من خلال حملات تثقيفية وتدريبية.
الحل يكمن في إصلاح المفوضية، تحديث النظام الانتخابي، فرض رقابة دولية ومحلية صارمة، ومعاقبة المزورين بجدية بدون هذه الإصلاحات، ستبقى الانتخابات أداة لتكريس النفوذ لا للتغيير الحقيقي، ولا يعطي فسحة وأمل للتغيير الذي يحمي مصالح البلاد العليا ولايهدد وجودها ويحمي القرار السياسي من التدخل والهيمنة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts