#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآيتين 9 و 10 من سورة الجمعة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “.
عندما تبدأ الآية بخطاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فما يتلوه ليس مجرد إخبار أو توضيح، بل أمر واجب التنفيذ، فالمؤمن اختار طاعة الله فيما يأمره به أو ينهاه عنه، بلا حاجة لتفسير اوتعليل، لكن الله تعالى دائما، كرما منه ومحبة بعباده المؤمنين، غالبا ما يقدم علة الأمر او يبين الحكمة منه.
في هذا الأمر الإلهي فرض الله صلاة الجمعة، وهي مختلفة عن باقي الصلوات في أنها تؤدى جماعة، ولا يصليها المرء منفردا، والحكمة من ذلك أن الله أرادها اجتماعا أسبوعيا للمسلمين، يلتقون جميعهم، كل ابناء حي أو منطقة أو مدينة وقت الظهيرة، لكي يستمعوا الى خطبة هي بمثابة محاضرة يتم فيها التوجيه أو لفت الانتباه الى قضية عامة هامة، يلقيها ولي الأمر في المسجد الجامع، ومن ينوب عنه في باقي المساجد التي تغطي المساحة السكانية للدولة.
ما سبق معلومة معروفة للجميع، لكني ذكرتها للتذكير بما نفتقده في هذا الزمن، وهو عدم تحقق الحكمة التي أرادها الله من صلاة الجمعة، فليس مجرد سماح النظام الحاكم بإقامة صلاة الجمعة يعني أن الدولة إسلامية، فالمحتلون المعادون لمنهج الله يفعلون ذلك أيضا، لكن الفارق عندما تكون الدولة اسلامية، أن الحاكم يكون مسلما ملمّا بأحكام الله، قارئا لكتابه وحريصا على طاعته، لذلك يؤم الأمة ويوجه الرعية.
وأول علامات أن لا تكون الدولة إسلامية، إن رأينا الحاكم لا يحضر الصلاة إلا في مناسبات محددة تظاهرا بالإيمان، ولا يؤم المصلين بل يصطف خلف الإمام، ليس زهدا في الإمامة، فهو يعتبر نفسه الأول في كل شيء، بل لأنه لا يتقن الصلاة وقد لا يكون يحفظ سورة الفاتحة.
والعلامة الثانية، هي فرض خطبة موحدة مرت عبر أجهزة الرقابة، لئلا تتناول المشكلات الهامة التي فشل النظام الحاكم في حلها، فتشير الى تقصيره وتظهر عيوبه، فلا تسمح إلا بالحديث الذي لا يسمن أو يغني من جوع، كمواعظ الصلاح الفردي والزهد، والاستغراق بتفاصيل أحكام العبادات، أو في الروايات المكررة لأحداث زمن الدعوة، بعد سحب الزبدة منها، التي هي اسقاط الدروس على الواقع المعاش.
لذلك واظبت على نشر مقالة الخميس تحت عنوان “تأملات قرآنية”، للتعويض عن خطبة الجمعة المغتالة.
من التأمل في هاتين الآيتين نستفيد ما يلي:
1 – لا توجد في الإسلام عطلة أسبوعية، فعند الأذان يوم الجمعة، يتوقف العاملون عن العمل، وبعد انقضاء الصلاة يعودون لأعمالهم كباقي الأيام، لأن الله أراد للمجتمع المسلم أن يبقى نشيطا مُجدّاً، ولا يركن الى الكسل والخمول.
فكرة العطلة الأسبوعية كانت يوما واحدا، وفي القرن التاسع عشر أقرت أوروبا عطلة اليومين، وبهدف استثماري لأصحاب رؤوس الأموال، لتنشيط التسوق وارتياد الأماكن الترفيهية، ولتمريرها ربطت بداية بالدين، لذلك اختارت الأقطار العربية يوم الجمعة، لكنها لتثبت تبعيتها لعلمانيتهم، تحولت أغلبها لتتبعهم الى جحر الضب.
2 – إن الربح المادي يتحقق حصرا من البيع، فالمرء لا يبيع شيئا إلا إن نال قيمة أعلى بتقديره من قيمته، وهذا الفارق هو الربح، لذلك قال تعالى ” وَذَرُوا الْبَيْعَ”، ولم يذكر الشراء، وذلك لأغراض بلاغة الإيجاز، لأن البيع لا يتم بغير الشراء، وبالشراء لا يتحقق الربح المباشر، بل يحصل المرء على ما يعتبره المرء نافعا له، إما بذاته أو بالاتجار به.
3 – في صلاة الجمعة من الحكم والنفع ما قد لا يدركه البشر، لذلك أمر الله المؤمنين بأن يتركوا ما يحبونه من النفع المحسوس الى شيء أنفع منه، لذلك قال: “ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”، فتلك الحكم مما قد لا يمكن فهمه زمن التنزيل، فظروفهم الحالية في دولة مسلمة وقيادتها مخلصة تحقق كفاية الناس وأمنهم، قد لا تشعرهم بأهمية تناول خطبة الجمعة لقضاياهم، مثلما في المستقبل، عندما يفتقدون الصلاح، ويغيّب المصلحون في السجون، فسيجدون كم الحاجة ماسة لها. مقالات ذات صلة
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه صلاة الجمعة
إقرأ أيضاً:
هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟.. الإفتاء تحسم الجدل
ارتفعت معدلات البحث خلال الساعات القليلة الماضية على جوجل، حول الحكم الشرعي في أداء صلاة الجمعة، حال تزامن يوم الجمعة مع أول أيام عيد الأضحى المبارك، خاصة مع اقتراب العيد الكبير، واهتمام المواطنين بالالتزام بالأحكام الدينية الصحيحة.
وردا على هذا السؤال، أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه إذا وافق عيد الأضحى يوم الجمعة، فإن الأصل هو أداء صلاة العيد في وقتها، ثم صلاة الجمعة في وقتها أيضا، وخاصة لمن لا عذر له.
وأضافت الإفتاء: «من صلى العيد في جماعة وأراد الترخص بترك الجمعة، فيصليها ظهرًا، تقليدًا لمذهب الحنابلة، ولا يُنكر أحد على الآخر، لأن المسألة خلافية، والخروج من الخلاف مستحب».
وشددت على أن القول بسقوط صلاة الجمعة والظهر معا لا يعتد به، داعية إلى الالتزام بأدب الخلاف وعدم إثارة الفتنة في الأمور التي وسع فيها الخلاف بين العلماء.
موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصرأعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن إجازة عيد الأضحى 2025 تبدأ من يوم الخميس 5 يونيو وتستمر حتى الإثنين 9 يونيو، وذلك كإجازة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين في «الوزارات، والمصالح الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية، وشركات القطاعين العام والأعمال».
ثبوت رؤية هلال شهر ذي الحجة 1446هوأعلنت المملكة العربية السعودية، مساء الثلاثاء الماضي، ثبوت رؤية هلال شهر ذي الحجة لعام 1446هـ، وذلك من مرصد «تمير» بعد رصد الهلال في أجواء صافية وملائمة، وسط استعدادات دقيقة من فرق الرصد الفلكي وبهذا، يكون يوم الأربعاء 28 مايو 2025 هو أول أيام شهر ذي الحجة، فيما يوافق أول أيام عيد الأضحى يوم الجمعة 6 يونيو 2025.
اقرأ أيضاً«أوقاف الشرقية » 5000 مسجد و 549 ساحة بمراكز الشباب لصلاة العيد
بمشاركة أربعة وزراء القليوبية تحتفل بالعيد القومى للمحافظة
محافظ الجيزة: تجهيز 551 ساحة لصلاة عيد الأضحي المبارك