سودانايل:
2025-12-12@12:05:57 GMT

جبريل ومناوي وسوء الخاتمة

تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT

من المدهش حقاً، وبامتياز، خضوع المغتصب (بفتح الصاد) للمغتصب (بكسرها)، وتفضيله العيش تحت سقف واحد معه، رغم ما يتلقاه من إذلال وقهر وامتهان للكرامة الآدمية، ودوس للشرف، ومهما تصور الناس وصول رئيسي العدل والمساواة وتحرير السودان للوضع المهين، الذي جعلهم رهن إشارة الجنرالات الذين قصفوا عشائرهم في "كرنوي" و"ام برو" و"الطينة"، ببراميل التدمير القاتلة والسّامّة، لا يمكن لأحد أن يتخيل سقوطهما في هذا القاع السحيق للانحطاط القيمي والأخلاقي، الذي لم يكن يوماً شيمة من شيم الراحلين خليل إبراهيم وعبد الله أبكر، وأظن أن الراحلين قد تململا تحت تربة قبريهما، وهما يسمعان خبر ردة جنودهما وقتالهم دفاعاً عن ملك من ارتكب بحق مجتمعاتهم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ولا يمكن لكائن من كان أن يستوعب مصافحة جبريل لأيدي من اغتالوا خليل، ولا منادمة مناوي لمن هدّوا البنيان فوق رؤوس المرضى والمسنين من عشيرته باستراحة حي المهندسين، لقد ذهل الناس من هول الصدمة جراء خروج الرجلين من الحياد، وانضوائهما تحت لواء فلول النظام البائد، هل هو المال الحرام الملوث بدماء الأبرياء؟، أم أنها متلازمة استوكهولم؟، أم سلوك دجاجة ستالين؟، إنّ الدماء التي سالت بالفاشر وصحارى شمال دارفور، مسؤول عنها هذا الثنائي الدموي، وعلى أهل دارفور البصم بالعشرة على شهادة انتحارهما سياسياً واجتماعياً، لاتخذاهما قرار التضامن مع قادة الجيش الذي اختطفه الاخوان المسلمون، ومساندته في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب بمدن "الفاشر" و"نيالا" و"مليط" و"الكومة" و"كتم" و"كباكابية"، فهذان الرجلان يجب أن لا يسمح لهما شعب دارفور، بلعب أي دور في الشأن الحكومي، بل الواجب تقديمهما لمحاكمات عادلة، على خلفية جرائمهما ضد الإنسانية، وتآمرهما بحق السودان عامة ودارفور بصفة الخصوص، فعلى مستوى جهاز الدولة الأعلى تآمرا على ثورة ديسمبر ودعما انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر تحالف "الموز".


بعد المهلة التي أعلنتها قيادة قوات الدعم السريع، والخاصة بإمهال قوات الرجلين يومين للخروج الآمن من الفاشر، واستجابة أعداد لا يستهان بها من الجنود والقادة المجبورين على القتال، يكون أميرا حرب الفاشر قد أنهيا حياتيهما السياسية بسوء الخاتمة، وسجلا موقفاً مخزياً لن ينساه تاريخ السودان الحديث، فلم يشهد السودان ولا دارفور مثليهما على الاطلاق، في الدموية وحب الذات والأنانية والتآمر والعمل بإصرار على تدمير المجتمعات التي أتوا منها، وإنّه لمن سخريات الأقدار أن يلجا كلاهما لدواوين الحكم ليذيقا الناس سوء العذاب، وقد أثبتا بياناً عملياً أن تمردهما في الماضي لم يكن من أجل المهمشين، وإنّما كان لدنيا قد أصاباها أخيراً، فرأينا بأم عيننا كيف سكنا القصور الفارهة، وأين أقاما حفلات البذخ لذوي قرباهما، بمستويات مترفة مثل احتفالات نجوم المجتمع الأمريكي، ومن الصدمات الجارحة التي تلقاها مجتمع دارفور سليل السلطنة العظيمة، أن جاء الزمان بأخره وتسيد مجلس السلطان بالفاشر، رجل أهان سكان المدينة الفاضلة حينما اتهمهم بسرقة حذائه، (رجل) وثقت له كاميرات الفنادق ذات الأنجم الخمس بعواصم الشرق الأوسط، أوضاع خاصة لا تمت لأخلاق أهل دارفور بصلة، فأصبح حاله يجسده مثل من دارفور (الفقيه يلد خطيئته)، يُضرب هذا المثل حينما يبتلي الفقيه بابن عاق أو ابنة ناشزة، فدارفور قد انجبت خطيئتها بولوج هذين (الرجلين) سوح الحياة العامة، من بوابتها الشريفة المودعة للمحمل المسافر لكسوة الكعبة، فتاجرا بشرفها الأصيل وحسن سيرتها النبيلة، ومن المؤكد أن دار السلام (دارفور) سيعمها السلام، بعد أن تغتسل من خطيئتها، وبعد أن ترسل ابنيها العاقين هذين إلى مكب نفايات التاريخ، فقد رفعت أقلام فقهاء دارفور وجفت صحفهم بمكتوب دائم يقول لا مكان بيننا للمتاجرين بدمائنا.
دائماً ما أضرب المثال بالحركة الشعبية لتحرير السودان ومؤسسها الدكتور جون قرنق، وانجازها لمشروعها الذي أفضى لدولة عملت على حماية الجنوبيين من القتل المجاني، في ظرف عشرين عاماً، وهنا الفت الانتباه لشعب دارفور الذي ساقه اميرا الحرب هذان لأكثر من عشرين عاما، فأورثاه حصاداً مرّاً مرارة الحرمان، وذل لجوء الملايين من البؤساء، ونزوح الآلاف، واغتصاب المئات من النساء، وازدياد اعداد الفاقد التربوي، وانقسام المجتمع قبلياً، فالجنوبيون رغم خلافاتهم البينية إلّا أنهم في آخر مطافهم أسسوا لدولة ذات سيادة، بفضل مشروع الحركة الشعبية ومصداقية ووفاء قائدها الملهم، وأصبحت ديارهم ملجأ لأهل دارفور بعد أن فتكت بهم آلة مركز الموت والدمار، فعفا الجنوبي عن ابن دارفور الذي كان عبــــداً طائعاً لتنفيذ أوامر جنرالات المركز، ومساعداً ماهراً في طهي حلة (صانع الكباب) من لحوم المهمشين والمقهورين، وعلى ذات درب الجنوب ستتعافى دارفور قريباً من مرض تحالف حملة الاباريق وصنّاع الكباب، ويبدو أن السودانيين عامة سيلوذون بالفرار إلى دارفور، بعد أن يطأ المستعمر الجديد أرض النهر، وسيفيق إخوتنا الذين استلبت ارادتهم الوطنية من غيبوبتهم، إذا ما تمكن الغزاة الطامعين لا سمح الله من رقاب المهللين للغزو والمرحبين بالغزاة، فالورقة الأخيرة التي أصبح يراهن عليها الاخوان المسلمين وكتائبهم الإرهابية – الناحرة والذابحة لمواطني ولاية الجزيرة، هي جعل البلاد مستنقع للإرهاب الدولي، ومخزن للأسلحة السامة المرسلة من أصحاب العمائم السوداء، فالمعركة التي يخوضها الأشاوس اليوم هي ملحمة وطنية فاصلة بين عملاء المستعمر والوطنيين الشرفاء.

إسماعيل عبد الله
[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

المحكمة الجنائية الدولية تصدر حكمًا مخففًا على “علي كوشيب” قائد الجنجويد في السودان بإرتكاب جرائم في دارفور

لاهاي – متابعات تاق برس- وكالات – قضت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ، اليوم الثلاثاء  بالسجن 20 عامًا،  على محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ”علي كوشيب” قائد الجنجويد الاو ،بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال النزاع في إقليم دارفور بالسودان عامي 2003 و2004.

 

وذكر ممثلو الاتهام أن كوشيب (76 عاما)، ارتكب جرائم قتل وإصدار أوامر لآخرين بارتكاب جرائم جماعية.

 

وأدين كوشيب في أكتوبر بما يصل إلى 27 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل القتل والتعذيب وتدبير عمليات اغتصاب وفظائع أخرى نسبت إلى ميليشيات الجنجويد في دارفور قبل أكثر من 20 عاماً.

وخلال جلسة علنية في لاهاي، خلصت الدائرة الابتدائية الأولى إلى أن “كوشيب” مذنب في 20 تهمة تتعلق بجرائم حرب، من بينها القتل والاضطهاد والاغتصاب.

وأوضحت المحكمة أن كوشيب ارتكب بعض هذه الجرائم بنفسه، مشيرة إلى أن مبادرته بتسليم نفسه لا تشكل سوى عامل محدود في تخفيف العقوبة. فيما رفضت المحكمة جميع طلبات الدفاع التي سعت لتخفيف العقوبة.

 

جاءت هذه الجلسة في إطار الإجراءات الختامية للقضية، بعد أكثر من عامين من الاستماع إلى الشهود وتقديم المرافعات، وتعد هذه أول قضية تتعلق بجرائم الحرب في دارفور.

وأعلنت الدائرة الابتدائية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية خلال جلسة استماع علنية بمقرها في لاهاي، الحكم بذنب “كوشيب” في 20 تهمة تتعلق بجرائم حرب، كما أشارت إلى أن قائد الجنجويد ارتكب جرائم ضد الإنسانية، وطالب الادعاء بسجن كوشيب مدى الحياة.

 

وقال ممثل الادعاء جوليان نيكولز في جلسة خاصة عُقدت لتحديد الحكم على كوشيب إنه استخدم في إحدى المرات فأسا لقتل شخصين، وأضاف أنه لعب دورا كبيرا في ارتكاب الانتهاكات التي شهدها إقليم دارفور منذ أكثر من 20 عاما.

ويحاكم قائد الجنجويد الاول في السودان في 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت بين أغسطس 2003 وأبريل 2004 في إقليم دارفور غرب السودان، الذي شهد نزاعات دامية منذ 2003، في أيام حكم حزب المؤتمر الوطني المحلول بقيادة عمر البشير، وقتل خلال المعارك آلاف من المدنيين.
كوشيب وآخرين.

 

واتُهم بلعب دور قيادي في الهجمات المنهجية التي نفذتها الجنجويد بالتعاون مع القوات السودانية ضد المدنيين من جماعات الفور والمساليت والزغاوة العرقية في دارفور بين عامي 2003 و2004، وتطلب المحكمة الجنائية عدد من قيادات النظام السابق المثول أمامها، من بينهم الرئيس السابق عمر البشير، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة للداخلية السابق أحمد هارون، حيث تتهمهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وقال قضاة المحكمة الجنائية ان العقوبة جاءت مخففة لجهة أن المدان كوشيب سلم نفسه للمحكمة، كما أنه كان حسن السلوك خلال المحاكمات وفي فترة الاحتجاز.

 

كوشيب كان سلّم نفسه للمحكمة الدولية في يونيو 2020، في أفريقيا الوسطى.

 

وأشار مكتب الادعاء إلى أن الحكم على المدان ب(20) عاما عقوبة لا تتناسب مع الجرائم التي ارتكبها، وقال المكتب في بيان ” سنراجع القرار بعناية لتقييمه وتحديد ما إذا كان من المناسب اتخاذ إجراءات قانونية إضافية”.

 

كان مكتب الادعاء قد التمس توقيع عقوبة السجن المؤبد على كوشيب نظرًا للجسامة الاستثنائية للجرائم التي أدين بها، والتي شملت القتل والاغتصاب والتعذيب والاضطهاد وجرائم أخرى ارتُكبت بدرجة عالية من الوحشية والعنف، سواء بصفته مرتكبًا مباشرًا أو شريكًا في ارتكابها أو آمراً بارتكابها،ومن بين العوامل التي استند إليها مكتب الادعاء في طلبه للعقوبة المؤبدة، العدد الكبير من الضحايا، بما في ذلك مائتان وثلاثة عشر شخصًا من أهالي دارفور الذين قُتلوا، ومن بينهم أطفال، وست عشرة امرأة وفتاة تعرضن للاغتصاب، إضافة إلى ارتكاب أفعال بوحشية خاصة، والانتشار الجغرافي للجرائم، والفترة الزمنية الممتدة التي ارتُكبت خلالها.

 

ويؤكد مكتب الادعاء مجددًا التزامه بتحقيق المساءلة في الوضع في دارفور، حيث لا تزال التحقيقات جارية، ويواصل المكتب عمله المكثف في التحقيق في الأحداث الأخيرة، ولا سيما في مدينتي الجنينة والفاشر، لضمان تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة.

وكان كوشيب قد سلّم نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2020 عقب سقوط الرئيس السوداني السابق عمر البشير، بعد أكثر من اثني عشر عاماً من الإفلات من الاعتقال.

 

 

وافتتحت المحاكمة أمام الدائرة الابتدائية الأولى في 5 أبريل 2022، حيث استمعت المحكمة إلى 74 شاهداً (56 من جانب الادعاء، و17 من الدفاع، وأحد الضحايا المشاركين عبر ممثليه القانونيين).

 

المحكمة الجنائية الدوليةجرائم دارفورعلي كوشيب

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: المدنيين في دارفور وكردفان ما زالوا يواجهون عنفا متصاعدا وعشوائيا
  • حرب السودان تخرج عن السيطرة
  • شبكة أطباء السودان تكشف عن احتجاز آلاف المدنيين والعسكريين في سجون دارفور
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور
  • شبكة أطباء السودان: ميليشيات الدعم السريع تحتجز أكثر من 19 ألف شخص في دارفور
  • السودان: تأييد واسع للحكم على «كوشيب» وقوى مدنية وحقوقية تطالب بملاحقة بقية المتورطين
  • السودان بعد حرب أبريل: من مخاطر التقسيم إلى تفكك الدولة!
  • المحكمة الجنائية الدولية تصدر حكمًا مخففًا على “علي كوشيب” قائد الجنجويد في السودان بإرتكاب جرائم في دارفور
  • قوات سودانية تنسحب جنوبا عبر الحدود ومناوي يوجه اتهامات جديدة للدعم السريع