في مشهد يختلط فيه الحزن بالتضحية، وقعت حادثة مأساوية على ضفاف نهر النيل بمحافظة سوهاج، حيث حاولت فتاة الهروب من آلامها بالقفز إلى النهر، غير مدركة أن تلك اللحظة ستخلف وراءها مأساة تفطر القلوب.

"يارا"، فتاة تبلغ من العمر 24 عامًا، تحملت في صمت معاناة نفسية دفعتها إلى اتخاذ قرار مؤلم بالقفز في مياه النيل.

شاهد الواقعة كل من "عبد الرحمن م.ي.ع"، 19 عامًا، عامل.

أهم أدوات الجيل الثاني.. وزير الري: تعزيز الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إدارة المياهشهيد العمل.. سقوط عامل من أعلى مبنى تحت الأنشاء في سوهاجفقد حياته لإنقاذها

و"محمود أ.م.أ"، 21 عامًا، طالب، وكلاهما من مركز أخميم، بمجرد رؤيتهم للفتاة تصارع الأمواج، لم يتردد الاثنان في القفز خلفها، في محاولة لإنقاذها.

قوات الإنقاذ النهري هرعت إلى مكان الحادث، ونجحت في إنقاذ يارا وعبد الرحمن، ونُقلا إلى مستشفى سوهاج الجامعي لتلقي الإسعافات اللازمة، لكن القصة لم تنتهِ هنا، إذ لم يكن الحظ حليف محمود.

الشاب العشريني، الذي ضحى بنفسه لإنقاذ روح أخرى. بعد جهود مكثفة، تمكنت فرق الإنقاذ من استخراج جثمانه، الذي بدا خاليًا من أي إصابات ظاهرية.

الدموع لم تتوقف في المستشفى، حيث كان والد الفتاة، زكريا ع.ا.ع، محاسب يبلغ من العمر 57 عامًا، يحاول تفسير ما حدث، مؤكداً أن ابنته كانت تعاني من حالة نفسية صعبة، دون أن يتخيل أن قرارها سيؤدي إلى هذه النهاية المأساوية.

أما والد محمود، أحمد م.أ.م، 45 عامًا، موظف من نفس البلدة، فقد استقبل الخبر بقلب مثقل بالحزن، لكنه وجد بعض العزاء في تضحية ابنه الذي لم يتردد لحظة في محاولة إنقاذ الآخرين، حتى لو كان الثمن حياته.

حادثة النيل هذه لم تكن مجرد قصة غرق وإنقاذ، بل رواية عن الألم، الشجاعة، والتضحية التي تترك أثراً عميقاً في نفوس من سمعوا بها، "محمود" سيبقى بطلاً في أعين الكثيرين، و"يارا" تعيش الآن بشعور ثقيل بعدما كانت لحظات يأسها سبباً في فقدان روح نبيلة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سوهاج النيل نهر النيل اخبار محافظة سوهاج المزيد

إقرأ أيضاً:

"زهرات".. الحزن

صريخ وعويل ونواح وأهات أمهات ثكلي وتمتمات قلوب آباء طعنها ألم فقد فلذة الكبد فجأة، مأتم جماعي وحزن مقيم سكن قرية بأكملها، وسرادق عزاء امتد فى مشهد مهيب وموجع، والسبب سائق طائش يقول إنه فقد السيطرة على عجلة القيادة، فدهس السيارة "الميكروباص" تحت عجلاته بلا هوادة، فتناثرت الأشلاء وصعدت الأرواح إلى بارئها، تاركة خلفها قصصا دامية، وتساؤلات حائرة لن نجد لها إجابات أبدا ودوما.

ثماني عشرة فتاة لم يزد عمر الكبرى منهن على 23 عاما، دفعهن تحمل المسئولية وعدم الارتكان إلى ظروف الواقع، إلى العمل رغم حداثة أعمارهن، وهى قصة مأساوية متكررة، تحكمها أسباب عدة، فهذه طالبة فى كلية الهندسة لم تتعال ولم تخجل من الذهاب مع رفيقاتها إلى جني محصول العنب مقابل 130 جنيها يوميا، أرادت أن تخفف عن أسرتها مصروفات الكلية، وتلك انتهت للتو من امتحانات الشهادة الإعدادية، وكانت تحلم باقتناء جهاز هاتف، وثالثة كانت تنتظر زفافها بعد أسبوعين، بعد أن رفضت أن ترهق أهلها فى مصروفات تجهيز العرائس التى لا تنتهي بحكم عادات بالية فى القرى والأرياف.

كل واحدة من البنات لها قصة، وما أكثر القصص المؤلمة التى يعيشها كثير من البسطاء فى صمت، عزة النفس عنوانهم، والستر أبلغ أمانيهم، يسعون لكسب رزقهم من عمل أيديهم، لا يسألون الناس إلحافا، يشحنون فى سيارات ميكروباص أو نصف نقل يتكدسون فوق بعضهم، يقودها سائق أرعن متهور، يتمايل بهن يمينا ويسارا يتخطى تلك السيارة ويقفز أمام الأخرى فى حركات بهلوانية، تشعلها سيجارته الممزوجة بالمخدرات، ولا يوفقها حذر من خطورة الطريق، أو حتى مجرد محاسبة ومراقبة للقيادة الطائشة على الطرق، فيتحول الركب إلى نعش تتناثر أشلاؤه على الاسفلت.

من منا لم يشاهد تلك العربات النقل التى تحمل فى صندوقها فتيات فى عمر الزهور وقد تكدسن فوق بعضهن بينما تتمايل بهن العربة يمينا ويسارا وهن يغالبن تيارات الهواء فى الشتاء القارس أو لفحة الشمس الحارقة فى نهار الصيف، تلك هى الصورة لنساء وفتيات تهربن من ذل الحاجة وسياط الفقر فى رحلة سعي وراء لقمة عيش محفوفة بالمخاطر وربما الأهوال، وصفحات الحوادث فى أرشيف صحفنا يمتلئ بسواد لحظات قاسية أودت بحياة الكثيرات منهن، مرة غرقا فى نهر النيل وأخرى تحت عجلات قطار وثالثة فى حادث مروع.

هل نسينا ما حدث منذ عام تقريبا لفتيات معدية أبو غالب، وهو حلقة من سلسلة حوادث الفقر والإهمال، حيث سبع عشرة فتاة رحن ضحية الحادث غرقا، أعمارهن لا تتجاوز العشرين عاما والغالبية أقل من ذلك بكثير، تكدسن مع سبع أخريات فى عربة ميكروباص واحدة ليصبح العدد 24 راكبا فى مركبة لا تتجاوز مقاعدها على الـ14 راكبا، كن ذاهبات للعمل فى مزرعة لجمع زهور الياسمين.

وقتها تم حبس السائق وصرفت تعويضات لأسر الضحايا، ثم طويت الصفحة وما أشبه الليلة بالبارحة، أمس تكرر نفس المشهد على الطريق الإقليمي بالمنوفية، المواقع الاخبارية نقلت لنا لقاءات مع أمهات شهيدات لقمة العيش، ما أصعب وما أقسى ما تحملنه من حزن، على فقد بناتهن، لا تكفي كل الكلمات للمواساة ولا أكبر التعويضات لتحل محل فلذات الأكباد، هل سنستمر فى هذه الدائرة المفرغة من الإهمال ثم الحوادث المفجعة، دون أن يحاسب المتسبب بعقوبة رادعة، ودون أن يتم النظر فى منح التراخيص لسائقين معدومي الكفاءة، ودون أن تتم مراقبة القيادة الآمنة على كل المحاور؟!.. .ليتنا نعيد النظر فى كل هذه الامور حتى لا نفيق كل فترة على مأساة جديدة ننعى فيها "زهرات الحزن".

مقالات مشابهة

  • إنقاذ 25 فردًا عاملًا ومصرع 3 فى غرق حفار بترول برأس غارب
  • مصرع طفل غرقا أثناء الاستحمام فى نهر النيل برشيد
  • حاول ابتزاز خطيبته..جنايات المنصورة تقرر إحالة أوراق المتهم بإنهاء حياة شاب السنبلاوين للمفتي
  • تأييد حكم الإعدام على المتهمة بقتل الطفلة يارا وسرقة قرطها الذهبي بالشرقية
  • هذا جديد قضية الشاب الذي صفع عنصرًا في اليونيفيل
  • الخضيري يوجه مجموعة نصائح مهمة للوقاية من الأمراض المزمنة
  • أشهر عانس في السينما المصرية قضى عليها السرطان... تعرف على قصة حياتها
  • "يارا وائل" الأولى على الشهادة الإعدادية بمحافظة قنا
  • "زهرات".. الحزن
  • عشر سنوات على جريمة الغدر.. «هشام بركات» شهيد العدالة الذي ارتقى صائما