الخرطوم- بعد فترة من الهدوء، برز إلى السطح مجددا النزاع بين السودان وجنوب السودان على منطقة أبيي الحدودية، إثر تحركات في جوبا للاعتراف بنتائج استفتاء من جانب واحد جرى قبل أكثر من 11 عاما، في حين عدت الخرطوم ذلك خرقا للتحكيم الدولي، واحتجت قبيلة المسيرية العربية التي تقطن المنطقة ولوحت بالتصعيد.

ويشكل وضع منطقة أبيي، التي توازي مساحة لبنان وتقع بين السودان وجنوب السودان، إحدى نقاط الخلاف الرئيسية التي لم يعالجها اتفاق السلام الشامل الموقع عام 2005 وانتهى بانفصال الجنوب في 2011 وصار دولة مستقلة.

منطقة أبيي تقع في الشريط الحدودي بين شمال السودان وجنوبه (الجزيرة) تحركات جوبا

في تحرك جديد حيال منطقة أبيي بدأت حكومة جنوب السودان خطوات عملية للاعتراف بنتائج الاستفتاء الأحادي. وينتظر أن يعقد مجلس وزراء جنوب السودان اجتماعا -الأربعاء المقبل- للاعتراف رسميا بنتائج استفتاء عشائر دينكا نقوك.

وتكشف منصات إعلامية قريبة من حكومة الجنوب أن وزير شؤون أفريقيا دينق ألور المنحدر من أبيي ورئيس دائرة أبيي شول دينق ألاك عقدا اجتماعا مع الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار لإدراج قضية أبيي في أجندة مجلس الوزراء.

وفي وقت سابق اعتمد المجلس التشريعي لمنطقة أبيي الذي شكلته حكومة الجنوب من جانب واحد نتائج الاستفتاء الذي سيطرح بعد تمريره من مجلس الوزراء على الجمعية التشريعية الوطنية الانتقالية "البرلمان" للمصادقة عليه.

إعلان

في المقابل، نظمت الخارجية السودانية في بورتسودان -السبت- لقاء مع ممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدة بالسودان.

وطرح وكيل وزارة الخارجية حسين الأمين خلال اللقاء عدة قضايا مرتبطة بأوضاع السودانيين في جنوب السودان الذين تعرضوا إلى اعتداءات -الأسبوع الماضي- بعد تحرير الجيش ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة ووقوع عنف ضد رعايا من دولة الجنوب.

كما كشف المدير العام للتعاون الدولي بالخارجية السفير أنس الطيب -حسب بيان من الوزارة- عن قرارات أحادية ظلت تتبناها دولة جنوب السودان بشأن منطقة أبيي.

ووصف الطيب ممارسات جوبا بأنها مثيرة لقلق الحكومة السودانية وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في أبيي "يونيسفا" (قوامها نحو 5 آلاف من العسكريين والشرطة والمدنيين)، وعد تلك الخطوات الأحادية انتهاكا صارخا لاتفاقية 20 يونيو/حزيران 2011 بشأن الترتيبات الإدارية والأمنية في المنطقة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

عشائر دينكا نقوك احتفلوا عام 2013 بنتائج استفتاء شعبي -من جانب واحد- بشأن الانضمام لجنوب السودان (رويترز) فرض أمر واقع

وعددت المذكرة خروقات حكومة الجنوب بنشر قوات من جيشها وعناصر أمنها في أبيي وتوسيع دائرة تمددها يوميا، وتعيين إدارية من جانب واحد، إضافة لإنشاء مكتب في جوبا لمنح تأشيرة دخول إلى أبيي مما يعتبر ممارسة لأعمال السيادة على المنطقة.

يقول مدير إدارية أبيي من جانب السودان سلومة موسي، إن مساعي عشائر دينكا نقوك لدفع حكومة جنوب السودان للاعتراف بالاستفتاء الأحادي "مرفوضة وغير مرحب بها بالنسبة للحكومة السودانية والمواطنين السودانيين في أبيي".

ورأى موسي أن من حق شعب المسيرية مناهضة اتجاه دينكا نقوك لفرض الاعتراف بنتائج الاستفتاء من جانب أحادي وسيعملون من أجل ذلك بكل الوسائل السلمية المتاحة.

وحسب حديث المسؤول الحكومي للجزيرة نت، فإن الحكومة السودانية هي المسؤولة عن إجراء الاستفتاء والترتيبات المتعلقة به، وإن تحركات جوبا من شأنها أن تهدم الهدوء والاستقرار الذي تشهده المنطقة.

إعلان

بدوره، يوضح المحامي وأستاذ القانون الدولي هاني تاج السر أن قرار التحكيم الدولي أجاز حكما ذاتيا خاصا لمنطقة أبيي. كما حدد القرار -حسب المحامي- حدود المنطقة بشكل دقيق، ولم يكن مرضيا بصورة كاملة لأي طرف لكنه صار واقعا قضائيا لا فكاك منه.

وقال تاج السر للجزيرة نت إن أي خطوة جديدة من حكومة جنوب السودان تجاه أبيي ستكون انتهاكا لقرار دولي وتعديا على أراض سودانية وعدوانا على سيادته.

احتجاج المسيرية

وكانت قبيلة المسيرية قد نظمت، في 19 يناير/كانون الثاني الجاري، وقفة احتجاجية أمام مقر البعثة الدولية "يونيسفا" ضد إجراءات حكومة جنوب السودان باعتماد استفتاء عشائر دينكا نقوك، وسلمت قيادة القبيلة مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

وأكد قادة القبيلة الذين وقعوا على المذكرة -التي اطلعت عليها الجزيرة نت- رفضهم القاطع للخطوات التي تقوم بها حكومة جنوب السودان لإقرار الاستفتاء الأحادي وضم أبيي إلى سلطتها.

واتهم المحتجون حكومة جنوب السودان باستغلال ظروف الحرب الدائرة في السودان لمحاولة فرض أمر واقع وضم المنطقة المتنازع عليها، وتمسكوا بحق الدفاع عن حقوقهم بكل الطرق المشروعة.

"يونيسفا" تضم نحو 5 آلاف من العسكريين والشرطة والمدنيين (إعلام سوداني) سنوات على الاستفتاء

وكان الطرفان قد لجآ إلى محكمة التحكيم الدائمة بلاهاي التي قضت في يوليو/تموز 2009 بإعادة رسم حدود منطقة أبيي الشمالية والغربية والشرقية، وصارت حقول النفط خارج المنطقة تابعة للسودان.

ونص اتفاق السلام على إجراء استفتاء لسكان أبيي من قبيلتي المسيرية العربية ودينكا نقوك الأفريقية حول مصير المنطقة، إذا كانوا يفضلون البقاء تحت سلطة الحكومة السودانية مع الاحتفاظ بوضع خاص، أم يرغبون في الالتحاق بالجنوب.

لكن الاستفتاء أرجئ أكثر من مرة بسبب خلاف بين الخرطوم وجوبا على الكتلة الناخبة التي يحق لها التصويت.

إعلان

غير أن عشائر دينكا نقوك صوتت في استفتاء شعبي من جانب واحد في أكتوبر/تشرين الأول 2013 على الانضمام لجنوب السودان بنسبة 99.9%، في حين أعلن الاتحاد الأفريقي عدم قبوله بأي إجراء أحادي لتحديد مصير تبعية المنطقة إلى جوبا أو الخرطوم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حکومة جنوب السودان من جانب واحد منطقة أبیی فی أبیی

إقرأ أيضاً:

جنوب السودان تحيي اليوم الدولي لحفظة السلام وسط استمرار التوترات ونداءات ملحة لإنهاء النزاع

أحيت UNMISS اليوم الدولي لحفظة السلام في جنوب السودان وسط توترات مستمرة. وكُرّم 18 ألف حافظ للسلام، بينما تستمر الاحتفالات يعاني 9.3 مليون شخص من أزمة إنسانية. اعلان

أقامت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) الثلاثاء مراسم رسمية لإحياء الذكرى السنوية ليوم الدولي لحفظة السلام، الذي يوافق 29 من شهر مايو من كل عام.

الحفل الذي أُقيم في العاصمة جوبا، شهد مشاركة ممثلين عن الحكومة وقيادة البعثة الأممية، وتأتي في ظل تفاقم الوضع السياسي والأمني في البلاد، مما يثير مخاوف من عودة البلاد إلى دوامة العنف.

وخلال الحدث، برزت الكلمة المؤثرة التي ألقتها الطالبة ألول موكنيم وور (10 أعوام)، والتي نادت فيها القادة المحليين والمجتمع الدولي بإنهاء النزاع المستمر، مؤكدة أن للأطفال حقًا في مستقبل آمن وأفضل.

وجسّدت كلمتها شعار الحدث لهذا العام: "السلام يبدأ منّي"، والذي يركز على أهمية المسؤولية الفردية في تعزيز السلام.

من جانبه، أكد نائب وزير الخارجية والتعاون الدولي في جنوب السودان، أكوي بونا مالوال، أن الشعار يتناسب مع الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، مشيرًا إلى أن التبني الجدي لفكرة "السلام يبدأ منّي" قد يكون مفتاحًا لتحقيق الاستقرار.

Relatedواشنطن ترحل 8 مدانين بارتكاب جرائم إلى وجهة غير معلومة وتقارير تتحدث عن جنوب السوداناعتقال رياك مشار يهدد السلام في جنوب السودان وتحذيرات دولية من تجدد الصراعمبعوث الأمم المتحدة يحذر: الوضع "المزري" في جنوب السودان ينذر بتجدد الحرب الأهلية

كما تم خلال الحفل تكريم أكثر من 18 ألف حافظ للسلام من العسكريين والمدنيين العاملين في البعثة الأممية تحت ظروف عمل صعبة، وتم تنكيس الأعلام ووضع إكليل من الزهور تخليدًا لذكرى من فقدوا حياتهم أثناء تأديتهم لمهامهم.

وقال قوانغ كونغ، نائب الممثل الخاص للأمين العام في جنوب السودان: إن "التضحيات التي قدموها لن تُنسى، وإن إرثهم يلهمنا لمواصلة الجهود من أجل تحقيق السلام".

وتستمر الاشتباكات المسلحة والصراعات بين المجتمعات المحلية في عدد من المناطق، بينما يواجه تنفيذ اتفاق السلام توقفًا واضحًا، في وقت تحتاج فيه نحو 9.3 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، وسط نقص كبير في التمويل.

وأوضح اللواء موهان سابرامانيان، قائد قوات البعثة، أن العلم الأممي الموجود أمام مقر القوات سيظل رمزًا للتضحيات التي قدّمها حفظة السلام، مؤكدًا أن مهمتهم مستمرة رغم التحديات.

وافتُتح قبل بدء الحفل نصب تذكاري جديد لتكريم أفراد القوات النظامية الذين يعملون على حماية المدنيين ومنع العنف، وقد اختتم حفظة السلام الحدث بتوجيه رسالة شكر للسكان على دعمهم المستمر، ووعدوا بأنهم سيبقون إلى جانبهم حتى تحقيق السلام المستدام.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • جامعة الإمام تحذر من رسائل احتيالية تستغل اسمها
  • ناشطة مصرية: أول زيارة لي كانت إلى جنوب السودان أثناء الأزمة قبل 10 سنوات
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • بعد توليه رئاسة الحكومة السودانية.. من هو كامل إدريس؟
  • أطفال جنوب السودان يخطفون الأضواء باليوم العالمي لحفظ السلام
  • واقع البلدات الحدودية والانتهاكات الإسرائيلية جنوب لبنان
  • جنوب السودان تحيي اليوم الدولي لحفظة السلام وسط استمرار التوترات ونداءات ملحة لإنهاء النزاع
  • إنهم الآن يذوقون من الكأس ذاتها التي أرادوا أن يذيقوها للسودان
  • نائب إطاري:”إيران غير مهيمنة على العراق” ههههههههههههههههههههههه
  • حماس: العدو الصهيوني ماضٍ لفرض واقع جديد في الضفة ببناء 22 مستوطنة جديدة