قال الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، إن فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يقود جهودا عالمية بارزة في مجال الحوار الإسلامي الإسلامي، وقد حظيت دعوته لهذا الحوار في البحرين قبل عامين بقبول وترحيب كبير من مختلِف المدارس الإسلامية ومن المقرر أن تعقد أولى جلسات هذا الحوار الشهر المقبل.

وخلال ندوة نظمها جَنَاح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، بعنوان «نحو حوار إسلامي إسلامي»، دعا شومان، المسلمين جميعًا أن يستلهموا من نهج النبي ﷺ في تعامله مع المخالفين في الدين، وأنه إن كان نبينا قد قبل التعامل والتعايش مع المخالف في الدين، فنحن أولى بالتواصل بيننا كمسلمين، وأن نقبل التنوع والاختلاف، وفي هذا الجانب تقع مسؤولية كبيرة على عاتق المؤسسات الدينية، التي ينبغي أن تسعى لإرساء قيم التعايش وقبول الآخر، اقتداءً برسول الله ﷺ وتعاليم شريعتنا السمحة.

وأشار الدكتور عباس شومان في قضية الحوار الإسلامي الإسلامي إلى نموذج يقتدى به في الاختلاف والاحترام، وهو نموذج العلماء المسلمين الأوائل، الذين أسسوا المدارس الفقهية المختلفة بروح من الاحترام المتبادل والمحبة والتقدير، دون أن يكون هناك صراع أو تعصب بينهم. على سبيل المثال، مدارس أهل السنة الأربعة (الحنفية المالكية الشافعية والحنبلية) نشأت على أيدي أئمة عظام كانوا يتبادلون الاحترام فيما بينهم. والإمام الشافعي كان يُجل الإمام أبا حنيفة رغم أنه لم يلتقِ به، إذ وُلد الشافعي في العام نفسه الذي تُوفي فيه أبو حنيفة (150 هـ). وقد تعلم الشافعي على يد تلاميذ الإمام أبي حنيفة، خاصةً الإمام محمد بن الحسن الشيباني.

وأضاف أن الإمام الشافعي كان يقول عن الإمام أبي حنيفة: «كل الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه». وقد بلغ من احترام الشافعي لأبي حنيفة أنه حين صلى العشاء في بلد دفن فيها أبو حنيفة، صلى الوتر ثلاث ركعات متصلة، على مذهب أبي حنيفة، وعندما سُئل عن ذلك، أجاب: «استحييت أن أخالف الإمام في حضرته». وتابع: الإمام أحمد بن حنبل، كان من تلاميذ الإمام الشافعي، ورغم ذلك أسس لنفسه مذهبًا فقهيًا مستقلًا. وكان الإمام أحمد يُجل الشافعي احترامًا كبيرًا، حتى إنه قال: «ما نسيت مرة بعد موت الشافعي أن أدعو له في صلاة من صلواتي».

وأكد أن هذه العلاقة المميزة بين أئمة المذاهب تعكس روح التعاون والاحترام التي يجب أن تسود بين المسلمين اليوم. وليس المقصود من هذا الحديث التركيز على المذاهب الفقهية تحديدًا، وإنما ضرب مثال على إمكانية التعايش والتوافق بين المختلفين، سواء في المذاهب الفقهية أو العقائدية، بل وحتى في الدين نفسه. يقول الله تعالى في كتابه: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ويقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. وهذه الآيات تبين أن الإنسان له حرية الاختيار؛ فمن شاء أن يؤمن فله ذلك، ومن شاء أن يكفر فهو حر في اختياره، مع أن الكفر لا يساوي الإيمان في القيمة أو المآل، لكن الشريعة الإسلامية منحت الإنسان حرية اختيار طريقه، سواء كان الإسلام أو غيره.

وفي ختام حديثه، أشار إلى أنه رغم وضوح هذه المبادئ في شريعتنا، إلا أننا لم نقبل تعدد الأديان أو نمارس التعايش الحقيقي الذي يفرضه ديننا. على سبيل المثال، عند دخول النبي ﷺ المدينة المنورة، وجدها تضم قبائل يهودية كثيرة، ولم يُطردوا أو يُقصوا، بل عقد معهم معاهدات سلام واتفاقيات تضمن حقوقهم طالما التزموا بعدم العداء؛ وعندما نقضوا العهد، عوقبوا على نقضهم وليس لاختلافهم الديني. فإذا كان هذا التعايش بين المسلمين وغير المسلمين مقبولًا ومطبقًا في شريعتنا، فمن باب أولى أن يكون التعايش بين المسلمين أنفسهم واقعًا ملموسًا.

ودعا عباس شومان، إلى عدم الانقسام بين المسلمين ونبذ الخلافات التي نراها اليوم بين سُني وشيعي، وسلفي وأشعري، وماتريدي ومعتزلي، بل وحتى داخل المذهب الواحد نجد الفُرقة والتنازع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هيئة كبار العلماء عباس شومان الحوار الفكر الوسطي الأزهر الشريف المزيد بین المسلمین عباس شومان أبی حنیفة

إقرأ أيضاً:

دخولي الإعلام قوبل بالاستهجان.. جاسمين طه: نشأتي في بيت سياسي أثّرت بشخصيتي

كشفت الإعلامية جاسمين طه زكي، أن نشأتها داخل أسرة سياسية تركت بصمة واضحة على شخصيتها، لكنها لم تكن حريصة على السير في نفس الطريق، بل اختارت أن تشق مسارها في مجال الإعلام، رغم ما قوبل به قرارها من استغراب في البداية.

إطلالات رائعة على الشاشة.. جاسمين طه وحسام الدين حسين ودينا زهرة ضيوف منى الشاذلي

وقالت "زكي"، خلال لقائها مع الإعلامية منى الشاذلي في برنامج "معكم منى الشاذلي" المذاع على قناة ON، إن والدها هو طه زكي وزير الصناعة والتعدين الأسبق، كما أن حماها هو الدكتور عبد العزيز حجازي الذي شغل منصب رئيس وزراء مصر، وهو ما جعلها تنشأ في بيئة سياسية وثقافية متميزة.

وأوضحت أن هذه الخلفية لم تكن قيدًا على اختياراتها، لكنها أسهمت في تشكيل وعيها واتساع أفقها، مؤكدة أن دخولها مجال الإعلام لم يكن نابعًا من تخطيط أكاديمي، بل من شغف شخصي بالفن والثقافة والموسيقى الكلاسيكية. 

ولفتت إلى أنها لم تدرس الإعلام، بل حصلت على شهادة في الاقتصاد، وتابعت دراساتها العليا لتحصل على ماجستير في الإدارة العامة.

وعن جوانب من حياتها الشخصية، أشارت إلى أنها كانت الابنة الوحيدة لأسرتها، وأن والدها كان شديد الحرص والحماية، مستذكرة أن إحدى أبرز لحظات شعورها بالحرية كانت عندما خرجت في شهر رمضان وعادت إلى المنزل عند منتصف الليل، واصفة تلك الليلة بأنها "ذروة الانطلاق" في حياتها الاجتماعية في ذلك الوقت.

وفيما يتعلق بزواجها، نفت جاسمين ما يُثار أحيانًا حول وجود تنسيق بين والدها وعبد العزيز حجازي في هذا الشأن، مؤكدة أن كلاً منهما كان يشغل منصبًا وزاريًا في فترات زمنية مختلفة، حيث تولى والدها الوزارة في الثمانينيات، بينما ترأس حماها الحكومة قبل حرب أكتوبر 1973.

طباعة شارك الإعلامية جاسمين طه زكي الإعلام مجال الإعلام الصناعة حرب أكتوبر

مقالات مشابهة

  • وزير “الشؤون الإسلامية” يستقبل رئيس المجلس الإسلامي في ملاوي
  • المؤتمر: الحوار المجتمعي لتغير المناخ يعكس وعي الدولة بأهمية العمل البيئي المشترك
  • عباس شومان يرد على «إبراهيم عيسى» بعد استنكاره صلاة العيد بالخلاء وطاعة الوالدين
  • دخولي الإعلام قوبل بالاستهجان.. جاسمين طه: نشأتي في بيت سياسي أثّرت بشخصيتي
  • بعد تصريحات زيزو ..عزيز الشافعي يثير التكهنات: قالوا للجعان أحلف
  • خطيب الجامع الأزهر: نصر الله آتٍ لا محالة.. ويجب على المسلمين الدفاع عن أرضهم
  • نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين.. فيديو
  • كيفية قضاء صلاة العيد.. رأي الأزهر ودار الإفتاء
  • توك شو| الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى.. وعدد الحجاج يبلغ 1.7 مليون من 171 جنسية
  • معالم صراع حاد على قانون الانتخاب.. بري: قانون مسخ لا مجال للسير به