د. عباس شومان: شيخ الأزهر يقود جهودا عالمية بارزة في مجال الحوار الإسلامي الإسلامي
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
قال فضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، إن فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يقود جهودا عالمية بارزة في مجال الحوار الإسلامي الإسلامي، وقد حظيت دعوته لهذا الحوار في البحرين قبل عامين بقبول وترحيب كبير من مختلِف المدارس الإسلامية ومن المقرر أن تعقد أولى جلسات هذا الحوار الشهر المقبل.
وخلال ندوة نظمها جَنَاح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، بعنوان «نحو حوار إسلامي إسلامي»، دعا فضيلته المسلمين جميعًا أن يستلهموا من نهج النبي ﷺ في تعامله مع المخالفين في الدين، وأنه إن كان نبينا قد قبل التعامل والتعايش مع المخالف في الدين، فنحن أولى بالتواصل بيننا كمسلمين، وأن نقبل التنوع والاختلاف، وفي هذا الجانب تقع مسؤولية كبيرة على عاتق المؤسسات الدينية، التي ينبغي أن تسعى لإرساء قيم التعايش وقبول الآخر، اقتداءً برسول الله ﷺ وتعاليم شريعتنا السمحة.
وأشار الدكتور عباس شومان في قضية الحوار الإسلامي الإسلامي إلى نموذج يقتدى به في الاختلاف والاحترام، وهو نموذج العلماء المسلمين الأوائل، الذين أسسوا المدارس الفقهية المختلفة بروح من الاحترام المتبادل والمحبة والتقدير، دون أن يكون هناك صراع أو تعصب بينهم. على سبيل المثال، مدارس أهل السنة الأربعة (الحنفية المالكية الشافعية والحنبلية) نشأت على أيدي أئمة عظام كانوا يتبادلون الاحترام فيما بينهم. والإمام الشافعي كان يُجل الإمام أبا حنيفة رغم أنه لم يلتقِ به، إذ وُلد الشافعي في العام نفسه الذي تُوفي فيه أبو حنيفة (150 هـ). وقد تعلم الشافعي على يد تلاميذ الإمام أبي حنيفة، خاصةً الإمام محمد بن الحسن الشيباني.
وأضاف فضيلته أن الإمام الشافعي كان يقول عن الإمام أبي حنيفة: «كل الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه». وقد بلغ من احترام الشافعي لأبي حنيفة أنه حين صلى العشاء في بلد دفن فيها أبو حنيفة، صلى الوتر ثلاث ركعات متصلة، على مذهب أبي حنيفة، وعندما سُئل عن ذلك، أجاب: «استحييت أن أخالف الإمام في حضرته». وتابع: الإمام أحمد بن حنبل، كان من تلاميذ الإمام الشافعي، ورغم ذلك أسس لنفسه مذهبًا فقهيًا مستقلًا. وكان الإمام أحمد يُجل الشافعي احترامًا كبيرًا، حتى إنه قال: «ما نسيت مرة بعد موت الشافعي أن أدعو له في صلاة من صلواتي».
وأكد أن هذه العلاقة المميزة بين أئمة المذاهب تعكس روح التعاون والاحترام التي يجب أن تسود بين المسلمين اليوم. وليس المقصود من هذا الحديث التركيز على المذاهب الفقهية تحديدًا، وإنما ضرب مثال على إمكانية التعايش والتوافق بين المختلفين، سواء في المذاهب الفقهية أو العقائدية، بل وحتى في الدين نفسه. يقول الله تعالى في كتابه: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ويقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. وهذه الآيات تبين أن الإنسان له حرية الاختيار؛ فمن شاء أن يؤمن فله ذلك، ومن شاء أن يكفر فهو حر في اختياره، مع أن الكفر لا يساوي الإيمان في القيمة أو المآل، لكن الشريعة الإسلامية منحت الإنسان حرية اختيار طريقه، سواء كان الإسلام أو غيره.
وفي ختام حديثه، أشار فضيلته إلى أنه رغم وضوح هذه المبادئ في شريعتنا، إلا أننا لم نقبل تعدد الأديان أو نمارس التعايش الحقيقي الذي يفرضه ديننا. على سبيل المثال، عند دخول النبي ﷺ المدينة المنورة، وجدها تضم قبائل يهودية كثيرة، ولم يُطردوا أو يُقصوا، بل عقد معهم معاهدات سلام واتفاقيات تضمن حقوقهم طالما التزموا بعدم العداء؛ وعندما نقضوا العهد، عوقبوا على نقضهم وليس لاختلافهم الديني. فإذا كان هذا التعايش بين المسلمين وغير المسلمين مقبولًا ومطبقًا في شريعتنا، فمن باب أولى أن يكون التعايش بين المسلمين أنفسهم واقعًا ملموسًا. داعيا فضيلته إلى عدم الانقسام بين المسلمين ونبذ الخلافات التي نراها اليوم بين سُني وشيعي، وسلفي وأشعري، وماتريدي ومعتزلي، بل وحتى داخل المذهب الواحد نجد الفُرقة والتنازع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر الشريف منظمة العالم معرض القاهرة الدولي للكتاب القاهرة الدولي للكتاب البحرين معرض القاهرة معرض القاهرة الدولي الإمام الأكبر بین المسلمین أبی حنیفة
إقرأ أيضاً:
وزير التربية الوطنية: المدارس تبذل جهودا في تربية الناشئة على الالتزام بالصلوات الخمس في أوقاتها
قال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، إن المؤسسات التعليمية « تبذل جهودا متواصلة في تربية الناشئة على القيم الدينية وعلى رأسها الالتزام بالصلوات الخمس في أوقاتها ».
وأوضح الوزير في جوابه عن سؤال كتابي للمستشار البرلماني خالد السطي، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، حول موضوع « تربية الناشئة على الصلاة »، أن تلك الجهود « تتجلى من خلال مجموعة من المبادرات التربوية والتنظيمية، بالإضافة إلى مشاريع تهيئة الفضاءات والزمن المدرسي ».
وقال المسؤول الحكومي أيضا، إن « ما تقوم به وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة يتجلى في محورين أساسيين، أولًا: جهود المدرسة المغربية في تربية الناشئة على الالتزام بالصلوات الخمس، حيث على مستوى الإطار القانوني، يُعتبر تعزيز التربية على القيم في المدرسة المغربية إحدى الدعامات الأساسية التي ارتكزت عليها الإصلاحات التربوية الأخيرة، حيث أكد الإطار القانوني المنظم لمنظومة التربية والتكوين على أهمية هذا البعد في بناء شخصية المتعلم وتنمية وعيه الديني والوطني والإنساني ».
وعملت الوزارة على تنزيل ترسانة قانونية متعلقة بذلك، يشير الوزير إلى الرافعة 17 من الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والتي تؤكد على ضرورة إيلاء أهمية خاصة للتربية على القيم في جميع أبعادها ومكوناتها الإسلامية والوطنية، والإنسانية والمجتمعية ».
وقال الوزير، إن « المؤسسة التعليمية لها دور أساسي في بناء شخصية المتعلم، كما أنها تسعى إلى تكريس القيم والمبادئ التي تسهم في تكوين مواطن صالح وفاعل في مجتمعه، علاوة على كونها فضاء تربويا واجتماعيا تتفاعل فيه مختلف الأبعاد النفسية والأخلاقية والاجتماعية للمتعلم ».
وشدد الوزير على أن المادة الثانية من القانون الإطاررقم 51.17، تنص على أن « الغاية من التربية والتكوين والإدماج المهني هي تمكين المتعلم من القيم الدينية والوطنية والإنسانية الكونية، وتنمية الحس بالمسؤولية وروح المبادرة »، ويُفهم من هذا المقتضى، وفق الوزير، أن المدرسة المغربية لا تقتصر على نقل المعارف الأكاديمية، بل تتجاوز ذلك نحو تأهيل المتعلم ليكون مواطنًا صالحًا، متشبعًا بالقيم الإسلامية السمحة، معتزا بوطنه وتاريخه، قادرًا على التفاعل الإيجابي مع تنوع الثقافات والأفكار في إطار من الاحترام والاعتدال ».
وعلى مستوى المناهج والبرامج التعليمية، « تحرص المنظومة التربوية على ترسيخ مبادئ العقيدة الإسلامية وتعاليمها السامية وفي مقدمتها أركان الإسلام وعلى رأسها الصلاة، وذلك من خلال مادة التربية الإسلامية التي تُدرّس بشكل تدريجي ومتكامل انطلاقًا من التعليم الابتدائي ومرورًا بالإعدادي ثم الثانوي »، يؤكد الوزير.
يضيف المسؤول الحكومي، « ويتم التركيز في هذا السياق على بيان مكانة الصلاة وفضلها العظيم في حياة المسلم، وآثارها التربوية والسلوكية مع تعليم المتعلمين شروطها وأركانها وسننها وكيفية أدائها، مما يساهم في تنشئتهم الدينية والروحية. كما تتضمن البرامج حصصًا تطبيقية يتم خلالها تدريب التلاميذ عمليًا على الوضوء والصلاة، سواء داخل الفصول أو في فضاءات مخصصة داخل المؤسسات التعليمية، كلما تطلب الأمر ذلك ».
وقد شهد منهاج التربية الإسلامية سنة 2016 عملية تنقيح وتحيين شاملة لمختلف الأسلاك، في إطار الإصلاح التربوي الشامل، حيث تم الحرص على توظيف القصص القرآنية ومحطات من السيرة النبوية بشكل تربوي هادف، بما يسهم في جذب المتعلمين إلى القيم الدينية وتحبيهم في أداء الصلاة منذ سن مبكرة، وإظهار كيف كانت الصلاة ركنًا ثابتًا في حياتهم اليومية ومصدرًا للطاقة الروحية والقيمية.