دعوة إسرائيلية لإعدام الأسرى الفلسطينيين للهروب من صفقات التبادل
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
صدرت دعوات إسرائيلية جديدة بضرورة فرض حكم الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، للتخلص من مطالبات المقاومة مستقبلا عند إقدامها على اختطاف أي إسرائيلي لمبادلته، وذلك تزامنا مع شعور أوساط إسرائيلية بالثمن الباهظ الذي يتم دفعه مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة.
الجنرال أوري هالبرين، خبير الأمن القومي، ومساعد سابق لرئيس الوزراء لشؤون الاستخبارات، وملحق جيش الاحتلال لدى حلف الناتو، والقائد الأسبق للقيادة الجنوبية، ذكر أن "صور إطلاق سراح أسرى فلسطينيين "أيديهم ملطخة بالدماء" في إطار صفقات التبادل يصعب على الإسرائيليين استيعابها، نتيجة مباشرة لهوس ذهني رافق هذه القضية منذ قيام إسرائيل، فعلى مرّ السنين، فضلت تجنب إعدام الأسرى، ما أدى لتسريع دوافع اختطاف الإسرائيليين والجنود لاستخدامهم كورقة مساومة في حلقة لا نهاية لها من المقاومة ضدها".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "صفقات تبادل الأسرى السابقة، لاسيما صفقة أحمد جبريل 1985، وغلعاد شاليط 2011، ورّثت إحباطا إسرائيلياً عميقاً لكنه لم ينجح في استخلاص دروسهما، بدليل أن قوى المقاومة استغلت الفترة الفاصلة بين صفقات التبادل لتطوير استراتيجية عمليات الخطف بأشكال جديدة ساخرة من الاحتلال، وأصبحت عنصرا أساسيا في المقاومة غير المتكافئة ضده".
وأوضح أن "عودة الأسرى الكبار المخضرمين ذوي الخبرة والسمعة الطيبة، بمثابة وقود يضاف الى جذوة العمل المسلح، الذي تزايدت أضراره بشكل كبير على الاحتلال، وسيدفع ثمنه لسنوات عديدة قادمة، وعملت تلك الصفقات على شحذ نقطة الضعف اليهودية والغربية، من خلال فرض عقوبات بالسجن المؤبد على الأسرى الفلسطينيين، وتحولهم مع مرور الوقت الى أوراق للمساومة لإنجاح عمليات الخطف على مر السنين".
وأكد أن "النقاشات العميقة حول تنفيذ عقوبة الإعدام للأسرى الفلسطينيين رافقتها على مر السنين طرح العديد من الجوانب الأخلاقية والقانونية والسياسية والأمنية، ورغم أن عقوبة الإعدام موجودة نظرياً في القانون الإسرائيلي، لكنها لم تُنفَّذ عملياً إلا في حالة أدولف آيخمان الاستثنائية، الضابط النازي السابق، حيث يزعم معارضوها أن المقاومين الفلسطينيين يتحركون بدوافع أيديولوجية دينية، ولا يخافون الموت، بل إن عقوبة الإعدام ستحوّلهم شهداء، وتعزز مكانتهم كقدوة في المنظمات المسلحة".
وأشار إلى أن "هناك مخاوف اسرائيلية أن تؤدي عقوبة الإعدام لتكثيف الانتقادات الدولية، ووضع الاحتلال على قدم المساواة مع الدول المنتهكة لحقوق الإنسان، رغم أن الولايات المتحدة واليابان تحتفظان بعقوبة الإعدام كوسيلة للعقاب، فيما يعتقد أنصارها أن فرضها قد يكون بمثابة رادع للآخرين عن تنفيذ هجمات مسلحة خوفًا على حياتهم".
وزعم أن "تنفيذ عقوبة الإعدام من شأنه أن يشجع على المزيد من الانتقام الفلسطيني، لكنها قد تقلّل من استخدام الأسرى الكبار كأوراق مساومة للمقاومة، وقد تقلّل من الضغوط على الاحتلال لإطلاق سراحهم كجزء من صفقات التبادل، ورغم التكاليف والمخاطر السياسية والأخلاقية المترتبة على تنفيذها، فإن الاحتلال مطالب بأن يستعد لفرضها على كبار المسلحين الفلسطينيين، بهدف إحباط هجمات الاختطاف في المستقبل، مما يتطلب تفكيرا خارج الصندوق يقلّل من "الرنين السلبي" المرتبط بتنفيذها".
ولفت إلى أنه "يمكن محاكمة المقاوم الفلسطيني، وإدانته، على أن يتم تنفيذ الإعدام سرّاً، ويتم حرق جثته، ورمي رماده في البحر، دون ترك أي بقايا تستخدم في طقوس تخليده من قبل الفلسطينيين، بزعم أن إجراء هذه العملية بطريقة هادئة، وبعيداً عن الأضواء، وفي مكان وزمان سرّيين، قد يقلّل اهتمام وسائل الإعلام والضغوط السياسية والدولية على دولة الاحتلال".
وأكد أن "النقاش الإسرائيلي حول عقوبة الإعدام للمقاومين الفلسطينيين يعكس التوتر بين الرغبة في الرد بقوة على العمليات المسلحة، ومنع المزيد من هجمات الاختطاف، والحفاظ على القيم الأخلاقية والدولية، وفيما يرى أنصارها بأنها عقوبة رادعة وعادلة، يحذّر معارضوها من عواقبها غير المرغوبة، والضرر الذي سيلحق بدولة الاحتلال، وتعرضها لانتقادات دولية في سياقات حقوق الإنسان، مما يجعلها تشكل تهديداً خطيراً".
وختم بالقول إن "وجود الأسرى الفلسطينيين في السجون يشكل حافزاً لقتل المزيد من الإسرائيليين، وإطلاق سراحهم يعرض أمن تل أبيب للخطر، وإزالة التهديد من خلال الأساليب السياسية والتوعية يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من مفهوم الأمن الإسرائيلي، مما يستدعي من إسرائيل وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع الأسرى الفلسطينيين الخطرين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الأسرى الاحتلال الأسرى الاحتلال جرائم الاعدام الصفقة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسرى الفلسطینیین صفقات التبادل عقوبة الإعدام
إقرأ أيضاً:
المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب
أحمد الفقيه العجيلي
تبدو المفارقة في المشهد العربي اليوم لافتة: فبعض الأنظمة تبدو أكثر تشددًا تجاه حركات المقاومة مما هي عليه القوى الكبرى نفسها. ولا يرتبط الأمر بخلاف سياسي محدود؛ بل بتراكم تاريخي وتعقيدات تتداخل فيها هواجس الأمن الداخلي، وتحولات الإقليم، ومحاولات إعادة بناء الأولويات بعيدًا عن القضية الفلسطينية.
حركات المقاومة- وفي مقدمتها حماس- تمثل نموذجًا حساسًا لدى عدد من الأنظمة. فهي قوى شعبية تمتلك خطابًا مؤثرًا، وحضورًا ميدانيًا متماسكًا، وقدرة على الاستمرار رغم الظروف القاسية.
هذا النموذج يُثير مخاوف متوارثة من انتقال "عدوى القوة الشعبية" إلى الداخل، كما حدث حين ألهبت ثورات الخمسينيات مشاعر الشعوب العربية، أو عندما فجّرت انتفاضة 1987 موجة تعاطف وضغط شعبي هزّت المنطقة بأكملها. لذلك تصبح هذه الحركات هدفًا مزدوجًا: تُحارَب من الاحتلال لأنه يراها خصمًا مباشرًا، وتتحفظ عليها بعض الأنظمة لأنها تمثل نمطًا لا ترغب في رؤيته يتكرر.
الأحداث الأخيرة كشفت هذه المعادلة بوضوح؛ فبعد طرح "خطة ترامب"، التي تكشف عن ثغرة قاتلة: غياب الضمانات الحقيقية لوقف الخروقات الإسرائيلية. هذه الخطة لم تُبنَ على أساس موازين قوى متكافئة أو حقوق ثابتة؛ بل اعتمدت في جوهرها على أجندة أمريكية- إسرائيلية تهدف إلى تصفية المقاومة ونزع سلاحها أولًا، دون إلزام الاحتلال بضوابط ردع فعالة لوقف الاستيطان أو الاغتيالات أو التعدي على المقدسات.
وبالتالي تجعل تركيزها كله على مطالبة المقاومة بالتنازل، دون وضع آليات عقابية لإلزام الطرف الإسرائيلي.
والأدهى، أن دور الوسطاء العرب والدوليين يظل في الغالب ضعيفًا وغير فعّال عند وقوع الخروقات الإسرائيلية الكبرى؛ فبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي لفرض عقوبة على العدو، تقتصر ردود فعلهم غالبًا على بيانات حذرة أو متابعة للمشهد، ما يضعهم في موقع "المراقب" بدلًا من "الضامن الفعّال". هذا الضعف في آليات الضمان يرسخ الانطباع بأن أي تسوية تُطرح، هي بالأساس إطار قابل للتلاعب من قبل الاحتلال، يتيح له استخدام الوقت لصالحه للمزيد من القضم والتمدد.
التاريخ القريب يدل على أن أي تسوية لا تنطلق من الإرادة الفلسطينية تتحول إلى إطار قابل للتلاعب. حدث ذلك في كامب ديفيد، وفي أوسلو، ويتكرر اليوم مع خطة ترامب. فالاحتلال يملك القدرة على إعادة تفسير البنود واستخدام الوقت لصالحه، بينما تكتفي الأطراف العربية المعنية بمتابعة المشهد أكثر مما تُسهم في تشكيله.
ويبقى السؤال: هل يمكن لمثل هذه الخطط أن تنجح؟ التجربة تشير إلى أن نجاحها يتطلب قبولًا فلسطينيًا واسعًا، وهو ما لم يتحقق، خصوصًا أن الخطة بُنيت على منطق أحادي يجعل "الحل" أقرب إلى إعادة ترتيب الاحتلال بلغة سياسية ناعمة. وهكذا تبقى المقاومة- رغم اختلاف تقييم أدائها- الطرف الوحيد الذي يتحرك على قاعدة الفعل لا البيانات.
بحسب ما أتابعه من قراءات وتحليلات، فإن فرص نجاح أي خطة لا تُلزم الاحتلال بقواعد واضحة وتضمن الحد الأدنى من الحقوق، ستظل ضعيفة. فالخطة التي تستند على الضغط على المقاومة دون ردع الاحتلال، تشبه محاولة بناء بيتٍ على أرض رخوة؛ أول هبّة ريح تكشف هشاشته.
ولعل العدو يدرك- قبل غيره- أن كسر حماس ليس سهلًا؛ فالمقاومة التي صمدت تحت الحصار، وتحت النار، وتحت كل حملات التشويه، ليست مجرد تنظيم؛ إنها حالة وعي تشكّلت عبر عقود من الجراح والأمل. وهذا ما يجعل بعض الأنظمة أكثر حذرًا… وربما أكثر عداءً.
في الجوهر، الموقف المتشدد تجاه المقاومة لا يرتبط بقيم سياسية بقدر ما يرتبط برغبة عدد من الأنظمة في طيّ صفحة الصراع، أو على الأقل تحييده عن حساباتها الجديدة. لكن وجود مقاومة فاعلة يعيد تذكير الجميع بأن الملف لم يُغلق، وأن أي ترتيب لا يأخذ حقوق الفلسطينيين بجدية لن يعيش طويلًا.
لهذا تبدو المفارقة مفهومة: تُنتقد المقاومة لأنها ترفض التكيف مع المعادلات الجديدة، ولأن استمرارها يربك خطاب “الاستقرار بأي ثمن”. أما الاحتلال، فاعتاد أن يجد من يخفف عنه عبء الانتقاد، حتى وهو يمضي في خروقاته يومًا بعد يوم.
ولذلك، كلما اشتد الهجوم على حماس… ازددتُ يقينًا أن ما يؤلم خصومها ليس فعلها، بل ثباتها.
وما يزعجهم ليس قوتها، بل قدرتها على النجاة. وما يخيفهم ليس خطابها؛ بل الأمل الذي تبقيه حيًا في قلوب الناس.
هذه الصورة ليست تحليلًا سياسيًا بقدر ما هي قراءة واقعية لمشهد يتكرر عبر العقود: حين يتراجع الصوت الرسمي، تظل القوى الشعبية- مهما اختلفت التقديرات حولها- هي الكف التي تمنع سقوط القضية بالكامل.
في النهاية.. يظل الثابت أن من يحمل البندقية ومن يرفض الانحناء هو الأكثر استهدافًا. أما من يفاوض بلا أوراق قوة، أو يساير الرياح حيثما هبّت، فلن يكون موضع قلق لأي أحد.