جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-03@09:02:45 GMT

"دولة الأغنياء على أنقاض الفقراء"

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

'دولة الأغنياء على أنقاض الفقراء'

 

 

علي بن سالم كفيتان

أرسلَ لي أحد الإخوة الأعزاء نسخة إلكترونية من كتاب "النباهة والاستحمار" للمُفكِّر الإيراني الدكتور علي شريعتي، وفي الحقيقة أنها كانت محاضرة ألقاها هذا المفكر الكبير في قاعة أرشاد بالعاصمة الإيرانية طهران، وتحوَّلت لاحقًا إلى كتابٍ، وتُرجِمَ إلى عدة لغات منها العربية؛ لما حوته من أفكار عميقة عن استخلاف الإنسان في الأرض.

ولا أخفيكم أنني لم أستطع النوم تلك الليلة، حتى أتممت الكتاب، لما شدني فيه من قراءات غير معهودة لدينا كعرب ومسلمين، لواقع الغرب، من منطلق صراع البشر الأزلي، وتدافع الحضارات، وفرض أنماط حياة لتقييد العقل الإنساني وفق مُحددات تقوم على الاستهلاك وتعظيم سُلطة المال. وهذا بدوره يؤسِّس لما أشار إليه المؤلف بتأسيس دولة الأغنياء على أنقاض الفقراء، وهذا ما نراه اليوم قائمًا في عالمنا، في ظل توحُّش سُلطة المال وقضمها للساسة عبر إدخال الحكومات في دهاليز المال، والنظر إلى العالم من ثقب تساؤل: كم تملك.. كم تسوى؟!            

إن انسياق الأنظمة المُعتدلة التي حافظت على ثباتها لعقود وهرولتها خلف هذا المنعطف الخطير يسوقها إلى الزوال- كما يشير شريعتي- إذ يرى أن استخلاف الإنسان في الأرض يتجرَّد من النظرة الإقصائية البسيطة التي يقوم عليها العالم اليوم، إلى تحرير التفكير والإبداع بعيدًا عن قيود السُلطة الجشعة للمال، والتي تجعل من الإنسان نحلةً شغالة في مملكة الغرب الظالمة، في الوقت الذي تنتظر فيه الملِكَة المُتوَّجة في الخلية كل عام سباق الذكور لتلقيحها، لتموت بعدها على أعتاب تلك المملكة. يقول الكاتب: "لماذا لم تتعلم الذكور من سعيها لهلاكها كل عام؟". طبعًا الجواب حاضر، وهو أنَّ هذه هي سُنن الطبيعة ونواميس الكون في الموت والحياة والميلاد والشيخوخة، التي لا يُمكن مُناقشتها أو حتى السماح بالتفكير فيها، إلّا من واقع إطار رسم للعالم القديم لا يمكنه الخروج عنه، ومن خرج جُيِّشَت ضده الجيوش والأساطيل، ومُنع عنه صنبور المال، وفُرِضَت عليه العقوبات، وعُزل عن البشرية، حتى يتوب إلى الغرب وسلطته المُتجبِّرة. لذا بِتنا نرى كل ما هو تقليدي ومُحافِظ في حضارتنا الإسلامية ضربًا من التخلف والرجعية، بينما تجاربهم هي الأكثر إلهامًا، وحضارتهم هي الأكثر بريقًا، وإنسانهم هو الأقدر على صناعة الفارق. يقول شريعتي أيضًا: "لقد مارسوا ضدنا أبشع الحملات الدعائية لتقديمنا في ثوبٍ رثٍ وبشر متوحِّشين يجب إقصاؤهم من الكون".

ذكر شريعتي أنَّ إبقاء المُتعلِّم جاهلًا وأخرسَ وأعمى، يُعدُ خطرًا كبيرًا على النظام الذي يُشرعن هذا النوع من السلوك الإقصائي الفظ؛ فالإنسان إذا أُشبِع بالعلم لا يُعد الجوع عنده أولوية، بينما الجهل يقود في أحيان كثيرة للسعي خلف اللُقمة، من الولادة وحتى الموت. لذلك فإنَّ النافذة التي يُطل من خلالها الشباب المتعلمون في عالمنا ليست هي النافذة التي كانت قبل 50 عامًا؛ إذ إنهُم لم يأتوا من الكهوف التي حبستهم فيها أنظمة مُتجبِّرة وظالمة لقرونٍ، وهم ليسوا الثوَّار الحُفاة الذين انفجروا من شدة الطغيان ودفعوا أثمانًا باهظة ليُحدِثوا تغييرًا، وقد رحلوا قبل أن يشاهدوا نتيجته. بينما يتغنَّى اليوم من كانوا على حواف الثورة كلاجئين وهاربين ومُستسلمين وخانعين قبضوا الثمن، بأنهم هُم من قادوا التغيير وصنعوا الفارق. ولا شك ان الجيل الجديد يمثل نُسخة مُحدَّثة سيصعب التعامل معها عندما تنفجر، ومهما مجَّدنا أجدادنا الحُفاة وقدرتهم على الصمود والقفز في النار، فإن الأجيال الحالية مُتحفِّزة وتفهَم كل ما يجري حولها من "استحمار الأنظمة" كما يقول شريعتي.

يرى علي شريعتي أن المجتمعات التي تُريد أن تختار مستقبلها، أمامها طريقان؛ الأول: طريق الرسمالية والقدرة والصنعة الغربية، والثاني: طريق الفكر والعقيدة. ويتساءل: ماذا عمل بنا الغرب نحن المسلمين نحن الشرقيين؟ لقد احتقر ديننا وأدبنا وفكرنا وماضينا وتاريخنا وأصالتنا، واستصغر كل شيء لنا، إلى الدرجة التي أصبحنا فيه نحن نهزأ بأنفسنا!! أما الغربيون فقد فضَّلوا أنفسهم وأعزوها ورفعوها، ثم بدأنا نقلدهم في كل الأطوار والحركات والسكنات والمناسبات، فصرنا نُمجِّد لُغتهم ونتفاخر بشهاداتنا القادمة ونفتخر بتعلُّم أبنائنا في دولهم وإجادتهم للُغاتهم في مُقابل نسيان اللغة العربية، وتراجع قِيَمهم الدينية والاجتماعية.

وفي المقابل، نرى أنَّ هناك المُتمسِّكون بطريق الفكر والعقيدة، وهُم قِلة في عالمنا، وهؤلاء يُصنِّفهم الغرب والسَّاسة التابعون لهم بالخطر الداهم؛ حيث نراهم اليوم ينبعثون من تحت الأنقاض في غزة بكامل عتادهم غير آبهين بالفَقْد في سبيل العقيدة، وهم من يُلهم ملايين الشباب المسلم في العالم اليوم، ويؤسِّس لعالم إسلامي قادم للواجهة برِداءٍ مُختلف، فهل ستعي الأنظمة ذلك أما ستمارس أسلوب الاستحمار؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مبادرة مجتمعية لتأهيل مقاعد مدرسة المتفوقين الأولى بحمص

حمص-سانا

أنهت منظمة يداً بيد للإغاثة والتنمية بالمشاركة مع فريق الميتم الإسلامي اليوم صيانة وتأهيل المقاعد في مدرسة المتفوقين الأولى بحمص، وذلك بالتنسيق مع مديرية التربية.

وأوضح مدير المنظمة فادي سحلول في تصريح للصحفيين، أن المنظمة تعنى بالقطاعين التعليمي والصحي لمساعدة المهجرين العائدين إلى بيوتهم، والمساهمة بتحقيق الاستقرار المجتمعي، مشيراً الى أن المنظمة تضم 1200 موظف ما بين سوريا وتركيا، إلى جانب نحو 200 متطوع.

وأشار إلى أن المنظمة تتطلع إلى تأهيل المزيد من البنى التحتية في مدارس حمص، لتوفير البيئة التعليمية المناسبة للطلاب مع افتتاح العام الدراسي الجديد وفي الدورات الصيفية، إضافة إلى تأهيل بعض المشافي بالمدينة أيضاً.

مدير مدرسة المتفوقين الأولى بحمص محمد السلامة، أشار إلى أن أعمال التأهيل شملت 300 مقعد تم تأهيلها على ثلاث دفعات من قبل المتطوعين من المنظمة وفريق الميتم الإسلامي، موضحاً أن المدرسة ضمت خلال العام الدراسي الفائت أكثر من 600 طالب وطالبة.

فرح ألفا، وعبد الرحمن السباعي، ورياض حبوب، من المتطوعين في المنظمة، لفتوا إلى أهمية مثل هذه المبادرات في دعم العملية التربوية، وتأمين بيئة مريحة للطلبة، فيما أشار إسماعيل جرمشلي من فريق الميتم الإسلامي، إلى مساهمة الفريق منذ العام 2012 بتنفيذ مبادرات مجتمعية وخدمية في مراكز أمان التابعة لجمعية عون للإغاثة والتنمية بحمص في كل من القريتين وكفرلاها وتلبيسة والوعر.

وتأسست منظمة “يداً بيد” عام 2011 في المملكة المتحدة، بمبادرة من مغتربين سوريين، وكانت بدايتها في تركيا عام 2013، ونفذت مشاريع نوعية نابعة من احتياجات السوريين، في مجالات الصحة والتعليم والبيئة والحماية والمأوى والأمن الغذائي وسبل العيش.

حمص فريق الميتم الإسلامي مبادرة مجتمعية 2025-07-01BOUTHINA BOUTHINAسابق الإعلان عن تأسيس شبكة الأعمال الأسترالية السورية انظر ايضاً حملة ترحيل أنقاض وفتح شوارع في حي دير بعبلة بحمص

حمص-سانا نفذ مجلس مدينة حمص بالتعاون مع الدفاع المدني، اليوم، حملة ترحيل أنقاض وفتح عدد …

آخر الأخبار 2025-07-01الإعلان عن تأسيس شبكة الأعمال الأسترالية السورية 2025-07-01وزير الطاقة السوري يبحث سبل تعزيز الاستثمار الأمثل للثروات المعدنية 2025-07-01فتح طرقات وترحيل أنقاض وتنظيف شوارع في مدينة درعا 2025-07-01صحة حماة تبحث مع المنظمات العاملة بالمجال الصحي تعزيز التنسيق معها 2025-07-01خطة مشتركة لتسريع نقل الحبوب إلى المحافظات السورية 2025-07-01سانا تواكب عمليات تصحيح أوراق امتحانات شهادة التعليم الأساسي 2025-07-01حملة ترحيل أنقاض وفتح شوارع في حي دير بعبلة بحمص 2025-07-01عدرا الصناعية… خدمات مستمرة لتأمين متطلبات المستثمرين 2025-07-01حماة.. كلية طب الأسنان وجميعة “سامز” تطلقان مبادرة علاج مجاني 2025-07-01إكثار بذار حمص يستلم 860 طناً من القمح المتعاقد عليه من المزارعين

صور من سورية منوعات شركة صينية تطرح روبوتاً لإزالة الأعشاب الضارة بالليزر 2025-06-30تحذير علمي: ارتفاع الحرارة يؤثر في القدرات الإدراكية 2025-06-29
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • التين الشوكي في اليمن.. ذهب صيفي على موائد الفقراء!
  • فرنسا تواصل انسحابها من ثاني دولة بالعالم وتسلم قواعدها العسكرية التي كانت تستخدمها
  • أردوغان: “تركيا أولاً” واستمرار جسر الأخوة وخدمة الفقراء
  • مبادرة مجتمعية لتأهيل مقاعد مدرسة المتفوقين الأولى بحمص
  • حملة ترحيل أنقاض وفتح شوارع في حي دير بعبلة بحمص
  • هل يكره مجتمعنا النظر في المرأة.. سكرة الفقراء انموذجا…
  • نائب: بعض المستأجرين يتمسك بالشقة مغلقة من أجل ذكريات الطفولة بينما الملاك يتسولون بالشارع
  • اليوم يبدأ السماح بصيد أسماك القرش واللخم
  • الجزيرة ترصد محاولات البحث عن مفقودين تحت أنقاض منزل بغزة
  • رفع 870 طن نفايات منزلية و24 طن أنقاض في اللهابة