سمعت المواطنة "ب، س" وهي إحدى النازحات، من مخيم جنين، صوت الانفجار من قرية بير الباشا التي نزحت إليها جنوبا. تقول النازحة: "في البداية اقتحموا منازلنا وحولوها لثكنات عسكرية، ثم بدأت الأخبار تتوارد بإحراقها وهدم عدد منها، واليوم نسفوها".

في اليوم الـ13 من العملية العسكرية في مدينة ومخيم جنين شمال الضفة الغربية، فجر جيش الاحتلال الإسرائيلي قرابة 20 بناية سكنية في القسم الشرقي من المخيم بشكل متزامن.

ومنذ صباح اليوم الأحد بدأ الجيش مد أسلاك في مربعات سكنية في عدة حارات من المخيم. وبحلول الساعة الثالثة والربع، هزت انفجارات متتالية وعنيفة عموم مدينة جنين وأجزاء من البلدات المحيطة بها، بعد نسف جيش الاحتلال منازل المواطنين بشكل متزامن.

وعلى الفور قال الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان مقتضب، إن قوات الاحتلال نفذت تفجيرا لقرابة 20 منزلا في مخيم جنين ضمن عملية "السور الواقي".

وكان جيش الاحتلال قد أطلق منذ ظهر اليوم الأحد تحذيرا لمستوطني مناطق الأغوار الشمالية عن إمكانية سماع دوي انفجارات في منطقة جنين وقال البيان "إنه لا خوف من وقوع حدث أمني".

آثار الدمار في مستشفى جنين الحكومي بعد تفجير الاحتلال مباني بشكل متزامن (مواقع التواصل ) سنعود ولو لخيمة

بالنسبة للنازحة "ب، س" وعائلتها فالمخيم يعني المنازل التي بنوها طوال سنين حياتهم، وخسارتها تعني انتهاء المخيم.

إعلان

وتقول: "العائلات نزحت مجبرة لكن نزوحها لن يستمر، نحن ننتظر الوقت الذي يهني فيه الاحتلال عمليته في المخيم لنعود، ولو كانت العودة على ركام منازلنا، بالمختصر كل عائلة ستبني خيمة وتسكن بها".

ووصلت آثار التفجير إلى وسط مستشفى جنين الحكومي، الواقع على بعد أمتار من المدخل الرئيس من المخيم.

وقال الدكتور وسام بكر مدير المستشفى، للجزيرة نت، إن عددا من الأقسام داخل المستشفى تضرر، وسُجلت أضرار في النوافذ والأبواب في أقسام المستشفى المختلفة، مع عدم وجود إصابات.

وأضاف: "لم نبلغ بنية الاحتلال للتفجير إلا قبل ساعة ونصف من وقت الانفجار، ما يعني عدم إمكانية إخلاء أي من المرضى من داخل المستشفى".

وعلى الأرض كانت التجهيزات في مستشفى جنين الحكومي، منذ ساعات صباح اليوم الأحد، لتشييع جثامين من استشهدوا منذ بدء العملية قبل 13 يوما، بعد تنسيق الارتباط الفلسطيني مع نظيره الإسرائيلي للسماح للأهالي بدفن الشهداء.

لكن عملية التشييع، التي كان شرط قبولها السماح لأفراد العائلة المقربين بالمشاركة بالدفن من دون جنازات كبيرة، تأجلت بأمر من جيش الاحتلال، وذلك لإتمام تفخيخ المباني المبرمج تفجيرها كما يقول أهالي المخيم.

حزن كبير

ورغم محاولات الشبان في مخيم جنين التعامل مع أخبار التفجيرات التي نشرها الجيش قبل ساعات بروح الدعابة، فإن القلق انتشر بين أهالي المخيم بشكل كبير.

وعلق بعضهم على وسائل التواصل ساخرا "سنموت بعد قليل" في حين نشر آخر "يلا يفجروا ويخلصونا زهقنا".

لكن الشابة "ب، س" تؤكد أن الناس تحاول إخفاء إحساسها بالعجز والقهر عبر هذه الدعابات.

"الناس وصلت لمرحلة لم تعد تميز ما تشعر به، من نزح ينتظر انتهاء العملية في المخيم ليعود له، صحيح أن أهالي القرى فتحوا منازلهم لنا، لكن يظل شعور الغربة والخجل من أن نكون عبئا عليهم مسيطر علينا".

لحظة تفجير عدد من المنازل في أحياء مخيم جنين#فيديو #حرب_غزة pic.twitter.com/KRMa3cnIkW

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) February 2, 2025

إعلان

وبعد الانفجارات الضخمة التي شوهدت في بلدات قباطية، ومثلث الشهداء جنوب جنين، سادت حالة من الغضب في عموم المخيم وعلى مواقع التواصل، حيث سمعت أصوات بكاء بعض السكان، وصراخهم وتكبيرهم فور وقوع الانفجار.

وقال أحد الشبان الذي رفض ذكر اسمه: "محاولاتهم لإنهاء المخيم لن تتم. سنعيد بناءه مرة أخرى، باختصار المخيم لن يموت".

ورغم هدم الاحتلال وتفجير منازل في عمق المخيم، منذ 13 يوما، إلا أن هذا التفجير يعد الأكبر منذ معركة عام 2002 في المخيم، بعد اعتراف الجيش بتفجير 20 بناية، وهو ما يشمل عدة شقق سكنية في كل بناية.

منطقة حيوية

رئيس بلدية جنين، محمد جرار، قال إن قوات الاحتلال أخلت مساء أمس السبت عمارتي الصفا والقنيري، عند المدخل الشمالي لمخيم جنين، وتضمان قرابة 30 شقة مأهولة.

وبحسب جرار فإن منطقة التفجير حيوية، بالقرب من مدرسة الزهراء، ومحيط مستشفى جنين الحكومي، ومبنى المحكمة، ومكتب مديرية التربية والتعليم في المدينة.

ويقول جرار: "الخطر كان كبيرا فعليا، خاصة فيما يخص مستشفى جنين الحكومي حيث يصعب إخلاؤه، أولا، لوجود المرضى على أجهزة التنفس الصناعي، ومرضى الكلى، وأيضا لوجود حاجز لجيش الاحتلال في الشارع المؤدي إليه، الحمد لله أنه لم تقع إصابات داخل المستشفى".

وبحسب تقديرات بلدية جنين نزح من المخيم ومحيطه قرابة 15 ألف نسمة، ودمرت جرافات الاحتلال قرابة 100 منزل بشكل كامل، عدا المنازل المدمرة بشكل جزئي والمنازل التي تم حرقها.

ويقول جرار: "توزع النازحون، 6 آلاف إلى مدينة جنين، وقرابة 4070 شخصا إلى بلدة برقين غرب مدينة جنين، والبقية توزعوا على 39 هيئة محلية".

مصادر للجزيرة: النسف شمل عددا من الأحياء في مخيم جنين منها الحواشين والدمج وخلف مسجد الأسير ومنطقه شارع ميهوب#الجزيرة pic.twitter.com/cY4TRWgKQb

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) February 2, 2025

إعلان "نعيش كارثة"

وتعاني محافظة جنين بشكل عام من ضعف في الاقتصاد، حيث شهدت المدينة، منذ عام ونصف، 104 اقتحامات إسرائيلية، إضافة لحصارها بالحواجز والمعابر منذ قرابة 4 سنوات، ومنع العمال الفلسطينيين من العمل في مناطق 48 منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

يقول جرار: "تواصلنا مع الهيئات الخاصة، لتوفير احتياجات الناس الذين تركوا بيوتهم وأهم هذه الاحتياجات توفير المسكن ومن ثم تأمين الغذاء والملابس والتدفئة والعلاج".

ويضيف: "المشكلة أن جنين مشلولة تماما، لا عمالة فيها، لذا أطلقنا نداء استغاثة عاجلا لبعض المؤسسات الدولية وعلى رأسها أوتشا و"إن دي بي" (ndb)، لتأمين ما يحتاج الناس. فنحن نعيش كارثة إنسانية".

ورغم هذه المحاولات إلا أن الأهالي يتخوفون من نسف المخيم بشكل كامل، إضافة لتنفيذ جيش الاحتلال تهديداته باستمرار وجوده في جنين بعد الانتهاء من عملية السور الواقي.

وبحسب جرار فإن على القيادة الفلسطينية التحرك بشكل جدي ضد تصريحات يسرائيل كاتس، لأنه يجب أن يكون هناك إجابة عن سؤال كيف سيتم التعامل مع الوجود الإسرائيلي في جنين.

وكان كاتس قد قال إن مهمة الجيش ستبقى مستمرة في مخيم جنين حتى بعد الانتهاء من العملية العسكرية.

ويرى جزار أن العملية سياسية بامتياز وليست عسكرية كما تدعي إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مستشفى جنین الحکومی جیش الاحتلال فی مخیم جنین من المخیم

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يدفع بتعزيزات لمخيم جنين ودعوات أممية لإنهاء العنف بالضفة

دفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتعزيزات عسكرية إضافية باتجاه مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، بالتزامن مع استمرار العملية العسكرية التي دخلت شهرها السابع على التوالي، في حين دعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إسرائيل إلى إنهاء العنف والتهجير بالضفة.

وقالت مصادر للجزيرة إن عددا من الآليات العسكرية برفقة معدات ثقيلة خرجت من حاجز الجلمة شمالي المدينة ووصلت إلى المخيم.

واحتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي عددا من النساء والأطفال في محيط مخيم جنين بعد أن أطلقت عليهم النار.

وقالت مصادر فلسطينية للجزيرة إن الفلسطينيين ذهبوا لتفقد منازلهم التي أخلاها الجيش بعد عدة أشهر من تحويلها لثكنة عسكرية، حيث أخلاها الاحتلال صباح اليوم الأربعاء ليتم إطلاق النار عليهم بشكل عشوائي واحتجازهم في إحدى البنايات التي أخليت مع الانقطاع التام معهم.

وقالت لجنة مخيم جنين إن أكثر من 600 منزل هدم بشكل كلي، في حين تضررت باقي منازل المخيم وأصبحت غير قابلة للسكن، كما هُجّر ما يزيد عن 22 ألف فلسطيني قسرا من المخيم منذ بدء العملية العسكرية في يناير/كانون الثاني العام الجاري.

الاحتلال يدفع بتعزيزات إضافية لقواته في مخيم جنين، بالضفة الغربية. pic.twitter.com/f2gxTgYGAR

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) July 30, 2025

عمليات هدم

كذلك هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي منازل ومنشآت زراعية وتجارية في مواقع متفرقة بالضفة، بدعوى البناء دون ترخيص.

وقالت مصادر محلية إن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة إذنا غربي الخليل، وهدمت منزلا بمساحة 150 مترا مربعا، و5 منشآت تجارية.

وأوضحت أن عملية الهدم جاءت بدعوى البناء دون ترخيص في مناطق مصنفة "ج"، بحسب اتفاق أوسلو 2 الموقع عام 1995.

وفي الجفتلك بالأغوار الشمالية، هدمت جرافات إسرائيلية عددا من المنشآت بينها سكنية وأخرى زراعية بدعوى البناء دون ترخيص في مناطق مصنفة "ج"، بحسب شهود عيان.

إعلان

كما جرفت آليات إسرائيلية شارعا في الحي الشرقي من مدينة البيرة وسط الضفة الغربية تحت الذريعة نفسها، وفق المصادر.

ويُحظر على الفلسطينيين إجراء أي تغيير أو بناء في المنطقة "ج" دون تصريح إسرائيلي، يعد من المستحيل الحصول عليه، وفق منظمات محلية ودولية.

وصنفت اتفاقية أوسلو 2 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، أراضي الضفة 3 مناطق: (أ) تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و(ب) تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و(ج) تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية.

#فيديو| قوات الاحتلال تعزز تواجدها في منطقة طلوع الغبز بمخيم جنين، بعد وصول مجموعة من النازحين ومحاولتهم العودة إلى منازلهم. pic.twitter.com/AFNrVeMIsl

— شبكة فلسطين للحوار (@paldf) July 30, 2025

إنهاء العنف والتهجير

في هذه الأثناء، دعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إسرائيل إلى إنهاء العنف والتهجير والسياسات التمييزية في الضفة الغربية.

وقال المكتب الأممي إن هجمات المستوطنين بالضفة تتزايد بدعم أو تغاضي الجيش مما يؤدي إلى عواقب قاتلة.

وأشار المكتب الأممي لحقوق الإنسان إلى أن إسرائيل تنتهج إستراتيجية منسقة لتوسيع وتعزيز ضم الضفة الغربية المحتلة، وإقامة مستوطنات غير قانونية.

كما حث إسرائيل على إنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد 1010 فلسطينيين على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.

مقالات مشابهة

  • قوات العدو الصهيوني تحتجز عدداً من أهالي مخيم جنين
  • الاحتلال يدفع بتعزيزات لمخيم جنين ودعوات أممية لإنهاء العنف بالضفة
  • الاحتلال يحتجز عدداً من أهالي مخيم جنين حاولوا الوصول إلى منازلهم
  • الاحتلال يحتجز عدد من أهالي مخيم جنين حاولوا الوصول إلى منازلهم
  • السكك الحديد تكشف تفاصيل اصطدام جرار بـ الرصيف في محطة رمسيس.. بيان رسمي
  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • لحج: شخص يقدم على تفجير 3 قنابل باسرته وارتكاب مجزرة مروعة
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • 189 يومًا للعدوان على جنين.. تصاعد الاقتحامات والاعتداءات