نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للصحفية نسرين مالك، قالت فيه إنّ: "الغبار استقر لفترة وجيزة، فقط لكي يثور مرة أخرى. إن موجة الأوامر التنفيذية التي أصدرها دونالد ترامب، والتي تسببت في فوضى في كل شيء من المساعدات الخارجية إلى التجارة العالمية، تهزّ بسرعة السياسة الداخلية والخارجية، وتعيد تشكيلها".



وأوضح المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "الإغراء هنا، مرة أخرى، هو التفكير في دونالد ترامب باعتباره صدمة خارجية للديمقراطية الأمريكية. ولكن انظر عن كثب، ولن تجد رئيسا مارقا يوجّه مطرقة إلى نظام سياسي مستقر حتى الآن، بل تاريخا من تآكل المعايير التي مهّدت الطريق له".

وتابع: "المعايير السياسية، هي سقالة الديمقراطية، التي لا يفرضها القانون، بل نوع من الإجماع الاجتماعي. الواقع أن هذه القواعد ليست مدوّنة، ولا آليات صارمة لتنظيم الحقائق السياسية -مثل فصل السلطات- بل الاتفاق على احترام مثل هذه الأمور ومراعاتها".

وأبرزت: "من الأمثلة الواضحة على ذلك قدرة الرئيس على إصدار العفو. وكان عفو جو بايدن عن أفراد أسرته بمثابة إهانة للأعراف بقدر ما كان عفو ترامب عن المدانين بعد السادس من كانون الثاني/ يناير بمثابة إهانة للأعراف".

وفي السياق نفسه، نقل المقال ما أبرزه الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز"، عزرا كلاين، عقب تنصيب ترامب: "نحن نتحدث عن نظام الحكم في أمريكا، وكأنه شيء صلب، مقيد بالدستور والمؤسسات مثلما يلتف الحزام حول الخصر. لكنه في الحقيقة مجرد كومة من الأعراف في معطف واق من المطر. فإذا أسقطنا الأعراف فسوف يتغير كل شيء". 

"الواقع أن الغرض الحقيقي من ترامب هو إسقاطها، ولكن من بعض النواحي، فهو لا يفعل سوى تسريع عملية كانت قد بدأت بالفعل" بحسب المقال نفسه، الذي استرسل: "على سبيل المثال أمر ترامب ببناء مركز احتجاز للمهاجرين في خليج غوانتانامو، وهي المساحة التي ظلت لسنوات تعمل خارج نطاق القانون الدولي على الرغم من الصراخ والمناشدات بإغلاقها". 


ومضى بالقول: "كان هناك مئات السجناء محتجزين هناك بموجب القانون العسكري، غالبا بعد التسليم والاختفاء والتعذيب في المواقع السوداء لوكالة المخابرات المركزية". مردفا: "اقتراح ترامب باحتجاز عشرات الآلاف من المهاجرين هناك خطوة شائنة، لكنها ليست شاذة. إنه يبني، حرفيا، على ما حدث قبله".

وفي السياق ذاته، قال المدير التنفيذي لمركز الحقوق الدستورية، فينس وارن، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية: "مثل العديد من هجمات ترامب الاستبدادية على حقوق الإنسان، فإن هذا الهجوم له سوابق مخزية في تاريخ الولايات المتحدة". 

وتابع: "قبل وقت طويل من استخدام إدارة بوش الثانية للمنشأة لاحتجاز وإساءة معاملة ما يقرب من 800 رجل وفتى مسلم كجزء من 'حربها على الإرهاب'، احتجزت إدارة بوش الأولى لاجئين هايتيين هناك لمحاولة حرمانهم من حقوقهم بموجب القانون الدولي". 

وأشار لكون السجن يضم حاليا مهاجرين محتجزين في منشأة تسمى مركز عمليات المهاجرين. في العام الماضي، منحت إدارة بايدن مقاولا خاصا أكثر من 160 مليون دولار لإدارة المنشأة.

وأبرز المقال: "توجيهات ترامب الأخرى تستند أيضا إلى سابقة. إذ يتعهد أحد أوامره التنفيذية بترحيل الطلاب وغيرهم ممن لا يحملون الجنسية الأمريكية والذين يشاركون في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين. ولكن أفعالهم كانت بالفعل موضع إدانة من الإدارة السابقة، وفرضت عليها رقابة مفرطة قبل فترة طويلة من إعادة انتخاب ترامب". 

"لا تنسوا أن الديمقراطيين منعوا طلبات المتحدث الفلسطيني في مؤتمرهم، وفي مختلف أنحاء البلاد طردت المؤسسات الأكاديمية "الليبرالية" الطلاب الذين احتجوا، وحرمتهم من شهاداتهم، واستدعت الشرطة المسلحة لتفكيك اعتصاماتهم" أضاف المصدر نفسه.


واسترسل: "ينطبق نفس الشيء على انسحاب ترامب من المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية ومغامرته الإمبريالية عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية. فالولايات المتحدة لديها سجل طويل، في ظل رؤساء أكثر لطفا، في انتهاك القانون الدولي، وإهانة المؤسسات الدولية، والشروع في حملات أحادية مرخصة بوضعها كقوة عظمى". 

وأبرز: "قبل أكثر من عقدين من الزمان، أقر الكونغرس قانونا يجيز "كل الوسائل الضرورية والمناسبة لإطلاق سراح أفراد الولايات المتحدة أو حلفائها المحتجزين من قبل المحكمة الجنائية الدولية أو نيابة عنها. وأطلق عليه قانون: غزو لاهاي". مضيفا: "كانت الحرب على الإرهاب في حد ذاتها حملة طويلة خرقت القواعد. فقبل أسبوع من غزو الولايات المتحدة وحلفائها للعراق، حذّرهم الأمين العام للأمم المتحدة من أن العمل العسكري سيكون انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة".

وأوضح: "حتى من الناحية البصرية، فإن تحالفات ترامب مع مليارديرات التكنولوجيا بدائية وواضحة، لكنها تعكس المليارديرات والمؤثرين الذين توافدوا على حملة كامالا هاريس، والتي دعمها عدد أكبر منهم علنا أكثر من ترامب. واصل بايدن ممارسة الرؤساء السابقين، الجمهوريين والديمقراطيين، في استغلال المانحين الأثرياء للغاية لمناصب السفراء قبل أن يجعل ترامب المقايضة صريحة مع حكومته من المليارديرات". 

وأكد: "حتى الحجة الليبرالية القائلة بأن مزاج ترامب وشخصيته وتصرفاته هي مجرد أسباب لاستبعاده تتعارض مع حقيقة سلفه. إن تشبث بايدن العنيد بالسلطة، والطلب من الناس أن تتجاهل أعينهم وآذانهم مع تلاشي قدراته، أثبت أن ازدراء عقول الجمهور ليس حكرا على اليمين".

"ليس القصد من هذا أنه لا يوجد فرق بين ترامب وأسلافه، أو أن أي شخص لديه وهم بأن الولايات المتحدة كانت ديمقراطية مثالية قبل وصوله إلى الساحة. وليس القصد التقليل من انتهاكات الرئيس وتأثيرها المادي، وأهمها افتقاره إلى الالتزام بالانتقال السلمي للسلطة، وهو معيار خارق، إذا صح التعبير" تابع التقرير.


وأضاف: "لكن الحلم الأمريكي بالازدهار في الداخل والتفوق في الخارج كان يخفي منذ فترة طويلة نظاما أكثر شؤما ومعاملاتية، وهو النظام الذي يعريه ترامب ويعززه".

واختتم المقال بالقول: "إن الخطر يأتي من افتراض أن الترمبية تأتي من العدم. في الواقع، إنها تأتي من مصادر عديدة، لكن أحدها هو إنشاء أسلافه لنظام سياسي يُنظر فيه إلى الانتهاكات المتسلسلة على أنها مقبولة لأنها تتم من قبل الأشخاص المناسبين. حسنا، بالنسبة لملايين الأشخاص، فإن ترامب هو الشخص المناسب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية دونالد ترامب ترامب جو بايدن جو بايدن دونالد ترامب ترامب الاستثنائية الاميركية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

جريج جوتفيلد: وسائل الإعلام الأمريكية ضخمت مؤامرة انتخابات الرئاسة وعليها الاعتذار لبوتين

صرح مضيف قناة فوكس نيوز الشهير، جريج جوتفيلد، بأن وسائل الإعلام الأمريكية تحتاج إلى الاعتذار للعديد من الأشخاص، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لدورهم النشط في نشر خدعة روسيا جيت في أعقاب الانتخابات الرئاسية لعام 2016.

وفقًا لجوتفيلد، لعبت وسائل الإعلام الإخبارية الأمريكية الكبرى "دور البطولة في تضخيم المؤامرة التخريبية ضد رئيس الولايات المتحدة". ورفض الادعاءات الأخيرة التي أطلقتها الصحافة والتي تتهم إدارة ترامب بمحاولة "إعادة كتابة التاريخ"، واصفًا إياها بأنها "محاولة لإبعاد المسؤولية عن أنفسهم وإخفاء الكذبة التي روجوا لها لمدة عقد تقريبًا".

يأتي ذلك في ظل الاكتشافات الأخيرة التي قدمتها مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي جابارد، التي أصدرت مجموعة من الوثائق التي وصفتها بأنها "أدلة دامغة" على جهد منسق من قبل كبار المسؤولين في عهد أوباما - بقيادة باراك أوباما نفسه - لتسييس الاستخبارات واتهام دونالد ترامب زورًا بالتواطؤ مع روسيا للفوز بالانتخابات.

في وقت سابق من هذا الشهر، أجرى مدير وكالة المخابرات المركزية السابق جون راتكليف تقييمًا مماثلاً. ففي مقابلة مع صحيفة نيويورك بوست، استشهد بمراجعة داخلية تشير إلى أن الرأي العام الأمريكي قد تم التلاعب به من خلال تسريبات إعلامية متكررة ومصادر مجهولة نقلتها صحيفة واشنطن بوست وصحيفة نيويورك تايمز ومنافذ رئيسية أخرى.

الجدير بالذكر أن مزاعم "التواطؤ الروسي" مستمرة في التغطية الإعلامية السائدة حتى بعد أن لم يجد تحقيق المستشار الخاص روبرت مولر أي دليل يدعم هذه المزاعم. ونفت موسكو مرارًا وتكرارًا التدخل في الانتخابات الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • مقال بواشنطن بوست: حتى المدافعون عن إسرائيل بدؤوا أخيرا الاعتراف بالحقيقة
  • البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: ترامب يسعى لاتفاق سلام بشأن أوكرانيا بحلول 8 أغسطس
  • السياسات الأمريكية والعبث بالنظام الاقتصادي العالمي
  • الرئيس البرازيلي يتعهد بمواجهة العقوبات والرسوم الأمريكية
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على أكثر من 100 شخص وشركة مرتبطة بإيران
  • أمواج تسونامي تبدأ بضرب سواحل الولايات المتحدة الأمريكية
  • جريج جوتفيلد: وسائل الإعلام الأمريكية ضخمت مؤامرة انتخابات الرئاسة وعليها الاعتذار لبوتين
  • الخارجية الأمريكية: المساعدات الإنسانية في غزة غير كافية .. ونعمل على زيادتها
  • الإدارة الأمريكية..المصداقية في مهب الريح
  • التحرك الأمريكي في ليبيا.. مصالح متجددة في ظل إدارة ترامب الثانية