تأخر خمسة أشهر.. لماذا الإعلان عن تشييع جنازة نصر الله الآن؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
ينكبّ «حزب الله» راهناً على إنجاز الترتيبات المرتبطة بتشييع أمينَيه العامَّين السابقَين؛ حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، تشييعاً واحداً في 23 فبراير (شباط) الحالي.
اقرأ ايضاًويبدو واضحاً أن هدف الاستعدادات والتجييش هو ضمان مشاركة شعبية كبيرة في التشييع؛ الذي أقر عضو المجلس السياسي في «الحزب»، محمود قماطي، بأنّ القيادة تريده «استفتاءً شعبياً يثبت التمسك بالعهد والوعد، وتأكيداً على الالتزام بالمبادئ التي يمثلها (حزب الله)، وبقضية تحرير لبنان»، وذلك بعد حرب شرسة جداً شنتها إسرائيل على «الحزب» وأدت إلى مقتل العدد الأكبر من قياداته وتدمير هائل طال معظم مناطق نفوذه.
المشاركون في التشييع
وفي حديث عبر إذاعة «سبوتنيك» الروسية، أكد قماطي أن «التشييع سيجري وفق أكبر نسبة ممكنة من الترتيبات الأمنية والوطنية»، موضحاً أنه «ستكون هناك دعوات لشخصيات من الداخل اللبناني والخارج للمشاركة في التشييع؛ لأن السيد حسن نصر الله ليس فقط شهيداً على مستوى الوطن، بل على مستوى الأمة وحركات التحرر العالمية... وهو شخصية عالمية».
من جهتها، أفادت وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية، الثلاثاء، بأن وفداً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيشارك بمراسم تشييع نصر الله في بيروت، من دون ذكر أي معلومات بشأن من سيترأس الوفد المشارك في المراسم.
سبب التأخير
وطُرحت علامات استفهام كثيرة عن سبب تأخير تشييع نصر الله؛ فدفنه سيحدث بعد نحو 5 أشهر من اغتياله.
وفي مقابلة لها تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، ردت ابنة نصر الله؛ زينب، سبب تأخير تشييع والدها إلى «حرص قيادة (الحزب) على سلامة المشاركين في التشييع»، فقد أشارت إلى أن المراسم ستكون عقب انسحاب إسرائيل بشكل كامل من الأراضي اللبنانية «لتأمين أجواء أكثر أماناً».
كذلك قال قماطي إن «تاريخ 23 شباط (فبراير) هو تاريخ مهم لتثبيت تحرير لبنان أولاً»، عادّاً أن «المفروض أن يكون قد تحقق تحرير جنوب لبنان، وهو أمر ضروري للغاية، خصوصاً مع قرب شهر رمضان و(يوم القدس العالمي)».
وكانت الحكومة اللبنانية أعلنت موافقتها على تمديد موعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من القرى والبلدات التي لا يزال يحتلها؛ من 26 يناير (كانون الثاني) الماضي حتى 18 فبراير الحالي؛ أي قبل 5 أيام من الموعد المحدد لتشييع نصر الله وصفي الدين.
وكان الأمين العام الحالي لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، هو الذي أعلن موعد التشييع، لافتاً إلى أن شعاره سيكون: «إنّا على العهد». ودعا إلى عدم إطلاق النار في التشييع، عادّاً أنه «عمل منكر وأذية للناس».
اغتالت إسرائيل نصر الله في 27 سبتمبر (أيلول) 2024 خلال وجوده في أحد الأنفاق تحت الأرض بالضاحية الجنوبية، ودُفن سراً وبشكل مؤقت. وبعد وقف النار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تردد وجود جثمان نصر الله في «روضة الشهيدين» بمحلّة الغبيري في ضاحية بيروت الجنوبية.
كذلك اغتيل صفي الدين بقصف جوي إسرائيلي في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد تعيينه أميناً عاماً جديداً خلفاً لنصر الله.
ورجح الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير أن يكون تحديد 23 من الشهر الحالي موعداً للتشييع مرتبطاً بانتهاء مهلة الانسحاب، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اختيار المدينة الرياضية موقعاً للتشييع هو لأنها تتسع لمئات الآلاف، وهي مكان يمكن ضبطه أمنياً». وأوضح، رداً على سؤال، أنه «لا شك في أن التشييع رسالة بشأن قوة (الحزب) الشعبية».
اقرأ ايضاًتوتّر في موقع الدفن
وكان قاسم في إطلالته الأخيرة أعلن أن دفن نصر الله سيكون بين طريقَي المطار القديمة والجديدة، وأن دفن صفي الدين سيكون في بلدته دير قانون النهر قرب مدينة صور في جنوب لبنان.
وشهدت المنطقة المخصصة للدفن توتراً أمنياً، الثلاثاء، بعد تدخل قوة من الأمن الداخلي، بمؤازرة عسكرية، استهدفت قطعة أرض تجري عليها عمليات بناء قرب المكان. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن ما حدث هو «تنفيذ أمر قضائي لإزالة مخالفة من عقار متاخم للأرض التي تُعَدّ لدفن نصر الله» لافتاً إلى أن «الجيش آزر قوى الأمن الداخلي في هذه المهمة، وحين جرت محاولة للتصدي لتنفيذ الأمر القضائي، أُوقف 4 أشخاص».
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: فی التشییع الإعلان عن نصر الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
حزب الله والانقلاب الإستراتيجي الهادئ
في لحظة سياسية دقيقة من تاريخ لبنان الحديث، أقدمت الحكومة اللبنانية على خطوة غير مسبوقة منذ اتفاق الطائف، حين كلفت الجيش اللبناني بإعداد خطة تنفيذية لحصر السلاح بيد الدولة، ضمن مهلة زمنية تنتهي مع نهاية العام الجاري.
القرار الذي تم تداوله خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لم يكن إجراء عاديا أو بيانا رمزيا، بل عبر عن تحول فعلي في المقاربة الرسمية تجاه قضية السلاح، وخصوصا في ظل ما تشهده المنطقة من تغييرات إستراتيجية وتبدلات في موازين القوى الإقليمية والدولية، والأهم أن القرار يترجم بالشكل والمضمون المهمة التي أتت من أجلها الحكومة الحالية.
الخطوة الحكومية جاءت نتيجة تراكم ضغوط دولية وعربية، كانت في مقدمتها المساعي الأميركية التي تقودها واشنطن عبر مبعوثها توم باراك، مترافقة مع عرض متكامل يتضمن خارطة طريق على مراحل تمتد 120 يوما، تبدأ من شمال الليطاني ولا تنتهي إلا بسحب السلاح من البقاع وبيروت، مقابل انسحاب إسرائيلي من المناطق الحدودية المحتلة، وإطلاق مسار تفاوضي لترسيم الحدود مع كل من إسرائيل وسوريا.
اللافت أن هذا المسار، الذي بُني على قاعدة الجمع بين الضغوط والضمانات، وجد هذه المرة تجاوبا سياسيا داخليا، حتى من أطراف محسوبة تاريخيا على ما يُعرف بـ"محور المقاومة".
ما ساهم في ترسيخ هذا التوجه هو الدور المتقدم والفاعل الذي لعبته المملكة العربية السعودية، من خلال المبعوث الخاص الأمير يزيد بن فرحان، الذي أجرى اتصالات مباشرة مع حلفاء حزب الله، وفي مقدمتهم جبران باسيل وسليمان فرنجية وطلال أرسلان، وحزب الطاشناق.
لم تكن الاتصالات تقليدية أو بروتوكولية، بل حملت رسالة واضحة تدعو إلى إصدار مواقف سياسية تطالب بحصر السلاح بيد الدولة، والمساهمة في حماية القرار الحكومي بهذا الشأن، وهو ما بدأت بوادره بالظهور فعلا من خلال تصريحات بعض هؤلاء القادة والنواب.
إعلانفي موازاة هذا التحرك، كان حزب الله يدرك أن مقاربة الدولة لمسألة السلاح قد دخلت مرحلة جديدة. بيد أن رد الفعل لم يأتِ على هيئة مواجهة مباشرة أو رفض صريح، بل عبر عنه نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم بخطاب حاول فيه تأطير موقع المقاومة داخل الدولة، مشددا على أن السلاح ليس منفصلا عن مؤسسات الشرعية، وأن اتفاق الطائف والدستور اللبناني يعترفان بدور المقاومة.
وهنا تحديدا، لا بد من التوقف عند طبيعة الخطاب الذي لم ينزلق إلى التصعيد، بل ترك الباب مفتوحا أمام الحوار، مشيرا إلى إمكانية التفاهم على إستراتيجية دفاعية وطنية تشمل الجميع، برعاية الرئاسة ووفق رزنامة زمنية داخلية، وليست خارجية.
في العمق، لا يمكن فصل هذا التطور اللبناني الداخلي عن التحولات التي يشهدها الإقليم، والتي طالت أولا بنية المحور الذي ارتكز عليه حزب الله لعقود. فإيران اليوم منشغلة في الداخل، تعيد ترتيب أولوياتها بعد حرب استنزفت قدراتها الاقتصادية والعسكرية.
أما سوريا، التي شكلت عمقا إستراتيجيا للحزب، فقد دخلت بدورها مرحلة انتقالية تُعيد فيها بناء علاقتها بجوارها العربي والدولي، في ظل واقع جديد لا يمنح الأولوية لملف دعم الفصائل المسلحة بقدر ما يركز على تثبيت الدولة المركزية وإعادة الإعمار.
بهذا المعنى، فإن البيئة التي كان الحزب يتحرك ضمنها، ويستند إليها، لم تعد كما كانت. بل إن لبنان نفسه لم يعد كما كان.
وفي موازاة الجدل الدائر في الداخل، برز تموضع جديد لحزب الله يستند إلى التحولات الجارية في سوريا، حيث يُعبر الحزب في مجالسه ومواقفه عن قلق متزايد من النظام السوري الجديد، وما قد يحمله من تهديدات إستراتيجية.
ويعتبر الحزب أن انهيار التوازنات السابقة في سوريا، لا سيما في مناطق الساحل والسويداء، وتقدم قوى مخاصمة تاريخيا "لمحور المقاومة"، يُعيد طرح أسئلة كبرى عن أمن المكونات الطائفية في المشرق.
ومن هذا المنطلق، يقدم الحزب سلاحه بوصفه أداة حماية للأقليات من مشاريع الإقصاء أو الهيمنة كما يعتبر الحزب، ويرى أن أي نقاش داخلي في لبنان حول تسوية أمنية أو دفاعية لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي، وعن الضمانات المفترضة لهذه المكونات ضمن معادلات الحكم والنظام في كل من لبنان وسوريا.
بهذا المعنى، يُوظف الحزب ما يجري في سوريا كجزء من دفاعه الإستراتيجي عن سلاحه، ليس فقط من باب المقاومة، بل أيضا من باب حماية الوجود والدور والهوية.
والسؤال الذي يُطرح بهدوء في بعض الأوساط السياسية، ومن دون صخب أو اتهام، هو التالي: هل يفكر حزب الله فعلا بإعادة تعريف موقعه داخل الدولة اللبنانية؟ هل يُمكن أن يُقدم على ما يشبه الانقلاب الإستراتيجي الهادئ، فيتحول إلى قوة سياسية لبنانية خالصة، تستمد قوتها من شعبيتها وتاريخها، لا من سلاحها؟
هذا التحول، إن حصل، لن يكون بمثابة انكفاء أو استسلام، بل قد يُمثل خيارا واقعيا لحماية بنية الحزب وضمان استمراره كلاعب سياسي أساسي في المشهد اللبناني.
التحول من حركة مقاومة مسلحة إلى شريك سياسي ضمن المؤسسات ليس مسارا بسيطا، خصوصا مع وجود تاريخ طويل من التضحيات والتشابك الإقليمي. لكن التحولات الجارية، والضغوط المتزايدة، قد تجعل من "العودة للبنان" ضرورة وجودية للحزب، لا مجرد خيار سياسي.
إعلانوالأهم، أن مثل هذا التحول لا يُقصي الحزب عن دوره، بل قد يمنحه موقعا جديدا أكثر رسوخا داخل المنظومة السياسية اللبنانية، عبر شراكة وطنية قائمة على التفاهمات لا على التوازنات القسرية.
الحزب يدرك أن المناخ الدولي يسير في اتجاه إقفال ملفات النزاع المفتوح، وأن المنطقة كلها تخضع لإعادة ترتيب أدوار ومواقع القوى غير الرسمية.
لذلك، فإن دعوته إلى الحوار حول الإستراتيجية الدفاعية، وتأكيده على ضرورة التوافق، قد يُشكلان مدخلا إلى تسوية واسعة، تتيح إعادة دمج سلاح الحزب تدريجيا ضمن المؤسسات الشرعية، مقابل ضمانات أمنية وسياسية داخلية، وربما حتى نقاشات دستورية تحفظ توازنات ما بعد الطائف.
لكن في المقابل، ثمة تحديات حقيقية على هذا المسار. فالجيش اللبناني، الذي كُلف إعداد خطة لنزع السلاح، يواجه نقصا في الموارد والتجهيزات، ويحتاج إلى دعم دولي كبير ليتمكن من تنفيذ المهمة.
كذلك، فإن غياب التوافق الوطني الشامل قد يُضعف فاعلية الخطة، خصوصا إذا شعر الحزب بأن المسار يُدار من طرف واحد، أو أنه يستهدفه حصريا. ولذلك، فإن أي مقاربة ناجحة يجب أن تأخذ بالاعتبار هواجس حزب الله، وتفتح الباب أمام تسوية تحفظ موقعه ضمن الدولة لا خارجها.
وفي هذا الإطار، يبرز مجددا الدور العربي كعنصر ضامن للاستقرار. فالموقف السعودي والخليجي في هذه المرحلة لا يهدف إلى التصعيد أو المواجهة، بل إلى الدفع باتجاه حل وطني جامع، يضمن سيادة الدولة من جهة، ويحفظ التوازنات الداخلية من جهة أخرى.
وقد أثبتت التحركات السعودية الأخيرة أن المملكة لا تزال قادرة على لعب دور جامع، يقرب المسافات بين القوى اللبنانية، ويعزز الإجماع الداخلي على الأولويات السيادية.
لبنان أمام فرصة تاريخية لإعادة إنتاج العلاقة بين الدولة والمقاومة، ضمن صيغة وطنية تحمي المؤسسات وتستوعب المتغيرات. قد لا تكون الطريق سهلة، وقد تتخللها مراحل تفاوض معقدة، ومساومات داخلية وخارجية، لكنها للمرة الأولى تبدو ممكنة.
ليس المطلوب انتزاع سلاح أو فرض معادلات قسرية، بل بناء مسار تدريجي للتكامل بين مكونات الدولة، بما في ذلك التي تحمل سلاحا، على قاعدة الشراكة والحوار والمسؤولية المشتركة.
في النهاية، لا أحد ينتصر في لبنان بالضربة القاضية. والانتصارات الحقيقية تُبنى بالتفاهم، لا بالتحدي. وقد تكون هذه اللحظة، رغم حساسيتها، فرصة ثمينة لتثبيت منطق الدولة، من دون إقصاء أو استبعاد، بل بفتح أبواب جديدة لإعادة التلاقي على مشروع وطني جامع، طال انتظاره.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline