عندما يهلُّ علينا شهر شعبان ندرك ونستشعر ونحس بأننا على أعتاب وأبواب شهر كريم هو شهر رمضان، وقد كان الصالحون يدركون فضل هذين الشهرين الكريمين شعبان الذى يعدونه مقدمة لرمضان، ورمضان الذى يجعلونه مقصدهم ومحور اهتمامهم، فستة أشهر يسألون الله عز وجل أن يبلغهم إياه، وستة أشهر أخرى، رمضان وخمسة أشهر بعده، يسألونه سبحانه وتعالى أن يتقبله منهم.
وكانوا يتخذون من شعبان توطئة وتهيئة لاستقبال هذا الشهر الكريم، ولنا ولهم فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث تقول السيدة عائشة رضى الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِى شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِى شَعْبَانَ»، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال:«هُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِى وَأَنَا صَائِمٌ».
وإذا كان أهل الدنيا يستعدون كل الاستعداد لأمور دنياهم ويخططون لها، وحق لهم، وهو أمر محمود لمن يعمل ويخطط لإنجاح ما هو مقبل عليه من عمل، فإن شهرًا كريمًا بما فيه من ليلة هى خير من ألف شهر لجدير أن نعد أنفسنا وأن نهيأها لاستقباله مبكرًا.
وتكون هذه التهيئة بالحرص على النوافل وقيام الليل والإكثار من الصيام فى شعبان اقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحرص على أداء الفرائض، ولا سيما صلاة الفجر وأداؤها فى جماعة طوال شهر شعبان.
وإذا كان رمضان شهر القرآن، فلنبدأ رحلتنا مع القرآن مبكرًا، فهمًا ودراسةً وتفقهًا، وإذا كان رمضان شهر البر والإحسان والجود والكرم، فلنبدأ من الآن فى إعداد أنفسنا لإخراج زكاة أموالنا فى رمضان رجاء التعرض لنفحات الله عز وجل فيه بمضاعفة الحسنات، ولنكثر من الصدقات قبيل رمضان، لإحداث التكافل الإنسانى والتوازن المجتمعى بإدخال السعادة والبهجة والسرور على الأسرة الفقيرة والأكثر فقرًا، بحيث لا يكون بيننا فى هذا الشهر الكريم جائع ولا محروم، حيث يقول نبينا: «مَا آمَنَ بِى مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٌ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ»، فقَالَ أَبو سَعِيد الْخُدْرِيّ: «فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِى فَضْلٍ».
وقد جعل الإسلام جزاء من يطعمون الطعام وثوابهم عظيما، فقال سبحانه: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا». وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ».
شهر شعبان على ما عليه جمهور أهل العلم هو شهر تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، حيث يقول الحق سبحانه: «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِم وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ».
ومن ثمة نقول مرحبا شعبان ومرحبا بنسائم رمضان.. فيا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر.. اللهم بلغنا رمضان بكل خير.
الأستاذ بجامعة الأزهر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: علينا شهر شعبان أشهر بعده وسلم أسوة حسنة صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
عليك الله شوف طريقة سلام الشيخ كيف حيكون أثرها في الشيخ الكباشي
في زول قبل كم يوم رسل لي مقطع شيخ محمد الأمين إسماعيل وهو يتبادل السلام الحار مع الشيخ الخليفة عبدالوهاب الكباشي
وكان مستنكرا ذلك من الشيخ وكيف الشيخ يعمل كده
وأنا والله أول ما شفت المقطع اتكيفت جدا من فقه الشيخ وأدبه وسعة صدره
وقلت لصاحبي هذا : الشيخ رجل فقيه وهو أدرى بما يفعل و لا يزايد عليه أحد في غيرته على دين الله ومحارمه
لكن لا بعض الناس ما دايرين كده دايرين الصوفي ده لو لقيتو في النار تزيدو نار و لو لقيتو تصر ليهو وتنبزو وتتكلم فيهو و في التصوف بكل غلظة
تحت قاعدة المبتدع شر من اليhود والمشركين
وأول شيء لا يوجد كاfر أفضل من مسلم أبدا و لا يوجد مسلم أسوأ من كاfر مهما كان فلا شيء أعظم عند الله أجرا من الإسلام و لا شيء أسوأ عند الله من الكfر
أنكر على التصوف أخطاءه التي تراها ولكن تبقى أخوة الإسلام باقية
ثانيا أنت الصوفي ده داير تهديهو و لا داير تعاديهو و السلام وخلاص؟
إن كنت داير تهديهو فعليك بمنهج القرآن والسنة في ذلك
ربنا سبحانه في شأن فرعون القال أنا ربكم الأعلى عديل ربنا قال لسيدنا موسى وهارون (فقولا له قولا لينا…)
عبارة ما محتاجه شرح زاتو
وربنا قاليك لو داير تدعو إليه ادع بالتي هي أحسن وأمرك تجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن
وشوف سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم
كيف كان يعامل المشركين وأهل الكتاب
يجيهو عدي بن حاتم الطائي فيأخذ بيده وهو مشر.ك وعدو و يضيفو في بيتو ويدي المسند يتكل فيهو وهو صلى الله عليه وسلم يقعد في الواطه ساي
ويجيهو نصارى نجران و يحين وقت صلاتهم فيصلونها في مسجده صلى الله عليه وسلم وأراد الصحابة أن ينكروا عليهم فقال صلى الله عليه وسلم(دعوهم)
تأليفا لقلوبهم
و يقول من دخل دار أبي سفيان فهو آمن
وهو الذي قال عنه : أن أبا سفيان رجل يحب الفخر؛ فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانته وهو مشرك محارب
وعبدالله بن أبي بن سلول
رغم ما كان فيه لكن في مشاهد كثيرة جدا كان الرسول صلى الله عليه وسلم بديهو مكانتو باعتبار سيد في قومه
وكان يرسل للملوك والزعماء وبديهم مكانتهم وحقهم الأدبي
دعاة التجريح حقننا ديل الكلام ده ما بعحبهم وممكن يأولوه ويلّو عنق الكلام ده ١٨٠ درجة عشان يثبتو انو منهجهم بتاع الطعين ده هو المنهج الصحيح
عليك الله شوف طريقة سلام الشيخ كيف حيكون أثرها في الشيخ الكباشي وأتباعه و كيف نظرتهم بتكون اتغيرت تجاه أنصار السنة ومشايخهم
تأليف القلوب ده شيء ما ساهل أبدا وشيء مهم جدا لكل مصلح وداعية
الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعطي الأموال والهدايا لتأليف القلوب بل والشريعة جعلت ذلك من مصارف الزكاة الثمانية خلي ما دون ذلك
والكلام ده الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان بعملو في الخفاء لا بل كان بعملو في العلن و أمام الناس كلها
عشان بجو ناس يقولو ليك لالا أنت ما تعمل كده في العلن عشان الناس ما تفهم غلط و لا ما عارف ليه
الخلاصة
الجو بتاع الشحناء و العداوة ده ما بجيب ثمار بل بزيد الفجوة وبخلي كل طرف متمسك بما هو عليه
ربنا يهدينا ويهدي بنا …
مصطفى ميرغني
إنضم لقناة النيلين على واتساب