ماذا تفعل حين يقرر طفلك التوقف عن رياضته المفضلة؟
تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT
قد يفاجئنا أطفالنا أحيانا، بعد سنوات من الالتزام بتعلم رياضة معينة وتحقيق تقدم ملحوظ فيها، بأنهم لم يعودوا يرغبون في الاستمرار. في تلك اللحظة، تتدافع في أذهاننا صور المجهود الذي بُذل، والوقت الذي خُصص، والموهبة التي نعتقد أن الطفل قد يفقدها إن توقف. نتساءل: هل من الحكمة أن نسمح له بالتوقف في منتصف الطريق؟ وهل سيؤثر ذلك في قدرته على الالتزام مستقبلًا؟ أم أن احترام رغبته في التغيير حق له علينا، خاصة إن لم يعد يجد المتعة فيما يفعل؟
هذا الصراع النفسي يواجه كثيرا من الآباء والأمهات.
بحسب استطلاع أجراه التحالف الوطني لرياضة الشباب (NAYS)، فإن نحو 70% من الأطفال يتوقفون عن ممارسة الرياضة عند بلوغهم سن الثالثة عشرة. والسبب الرئيسي، كما يذكر الاستطلاع، هو أن الأطفال لم يعودوا يجدون في الرياضة متعة.
وتوضح واشنطن بوست أن هذا التغير في المشاعر يعود إلى عدة عوامل، أبرزها أن الرياضة في المراحل العمرية الأكبر تصبح أكثر تنافسية، ويتزايد الضغط على الأطفال للانضمام إلى فرق تتطلب التزاما عاليا. ومع هذا التحول، تتضاءل مساحة اللعب من أجل المرح، وتحل محلها توقعات عالية بالإنجاز، ما يجعل الكثير من الأطفال يشعرون بأن الرياضة لم تعد كما كانت.
إلى جانب أن معظم الأطفال -في الولايات المتحدة- يحصلون على الهاتف الأول بين سن الثانية عشرة والثالثة عشرة، وفق دراسة أجراها مركز بيو لأبحاث الإنترنت، وتتغير عند هذه النقطة أولوياتهم وطريقة تواصلهم الاجتماعي.
يمكن لعدد من الدوافع المختلفة أن يكون خلف هذه الرغبة، وقد تكون رغبة عابرة من الطفل، أو رغبة حقيقية عميقة، ولكي نحدد القرار الأمثل ينصح المتخصصون بما يلي:
للتعرف على السبب الحقيقي لهذه الرغبة، وبالتالي تحديد الرد الأمثل، أحيانا ما تكون تلك الرغبة مجرد استجابة عاطفية لتجربة جديدة، مثل تعرض الطفل للتنمر أو اقتراب مباراة صعبة أو التنافس الحاد مع زملائه، لذا علينا أن نتواصل معه -كل فترة- لنتعرف على اهتماماته ودوافعه ومخاوفه، هذا سيسهل تقديم النصائح المناسبة له ودعمه في مواجهة بعض التحديات.
إعلان تعرف على ما يحتاج لتغييرهأحيانا ما يمارس الطفل أنشطة متعددة فيجد برنامجه اليومي مزدحما بالأنشطة ويشعر في النهاية بالإرهاق ما يشكل ضغطا قد يدفعه إلى الرغبة في التوقف عن أي نشاط، يحتاج الطفل هنا لبعض التعديلات فقط دون التوقف تماما عن ممارسة الرياضة.
يكون الحل الأمثل أن يستمر في ممارسة الرياضة ولكن بمعدل أقل، فلا يشارك في البطولات والمسابقات مثلا، بحيث يلبي له هذه النشاط احتياجاته، تريث في اتخاذ القرار وامنحه الوقت وأجر معه التعديلات الممكنة ليواصل التمرين.
تأكد أنه لا يعاني من القلقمن بين الأسباب المحتملة لرغبة الطفل في التوقف عن الرياضة، أن يكون مصابًا بالقلق، ويسعى للتخلص من هذا الشعور المزعج. فمع ازدياد حدة التنافس، قد يشعر بالإرهاق الجسدي أو النفسي، أو ربما تكون لديه علاقة غير مريحة مع المدرب تؤثر سلبًا على تجربته.
في مثل هذه الحالات، من المهم أن نُصغي إليه بتفهم ونحاول التعرف على الأسباب الحقيقية التي تقف وراء رغبته. دعمه نفسيًا ومشاركته في إيجاد حلول قد يساعده على اكتساب المرونة، سواء قرر في النهاية التوقف، أو اتفقتم معًا على بعض التعديلات مثل تغيير مواعيد التمرين أو تجنب المشاركة في البطولات.
وبحسب ما يشير إليه موقع "بايرنتس"، فإن هذا النوع من التفاهم والدعم يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، ويمنح الطفل مساحة آمنة لاتخاذ القرار الأنسب له دون ضغط.
يتعلق الأمر أحيانا بالمحافظة على الصحة النفسية، إذا كان طفلك كثير الشكوى أو دائم التذمر، يدعي الإصابة لكي يتهرب من التمرين أو المشاركة في المباريات، فهذا يعني أن عليك السماح له بالتوقف؛ التوتر يكون رد فعل طبيعي للتحديات التي يواجهها الطفل لكن القلق الذي يمتد ليعرقل عاداته في النوم أو تناول الطعام علامة على ضرورة التوقف عند هذا الحد.
تشير دراسة نشرتها "جورنال أوف أثليتيك تراينينغ" عام 2019 إلى أن التخصص الرياضي بما يتطلبه من ساعات تدريب أطول قد يسبب ضعف الأداء الأكاديمي وزيادة القلق والتوتر والإرهاق البدني، وهذه الضغوط تعرض الرياضيين الأطفال لتأثيرات سلبية على الصحة.
المثابرة ليست الخيار الصحيح دائماأحيانا ما يفقد الطفل المتعة في ممارسة هذه الرياضة، ويصبح إجباره على الاستمرار فيها معاناة لا معنى لها، لن يتعلم المثابرة بهذه الطريقة، ربما حان الوقت المناسب ليتعلم الطفل كيف يمتلك القوة لاتخاذ قرار بالتخلي أو التوقف عما لا يحقق احتياجاته، فلسنا مطالبين بإتمام كل شيء لمجرد أننا بدأناه، وفق واشنطن بوست.
ما نفعله بالتوقف هو أننا نفسح المجال للطفل لكي يتعرف على اهتماماته، ويجد مساحة لنشاط آخر يحبه.
هو حلمك أنت أم حلمه؟قبل أن تصرّ على استمراره، اسأل نفسك بصدق: هل يدفعه شغفه أم رغبتك؟ مجرد كونك تحب هذه الرياضة أو تمنّيت ممارستها في صغرك لا يعني أن طفلك ملزم بتحقيق هذا الحلم. إن أدركت أن الدافع الحقيقي هو رغبتك أنت، فقد حان الوقت لتمنحه حرية الاختيار والتوقف إن أراد.
اختر نشاطا يناسب طفلكإذا قرر طفلك التوقف عن الرياضة، فساعده على اكتشاف أنشطة أخرى، تناسب ميوله وشخصيته. خاصة في سن صغيرة، يحتاج الأطفال إلى التجربة والتنوع قبل أن يكتشفوا شغفهم الحقيقي. يمكنك أن تقترح عليه بعض البدائل، وتشاركه في القرار، ما دامت سنه تسمح بذلك، مع الاتفاق على التزامات قصيرة المدى لا تشكل عبئًا عليه.
الهدف هنا ليس فقط ملء وقت فراغه، بل منحه الفرصة ليمنح النشاط الجديد ما يستحقه من وقت وتجربة، حتى يكون قراره مستندا إلى تجربة حقيقية، لا إلى شعور لحظي أو ضغط خارجي.
إعلانتذكّر أن هذه الأنشطة ليست مجرد هوايات، بل وسيلة لبناء ثقته بنفسه وتطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية. لكن إن تحولت إلى مصدر ضغط، فقد تؤدي إلى نتيجة عكسية وتضعف ثقته بدلًا من دعمها. وهنا يكون التوقف هو القرار الصحيح، بشرط أن يتم بطريقة داعمة ومشتركة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أسيوط تحتفي بتجربة مسرح الطفل: نموذج تربوي وفني ملهم لصعيد مصر
شهد قصر ثقافة أسيوط، عدداً من الندوات وورش العمل للعديد من النقاد والكتاب المسرحيين، فى إطار أعمال المهرجان القومى للمسرح، حيث نظمت ثقافة أسيوط ندوة متميزة للكاتب والناقد الكبير حسام عطا تناولت تجربة فريدة ورائدة في مسرح الطفل بصعيد مصر، احتفاءً بعطاء صلاح شريت، والسيدة نادية الشبوري، وفرقة مسرح الطفل بأسيوط التي قدمت أعمالًا مسرحية تربوية وفنية راقية لأكثر من خمسة عشر عامًا.
استعرضت الندوة التعاون المثمر بين مؤسسات الدولة، ممثلة في وزارتي الشباب والرياضة، والتربية والتعليم، إضافة إلى المجتمع المدني، لدعم هذه التجربة التي شكلت نموذجًا يحتذى به في العمل المسرحي الموجه للأطفال في محافظات الصعيد.
شهدت الندوة استعراضًا لسيرة أبرز أعضاء الفرقة، منهم المهندس ناصر عبد الحافظ، كبير مهندسي ديكور المسرح القومي بالقاهرة، الذي أبدع في تصميم الديكورات المسرحية، والملحن المتفرد محمد فرغلي، ابن أسيوط، الذي ساهم بألحانه في صياغة هوية موسيقية مميزة لعروض الفرقة. كما ذُكر خلال الندوة اسم الراحل الدكتور ممدوح الكوك، أستاذ الفنون الجميلة، والذي كان يصنع أقنعة مسرحية جمالية لافتة، إلى جانب مجموعة من الملحنين والموسيقيين الذين عملوا مع الفرقة، مثل أحمد إسماعيل، وأحمد شاهين، وحمدي الواعي. وقد تولت فرقة "East West Music" تقديم الموسيقى الحية بقيادة الفنان سامح فكري، الذي أصبح لاحقًا من العازفين المعروفين في فرنسا. كما أبدع الفنان فتحي مرزوق في تصميم الإكسسوارات والعرائس، وواصل مسيرته لاحقًا كمحترف لهذا الفن في القاهرة.
وأضاف حسام عطا أن العروض التي قدمتها الفرقة لم تقتصر على أسيوط وسوهاج فقط، بل عرضت أيضًا في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة، ومسرح سيد درويش بالإسكندرية، ونالت استحسان النقاد، ومنهم منحة البطراوي (الأهرام)، عبلة الرويني (الأخبار)، إسماعيل العدلي (الأهالي)، فوزية مهران (روزاليوسف). وقد حظيت هذه التجربة بمتابعة واهتمام خاص من الكاتب الكبير الراحل يعقوب الشاروني، أحد أبرز كتاب أدب الطفل في مصر، والذي تابع نشاط الفرقة حين كان رئيسًا للمركز القومي لثقافة الطفل.
في موسم الشتاء، كانت جميع مدارس أسيوط بمراكزها وقراها تحرص على حضور عروض الفرقة بالتنسيق مع المحافظة، ضمن الفصل الدراسي الأول. أما في الصيف، فكانت العروض تُقام يوميًا في السادسة مساءً، بالتعاون مع مراكز الشباب، خاصة بجهود الأستاذ سعد الفرنساوي، وبالتنسيق مع الأستاذ صلاح شريط، من خلال إعلانات الشوارع والعربة المتنقلة التي كانت تدعو الأطفال للحضور إلى قصر الثقافة.
استطاعت فرقة مسرح الطفل بأسيوط أن تقدم نموذجًا تراكميًا متصلاً، أحدث فارقًا حقيقيًا في تشكيل وعي الأطفال، وأسهم في تفكيك مفاهيم متطرفة حول الفنون، مما ساعد في تنشئة جيل جديد من الأطفال الفاعلين في الحياة الثقافية والمجتمع المدني.