الإمساك المزمن وزيادة التدهور المعرفي: دراسة تكشف الرابط
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
توصلت دراسة حديثة إلى وجود ارتباط مثير بين الإمساك المزمن والتدهور المعرفي، مما يفتح الباب لفهم أعمق حول العلاقة بين صحة الأمعاء ووظائف الدماغ.
وكشفت ثلاث دراسات مستقبلية شارك فيها أكثر من 100 ألف شخص، أن الأفراد الذين يعانون من الإمساك المزمن، أي الذين يمرون بثلاثة أيام أو أكثر دون حركة أمعاء، معرضون لخطر أكبر بنسبة 73% للإصابة بتدهور معرفي.
يُعتبر هذا البحث جزءًا من مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن ميكروبيوم الأمعاء قد يكون له دور في صحة الدماغ، حيث يعتقد الباحثون أن تراكم البكتيريا الضارة في الأمعاء قد يكون العامل الرئيسي في التأثير على القدرات المعرفية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة لم تُثبت علاقة سببية مباشرة بين الإمساك والتدهور المعرفي، بل ربطت بينهما من خلال ملاحظة ارتباطات في النتائج.
البحث يسلط الضوء على أهمية صحة الأمعاءالإمساك المزمن، الذي يعاني منه نحو 16% من سكان العالم، يعد من الظواهر الشائعة، خاصة بين البالغين. ومن المعروف أن عوامل مثل قلة النشاط البدني وعدم تناول كمية كافية من الألياف تلعب دورًا كبيرًا في تفاقم هذه المشكلة. تاريخيًا، تم ربط الإمساك بالعديد من المشاكل الصحية، مثل اضطرابات المزاج والالتهابات، لكن هذا البحث أضاف بعدًا جديدًا يتعلق بالوظائف الإدراكية.
وفقًا لأنجالي باتيل، دكتوراه في الطب، أخصائية الأعصاب الإدراكية في معهد الأطلسي لعلوم الأعصاب، فإن العلاقة بين الإمساك والتدهور المعرفي قد تكون مرتبطة بتغييرات في ميكروبيوم الأمعاء. حيث أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من حركة أمعاء غير منتظمة يشهدون انخفاضًا في البكتيريا المفيدة التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs)، وهي مركبات تدعم صحة الأمعاء وتحميها من الميكروبات الضارة.
آثار الإمساك على الدماغ: فحص جديد للأدلةبينما لم تُثْبِت الدراسة علاقة سببية حاسمة، فإن الارتباط بين الإمساك والتدهور المعرفي لا يزال يستحق الاهتمام. يعتقد الباحثون أن الإمساك قد يكون بمثابة مؤشر مبكر على التغيرات الصحية التي تحدث في الدماغ، ما يستدعي من الأطباء النظر في التغيرات في عادات الأمعاء كجزء من تقييم الصحة العامة للمرضى، بما في ذلك الصحة المعرفية.
"الأمر لا يتعلق فقط بمشاكل الجهاز الهضمي، بل قد تكون هذه هي أولى الإشارات على وجود مشكلة صحية أوسع"، يقول جيفري يوبانك، أستاذ الأعصاب في نظام صحة أوهايو. ويضيف أن الكشف المبكر عن مشاكل الأمعاء قد يساعد في اتخاذ إجراءات وقائية مبكرة ضد الأمراض العصبية مثل الزهايمر.
الوقاية والتدابير العمليةرغم أن الدراسة لا تؤكد بشكل قاطع أن الإمساك هو سبب التدهور المعرفي، إلا أن الوقاية منه قد تسهم في تعزيز صحة الدماغ بشكل عام. وللوقاية من الإمساك، يُوصى بالتركيز على الترطيب الجيد، حيث يجب شرب ما لا يقل عن 64 أونصة من الماء يوميًا. كما ينصح بزيادة تناول الألياف في النظام الغذائي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتبني أسلوب حياة يقلل من التوتر.
كما يمكن للمكملات الغذائية التي تحتوي على البروبيوتيك والبريبايوتيك أن تكون ذات فائدة في الوقاية من الإمساك، بالإضافة إلى أدوية المغنيسيوم التي ثبت فعاليتها لدى العديد من الأشخاص. وعلاوة على ذلك، تعتبر التغذية السليمة، مثل اتباع النظام الغذائي المتوسطي، والتقليل من التوتر والحصول على نوم كافٍ من العوامل المساعدة في الحفاظ على صحة الدماغ والجهاز الهضمي على حد سواء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإمساك مكملات الغذاء الميكروبات الضارة قلة النشاط البدني 100 ألف شخص الصحة العام الأمعاء الالتهاب الصحة العامة اضطرابات المزاج الإمساک المزمن
إقرأ أيضاً:
دواء يساعد على النوم وقد يحمي من ألزهايمر.. كيف يعمل؟
كشفت دراسة أميركية جديدة عن أن دواء لمبوركسانت (Lemborexant) الذي يساعد على النوم يُمكن أن يحمي الفئران من تلف الدماغ المُلاحظ في الاضطرابات العصبية التنكسية، مثل مرض ألزهايمر.
يمنع دواء لمبوركسانت التراكم الضار لشكل غير طبيعي من بروتين -يُسمى تاو- في الدماغ، مما يُقلل من تلف الدماغ الالتهابي المعروف أن تاو يُسببه في مرض ألزهايمر.
ويُعدّ لمبوركسانت واحدا من 3 أدوية مُساعدة على النوم مُعتمدة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وهي تُثبّط تأثير الأوركسينات (orexins)، وهي بروتينات صغيرة تُنظّم النوم من خلال ارتباطها بمستقبلات الأوركسين. يحجب لمبوركسانت مستقبلات الأوركسين (النوعين 1 و2).
والمستقبلات هي بروتينات على سطح الخلية ترتبط بجزيئات أخرى وتُنظّم نشاط الخلية. ومن المعروف أن هذه المستقبلات تلعب دورا مهما في دورات النوم والاستيقاظ والشهية، بالإضافة إلى عمليات فسيولوجية أخرى.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة واشنطن في سانت لويس في الولايات المتحدة بالتعاون مع شركة الأدوية اليابانية إيساي (Eisai)، ونُشرت نتائج الدراسة في 27 مايو/أيار الماضي في مجلة نيتشر نيوروساينس (Nature Neuroscience)، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
إعلانقال المؤلف المشارك في الدراسة الدكتور ديفيد م. هولتزمان، أستاذ طب الأعصاب في جامعة واشنطن: "لقد عرفنا منذ فترة طويلة أن قلة النوم تُعدّ عامل خطر للإصابة بمرض ألزهايمر".
وأضاف: "في هذه الدراسة الجديدة، أظهرنا أن دواء لمبوركسانت يُحسّن النوم ويُقلّل من مستويات تاو غير الطبيعية، والتي يبدو أنها السبب الرئيسي للضرر العصبي الذي نراه في مرض ألزهايمر والعديد من الاضطرابات المرتبطة به. ونأمل أن تُؤدي هذه النتيجة إلى مزيد من الدراسات حول هذا الدواء المُساعد على النوم، وتطوير علاجات جديدة قد تكون أكثر فعالية من الخيارات الحالية، سواء وحدها أو بالاشتراك مع علاجات أخرى متاحة".
كان هولتزمان وفريقه من أوائل من حددوا العلاقة بين قلة النوم كعامل خطر للإصابة بمرض ألزهايمر وتراكم بروتينات مثل الأميلويد والتاو. وقد أظهروا في دراسة سابقة -شملت الفئران المعرضة وراثيا لتراكم بروتينات الأميلويد وتاو، وهي سمة مميزة لمرض ألزهايمر- أن الحرمان من النوم يزيد من سوء هذا التراكم.
وقال هولتزمان: "الأجسام المضادة ضد الأميلويد التي نستخدمها حاليا لعلاج المرضى في المراحل المبكرة والخفيفة من خَرَف ألزهايمر مفيدة، لكنها لا تُبطئ تقدُّم المرض بالقدر الذي نرغب فيه. نحن بحاجة إلى طرق للحد من تراكم تاو غير الطبيعي والالتهاب المصاحب له، وهذا النوع من مُساعدات النوم يستحق مزيدا من البحث. نحن مهتمون بمعرفة ما إذا كان استهداف كل من الأميلويد والتاو من خلال مجموعة من العلاجات يمكن أن يكون أكثر فعالية في إبطاء أو إيقاف تقدم هذا المرض".
وأظهرت الدراسة أن تحسين النوم لدى هذه الفئران باستخدام دواء لمبوركسانت يبدو وقائيا، حيث قلل تراكم تشابكات بروتين تاو وقلل موت الخلايا العصبية المرتبط بمرض ألزهايمر.
يتراكم بروتين تاو في الدماغ في العديد من الاضطرابات العصبية، بما في ذلك مرض ألزهايمر، ويسبب التهابا وموتا لخلايا الدماغ.
في الفئران المُعرّضة وراثيا لتراكم بروتين تاو الضار، قلّل لمبوركسانت من تلف الدماغ مُقارنة بفئران المجموعة الضابطة (التي لم تتلق الدواء). على سبيل المثال، أظهرت الفئران التي تلقّت لمبوركسانت زيادة في حجم الحُصين -وهو جزء من الدماغ مُهمّ لتكوين الذكريات- بنسبة 30% إلى 40% مُقارنة بفئران المجموعة الضابطة.
إعلانوعند مقارنة الفئران التي تلقت لمبوركسانت مع مجموعة الفئران الضابطة والفئران التي تتلقى دواء مختلفا للنوم، وهو زولبيديم (Zolpidem) الذي ينتمي إلى فئة مختلفة من الأدوية، زاد زولبيديم من النوم، ولكن لم يكن له أي من التأثيرات الوقائية ضد تراكم تاو في الدماغ مثل تلك التي شوهدت مع لمبوركسانت، مما يشير إلى أن نوع مساعد النوم -مضاد مستقبلات أوركسين- هو المفتاح في إنتاج التأثيرات العصبية الوقائية. ووجد الباحثون أيضا أن التأثيرات المفيدة لم تُشاهد إلا في ذكور الفئران.
يُعد تاو الطبيعي مهما في الحفاظ على بنية ووظيفة الخلايا العصبية. عندما يكون سليما، فإنه يحمل عددا صغيرا من العلامات الكيميائية تسمى مجموعات الفوسفات. ولكن عندما يلتقط تاو الكثير من هذه العلامات الكيميائية، يمكن أن تتكتل معا، مما يؤدي إلى الالتهاب وموت الخلايا العصبية.
وجد الباحثون أن عقار لمبوركسانت يمنع إضافة علامات زائدة إلى بروتين تاو من خلال حجب مستقبلات الأوركسين، مما يساعده على الحفاظ على وظائفه الصحية في الدماغ.
صرح هولتزمان بأن فريقه يواصل استكشاف أسباب ملاحظة التأثيرات الوقائية العصبية لعلاج لمبوركسانت لدى ذكور الفئران فقط، وتوقع أن يكون التباين بين الجنسين ناتجا عن أن إناث الفئران ذات الاستعداد الوراثي نفسه لتراكم بروتين تاو قد أصيبت بتنكس عصبي أقل حدة مقارنة بذكور الفئران. ونظرا لانخفاض الضرر في البداية، ربما كانت الآثار الإيجابية المحتملة للدواء أقل والكشف عنها أصعب.