الانسحاب الأمريكي الوشيك من سوريا يضع قسد أمام تحديات مقلقة
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
مع كشف مصادر أمريكية عن وجود خطط لسحب جنود الولايات المتحدة من سوريا، برزت قضية قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المتحالفة مع أمريكا، كواحدة من أكبر التساؤلات، في ظل مفاوضات تُعقد بين الحكومة السورية و"قسد"، لحسم مستقبل مناطق سيطرة الأخيرة شمالي شرق سوريا.
وكانت شبكة "إن بي سي" الأمريكية، قد أكدت نقلا عن مسؤولين أن وزارة الدفاع الأمريكية تعكف على وضع خطط لسحب جميع القوات الأمريكية من الأراضي السورية.
وتابعت الشبكة بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولين مقربين منه أبدوا في الآونة الأخيرة اهتمامهم بسحب القوات الأمريكية من سوريا، ما دفع مسؤولي البنتاغون إلى البدء في وضع خطط للانسحاب الكامل في غضون 30 أو 60 أو 90 يوماً.
وردت "قسد" على لسان المتحدث باسمها فرهاد شامي أن "قواته ليس لها علم بوجود خطة لانسحاب أمريكي من سوريا"، مضيفاً لوكالة "رويتزر" أن "داعش والقوى الخبيثة الأخرى ينتظرون فرصة الانسحاب الأمريكي لإعادة النشاط والوصول إلى حالة 2014".
أما ممثلة مجلس "قسد" ليلى موسى، قالت "إنهم مع بقاء القوات الأمريكية حتى يستقر الوضع في البلاد"، مضيفة في تصريح إعلامي لها أنه "في حال مغادرة الأمريكيين فإن الأكراد سوف يدافعون عن أراضيهم وعن المكتسبات التي حققوها".
تحديات أمام "قسد"
ومن الواضح أن أي حديث عن انسحاب أمريكي من سوريا، يثير مخاوف "قسد"، بحيث يضع نزع الحماية الأمريكية عن هذه القوات التي يهيمن أكراد سوريا على قرارها، أمام تحديات كبيرة.
وبعد سقوط نظام الأسد، وتسلم إدارة العمليات العسكرية السلطة، بدأت الأخيرة مفاوضات مع "قسد" بهدف دمجها في الجيش السوري الجديد، مقابل الاعتراف بالحقوق الثقافية الكردية، لكن "قسد" ترفض ذلك مستقوية بالحماية الأمريكية.
بذلك فإن سحب الغطاء الأمريكي، يفتح المجال أمام الحكومة السورية وتركيا التي ترى في "قسد" امتداداً لحزب "العمال" الكردستاني المصنف "إرهابياً"، لتحرك عسكري ضد "قسد"، يبدو أن نتائجه "محسومة".
وفي هذا السياق، يرى السياسي الكردي علي تمي، أن الحديث عن انسحاب أمريكي "وشيك" من سوريا، يُفسح المجال أمام الحكومة السورية لبسط سيطرتها على كامل التراب السوري، ما يعني حكماً "إضعاف موقف "قسد" في المفاوضات".
ويضيف تمي لـ"عربي21"، أن كل المعطيات تصب في صالح الحكومة السورية، وخاصة في ظل الانفتاح الدولي والإقليمي غير المسبوق على دمشق.
ويتفق مع تمي، المدير التنفيذي لـ"المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية" بواشنطن، رضوان زيادة، في اعتبار أن "الأنباء عن انسحاب أمريكي يصب في مصلحة حكومة دمشق في المفاوضات الجارية".
ويقول في حديث مع "عربي21": "لن يكون لدى "قسد" السند الذي يحميها، مع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا"، واستدرك بقوله: "لكن علينا أن ننتظر حتى يصدر القرار النهائي من الرئيس دونالد ترامب".
فرنسا تتحرك
وإلى جانب الولايات المتحدة، تعد فرنسا أحد أبرز الداعمين لـ"قسد"، وكان مظلوم عبدي قائد "قسد" قد كشف عن وساطة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بين الحكومة السورية و"قسد"، بهدف إنجاح المفاوضات.
والأربعاء، دعت باريس إلى دمج "قسد" بالمرحلة الانتقالية، وذلك بعد الكشف عن المخطط الأمريكي للانسحاب من سوريا.
وعليه، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة لـ"عربي21" أن "مطالبة باريس بدمج "قسد"، لم تأت إلا من خلال وقوع فرنسا على معطيات تؤكد الانسحاب الأمريكي من سوريا".
وأضاف أن وضع الخطط من وزارة الدفاع، يعد مؤشراً جدياً على جدية توجه إدارة ترامب نحو الانسحاب من سوريا، موضحاً أن "وزارة الدفاع لم تعد الخطط عندما أعلن ترامب في ولايته الأولى عن رغبته بسحب قواته من سوريا".
وبحسب خليفة، فإن كل ما سبق يعني إضعاف "قسد" التي تستند على الدعم الأمريكي، مرجحاً أن "تعود سوريا واحدة موحدة وتحت السيطرة المطلقة، قريباً".
وتعقد "قسد" آمالاً على نجاح المفاوضات مع دمشق، بحيث شكلت أكثر من لجنة للتفاوض مع الحكومة السورية، حول الأمور العسكرية والنفط وغيرها من الملفات.
وتبدو حكومة دمشق – حتى الآن- أكثر ميلاً للحل التفاوضي، لكن مع ذلك تلوح بخيار القوة ضد "قسد" في حال فشل المفاوضات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الولايات المتحدة سوريا قسد دمشق سوريا الولايات المتحدة دمشق قسد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الأمریکیة الحکومة السوریة انسحاب أمریکی من سوریا
إقرأ أيضاً:
التحرك الأمريكي في ليبيا.. مصالح متجددة في ظل إدارة ترامب الثانية
أولًا: عودة ليبيا إلى واجهة الاهتمام الأمريكي
مع بداية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استعادت ليبيا مكانة متقدمة ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية, ويأتي ذلك في سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة، أبرزها تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، واحتدام التنافس بين القوى الكبرى داخل القارة الإفريقية، ما جعل من ليبيا بوابة استراتيجية لا يمكن تجاهلها.
ثانيًا: خلفيات وأبعاد الزيارة الأمريكية
زيارة مستشار الرئيس الأمريكي، مسعد بولس، إلى كل من طرابلس وبنغازي، لم تكن مجرد بروتوكولية، بل يمكن قراءتها باعتبارها خطوة استطلاعية لجمع معلومات مباشرة من الفاعلين الليبيين، وتشكيل تصور دقيق لصانع القرار في واشنطن حول موازين القوى واتجاهات النفوذ.
وقد عبّر بولس خلال لقائه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، عن قلق الولايات المتحدة العميق من الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، في ظل استمرار انتشار السلاح بيد التشكيلات المسلحة، وغياب سيطرة حقيقية للدولة على هذه القوى.
ويأتي هذا القلق خصوصًا بعد الاشتباكات التي شهدتها العاصمة قبل نحو أربعة أشهر بين قوات حكومية وتشكيلات تابعة لقوة “دعم الاستقرار”، والتي قلّص الدبيبة نفوذها مؤخرًا، ما فاقم التوتر داخل طرابلس. واليوم، تعيش العاصمة على وقع حالة احتقان أمني متصاعدة، وسط مخاوف من تفجر الوضع في أي لحظة.
هذا الواقع دفع بولس إلى التركيز خلال محادثاته على أولوية الأمن والاستقرار، مشددًا على أن استمرار حالة التفلت الأمني يعيق أي مسار سياسي أو اقتصادي، ويثير قلقًا أمريكيًا ودوليًا متزايدًا مما قد يحدث، خاصة في ظل اقتراب استحقاقات مفصلية، منها الحديث عن تنظيم الانتخابات واستئناف المسار السياسي.
تأتي هذه الزيارة أيضًا في لحظة حساسة، حيث تواجه المنطقة خطر التصعيد بين إسرائيل وإيران، وهو ما يهدد إمدادات الطاقة العالمية، ويجعل من ليبيا — بثرواتها وموقعها الجيوسياسي — بديلًا استراتيجيًا في الحسابات الأمريكية.
ثالثًا: السيطرة الميدانية ودلالاتها الاستراتيجية
لا يمكن فصل التحرك الأمريكي عن المعادلة الميدانية الليبية. إذ يسيطر الجيش الليبي على نحو 80% من مساحة البلاد، وهي مناطق تحتوي على أهم الحقول النفطية والثروات المعدنية، إضافة إلى مناطق استراتيجية متاخمة لدول الساحل الإفريقي.
هذه السيطرة تعكس واقعًا أمنيًا يختلف عن حالة الانقسام السياسي، وتفتح المجال أمام فرص استثمارية وتنموية، لأن المصالح الاقتصادية — بما فيها الاستثمارات الأمريكية المحتملة — لا يمكن أن تتحقق في غياب الأمن والاستقرار. ولذلك، فإن هذه السيطرة تُمثل نقطة جذب لأي انخراط دولي يسعى لحماية المصالح الاستراتيجية في ليبيا.
رابعًا: واشنطن والمنافسة الدولية في إفريقيا
في الوقت الذي تُرسّخ فيه الصين وجودها الاقتصادي في إفريقيا، وتتابع فيه روسيا تعزيز مصالحها الاستراتيجية في عدد من الدول الإفريقية، تسعى واشنطن لإعادة التمركز في القارة، انطلاقًا من بوابة ليبيا.
فالتحرك الأمريكي يحمل طابعًا مزدوجًا: مواجهة تنامي النفوذ الروسي – الصيني، وتأمين إمدادات الطاقة، خصوصًا في حال تدهور الوضع في الخليج أو شرق المتوسط. وليبيا تُعد خيارًا مطروحًا، خاصة بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن غياب الدور الأمريكي فتح المجال لتنافسات إقليمية ودولية معقدة.
خامسًا: آفاق التحرك الأمريكي وحدوده
ورغم هذا الاهتمام المتجدد، لا تزال السياسة الأمريكية في ليبيا تتسم بالغموض النسبي، إذ لم تُعلن الإدارة الأمريكية حتى الآن عن مبادرة واضحة أو رؤية متكاملة للحل، كما أن تعاطيها مع خريطة الطريق الأممية الحالية لا يزال ضبابيًا.
ويُثير هذا تساؤلات حول مدى استعداد واشنطن للانتقال من الدور الرمزي إلى دور فاعل في حلحلة الأزمة الليبية، خاصة في ظل الانقسام الحاد بين المؤسسات، وانتشار السلاح، وفشل المبادرات السابقة.
ليبيا بين الفرصة والتنافسإن عودة ليبيا إلى حسابات الإدارة الأمريكية تعكس تغيرًا في التقديرات الاستراتيجية، لكنها تظل مرهونة بمدى قدرة الأطراف الليبية على استثمار هذه اللحظة، والذهاب نحو توافق حقيقي يتيح بناء دولة مستقرة.
ففرص التنمية والشراكة مع القوى الكبرى قائمة، لكن تحقيقها يتطلب أولًا التأسيس لسلطة وطنية موحدة تُنهي الانقسام، وتفتح الباب أمام استثمار الموقع والثروات في مصلحة الليبيين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.