250 عاماً من الإيمان.. كنيسة سيدة الغابة تتحوّل إلى وجهة سياحية عالمية
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
في خطوة لافتة وإنجاز جديد يُضاف إلى سجل لبنان السياحي، تم إدراج كنيسة "سيدة الغابة" في بلدة بيت شباب في قائمة المعالم السياحية الدينية المميزة. وجاء هذا الإعلان المهم خلال الاحتفال بيوبيل الكنيسة الـ250، الذي شكل مناسبة للتأكيد على الدور التاريخي والديني المهم لهذه الكنيسة التي تعتبر من أبرز الوجهات الروحية والثقافية في لبنان.
في حديث للمونسنيور خليل الحايك لـ"لبنان24" حول تاريخ كنيسة "سيدة الغابة"، ذكر الحايك أن الأب جوزيف غودار هو أول من تناول تاريخ هذه الكنيسة في كتابه "La Sainte Vierge au Liban"، حيث أشار الأب غودار إلى أنه "في القرن السابع عشر، كان الرعاة الذين يأتون من أعالي الجبال يلجأون إلى منطقة وسطية في بيت شباب، حيث كانوا يختبئون مع قطعانهم. وكانت العذراء مريم ترافق هؤلاء الرعاة بشكل دائم، مما دفعهم لبناء مزار لها في هذا المكان. ومع مرور الوقت، أصبح هذا الموقع مقامًا خاصًا بالعذراء، حيث كانوا يكرمونها بشكل مستمر". تابع: "يوجد لدينا وثيقة قديمة تعود لعام 1726 تتحدث عن بناء الكنيسة الأولى لسيدة الغابة، والتي كان سقفها خشبًا، وذلك بجانب المزار الذي أسسه الرعاة. وفي نفس العام، قرر آل الحايك، الذين كانوا يقيمون في بيت شباب، ترميم الكنيسة، فقاموا بتحويل السقف الخشبي إلى عقد حجري. وظلت هذه الكنيسة قائمة حتى اليوم، حيث تقع في الجهة الشمالية للكنيسة الكبيرة التي بُنيت عام 1900. وتجدر الإشارة إلى أن الكنيسة التي تم تشييدها في عام 1900 قامت على أنقاض الكنيسة القديمة. وأوضح الحايك أن "أهمية كنيسة "سيدة الغابة"، تكمن في تاريخها العريق والمعاناة التي مرت بها جراء العدوان الذي تعرضت له عام 1840، في فترة الأمير حيدر أبي اللمع، الذي كان مسؤولًا عن منطقة بيت شباب. ووقع هذا الاعتداء نتيجة للخصومة السياسية بين الأمير إبراهيم باشا والأمير حيدر، حيث كان إبراهيم باشا يسعى للانتقام من الأخير. ورغم وجود 14 كنيسة في منطقة بيت شباب، فإن كنيسة "سيدة الغابة" كانت تعد الأهم بسبب موقعها الاستراتيجي على طريق المكارية، الذي كان يعد الطريق الرئيسية في تلك الحقبة". وأشار إلى أنّه "في ذلك الوقت، اقتحم إبراهيم باشا الكنيسة وقام بتدميرها بالكامل، حيث كانت تحتوي على لوحة شهيرة رسمها الفنان كنعان ديب عام 1839، أي قبل عام من الاعتداء. وقد تعرضت اللوحة للتدمير بواسطة الرماح والرصاص، وكان أهل البلدة يقولون بأن باللوحة "نزفت"، نتيجة لذلك، أطلق عليها اسم "العدرا المجرحة". وكشف أنّه "لاحقًا، قام حبيب سرور برسم نسخة كبيرة من اللوحة، ووُضعت خلف مذبح الكنيسة، اما اللوحة المُجرحة كانت محفوظة في صندوق. وعند التأمل فيها، كان يمكن ملاحظة اختلاف كبير بين الألوان الظاهرة فوق اللوحة وتلك التي كانت مخفية تحتها، مما أثار العديد من التساؤلات". اضاف حايك: "في عام 1994، وتحديدًا في شهر آب، نشرت كتيب حول الكنيسة ذكرت فيه سؤالًا: "هل تخفي هذه اللوحة تحتها لوحة أخرى، على غرار مسار أيقونة سيدة ايليج؟". وفي أيلول من نفس العام، تعرفنا على راهبة كرملية أسست دار أنطاكية للايقونات، وهي التي اشرفت على دراسة لوحة ايليج. عند زيارتها للكنيسة، استخدمت عدسة مكبرة لفحص اللوحة، وأخبرتني قائلة: "لا أستطيع التأكد إن كانت هذه اللوحة تخفي لوحة أخرى تحتها باستخدام العدسة المكبرة، لأن الأمر يبدو وكأن هناك لغزًا تحتها. ولكن ربما يجب علينا إجراء عملية معينة لأن اللوحة قديمة". وبموافقة لجنة الوقف، تم أخذ اللوحة في بداية شهر أيلول لبدء العملية. وكشف أنّه "في كانون الثاني من العام التالي، أرسلت لي رسالة تقول: "نحن أمام شيء جميل جدًا، ستفرح عندما تراه". وأرسلت اللوحة إلى مستشفى أوتيل ديو لإجراء فحص بالأشعة السينية(radiography) ، حيث أظهرت الأشعة وجود طبقتين مختلفتين تمامًا تحت اللوحة. الأولى كانت تحتوي على عناصر نباتية، بينما كانت الطبقة الثانية تملك وجهًا مختلفًا للعذراء"، موضحاً أنّه "بعد جمع كافة الملفات المتعلقة باللوحة، تم عرض التفاصيل على المطران يوسف بشارة، راعي الأبرشية آنذاك. وبعد الاطلاع على نتائج الفحص، طلب المطران أن يتم التركيز على إبراز اللوحة الأساسية". موضحاً أن "اللوحة كانت تتطلب جهدًا لاستكشاف وتوضيح ما تخفيه من رسومات أساسية تحت طبقاتها". وأعلن الحايك أنّه "خلال العملية، تم تحديد تاريخ صنع اللوحة في القرن السابع عشر، ولا يزال غير معروف من هو رسامها، ولكن من المحتمل أن يكون شخصًا من المنطقة أو من قبرص، حيث كان هناك تفاعل كبير بين لبنان وقبرص نظرًا لانتمائهما لنفس الأبرشية. وعندما رأى المطران يوسف سويف، مطران قبرص آنذاك، اللوحة، قال لي: "اللوحة تشبه كثيرًا اللوحات الموجودة في قبرص، خصوصًا وجه العدرا". أردف: "بعدها بدء العمل على إزالة الطبقة العلوية للوحة، حيث كانت هناك امرأة فرنسية، صديقة للراهبة، تعمل في مجال ترميم اللوحات، وبدأت بإزالة الطبقة العليا ببطء حتى بدأ الألوان الأصلية تظهر تدريجيًا. وعندما وصلنا إلى الوجه، كان هناك الكثير من القلق بشأن النتيجة، لأن الأشعة السينية لم تُظهر الوجه بوضوح. ومع مرور الوقت، كانت الراهبة تتصل بي كل 15 يومًا لتتابع سير العمل وتطلعني على التقدم". تابع: "وفي النهاية، وبعد اتخاذ قرار بالكشف الكامل عن الوجه، ظهر الوجه الأصلي بشكل رائع وجميل. كان هناك اختلاف ملحوظ بين الطبقة الأولى، التي رسمها كنعان ديب، حيث كانت عيون العذراء تنظر مباشرة إلى الناظر، بينما في الطبقة الأصلية كانت عيونها تنظر إلى الأسفل، وكأنها تتأمل في ذاتها. وبعد ترميم اللوحة بشكل كامل، تم إدخالها إلى كنيسة بيت شباب في آب من عام 1997، وفي عام 2000 تم تخصيص مزار خاص لها داخل الكنيسة. وأصبحت اللوحة الآن مقصدًا مهما لجميع المؤمنين، وأصبحت تشكل جزءًا من التاريخ الديني والثقافي للمنطقة". ختم الحايك بالقول: " لهذا السبب تتمتع "سيدة الغابة" برمزية وأهمية كبيرة، حيث تعتبر اللوحة التي تمثلها تحفة فنية بكل معنى الكلمة. اليوم، نحتفل بانطلاقة جديدة، ليس فقط لبيت شباب، بل للمنطقة ككل، إذ إن هذا هو أول مقام في منطقة المتن يتم إدراجه ضمن السياحة الدينية، مما يسهم في إنعاش المنطقة ويجعلها وجهة سياحية مهمة". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بیت شباب حیث کان
إقرأ أيضاً:
موقع أميركي: الكنيسة العالمية فشلت بواجبها إزاء الإبادة في غزة
تناول مقال -نشره موقع "موندويس" الأميركي- بالنقد تقاعس الكنائس العالمية، خصوصا القيادات الروحية المسيحية، عن أداء دورها الأخلاقي العادل والحازم في مواجهة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وأورد كاتب المقال الممثل الأميركي جيف رايت الحائز على عديد من الجوائز أنه منذ قرابة عامين، يتواصل العدوان على قطاع غزة، حيث يُقتل المدنيون الفلسطينيون بأعداد كبيرة، وتتفشى المجاعة، وتُقصف الكنائس والمستشفيات، ومع ذلك، تلتزم معظم القيادات الكنسية الصمت أو الاكتفاء ببيانات باهتة تفتقر إلى الشجاعة والموقف الأخلاقي الصارم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب تركي: إسرائيل لن تدرك حجم خسارتها إلا بعد سنواتlist 2 of 2هآرتس: الطبقة السياسية في إسرائيل تسير خلف نتنياهو نحو الهاويةend of listوأبرز المقال قصف كنيسة العائلة المقدسة الكاثوليكية في غزة، الذي أسفر عن مقتل 3 أشخاص، قائلا إن البابا ليو وصف هذا الحادث، رغم فداحته، بأنه "هجوم عسكري"، دون أن يربطه بسياق الإبادة الجماعية في قطاع غزة أو يوجه نداء صريحا للتحرك ضد إسرائيل.
كما تبنى أساقفة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفقا للكاتب، الموقف نفسه، إذ عبروا عن "الحزن" دون غضب أو إدانة سياسية واضحة، واكتفوا بدعوات عامة للسلام.
ووصف رايت هذا الموقف بأنه سلبي أثار خيبة أمل كبيرة بين المسيحيين الفلسطينيين، الذين يرون أن الكنيسة تفضل مصالحها وعلاقاتها على الواجب الأخلاقي.
ونقل الكاتب عن المحامي الفلسطيني لحقوق الإنسان جوناثان كُتاب وصف هذا السلوك بـ"الإفلاس الأخلاقي"، مشددا على أن عدم تسمية ما يحدث بالإبادة إنما يتم لأسباب سياسية وشخصية لا علاقة لها بالحقيقة أو المبادئ الدينية.
المحامي الفلسطيني لحقوق الإنسان جوناثان كُتاب: عدم تسمية ما يحدث في غزة بإبادة يتم لأسباب سياسية وشخصية لا علاقة لها بالحقيقة أو المبادئ الدينية استثناءات مشرفةلكن في المقابل توجد استثناءات مشرفة، فقد وقع أكثر من ألف قسيس أميركي من أصول أفريقية على عريضة تطالب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بوقف إطلاق النار.
إعلانكما دعت كنيسة الميثوديست الأفريقية الأسقفية إلى وقف الدعم الأميركي لإسرائيل، معتبرة أن الولايات المتحدة تسهم في الإبادة.
وأصدرت كنيسة إنجلترا بيانا يصف الحرب الإسرائيلية بأنها عدوانية لا دفاعية، محذرة من أن التهجير القسري يُعد جريمة بموجب القانون الدولي.
وأقدمت بعض الكنائس على إجراءات عملية، منها سحب الاستثمارات من السندات الإسرائيلية، وإدانة واضحة للإبادة في غزة، والتأكيد على مسؤولية الولايات المتحدة في دعمها.
وبرزت أيضا منظمات مسيحية مثل "باكس كريستي" (Pax Christi) و"أصدقاء سبيل"، و"كايروس فلسطين"، التي تضغط لتبني مواقف أكثر وضوحا وفاعلية.
غياب خطة موحدةرغم ذلك، يؤكد رايت، أن ناشطين فلسطينيين يشيرون إلى غياب خطة كنسية عالمية موحدة لمواجهة هذه الكارثة.
فهناك ميادة طرازي، من جمعية الشابات المسيحيات، التي عبرت عن أملها في أن تتحول قرارات الكنائس إلى أفعال. أما المطران الأنجليكاني حسام نعوم، فقد طالب بأن يتحمل الجسد المسيحي العالمي مسؤوليته تجاه الكنيسة الجريحة في فلسطين.
وفي الختام، يطرح المقال تساؤلا جوهريا: هل ستنهض الكنيسة العالمية بدورها وتتحرك فعليا لإنهاء جرائم إسرائيل ضد الإنسانية، أم تظل حبيسة بيانات خجولة ومواربة؟ الجواب، بالنسبة إلى المسيحيين والمسلمين في غزة، لم يعد يحتمل مزيدا من التأخير.