القطاع الخـاص شريك فاعل في تمكين المجتمع
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
سيد الحجار (أبوظبي)
جاء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع» في الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، ليلقي مزيداً من الضوء على المبادرات الوطنية للقطاع الخاص الإماراتي والشركات العائلية بالدولة، التي تجسّد رؤية القيادة تجاه بناء مجتمع متماسك ومزدهر.
وقال رجال أعمال ورؤساء شركات عائلية لـ«الاتحاد»، إن القطاع الخاص الإماراتي واصل، على مدى عقود، إطلاق العديد من المبادرات المجتمعية في مختلف المجالات، ومنها تقديم العديد من المنح التعليمية والدراسية، ورعاية ودعم أصحاب الهمم، وتقديم الدعم للقطاع الصحي، ورعاية العديد من الفعاليات المجتمعية، بجانب الكثير من مبادرات العمل الخيري، فضلاً عن توالي إطلاق مبادرات جديدة لتوظيف وتأهيل واستقطاب الكفاءات المواطنة، بما يتماشى مع رؤية الإمارات الهادفة لتوظيف الكوادر المواطنة بالقطاع الخاص.
وأوضحوا أن الإمارات شهدت، خلال العقود الماضية، نهضة اقتصادية وتكنولوجية كبرى في مختلف القطاعات، حيث كانت العلاقات الإنسانية والمجتمعية ركيزة أساسية في مسيرة النمو والازدهار بالدولة.
وأشاروا إلى أهمية الإعلان عن «عام المجتمع» في تعزيز الروابط داخل الأسر والمجتمع، من خلال تنمية العلاقات بين الأجيال، وتهيئة مساحات شاملة ترسّخ قيم التعاون والانتماء والتجارب المشتركة، إضافة إلى الحفاظ على التراث الثقافي.
ويهدف عام المجتمع إلى تشجيع جميع من يعتبر دولة الإمارات وطناً له على الإسهام الفاعل في المجتمع، من خلال الخدمة المجتمعية، والتطوع، والمبادرات المؤثرة التي تُرسخ ثقافة المسؤولية المشتركة، وتدفع عجلة التقدم الجماعي.
يركز «عام المجتمع» على إطلاق الإمكانيات والقدرات لدى الأفراد والأسر والمؤسسات عبر تطوير المهارات، ورعاية المواهب، وتشجيع الابتكار في شتى المجالات، ومنها ريادة الأعمال والصناعات المستقبلية، مثل الذكاء الاصطناعي وغيرها من الأولويات الوطنية لدولة الإمارات، بما يحقق نمواً شاملاً وأثراً إيجابياً مستداماً يسهم في قصة بناء الوطن.
وتطلق المبادرة، خلال العام، سلسلة من الفعاليات والمبادرات المجتمعية الهادفة إلى تعزيز التلاحم بين الأفراد، ودعم القيم الإماراتية، وضمان بيئة تتيح للجميع الإسهام في تحقيق التقدم.
ودعت المبادرة جميع من يعتبر الإمارات وطناً له، من مواطنين ومقيمين إلى المشاركة من خلال أفكارهم ومقترحاتهم التي تسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية، وتحقيق التقدم المجتمعي، والاحتفاء بالتنوع الثقافي الذي يميز الإمارات، دعماً لمسيرة بناء وطن قوي ومزدهر.
تعزيز الروابط
قال رجل الأعمال أحمد خلف المزروعي، إن إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع» في دولة الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، يسهم في تعزيز الروابط داخل الأسر والمجتمع، من خلال تنمية العلاقات بين الأجيال وتهيئة مساحات شاملة ترسخ قيم التعاون.
وأوضح، أن الإمارات، شهدت، خلال السنوات الأخيرة، تطوراً ملحوظاً فيما يتعلق بالمسؤولية المجتمعية للشركات، والتي ترسّخت مع إعلان، 2017 عاماً للخير، مستنداً إلى ثلاثة محاور، هي المسؤولية الاجتماعية، والتطوع، وخدمة الوطن، مع إرساء دعائم المسؤولية المجتمعية للشركات، وتشجيع المؤسسات الخاصة في القياد بدورها المجتمعي، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية المستدامة.
وأوضح المزروعي، أن تخصيص عام 2025 عاماً للمجتمع، بعد إعلان عام 2017 باعتباره عاماً للخير، واعتماد 2018 «عام زايد»، وأيضاً عام 2019 باعتباره عاماً للتسامح، يعكس رؤية القيادة الرشيدة في تشجيع العمل الخيري والإنساني والمجتمعي.
وأضاف أن مجموعة أحمد خلف المزروعي حرصت منذ تأسيسها على دعم المجتمع المحلي عبر العديد من المبادرات والبرامج الخيرية والاجتماعية، بما يتوافق مع رؤية القيادة الرشيدة في تمكين المجتمع، وتعزيز جودة الحياة لدى جميع أفراده.
قيم التعاون
قال محمد بن شبيب الظاهري، الرئيس التنفيذي لمجموعة يونيفرسال القابضة، إن الإعلان عن «عام المجتمع» يعكس جهود القيادة الرشيدة في بناء مجتمع قوي، ويسهم في تعزيز التماسك المجتمعي، وتكريس قيم التعاون والعمل المشتركة.
وأكد التزام المجموعة بالمشاركة الفاعلة في تحقيق الأهداف السامية لهذا العام، عبر مواصلة تبنّي مبادرات مجتمعية مبتكرة، مشيراً إلى أن إعلان 2025، عاماً للمجتمع، رسالة محفّزة للشركات لمواصلة دورها الريادي في العمل المجتمعي.
وأضاف: سنواصل التزامنا بمسؤوليتنا المجتمعية، وسنعمل على مواءمة أعمالنا مع أهداف هذه المبادرة، ودعم المبادرات التي تشجّع الابتكار وريادة الأعمال، لتحقيق أثر إيجابي مستدام يسهم في ازدهار مجتمع الإمارات، وتعزيز مسيرة التنمية بدولة الإمارات. وأشار الظاهري، إلى أن الإمارات قدمت تجربة متميزة فيما يتعلق بدور القطاع الخاص في العمل الخيري والإنساني والتنموي، انطلاقاً من قيم التسامح والعطاء التي غرسها الآباء المؤسسون في نفوس أبناء الوطن.
مسيرة النمو
أوضح رجل الأعمال سعيد سلطان بن راشد الظاهري أن المجتمع الإماراتي ركيزة أساسية في مسيرة النمو والتطور، التي شهدتها الدولة على مدى عقود، موضحاً أن الدولة تولي أهمية خاصة لدور الإنسان في تحقيق رؤيتها الطموحة نحو غدٍ أكثر ازدهاراً واستدامة.
وأشار إلى أهمية تخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع»، في تعزيز روح العمل الجماعي وقيم المسؤولية والشراكة المجتمعية، وزيادة دور الأفراد في دفع عجلة التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون بين الأطراف كافة لبناء مستقبل مستدام، ما يمثّل نقلة نوعية في مسيرة دولة الإمارات نحو المستقبل.
وأوضح، أن «عام المجتمع» يؤكد أن الإمارات تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها في أن تكون موطناً لأكثر المجتمعات سعادة بالعالم، ويعكس التزام القيادة الرشيدة بترسيخ قيم التعاون والمسؤولية المشتركة في بناء وطن قوي، إدراكاً منها لأهمية الاستثمار في الإنسان، وضرورة إنشاء أجيال قادرة على إطلاق إمكاناتها وتوظيفها لخدمة المجتمع.
وأوضح الظاهري، أن النهضة الاقتصادية والتكنولوجية التي شهدتها الدولة بدأت من المجتمع، ومن وحدة أبنائه وتماسكهم في بناء اتحاد راسخ، وسيبقى المجتمع الأساس القوي لمواصلة مسيرة النمو والتطور بالدولة، مشيراً إلى أنه منذ بداية الاتحاد، أكدت الإمارات أهمية الأسرة في بناء حاضرها وتشكيل مستقبلها.
عمل متكامل
أوضح بدر فارس الهلالي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات، أن «عام المجتمع» يعكس التزام الدولة بتفعيل القيم المجتمعية، ويُجسِّد رؤية وطنية موحَّدة تُركِّز على ترسيخ قيم المسؤولية المشتركة، بما يُسهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.
وأشار إلى أهمية الحدث في تمكين الأفراد من إطلاق إمكانياتهم، التي تعزّز من تحقيق التنمية المستدامة، من أجل مستقبل مشرق وواعد لدولة لإمارات، ما يعزّز مكانة الدولة كنموذج عالمي للتلاحم والتنوع.
وأوضح أن الدولة حرصت منذ قيامها على توفير الحياة الكريمة للإنسان وجعله الركيزة الأساسية في محور التنمية.
وأكد الهلالي، أن المبادرة تعكس رؤية القيادة الحكيمة في تحفيز العمل الجماعي والمشاركة المجتمعية الفعّالة، وتعزيز التعاون الإيجابي، وحرصها على تعزيز دور الفرد والأسرة والمؤسسات المجتمعية في تحقيق التنمية المستدامة، وترسيخ ثقافة المسؤولية المجتمعية بين جميع شرائح الوطن.
وأوضح، أن القطاع الخاص الإماراتي واصل على مدى عقود إطلاق العديد من المبادرات المجتمعية في مختلف المجالات، ومنها تقديم العديد من المنح التعليمية والدراسية، وتقديم الرعاية لشتى الجمعيات المتخصّصة بالجوانب الصحية، ورعاية ودعم ذوي الهمم، ورعاية العديد من الفعاليات المجتمعية، بجانب العديد من مبادرات العمل الخيري، حيث يُعد ذلك بمثابة رد الجميل للوطن.
ولفت إلى أن السنوات الأخيرة شهدت الإعلان عن العديد من المبادرات التي تسهم في تعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات، ومنها مبادرة صندوق الوطن، والتي تسهم في ترسيخ ركائز المشاركة المجتمعية للقطاع الخاص، بما يساعد في تحقيق التنمية المستدامة في الدولة.
مبادرات متنوعة
خلال شهر أبريل الماضي، أعلن خلف بن أحمد الحبتور، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، إطلاق مبادرتين جديدتين لدعم المجتمع الإماراتي في أعقاب الظروف المناخية الأخيرة، التي شهدتها الدولة، في استجابة سريعة وفعّالة لدعم جهود اللجنة العليا لإدارة الأزمات والطوارئ في دبي، لتقوم المجموعة بتخصيص مبلغ 17 مليون درهم من إرث المغفور له، بإذن الله، محمد خليفة السويدي لتصليح الأضرار التي لحقت بمنازل الأسر الإماراتية.
وبالتنسيق مع «الهلال الأحمر» الإماراتي وهيئة تنمية المجتمع بدبي تم الإعلان عن توفير غرف فندقية في فنادق المجموعة لإيواء العائلات المتضررة، حيث تمّت استضافة عدد من العائلات الإماراتية من دبي التي تضررت بيوتها في فنادق المجموعة في «الحبتور سيتي».
وأعلنت مؤسسة عبدالله الغرير (AGF) وشركة أنغليز، العام الماضي إطلاق برنامج «طلاقة»، وهو برنامج تدريبي على اللغة الإنجليزية للأعمال مصمّم خصيصاً لإعداد الإماراتيين والشباب العربي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً لتحقيق النجاح المهني في المستقبل.
ويشمل البرنامج خريجي الجامعات، والمتسربين من المدارس، والموظفين المعرضين لخطر فقدان وظائفهم بسبب الأتمتة.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز مهارات التواصل لدى الشباب الإماراتي، ومواكبة قدراتهم ومهاراتهم مع متطلبات السوق الحالية، وإعدادهم وتدريبهم لمواجهة تحديات بيئة العمل التنافسية.
ويقدم البرنامج مسارين تعليميين: اللغة الإنجليزية للأعمال، واللغة الإنجليزية العامة، وتتضمن صفوف مباشرة حية وتدريباً شاملاً وملاحظات مخصصة لإعداد الأفراد ليصبحوا متواصلين فاعلين في المجتمع باستعمال اللغة ويزدهرون في سياقات أعمال الشركات الخاصة بهم. وخلال العام الماضي، تم الإعلان عن تعاون بين «الموارد البشرية والتوطين» ومؤسسة عبد الله الغرير وشركة الغرير للاستثمار، لتوفير شهادات مهنية معترف بها دوليا لـ1500 من طلبة «كليات التقنية العليا» سنوياً و300 فرصة وظيفية سنوياً للمواطنين في سوق العمل.
وأعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين وكليات التقنية العليا إبرام تعاون مع مؤسسة عبدالله الغرير وشركة الغرير للاستثمار، ويهدف التعاون إلى تعزيز التكاملية والتنسيق بين الجهات الثلاث في مجال تأهيل وتدريب الكوادر الإماراتية، وتمكينها وتطوير مهاراتها، بما يتناسب مع المهارات المطلوبة في سوق العمل، حيث من المقرر أن يتم بموجب هذه الاتفاقية، توفير شهادات مهنية معترف بها دولياً لنحو 1500 طالب وطالبة من كليات التقنية العليا سنوياً، بما يدعم التحاقهم في مختلف القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن توفير مئات من الفرص الوظيفية، وبرامج التلمذة المهنية للمواطنين في القطاع الخاص.
فرج بن حموده: التنمية المجتمعية ركيزة أساسية للنمو
أكد فرج علي بن حموده الظاهري، رئيس مجلس إدارة شركة بن حموده، أن إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع» في دولة الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، يجسّد رؤية القيادة الرشيدة تجاه بناء مجتمع متماسك ومزدهر، ما يسهم في تعزيز الروابط داخل الأسر والمجتمع.
وأوضح أن دولة الإمارات شهدت، خلال العقود الماضية، نهضة اقتصادية وتكنولوجية كبرى، في مختلف القطاعات، حيث كانت العلاقات الإنسانية والمجتمعية ركيزة أساسية في مسيرة النمو والازدهار بالدولة، باعتبار التنمية الاجتماعية المستدامة حجر الأساس لتماسك المجتمع واستقراره.
وأكد فرج بن حموده أهمية «عام المجتمع» في إطلاق الإمكانيات والقدرات لدى الأفراد والأسر والمؤسسات عبر تطوير المهارات، ورعاية المواهب، وتشجيع الابتكار في شتى المجالات، بما يحقق نمواً شاملاً وأثراً إيجابياً مستداماً.
وأوضح أن رؤية القيادة الرشيدة في الإمارات في مجال العمل الإنساني والتنموي، متفردة وتقوم على قيم الانفتاح والتسامح، والعمل على ترسيخه قولاً وفعلاً، وهو النهج نفسه الذي صرنا عليه في مجموعة بن حموده، فيما يتعلق بالعمل الخيري والإنساني بمختلف دول العالم، من خلال بناء المساجد والمدارس والمستشفيات، والمساهمة في الكثير من الأعمال الخيرية بالعديد من دول العالم.
وفي عام 2010، تم إطلاق أول كرسي أستاذية في جامعة زايد، وهو «كرسي بن حموده في الصحة العامة» بقيمة 10 ملايين درهم، ليكون بداية لإطلاق الصندوق الوقفي في الجامعة، حيث كان الهدف الرئيسي من هذا الكرسي تعزيز البحث العلمي والدراسات في مجال الصحة العامة، وتوفير منصة للجامعة لاستقطاب نخبة من الأساتذة والباحثين العالميين المتميزين على مستوى العالم في الصحة العامة.
وقال بن حموده: خلال مسيرتنا في العمل الخيري والمجتمعي، حرصنا على توطيد التعاون مع العديد من الشركاء الإستراتيجيين، مثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وصندوق الزكاة، وصندوق الوطن، والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، ومؤسسة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وصندوق الفرج التابع لوزارة الداخلية، وجمعية دار البر في دبي، ومجمع الإحسان الطبي التابع لجمعية الإحسان بعجمان، والجمعية الخيرية بالفجيرة، وهيئة الأعمال الخيرية العالمية في عجمان.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: رؤیة القیادة الرشیدة المسؤولیة المجتمعیة العدید من المبادرات القیادة الرشیدة فی التنمیة المستدامة فی تعزیز الروابط بن زاید آل نهیان دولة الإمارات رکیزة أساسیة القطاع الخاص العمل الخیری أن الإمارات قیم التعاون عام المجتمع مسیرة النمو الإعلان عن بناء مجتمع أساسیة فی فی تحقیق فی مسیرة فی مختلف یسهم فی محمد بن فی بناء من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
الإصلاح الضريبي في سوريا يبدأ بعد عقود من المحاباة والفساد
دمشق – عانى السوريون لسنوات طويلة من النظام الضريبي الذي كان سائدا في عهد نظام بشار الأسد المخلوع، حيث صُمّم -وفقًا لرؤية العديد من الخبراء- لحماية مصالح كبار التجار ورأسمالية المحاسيب التي كانت تهيمن على البلاد؛ فأعفى النظام بذلك أصحاب الثروات المرتبطين بالسلطة من المساءلة، في حين أرهق كاهل صغار التجار والصناعيين بضرائب تُفرض دون معايير واضحة، الأمر الذي أدى إلى هجرة آلاف الصناعيين والتجار من البلاد.
وفي إطار التعامل مع هذه التركة الثقيلة، عقدت لجنة الإصلاح الضريبي، برئاسة وزير المالية السوري محمد يسر برنية، الأسبوع الماضي، أول اجتماع لها منذ الإعلان عن تشكيلها مطلع الشهر الجاري.
وأكد الوزير لوسائل الإعلام، عقب الاجتماع، أن النظام الضريبي الحالي "غير قابل للاستمرار، لأنه لا يخدم الرؤية الاقتصادية للبلاد، ولا مصالح القطاع الخاص، ولا مفهوم العدالة، فضلًا عن عدم قدرته على دعم عجلة الصناعة في البلاد".
وأوضح أن اللجنة اتفقت على المحاور الأساسية للإصلاح الضريبي، والتي تشمل تخفيض الشرائح الضريبية، وتبسيط الإجراءات، وتوحيد الضرائب.
شراكة مع القطاع الخاصوأشار برنية إلى أن الدولة حريصة على أن "تكون شريكا فاعلا للقطاع الخاص، وليست مجرد جهة جباية"، مؤكدا أن الإصلاحات الضريبية الجارية ستأخذ وقتها الكافي لتتبلور بصورة سليمة ومتوازنة، تضمن ملاءمتها لجميع الأطراف على المدى الطويل، وليس لفترة محدودة تمتد لعامين أو ثلاثة فقط.
وشدد الوزير على ضرورة تجنّب الاستعجال أو القفز على المراحل، داعيًا إلى اعتماد نهج تدريجي في بناء نظام ضريبي عصري يخدم مصلحة سوريا ويدعم عجلة الصناعة، مع السعي إلى توفير نظام واضح وشفاف يمنح المستثمر الثقة الكاملة بأنه سيخدم مصالحه.
كما أشار إلى أنه تم بالفعل إلغاء عدد من الرسوم، وهناك توجه لإلغاء المزيد من الضرائب، مع العمل على توحيد النظام الضريبي والانتقال إلى ضرائب أقل عددًا وأكثر توحيدًا.
إعلانوفي ختام تصريحاته، شدد برنية على أن سوريا ماضية نحو أن تصبح "من أكثر الدول تنافسية من حيث نظام الضرائب الحديث".
تنشيط صناعات
وفيما يتعلق بالإصلاحات الضريبية الجارية، يرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي أنها تستند إلى دراسات تهدف إلى إعادة تنشيط صناعات محلية تمتلك سوريا خبرة طويلة فيها، مثل صناعة النسيج، إلى جانب تحفيز صناعات جديدة وواعدة مثل التكنولوجيا، والتي لا تزال البلاد تفتقر إلى بنى تحتية كافية لها.
ويربط قضيماتي نجاح تعديل النظام الضريبي برؤية الحكومة وخططها الإستراتيجية، سواء على المدى المتوسط (5 سنوات) أو الطويل (10 سنوات). ويؤكد أن تخفيض الضرائب أو الرسوم يجب أن يتم وفق 3 معايير رئيسية:
حجم الإنتاج المحلي، الفترات الزمنية (المواسم). الحالة العامة للاقتصاد، بما في ذلك حجم الاستثمارات المتوقعة واحتياجات السوق المحلي من المنتجات القابلة للتصنيع الداخلي.ويشير الخبير إلى أنه كلما اقتربت البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتج معين، يمكن حينها رفع الضرائب عليه تدريجيًا، والعكس صحيح.
ويوضح أن سوريا، في الوقت الراهن، بحاجة للاستيراد، مما يتطلب ضرائب ورسومًا منخفضة، مؤكدًا ضرورة تعديل قيم تلك الضرائب بشكل دوري استنادًا إلى مراجعات منتظمة للواقع الاقتصادي.
ويضرب مثالًا بالضرائب الزراعية، التي يجب أن تتغير تبعًا للمواسم والمحاصيل، مشددًا على أن النظام الضريبي يعد ملفا شائكا يرتبط بالظروف المتغيرة بشكل مباشر.
وفيما يتعلق بالأثر المتوقع لهذه الإصلاحات على البيئة الاستثمارية والقطاع الخاص في سوريا، يشير قضيماتي إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، نظرًا لما قد تحققه من فوائد عديدة، من أبرزها تقليص الهدر في القطاع العام، وتقديم نموذج إداري فعال من خلال القطاع الخاص.
ويشدد على ضرورة الحفاظ على دور الدولة الرقابي، لا سيما فيما يخص الأسعار وتوفير المنتجات الأساسية في السوق، مؤكدًا أن هذه الشراكة تمكّن الدولة من الخروج من دور "الجباية" التقليدي، وتقي القطاع العام من الخسارة كما كان على عهد النظام المخلوع.
ويرى قضيماتي أن تطبيق هذه الشراكة مستقبلًا قد يتم من خلال تأسيس شركات قابضة يديرها القطاع الخاص بمساهمة رمزية من الدولة، مقابل منح تسهيلات ونسب من الأرباح.
وعن الحاجة لزيادة الإيرادات الحكومية وتخفيف العبء الضريبي عن المواطن في آن واحد، يرى الخبير أن تحقيق هذه المعادلة يتطلب توفر عدة معايير، في مقدمتها "انتهاء ثقافة الرشوة والمحسوبيات".
ويؤكد أنه إذا تم "ضبط الاقتصاد"، فلن تواجه الدولة عجزًا في الموازنة، خاصة أن سوريا بلد غني بالثروات الباطنية التي من شأنها أن تخفف العبء المالي، إلى جانب الشراكات مع الدول الأخرى لتمرير خطوط الغاز والنفط والاستفادة من عائداتها.
ويخلص قضيماتي إلى أن الحكومة مطالبة بزيادة إيراداتها بشكل مدروس خارج إطار ما يُعرف بالإيرادات الضريبية أو الرسوم التقليدية.