الفنيش: قيود حكومة الدبيبة تهدد مستقبل التعددية الحزبية في ليبيا
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
الفنيش: حكومة الدبيبة تفرض قيودًا أمنية ومالية تعرقل عمل الأحزاب في ليبيا
ليبيا – قال المحلل السياسي الليبي، حسام الفنيش، إن الأحزاب السياسية في ليبيا تواجه ضغوطًا متزايدة من حكومة عبد الحميد الدبيبة، أبرزها عدم التعاون معها من خلال منعها من إقامة أنشطتها في الجامعات والمؤسسات التعليمية، وفرض إجراءات أمنية تحد من نشاطها المجتمعي، إضافة إلى تعطيل صرف الدعم المالي المقرر لها رغم إقراره في اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الأحزاب.
قيود على الأنشطة الحزبية
الفنيش، وفي تصريحات خاصة لموقع “إرم نيوز”، أشار إلى أن وزارة الشباب والرياضة أصدرت خلال الفترة الماضية قرارًا بإنشاء اللجنة الوطنية للتواصل الحزبي الشباب، معتبرًا ذلك تجاوزًا واضحًا لقانون تنظيم عمل الأحزاب، فضلًا عن كونه آلية موازية تهدف إلى احتواء العمل الحزبي وتوجيهه بعيدًا عن مساره الطبيعي.
تأثيرات سلبية على المسار الديمقراطي
وأضاف أن المعوقات والتحديات المتراكمة، من منع إقامة الأنشطة الحزبية في المؤسسات التعليمية والجامعات إلى الإجراءات الأمنية المشددة، مرورًا بتعطيل الدعم المالي الذي يكفله القانون، كلها تمثل ضغوطًا متعددة الأوجه على العمل الحزبي في ليبيا.
تحذير من تهديد مستقبل الحياة السياسية
وختم الفنيش بالتأكيد على أن هذه الضغوط المركبة لا تضعف فقط الأحزاب ككيانات سياسية فاعلة، بل تقوض أيضًا آفاق بناء نظام ديمقراطي تعددي حقيقي في ليبيا، وتعرقل المسار نحو دولة القانون والمؤسسات، محذرًا من أن استمرار هذه التدخلات يمثل خطرًا حقيقيًا على مستقبل الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
هيئة بلا صوت.. من قيود الأمن إلى نبض المخيمات
في المخيم، لا تُقاس المسافات بالأمتار ضمن زواريبه وأزقته الضيقة، بل بعدد الأبواب التي تُغلق في وجهك قبل أن تسمع جوابا لمعاناة قاطنيها. وفي حياة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، كان باب الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب واحدا من تلك الأبواب التي بقيت موصدة طويلا، ليس فقط بالسلاسل والحديد، بل بصمت ثقيل وحضور باهت، وكأن المؤسسة التي وُلدت لخدمتهم قد قررت أن تحيا بعيدا عنهم ومعزولة عن احتياجاتهم اليومية.
منذ تأسيسها قبل أكثر من سبعين عاما، بقيت الهيئة عنوانا رسميا كبيرا، لكنّ صورتها في أذهان اللاجئين لم تكن يوما بحجم الاسم أو بحجم المهمة التي أُنشئت من أجلها، خاصة في السنوات الأخيرة، فقد تراكمت وطأة هذه السنوات وقساوتها وتبدلت الظروف، واشتدت الأزمات، ومعها ظلّت الهيئة أسيرة مكتبها، مغلقة الأبواب على نفسها، محاطة بجدران الإجراءات الأمنية، ومحصورة في لغة التقارير المرفوعة للأعلى أكثر من محاورة الناس في المخيمات.
الصوت الغائب
لم يكن غياب الهيئة عن الإعلام مجرد نقص في العلاقات العامة، بل كان انعكاسا لغياب الرؤية في التعامل مع اللاجئ كشريحة مخاطبة، فالمؤسسة التي تُنشأ لخدمة الناس، ثم تتحدث إليهم عبر بيانات مقتضبة إن صدرت، أو عبر وسيط، تفقد بمرور الوقت حقها في التحدث باسمهم، حتى وإن احتفظت بختمها الرسمي.
هذا الغياب الإعلامي فتح فراغا خطيرا ملأته الشائعات والمعلومات المبتورة، وأضاع على الهيئة فرصة أن تكون المرجع الرسمي الأول لكل ما يتعلق بشؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
النكبة الثانية
خلال السنوات الأخيرة، شهد فلسطينيو سوريا ما يمكن تسميته بالنكبة الثانية؛ دمار للمخيمات، تهجير إلى المنافي وموجات نزوح داخلي، فقدان البيوت ومصادر الرزق، اختفاء قسري واعتقالات وتشتت العائلات بين القارات.. كانت هذه كارثة كبرى بكل المقاييس، ليس فقط في حجم الخسارة، بل في عمق الجرح الذي تركته في الهوية والانتماء.
وفي قلب هذه المأساة، كان اللاجئون يتطلعون إلى الهيئة لتمد يد العون، أو على الأقل لتمثلهم وتحمل نتائج نكبتهم إلى كل الأوساط في هذا العالم، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام جسم أمني بامتياز مع تخبط في أجزائه الإدارية وتأرجح بين الفشل والعجز، في ظل غياب خطة واضحة للتعامل مع الأزمة.
قيود الأمن وحدود الثقة
لعل أحد أكبر أسباب هذا الانغلاق كان هيمنة البعد الأمني على إدارة الهيئة، فكانت الأولوية لإبقاء الوضع "هادئا" على الورق، حتى لو كان يغلي على الأرض، هذا المنطق جعل التواصل مع اللاجئين محكوما بالحذر المفرط، والتواصل الإعلامي محكوما بالموافقة المسبقة، وكأن الحوار مع الناس تهمة، أو كأن اللاجئ لا يستحق أن يعرف إلا ما يُختار له أن يعرفه وبالطبع لن نتحدث عن مسلكيات الفساد التي باتت معروفة.
لكن وفي كل الأحوال، العالم اليوم تغيّر، والمجتمعات أيضا تغيّرت نظرتها، واللاجئ اليوم ليس هو لاجئ الأمس، لا في وعيه، ولا في وسائله للتعبير، خاصة بعد ما جرى في سوريا.
الانفتاح.. لا التبديل الشكلي
إعادة هيكلة الهيئة وتشكيل مجلس إدارة جديد يفتحان نافذة أمل، لكنّ النافذة قد تُغلق سريعا إذا اكتفت الهيئة بتغيير الأسماء وترك النهج القديم على حاله، فالإصلاح الحقيقي يبدأ من كسر البعد الأمني كعقلية إدارة، والانتقال إلى عقلية الخدمة والتواصل. اللاجئون لا ينتظرون حفلات استقبال وزيارات شكلية أو تصريحات بروتوكولية، بل ينتظرون أن يروا الهيئة بينهم، تستمع إلى شكواهم في أزقة المخيم، لا من خلف مكاتبها.
قنوات تواصل حيّة
المطلوب اليوم ليس مجرد صفحة فيسبوك باهتة أو صندوق شكاوى يعلوه الغبار، بل شبكة قنوات تواصل حيّة، تبدأ من فرق ميدانية تتواجد بانتظام في المخيمات، وتنقل صوت الناس مباشرة إلى مجلس الإدارة، مرورا بإعلام نشط يشرح، ويجيب، وينشر الحقائق في وقتها.
على الهيئة أن تحاكي هموم اللاجئين اليومية: الإيجار، وإعادة الإعمار، التعليم، والصحة، والعمل.. إلخ، وأن تُظهر في خطابها وممارستها أنها تعرف ما يعنيه أن تكون لاجئا في هذا الزمن.
ختاما:
الهيئة التي لا تسمع ناسها، ولا تتحدث إليهم، ولا تتحرك بينهم، ولا تستجيب لمعاناتهم؛ ستبقى بلا روح مهما غيّرت في هيكلها، وقد آن الأوان أن تتحرر من جدرانها، ومن هواجس الأمن التي كبّلتها، وأن تمشي في أزقة المخيم حيث يعرف الناس أسماءها ووجوهها، لا فقط ختمها على الورق. فالقضية التي صمدت سبعة عقود لا تستحق إدارة تُغلق أبوابها، بل إدارة تعيش بين الناس، من الناس، وللناس.