عبدالغفار: الاستثمار في القطاع الصحي ضرورة لمواجهة تحديات نقص الأسرة عن المعدلات العالمية
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
شهد الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، صباح الأحد، فعاليات إطلاق المنتدى السنوي الأول لهيئة التأمين الصحي الشامل، والذي يُعقد بحضور ورعاية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، تحت شعار «الدور الريادي للقطاع الخاص في تحقيق نظم صحية شاملة ومستدامة».
وأكد الدكتور خالد عبدالغفار، ضرورة تشجيع الاستثمارات في القطاع الصحي والذي أصبح واقع تفرضه التحديات التي تواجهها مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية، بالرغم من عدم تخطي الزيادة السنوية حاجز الـ 2 مليون مولود، موضحًا أن معدلات أسرة الرعاية الصحية في مصر مازالت أقل من المعدلات العالمية، حيث تبلغ النسبة العالمية للأسرة 28 سرير لكل 10 آلاف مواطن، مقارنة بـ 12 سرير لكل 10 آلاف مواطن في مصر، ومازلنا في احتياج لتوفير آلاف الأسرة خلال السنوات القادمة.
وتحدث «عبدالغفار» عن المشروعات القومية في المجال الصحي والتي نفذتها مصر أخر 10 سنوات وبلغت 1300 مشروع، من ضمنهم 20 مشروعًا في عام 2024 بتكلفة تتخطى الـ 35 مليار جنيه في 11 محافظة، مؤكدًا دور القطاع الخاص والمجتمع المدني في دعم الاستثمارات في القطاع الصحي، لافتًا إلى القوانين والتشريعات التي عملت عليها الدولة في هذا الشأن، مثل قانون منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، ونموذج محفزات الاستثمار والذي تم اعتماده من مجلس الوزراء، مشيرًا إلى ما تحققه المنظومة الجديدة من تغطية صحية شاملة لجميع أفراد الأسرة، مقارنة بمنظومة التأمين الصحي القائمة منذ الستينات التي لم تكن تكافلية لكل أفراد الأسرة.
وأكد «عبدالغفار» دعم الحكومة المصرية لتعاون القطاع الخاص مع القطاع الحكومي للقيام بدوره بالشكل الأمثل في تحقيق هدف التغطية الصحية الشاملة، وإنجاح المنظومة الجديدة بالتعاون مع الهيئات الثلاثة للمنظومة، حيث يصعب تغطية الاحتياجات الصحية اعتمادًَا على الموازنة فقط.
ووجه نائب رئيس مجلس الوزراء الشكر لجميع القائمين على منظومة التأمين الصحي الشامل لتنظيم المنتدى السنوي الأول لهيئة التأمين الصحي الشامل، والذي يهدف إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق تغطية صحية شاملة ومستدامة، من خلال عرض أبرز الممارسات العالمية والمستقبلية في مجال التأمين الصحي الشامل، وفتح نقاشات عميقة لاستكشاف آفاق جديدة للتعاون مع القطاع الخاص.
ومن جانبه، أكد الدكتور عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية والوقائية، أهمية التعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص للاستثمار الأمثل في خدمات الرعاية الأولية، لتوفير أفضل الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في جميع المدن والقرى والمناطق النائية داخل جميع محافظات الجمهورية، كما أكد ضرورة الاستثمار في زيادة الطاقة الاستيعابية من الأسرة سواء بالاستثمار في منشآت جديدة أو القائمة حاليًا، لافتًا إلى النجاحات والإنجازات التي تحققها مصر في مجال الرعاية الصحية منذ قديم الأزل.
وفي كلمتها، أكدت الدكتورة هالة السعيد مستشار رئيس الجمهورية للشئون الاقتصادية، أن القطاع الصحي يمثل أحد أهداف التنمية المستدامة ويُنظر إليه كركيزة أساسية لتحقيق باقي الأهداف، باعتبار الصحة المحرك للتنمية والنمو الاقتصادي وتحسين جودة ورفاهية المجتمع، قائلة: «إن الإنفاق على القطاع الصحي هو إنفاق استثماري ومحرك طويل الأجل» مشيرة إلى أن قضية النهوض بالقطاع الصحي تمثل أولوية قصوى للدولة المصرية، مع أهمية تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الخدمات الصحية والدوائية وفقًا للقوانين واللوائح، موضحة أن منظومة التأمين الصحي الشامل تعد تحقيقًا لالتزام دستوري، ومبدأها الأساسي هو التضامن والتشاركية بين شرائح الدولة المختلفة، كما أكدت أن الاستثمار في الصحة هو استثمار في رأس المال البشري، والصحة الجيدة تعني الاستفادة من الطاقة البشرية في تحقيق التنمية.
وفي كلمته، أكد الدكتور نعمة عابد ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر، أن التغطية الصحية الشاملة هي حجر الزاوية في التنمية المستدامة وحق أساسي من حقوق الإنسان، يضمن حصول جميع الأفراد والمجتمعات على الخدمات الصحية التي يحتاجونها دون المعاناة من صعوبات مالية، لافتًا إلى أهمية المنتدى في استكشاف مسارات مبتكرة لتحقيق هذا الهدف في مصر، مع التركيز على الدور الحاسم للاستثمارات والشراكات الخاصة، لافتًا إلى أن مصر خطت خطوات كبيرة في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وجودتها، لا سيما من خلال التنفيذ التدريجي لإصلاح التأمين الصحي الشامل، مؤكدًا أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في تعزيز الابتكار والكفاءة.
ومن جانبه، قال الدكتور إيهاب أبو عيش نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، إن مصر حققت إنجازات ملموسة في القطاع الصحي على مدار السنوات الماضية وصولًا إلى إطلاق نظام التأمين الصحي الشامل القائم على التكافل والاستدامة المالية والحوكمة الرشيدة، مشيرًا إلى الاهتمام والمتابعة الدقيقة المستمرة للمنظومة من جانب القيادة السياسية، موضحا أن الظروف والتغيرات التي تمر بها دول العالم تفرض تحقيق أقصى استفادة، لضمان تحقيق التغطية الصحية بكفاءة لجميع المواطنين، مؤكدًا أن المنتدى يعد استكمالًا للجهود السابقة والحالية لتطوير أسس التعاون طويل الأمد القائم على تحقيق المصالح المشتركة بالمنظومة الصحية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التأمین الصحی الشامل فی القطاع الصحی القطاع الخاص مجلس الوزراء الاستثمار فی لافت ا إلى رئیس مجلس تحقیق ا
إقرأ أيضاً:
الديون الخطر الصامت الذي يهدد استقرار الأُسر.. ومختصون يؤكدون لـ"الرؤية" ضرورة تحقيق التوازن بين استرداد الحقوق وصون كرامة المدين
◄ مطالبات بإيجاد حلول ميسرة للسداد والتفرقة بين المتعثرين والمتلاعبين
◄ الشامسية: غياب التخطيط المالي من أبرز أسباب تراكم الديون
◄ العذالي: النظرة المجتمعية السائدة تجاه المدين قاسية وتزيد من أعبائه النفسية
◄ السناني: يجب توفير أدوات قانونية تمكّن المدين من السداد دون تهديد استقراره الاجتماعي والنفسي
الرؤية- سارة العبرية
اتفق عدد من المواطنين والمختصين على أنَّ تصاعد أعباء الديون الشخصية لا ينعكس فقط على الحسابات المصرفية؛ بل يترك ندوبًا نفسية واجتماعية عميقة، قد تبدأ بالقلق وتنتهي بانهيار استقرار الأسرة وفقدان الثقة بالنفس. وأكدوا -في تصريحات لـ"الرؤية"- أنَّ غياب التوازن القانوني وضعف الوعي المالي، وتضييق فرص التسوية، عوامل تُفاقم أزمة المدين وتستدعي مُراجعة عاجلة للمنظومة التشريعية والداعمة.
وقالت حمدة بنت سعيد الشامسية كاتبة ومستشارة مالية ومُؤسسة شركة إيسار للاستشارات المالية والإدارية، إنَّ من أبرز الأخطاء المالية التي يقع فيها الأفراد، والتي تؤدي إلى تراكم ديون يصعب سدادها، اعتماد الشباب على القروض الشخصية لتغطية نفقات استهلاكية مثل الزواج أو السفر أو شراء السيارات، مشيرة إلى أنَّ بعض الأفراد يلجؤون إلى الإنفاق العاطفي أو الاندفاعي كوسيلة للهروب من الضغط النفسي أو التوتر، وأنَّ غياب التخطيط المالي يُعد من أبرز الأسباب؛ كما إن الأشخاص الذين يمتلكون خطة مالية واضحة للدخل والمصروفات قلة قليلة ممن التقت بهم، وأن عدداً كبيراً من المواطنين يعتمدون على مصادر تمويل متعددة، مثل القروض وبطاقات الائتمان، ما يؤدي إلى تراكم الأعباء عليهم ويجعل عملية المتابعة والسداد أكثر تعقيدًا.
وعن العلاقة بين الدَّين والصحة النفسية، ذكرت الشامسية أنَّ العديد من الدراسات الحديثة تُؤكد وجود ارتباط مباشر بين تراكم الديون وتدهور الصحة النفسية، موضحة أنَّ أبرز هذه التأثيرات تشمل انخفاض تقدير الذات، والشعور بالذنب والخجل، والقلق المزمن؛ بل قد تصل إلى اضطرابات جسدية مثل الصداع ومشاكل النوم والقلب والهضم، كما أنَّ الضغوط المالية تؤدي كذلك إلى توتر العلاقات الزوجية والعائلية، وقد تُؤثر على الأداء المهني والاجتماعي، وأنَّ تخفيف أعباء الديون يُسهم في تحسين القدرات المعرفية واتخاذ القرارات بشكل أفضل، بحسب ما أثبتته الدراسات الحديثة.
وفيما يتعلق باستعادة السيطرة المالية، أكدت الشامسية أنَّ الطريق ليس مسدودًا كما يظن البعض؛ فالحلول مُمكنة إذا ما تمَّ اتباع خطة واضحة تشمل تحديد أنواع الديون وترتيب أولويات السداد وتخصيص مبلغ شهري ثابت، إلى جانب تعديل نمط الحياة وخفض الإنفاق غير الضروري، مؤكدة أن الدعم النفسي يشكل عنصرًا أساسيًا في معالجة المشكلة، وأن مجال المالية السلوكية الذي تعمل فيه يجمع بين المبادئ المالية وعلم النفس، من خلال تطبيق العلاج السلوكي المعرفي لإعادة برمجة المعتقدات السلبية حول المال، وتقليل مشاعر العجز والعار".
كما نصحت بأهمية الحصول على دعم عائلي أو مهني من مستشارين ماليين ونفسيين لتعزيز الإحساس بالمسؤولية وتجاوز العزلة، مؤكدة أهمية دمج الجانب النفسي في خُطط التعافي المالي.
وفي تقييمها للوعي المالي في سلطنة عُمان، ذكرت الشامسية أن مسحًا أجراه المركز الوطني للإحصاء والمعلومات كشف أن ثمانية من كل عشرة عُمانيين يؤمنون بأهمية الادخار، لكن 82% يعزون عجزهم عن الادخار إلى تدني الدخل أو أعباء الديون، لافتة إلى أن هذا التفاوت بين القناعة والسلوك يعكس حاجة المجتمع إلى وعي عملي وسلوكي، وأنَّ 4 فقط من كل 10 أشخاص يسجلون دخلهم ونفقاتهم، وهو ما يُشير إلى قصور في تطبيق المهارات المالية الأساسية.
من جانبه، أوضح حمد بن عبدالله العذالي مدير مدرسة خاصة، أنَّه مرَّ بتجربة صعبة مع الديون أثرت على حياته النفسية والاجتماعية، مشيرا إلى أنَّ الديون ليست مجرد التزامات مالية؛ بل شعور ثقيل يلازم الإنسان صباحًا ومساءً، ويقيّد قراراته اليومية.
وقال إنِّه وضع خطة بسيطة لإعادة ترتيب التزاماته، وبدأ بسداد ديونه تدريجيًا حسب الأولويات، مع الحرص على الحفاظ على توازنه النفسي والتواصل مع أشخاص مقرّبين ممن يثق بهم، مؤكدًا أنَّ الدعم العاطفي كان له أثر كبير في تخفيف العبء، وأن التجربة رغم أنها كانت مريرة إلا أنها منحته وعياً أعمق بأهمية الإدارة المالية والرضا بما يمتلك، بعيدًا عن الانسياق وراء الضغوط الاجتماعية.
وعن أسباب الاستدانة، قال العذالي إنها متعددة ولا يمكن حصرها في عامل واحد، لافتًا إلى أن بعضها يعود إلى ظروف طارئة خارجة عن الإرادة، مثل المرض أو فقدان مصدر الدخل، بينما يرتبط البعض الآخر بضعف الوعي المالي، والخلط بين الرغبة والحاجة، أو الانجراف خلف الضغوط والمظاهر الاجتماعية، كما أنَّ العروض التسويقية المُستمرة للقروض والتسهيلات تُغري كثيرين دون أن يخططوا لكيفية السداد أو لتأثيرها على المدى البعيد.
وانتقد العذالي النظرة المجتمعية السائدة تجاه من يعانون من الديون، مشيرًا إلى أنَّ المجتمع غالبًا ما يصدر أحكامًا قاسية على المدين، ويتعامل معه كمن أخطأ أو تهوّر دون محاولة لفهم أسبابه، منوهاً إلى أن هذه النظرة تزيد من العبء النفسي وتدفع البعض إلى الانعزال أو حتى اتخاذ قرارات خاطئة للهروب من الواقع.
ونصح من يمرّون بتجربة الديون، قائلاً: "لا تنظر إلى نفسك نظرة دونية، ولا تسمح للديون أن تسلبك ثقتك بنفسك أو إيمانك بقدراتك، واجه الأمر بهدوء، وابدأ بخطوة بسيطة، لا تتردد في طلب المُساعدة، وتذكّر أنَّ المقارنة بالآخرين لا تخدمك، فلكل إنسان رحلته وظروفه.
وقال خميس بن مسلم البوسعيدي إنِّه حصل على قرض مالي بهدف بدء حياة جديدة، ولمقابلة تكاليف الزواج الأساسية وتمويل أولى خطواته في عالم التجارة، سعيًا منه لتحقيق الاستقرار الأسري والنمو المهني والمالي على المدى البعيد، موضحا أنَّ قراره بالاقتراض جاء بعد دراسة مستفيضة للخيارات المتاحة، مدفوعًا بإيمان راسخ بأهمية الاستثمار في المستقبل الشخصي، وأنَّ ما كان يسعى إليه هو حياة كريمة ومستقرة.
وعن آثار الدين على حالته النفسية والجسدية، أشار البوسعيدي إلى أن ضغوط الحياة وارتفاع التكاليف حالا دون وفائه بجميع الالتزامات كما كان يأمل، ما أدى إلى تراكم الأعباء المالية والنفسية بشكل كبير، مضيفا أنه بدأ يعاني من الإرهاق المستمر والتفكير المفرط، مما أثر على توازنه العام وأدى إلى إصابته بارتفاع في ضغط الدم، وأنَّ ذلك انعكس سلبًا على صحته النفسية والجسدية معًا.
وفي وصفه لأصعب المواقف التي مر بها، كشف البوسعيدي أن أقسى لحظة في حياته كانت عندما زُجّ به في السجن بسبب تراكم الديون، مشيراً إلى أن السجن لم يكن السجن الألم الأكبر، بل كان عندما شاهده أطفاله أثناء القبض عليه ونظراتهم المنكسرة. وأوضح أن ديونه كانت نتيجة ظروف خارجة عن إرادته، ومع مرور الوقت تضاعفت حتى بات غير قادر على سدادها.
وعن نظرة المجتمع، أشار البوسعيدي إلى أنَّ كثيرًا من الناس ينظرون للمدين كأنَّه فاشل أو متهور أو غير مسؤول، مؤكدًا أنَّ هذه النظرة تُضاعف من العبء النفسي وتزيد من العزلة، رغم أن الدين في أحيان كثيرة ليس خيارًا بل ضرورة قاسية فرضتها الحياة. وفيما يتعلق بالقرارات المالية التي سيتجنبها، قال البوسعيدي: إنه لو عاد به الزمن لتجنب الاقتراض دون خطة واقعية للسداد، والاندفاع في مشروع دون دراسة كافية، والاعتماد على وعود الآخرين، والخوف من الاعتراف بالعجز، والسعي خلف المظاهر بدلًا من الواقعية.
وطالب البوسعيدي المؤسسات المالية والاجتماعية بأن تفرق بين المتعثر والمتلاعب، ومعاملة الأول بإنصاف ورحمة، وتوفير حلول واقعية وجداول سداد ميسّرة، وإنشاء جهات تُنصت بدل أن تُجرّم، مطالباً الجهات المسؤولة بحماية أسر المتعثرين، وعدم تحميل الزوجة والأطفال ذنبًا لا علاقة لهم به.
من جهته، قال المحامي نصر بن حمود السناني إن عملية تنفيذ الأحكام تُعد أساسية لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الدائنين، إلا أنَّ الواقع العملي كشف عن تحديات قانونية تُلقي بظلالها السلبية على المدينين، وخاصة من كانت نيتهم حسنة، موضحا أن أبرز هذه التحديات تتمثل في غياب التوازن بين طرفي العلاقة، ما قد يؤدي إلى إفلاس المدين بسبب ديون بسيطة، تُفضي به في بعض الأحيان إلى السجن، رغم أنّ هذا الحبس قد لا يُحقق فائدة فعلية للدائن؛ بل يُفاقم من المشكلة.
وأشار إلى أنَّ العديد من المدينين لا يتهربون من السداد، وإنما تعترضهم صعوبات مالية طارئة، كالإصابة بمرض أو فقدان مصدر الدخل، مما يجعلهم غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم، مؤكداً أن المطلوب هو توفير أدوات قانونية تمكّن المدين من السداد دون المساس باستقراره النفسي أو الاجتماعي، وليس تقييد حقوق الدائن.
وبيّن السناني أن من أبرز الثغرات القانونية الاعتماد على وسائل إلكترونية لإبلاغ المدين بوجود تنفيذ ضده، مثل رقم الهاتف أو البريد الإلكتروني، أو حتى النشر في الصحف اليومية، وهي وسائل قد لا تضمن تحقق العلم الفعلي، مما يُؤدي إلى تصعيد الإجراءات دون علمه، وقد يُفاجأ بإلقاء القبض عليه دون سابق إنذار، مضيفا أن القانون وإن كان قد أعفى المدين المعسر من الحبس، إلا أنه وضع شروطًا صارمة لإثبات الإعسار، مما يجعل الوصول إلى هذا الإعفاء أمرًا معقدًا وغير ميسّر للكثيرين.
وفيما يتعلق بتجاوزات بعض الجهات الدائنة أو شركات التحصيل، أوضح السناني أن بعض هذه الجهات تطالب بمبالغ تتجاوز أصل الدين، وتستغل جهل المدين بالقانون عبر تقديم مستندات أو اتفاقات مجحفة، بل قد تلجأ إلى التلاعب بالأرقام، أو تأخير المطالبة عمدًا لزيادة الفوائد المُتراكمة، لافتا إلى أنَّ بعض العقود تتضمن شروطًا تعسفية تُفرض على المدين دون منحه الوقت الكافي لفهم بنودها، مستغلين حاجة المدين أو اضطراره، ما يضعه في موقف تفاوضي ضعيف، كما أنَّ هناك ممارسات أخرى تُخالف القانون بشكل صريح، مثل التهديد بالتشهير أو إفشاء معلومات عن ديون المدين لأطراف خارجية، وهو ما يُعد انتهاكًا للخصوصية، ويُفاقم حالته النفسية ويضر بسمعته.
وقال السناني إن القانون العُماني يوفّر حماية لكرامة المدين وأسرته، مشيرًا إلى أنه لا يجوز التنفيذ على المنزل الذي يسكن فيه المدين مع عائلته، ولا على الحاجات الأساسية كالملابس والفراش، مبينا أن هناك حالات قانونية يمكن أن تُخفف فيها الأحكام إذا توافر ما يُعرف بالظروف المخففة أو "نظرة إلى ميسرة"، والتي تتيح إمهال المدين لفترة زمنية لسداد ما عليه. كما أشار إلى وجود مساحة قانونية للتسوية والصلح في مختلف مراحل المطالبة، سواء كانت ودية أو قضائية أو تنفيذية.
وأكد أن للقضاة دورًا مهمًا في مراعاة ظروف المدين، من خلال السلطة التقديرية التي تُخول لهم تخفيف الأثر القانوني على الطرف الأضعف، خاصة إذا كان سبب العجز ناتجًا عن ظروف قهرية مثل الفصل من العمل أو الإفلاس، مشددا على أن القوانين تحتاج إلى مراجعة دورية لتواكب الواقع المتغير، وأن الغاية من التنفيذ هي استيفاء الحق وليس الحبس أو تقييد الحرية فقط.