بوابة الوفد:
2025-05-21@13:45:32 GMT

فى وداع مصطفى بيومي

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

كُنت أراه كعصفور برى يُنقّر كل صباح فروع شائخة لشجرة عتيقة، بصبر وإناة ورضا، يرسم جمالاً ساحراً، وسحراً جميلاً.

مُصطفى بيومى الذى سبقنا إلى الضفة الأخرى كان مُبدعا فريداً، وإنساناً رائعاً، لا ينشغل سوى بالكتابة والتأمل، يتحاشى جلسات النميمة، ويعتزل شلل الثقافة مُكرسًا جل وقته لصناعة قيمة تبقى خالدة ونافعة لأجيال أخرى تأتى خلفنا، وفق سُنن الحياة.

أنتج الكاتب الموسوعى أكثر من ثمانين كتاباً تحكى لنا كُل شىء فى الأدب المصرى، شخوصا، وأعمالًا، وموضوعات، حتى تكاد تتعرف على التاريخ غير المدون للمصريين من خلال دراساته وكتبه القيمة. استأثر نجيب محفوظ وحده بكتب عديدة كتبها الراحل الجميل عنه لنتعرف منها عن رأيه فى كرة القدم، الأحزاب المصرية، التوجهات السياسية، الحكام، الموسيقى والطرب، العمل الوظيفى، هموم الناس، الدين والتدين، وغيرها.

عرفت الرجل إبان مشروعه العظيم الصادر فى سلسلة كتب صغيرة لرد الاعتبار لرواد الاستثمار قبل ثورة يوليو من أمثال السيد ياسين، وسمعان صيدناوى، ومحمود أبو الفتح، وروزاليوسف. خطفتنى الفكرة بتفردها، فتابعتها وأصررت على التعرف على المؤلف ومناقشته. كان مصطفى بيومى وقتها يعمل مستشارا ثقافيا للدكتور محمود محيى الدين، عندما كان وزيرا للإستثمار، وبدت لى فكرته الأساسية بأن مصر لديها تراث تاريخى عظيم من التعددية وحرية الاقتصاد والفكر قبيل ثورة يوليو، وأن هذا التراث قابل للبعث مرة أخرى.

لفت نظرى وقتها بساطة المؤلف وتواضعه وحرصه الشديد على القيمة والإتقان واهتمامه بالابداع، وتبادلنا الكتب وتصادقنا لنتشاور فيما نكتب، ونتحاور بشأن الأفكار والنصوص سعيا إلى الأجمل والأفضل. ومن هُنا قرأت مسودات معظم أعماله الابداعية قبل نشرها، وبالمثل قرأ أعمالى بمحبة واهتمام وصدق؟.

ورغم مرضه الذى طال ومعاناته التى امتدت لسنواته الأخيرة ظل ناصع البياض طيبة ونقاء، وحمل طاقة إبداع وكتابة رائعة لم تفتر أبدا. ورغم هموم، ومشكلات جمة، وأحزان وطنية ومجتمعية، ومحن وصعاب، واصل المقاومة بقلمه مُعتزا بكرامة المبدع الحقيقى، ومنتصرا بالاستغناء النقى.

انتصر مشروعه الفكرى والنقدى لقيم التسامح، والتعددية، وقبول الآخر، ورفض التدين الشكلى، المظهرى، الانتهازى، المُسيس، ونبذ الاستبداد السياسى، والفردية، واستعلاء الحكام على المحكومين، ولا يُمكن أن ننسى عبارته الأثيرة بأننا نعيش منذ ولدنا فى ظل حالة طوارئ لا تنقضى أبدا.

رأى أن جمال عبدالناصر، وزمنه، ورجاله، وسياساته أوقفوا صعود المجتمع المدنى المصرى، وردوه إلى عصور وسطى من نفاق السلطة، والانتهازية، والاتجار بالدين.

لم ينل مصطفى بيومى التكريم المستحق من مؤسسات الدولة، ولم يحظى الرجل بالمساندة والدعم المفترض من صروح الثقافة وكياناتها، وهو الذى مزج التاريخ بالأدب ليستقرئ لنا سمات الشخصية المصرية وتطورها من عصر إلى عصر. لم يُحقق الرجل ثروة مالية تفى بحياة هانئة ورعاية صحية جيدة وهو الذى جنت دور نشر عديدة عائدات ضخمة من توزيع مؤلفاته.

بدا الرجل راضياً بمقولة فولتير الشهيرة «لا تحزن إن لم تنل ما تستحق من تقدير.. فيكفيك أنك تستحق»، ليواصل إبداعاته مبتسماً وسعيداً بمحبة الناس واحترامهم.

وفى وداعه بكى المحبون، وترحموا عليه، وأعادوا نشر ما كتب. فما مات مَن كتب جميلًا.

والله أعلم

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد

إقرأ أيضاً:

ثورة تكنولوجية.. ابتكار جهاز عصبي يحاكي عمل الدماغ البشري

طور مهندسون في جامعة RMIT الأسترالية جهازاً عصبياً صناعياً متقدماً قادرًا على محاكاة وظائف الدماغ البشري، حيث يستطيع التعرف على حركات اليد، تخزين الذكريات، ومعالجة البيانات المرئية في الوقت الفعلي، مما يعد نقلة نوعية في مجالات الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة وأنظمة التفاعل البشري.

قاد البروفيسور سوميت واليا، رئيس مركز المواد والمستشعرات البصرية الإلكترونية، نتائج البحث التي نشرت في مجلة Advanced Materials Technologies، فريق البحث الذي استخدم مادة فائقة الرقة من ثنائي كبريتيد الموليبدينوم (MoS₂)، وهي مادة تلتقط الضوء وتحوله إلى إشارات كهربائية مشابهة لتلك التي تصدرها الخلايا العصبية في الدماغ. يعمل الجهاز بطريقة تشبه الدماغ، حيث يخزن الإشارات ويطلق نبضات عند تراكمها، مما يمكنه من الاستجابة الفورية للتغيرات المحيطة دون استهلاك كبير للطاقة أو وقت المعالجة.

وأوضح البروفيسور واليا أن الجهاز “يحاكي قدرة العين على التقاط الضوء وقدرة الدماغ على معالجة المعلومات البصرية، مما يجعله يشعر بالتغيرات البيئية فوراً ويكوّن ذكريات دون الحاجة إلى كم هائل من البيانات أو الطاقة.”

خضع الجهاز لاختبارات أظهر فيها دقة 75% في التعرف على الصور الثابتة بعد 15 دورة تدريب، و80% في المهام الديناميكية بعد 60 دورة، كما تمكن من اكتشاف حركة اليد عبر تقنية الإدراك الكنتوري، مما يقلل الحاجة لمعالجة كل إطار على حدة ويوفر الطاقة. هذه “الذكريات” المخزنة تجعله أقرب إلى طريقة عمل الدماغ البشري.

ويؤكد الباحثون أن لهذه الأنظمة العصبية الصناعية إمكانات كبيرة في تطوير تقنيات ذكية موفرة للطاقة، وقال أحد مؤلفي الدراسة، الحوراني، إن “التقنية تسمح للروبوتات بالتعرف على سلوك الإنسان بسرعة ودقة، وهو أمر بالغ الأهمية في البيئات الصناعية والمنزلية عند العمل بجانب البشر.”

وأشار واليا إلى أن “الجهاز يعمل بطريقة تماثلية تشبه الدماغ على عكس الأنظمة الرقمية التي تستهلك طاقة عالية لمعالجة البيانات، ما يجعله مثالياً لتنفيذ مهام في الوقت الحقيقي، خصوصًا في المركبات الذاتية القيادة حيث رد الفعل السريع أمر حاسم لإنقاذ الحياة.”

كما يتفوق الجهاز على الأنظمة السابقة التي تعتمد على الأشعة فوق البنفسجية، إذ يعمل في الطيف المرئي ويدعم إعادة ضبط الذاكرة لمهام جديدة، مما يفتح المجال أمام تطبيقات معقدة مثل الرؤية بالأشعة تحت الحمراء لمراقبة الانبعاثات والكشف عن السموم.

واختتم واليا بالقول: “نعتبر هذا العمل مكملًا للحوسبة التقليدية وليس بديلاً عنها، حيث تقدم التقنية العصبية ميزات في معالجة البيانات المرئية مع كفاءة طاقة ومعالجة فورية ضرورية.”

مقالات مشابهة

  • تحرير الخرطوم
  • ثورة في إنقاص الوزن.. طعامك قد يكون الدواء الجديد!
  • بيومي فؤاد يوضح موقفه بعد الخلاف مع أحمد العوضي: سوء تفاهم فقط
  • مش عايز يشتغل معايا.. بيومي فؤاد يعلق على خلافه مع أحمد العوضي
  • وداعًا لجنون أسعار الخضروات والفواكه في تركيا
  • ثورة في ريال مدريد بعد وصول ألونسو
  • جزيئات النانو تُحدث ثورة في تشخيص وعلاج سرطان الثدي
  • فرحة وزغاريد ببورسعيد في وداع حجاج بيت الله الحرام
  • ثورة تكنولوجية.. ابتكار جهاز عصبي يحاكي عمل الدماغ البشري
  • عدن ‎أبين ‎لحج.. ثورة اللقمة