د. منى سليمان
باحث أول ومحاضر فى العلوم السياسية

القاهرة (زمان التركية)ــ أدى الرئيس الأمريكي المنتخب عن الحزب الجمهوري “دونالد ترامب” (78عام) اليمين الدستورية يوم 20 يناير 2025 ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، وذلك في ظل ترقب داخلي ودولي لتنفيذ وعوده الإنتخابية التي ستمثل إنقلابا في السياسات الأمريكية، حيث يعبر فوزه عن تصاعد التيار الشعبوي واليمين الأمريكي، وستختلف ولايته الحالية عن السابقة، حيث سيعمل “ترامب”على إعلاء المصالح الأمريكية عبر شعاره “أمريكا أولاً” وعودة “العصر الذهبي لأمريكا” لاسيما بعد اكتسابه خبرات سياسية خلال الفترة الماضية انعكست على شخصيته وقراراته وخطابه السياسي، وهو ما سيؤدي لتغييرات جذرية في السياسات الأمريكية بالشرق الأوسط وبحلفائه في المنطقة ومنها تركيا التي رحب رئيسها “رجب طيب أردوغان” بعودة “ترامب” للبيت الأبيض متأملا معالجة الخلافات بين أنقرة وواشنطن خلال ولايته الثانية، لاسيما وأن تولى “ترامب” منصبه تزامن مع سقوط النظام السوري السابق في 8 ديسمبر 2024، وسيطرة “هيئة تحرير الشام” على السلطة بدمشق بدعم تركي واضح، وهو ما وصفه “ترامب” بأن “مفتاح سوريا بيد تركيا” وهي جملة قصيرة تلخص الأمر الواقع ببلاد الشام، وتؤكد أن الملف السوري سيكون أبرز المحددات المستقبلية لتطور العلاقات التركية الأمريكية خاصة مع انسحاب القوات الامريكية من سوريا حيث تسعى أنقرة لملء الفراغ الأمريكي سياسيا وعسكريا مما يتيح لها الفرصة للقضاء على التنظيمات الكردية ووأد أي محاولة لإنشاء كيان كردي إنفصالي أو نظام حكم “فيدرالي” بسوريا، مما يحافظ على أمنها القومي ويعزز مكانة تركيا الإقليمية.



أولا: الملف السوري كمحدد للعلاقات التركية الأمريكية:

أصبحت التطورات السورية تتصدر المشهد الإقليمي، وقد أوضح “ترامب” موقفه من الملف السوري ككل حيث يدعم انسحاب القوات الأمريكية منها (يختلف عددها بين 900-2000 جندي)، بيد أن هذا لا ينفي تدخل واشنطن مرة آخرى بسوريا ربما تنفذ هجمات جوية استباقية حال عاد نشاط تنظيم “داعش” مرة آخرى، كما أن إسرائيل ستضغط على واشنطن للاستمرار في سوريا لمنع تمدد النفوذ التركي بها عبر إنشاء قواعد عسكرية تركيا ستعمل على ملىء الفراغ العسكري الأمريكي والسياسي في سوريا وهذا سيؤدي لتعزيز مكانتها الإقليمية وجعلها الفاعل الإقليمي الرئيسي بسوريا، ولذا سيكون الموقف الأمريكي من الملف السوري هو محدد هام لتطور العلاقات التركية الأمريكية خلال فترة “ترامب”، وهناك ملفين بارزين في ذلك هما:
1- الجدل حول الدعم الأمريكي “لقسد”:
قوات “سوريا الديمقراطية- قسد” نشأت عام 2015 تتكون من (قوات كردية هي “وحدات حماية الشعب” وعناصر من “حزب العمال الكردستاني”) تصنف أنقرة التنظيمين كتنظيمات إرهابية كما انضمن لها (فصائل عربية وتركمانية ومسيحية مسلحة) وقوانها 60 الف عنصر مسلح تتبع الإدارة الذاتية الكردية بشمال شرق سوريا وتسيطر على ربع مساحة سوريا في محافظات (الحسكة، دير الزور، الرقة، حلب)، تلقت تلك القوات دعم لوجيستي أمريكي منذ نشأتها لأنها كانت حليفة لواشنطن في محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي (2014-2019) وكان لها الفضل في هزيمته، ثم شيدت مخيمات وسجون لعناصره المتبقية والمقدرة حاليا بأكثر من (50) ألف عنصر وأسرهم تحرسهم قوات “قسد”، ويعد مستقبل “قسد” والإدارة الذاتية الكردية بسوريا نقطة الخلاف الرئيسية بين أنقرة وواشنطن في الملف السوري.
-إصرار تركي للقضاء على “قسد”: لا تعترف أنقرة بقوات “قسد” وتصنفها كتنظيمات إرهابية كما تصنف قائدها الجنرال الكردي “مظلوم عبدي” كإرهابي وتطالب إلقاء القبض عليه ومحاكمته، وتتبع أنقرة اتجاهين في التعامل معها الأول السياسي عبر حث واشنطن وقف الدعم الأمريكي لها ولحزب العمال الكردستاني، وقد أعرب وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” في 2 فبراير 2025، عن أمله في أن ينهي “ترامب” تعاون واشنطن مع “وحدات حماية الشعب” الكردية في سوريا، وأوضح أن الأخيرة غير قادرة على قتال تنظيم “داعش” الإرهابي، وكشف عن محادثات بين (تركيا، العراق، سوريا والأردن) لتفعيل التعاون الأمني الإقليمي لقتال “داعش”، والثاني مسار عسكري حيث تستمر في قصف جوي لمواقع ومعسكرات “قسد” في سوريا ومواقع “حزب العمال الكردستاني” في شمال سوريا والعراق، كما شنت أنقرة عمليات عسكرية على مناطق الإدارة الذاتية الكردية منذ عام 2016 هي (“درع الفرات” عام 2016، “غصن الزيتون” 2018، “نبع السلام” 2019) بالاشتراك مع “الجيش السوري الحر” التابع لفصائل المعارضة المسلحة السورية أسفرت عن احتلال تركيا لعدد من مدن شمال سوريا (تل أبيض، عين عيسى، عفرين)، ومنذ سقوط “الأسد” تستمر الاشتباكات العنيفة بين القوات التركية ومعها فصائل “الجيش الوطني السوري” الموالي لأنقرة، وبين “قسد” على محور شرق حلب، وأيضاً الاستهدافات التركية لمواقع «قسد» في شمال شرقي سوريا، شملت قصف تركي في محيط “سد تشرين” بريف حلب الشرقي، وفي المقابل، استهدفت مسيرات “قسد” عناصر للفصائل الموالية لتركيا في محيط السد، وأعلنت وزارة الدفاع التركية في 2 فبراير 2025 عن مقتل 23 مسلح كردي شمال سوريا، حيث تصر تركيا على إنشاء قاعدة عسكرية في (سد قره قوزاق) الواقع بين مدينتي عين العرب ومنبج شرق حلب لقطع الطريق البري بينهم ومهاجمة قوات “قسد” بهما، والتحكم في السدود المائية والأمن المائي السوري في تلك المنطقة وهو ما ترفضة “قسد”.
-تلويح “قسد” للتعامل مع إسرائيل: أمام التقارير التي تشير لانسحاب القوات الامريكية من سوريا (2000) جندي حذر قائد “قسد” “مظلوم عبدي” من تأثير ذلك على القوات الكردية، ونظرا لقلة عدد القوات الارميكية فإن تأثيرها الفعلي لا يذكر، بيد أن لها تأثير ضمني ورمزي على وجود عسكري أمريكي يدعم “قسد” وربما يستمر هذا الدعم بعد انسحاب تلك القوات، وفي مطلع فبراير 2025 حذرت الرئيسة المشتركة للعلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية “إلهام أحمد” من أن محاولات السيطرة على سوريا تحت قيادة شخص واحد وعدم منح الصلاحات للأطراف الأخرى سيؤدي إلى حرب أهلية، معتبرة أن لإسرائيل دوراً مهماً في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ولوحت بالحوار مع إسرائيل وهو ما يثير مخاوف أنقرة، حيث ينتظر الأكراد من اسرائيل التأثير على الكونجرس الأمريكي وفريق “ترامب” لمنع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ومنع تركيا من شن هجمات عسكرية جديدة على مدينة (عين العرب، كوباني) الكردية نظرا لمكانتها المقدسة عند الأكراد، وهو ما دفع قائد قوات “قسد” “مظلوم عبدي” للتأكيد على التصدي لأي هجوم تركي ضدها، كما تطالب ألمانيا وفرنسا بضمان حقوق الأكراد في سوريا وعدم شن هجمات تركية جديدة ضدهم وإيجاد حل سياسي يضمن دمجهم في الادارة الجديدة لسوريا، في المقابل أكدت أنقرة على قدرة الإدارة السورية الجديدة قادرة على تأمين سجون عناصر “داعش” وأسرهم، ليفند مزاعم “قسد” حول المخاطر الأمنية لهروب هؤلاء السجناء حال تم شن هجمات تركية جديدة ضدها.

– إنقسام أمريكي حول “قسد”: المتابع للموقف الأمريكي يجد أن إدارة “ترامب” منقسمة بشأن استمرار الدعم الأمريكي للأكراد حيث يرى “ترامب” نفسه بأنه “لا داع للانشغال بالشأن السوري أو الكردي”، بينما يرى فريقه ومستشاريه وحزبه ضرورة استمرار الدعم الأمريكي للأكراد لأنه حلفاء ضد محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، ونفت واشنطن سعيها بناء قاعدة عسكرية في مدينة عين العرب الواقعة شرق نهر الفرات وتسيطر عليها “قسد” بعد نقل معدات عسكرية لها انشاء قاعدة للقوات الأمريكية، بينما تواصل “قسد” تعزيز قواتها داخل المدينة للتصدي لأي هجوم تركي عليها، كانت “قسد” انسحبت من منبج باتفاق امريكي تركي بعد سقوط الأسد وسلمت المدينة للإدارة السورية الجديدة. وجدير بالذكر، أن الإدارة الامريكية الحالية تضم أكبر عدد من حلفاء وأصدقاء الأكراد، وأبرزهم وزير الخارجية الأمريكي الحالي “ماركو روبيو” له عدد من المواقف المناهضة لتركيا والمؤيدة لاستمرار الدعم الأمريكي لقوات “قسد” والأكراد بشكل عام، ويوصف “روبيو” بأنه من “أصدقاء الكورد بإدارة ترامب” حيث التقى برئيس وزراء إقليم كردستان العراق “مسرور بارزاني” بمايكل والتز خلال وزار عاصمة الإقليم آربيل أكثر من مرة، ويدعو “لصوغ استراتيجية أمريكية لدعم الأكراد”، و”مورغان أورتاغوس” الذي يدعو لحماية الأكراد، تم تعيينه نائب للممثل الأمريكي الخاص بالشرق الأوسط في إدارة “ترامب”، كما دعا السيناتور الجمهوري عضو مجلس الشيوخ الأمريكي “ليندسي غراهام” الذي دعا “ترامب” للضغط على أنقرة لوقف مهاجمة القوات الكوردية في سوريا، لأن ذلك سيؤدي لهروب عناصر “داعش” من السجون التي تديرها “قسد” ويقدر عدد السجناء بنحو (50,000) سجين، وانتقد في 4 فبراير 2025 السيناتور الديمقراطي “فان هولن” “انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا سيكون خطأ، لأن الكورد عنصر أساسي في منع عودة تنظيم “داعش”.
بيد أن هناك رأى آخر يرجح استمرار الدعم الأمريكي لقوات “قسد” حيث تعتبرها حليف لها و”جيش رديف” على الأرض ستتضاعف أهميته مع انسحاب القوات الأمريكية المزمع من سوريا، وهو ما كشف عنه مستشار سابق في البنتاجون اللواء الأمريكي المتقاعد “دوغلاس ماكجريجور” حيث أوضح في مطلع فبراير 2025 أن واشنطن ستعزز دعمها لعناصر حزب “العمال الكردستاني” الكردي و”وحدات حماية الشعب الكردية” في سوريا، وسيتم تدريبهم على يد خبراء عسكريين أمريكيين ومدهم بأسلحة أمريكية، كما نقلت واشنطن (80 مدرعة، وعدد من الأسلحة الثقيلة وبطاريات المدفعية والمركبات المدرعة وناقلات الوقود) إلى قاعدة “خراب الجير” شمال الحسكة بسوريا جاءت من العراق برا.
2-إدارة المرحلة الانتقالية بسوريا:
غداة سقوط نظام “الأسد” في 8 ديسمبر 2024، أجرى وزير الدفاع التركي “يشار جولر” محادثة هاتفية بنظيره الأمريكي آنذاك “لويد أوستن” لبحث الوضع السوري، وبعد تولي “ترامب” طالبت أنقرة برفع العقوبات الدولية عن سوريا وهو أمر لن يتحقق دون موافقة أمريكية، حيث تهدف أنقرة للإفراج عن الأموال السورية المجمدة بالبنوك الأوروبية والأمريكية لتمويل عمليات إعادة الاعمار التي ستشرف عليها شركات تركية، وأكدت أنقرة رفضها لتنفيذ أي حكم “فيدرالي” في سوريا لمنع منح الأكراد في الإدارة الذاتية السورية الصفة الدستورية، كما تعمل أنقرة على ضمان اعتراف ودعم دولي وإقليمي للإدارة السورية الجديد خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما ترحب به واشنطن حيث ترى أان تمدد النفوذ التركي في سوريا سيكون بديلا عن النفوذ الإيراني، وأنقرة حليفة لواشنطن وعضو بحلف شمال الأطلسي “الناتو” ولذا فهي مرحب بها وستعمل “كوسيط” و”ضامن” بين الإدارة الجديدة في دمشق وبين واشنطن، لتضمن وجود حكم مدني دستوري يحافظ على حقوق المواطنين والأقليات والمرأة ويضمن حرية الرأي والتعبير، وهو أمر سيحتاج الى بعض الوقت لتحقيقه، وسيكون ذلك اختبار لقدرة أنقرة على دعم “هيئة تحرير الشام” في إدارة المرحلة الانتقالية بسوريا التي ربما تمتد لأربع سنوات قادمة، وأوضح وزير الخارجية الأمريكي “مايكل روبيو” في جلسة الاستماع في لجنة العلاقات الخارجية الخاصة بتعيينه وزير للخارجية إمكانية رفع العقوبات عن دمشق لتصبح دولة مستقرة وليست تهديد إرهابي لدول الجوار وفق دستور يحترم الأقليات الدينية، ومنع عودة إيران للتحكم فيها، وأكد ضرورة استمرار دعم واشنطن “لقسد” نظرا لأنهم حلفاء في هزيمة “داعش” الإرهابي، بدورها أوضحت الإدارة الجديدة بدمشق أنها لا ترغب في وجود بيئة صراع في سوريا خلال المرحلة الانتقالية وتتفاوض مع “قسد” على إلقاء أسلحتها بالطرق السلمية والاندماج في الجيش الموحّد، في المقابل تركيا لن تسمح بوجود قوات “قسد” على حدودها الجنوبية.
ولذا فإن التوجهات الأمريكية المقبلة في سوريا ستكون المحدد الأهم في مسار العلاقات التركية الأمريكية خلال ولاية “ترامب” الثانية، ورغم موقف “ترامب” المعلن حول عزمه “ترك الملف السوري بيد تركيا” إلا أنه لن يفعل ذلك بناء على توصيات من مستشاريه ولحماية قواته وحقول النفط بسوريا كما ستدفع تل أبيب واشنطن بالبقاء في سوريا لأن الإنسحاب الأمريكي العسكري والسياسي منها سيخلف فراغ استراتيجي سيخلف صراع بين القوى الإقليمية لشغله، وسيؤثر على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ككل وحال أقدم “ترامب” على الانسحاب بالفعل فان “أردوغان” سيكون مقبل على تقديم تنازلات استراتيجية له في ملفات آخرى.

ثانيا: قضايا التوافق بين أنقرة وواشنطن:

هناك عدد كبير من الملفات التوافقية بين أنقرة وواشنطن سيعمل “أردوغان” على تعظيمها وتوظيفها لتعزيز التعاون بين الدولتين خلال ولاية “ترامب” ومنها:
1- الإرتقاء بالعلاقات الثنائية:
أوضح “أردوغان” بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية “لقد فاز دونالد ترامب وأجريتُ معه مكالمة هاتفية، وأتطلع لتحسين العلاقات بين أنقرة وواشنطن الذي سيتم خلال الاجتماعات الدولية، وأمل بأن يبدأ مسار جديد ومختلف في العلاقات بين الدولتين”، وأكد أن تركيا بحكم موقعها الاستراتيجي وقوتها البشرية ستقدم لواشنطن فرص استثمارية جيدة لزيادة حجم التجارة والاستثمار بينهم وبدأ التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، حيث تعد تركيا دولة استراتيجية لواشنطن بالشرق الأوسط، بعدد سكانها البالغ (85 مليون نسمة)، تتحكم في الوصول إلى البحر الأسود وتعتبر قوة إقليمية مهمة تمتد نفوذها من آسيا الوسطى لأفريقيا والدول العربية، وأكدت أنقرة جاهزيتها للتعامل مع إدارة “ترامب” على أساس التفاهم القائم على الحوار الاستراتيجي، وأكد وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” “أن العلاقة بين تركيا وأمريكا تقوم على “علاقات استراتيجية من دولة إلى دولة” دون النظر عن الحزب الحاكم أو توجهاته، بيد أن هذا لا يمنع تأثير توجهات وشخصية “ترامب” على مستقبل العلاقات التركية الامريكية لاسيما في الملفات الاستراتيجية (الملف السوري، التقارب التركي الروسي، العلاقات التركية الإسرائيلية، رفع العقوبات عن تركيا)، وأوضح أن التوقعات التركية من الولايات المتحدة تشمل، الحرص المتبادل على أمن كل من البلدين وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في جميع المجالات والتنسيق المشترك لحل القضايا الإقليمية التي تهم تركيا، وأوضح فيدان أن “عدم مراعاة الولايات المتحدة بشكل كافٍ لحساسيات تركيا الأمنية” في سوريا والعراق، وانعكاس ذلك بممارسات خاطئة على الأرض، أدى إلى أزمة ثقة بين الولايات المتحدة وتركيا.
وخلال ولاية “ترامب” ستقل حدة الانتقادات الأمريكية لتراجع حالة حقوق الإنسان في تركيا والملاحقات القضائية بحق السياسيين المعارضين والاعتقالات المنظمة للصحفيين وحملات إعتقال رؤساء البلديات الأكراد، لأن “ترامب” لا يركز على الأبعاد الديمقراطية بقدر تحقيق المصالح الإستراتيجية لبلاده.
2-اتفاقية التجارة الحرة:
تنتظر تركيا توقيع اتفاقية تجارة حرة مع واشنطن وتعزيز التبادل التجاري بينهم البالغ 30 مليار دولار، ليصل إلى ( 100 مليار دولار) سنيوا وهو الهدف المعلن لأنقرة وواشنطن، لاسيما وأن واشنطن أصبحت ثاني أكبر مستورد من تركيا، بينما احتلت الأخيرة المرتبة الخامسة في قائمة أكثر الدول الموردة لتركيا.
3- دعم إنضمام تركيا للإتحاد الأوربي:
تؤكد تركيا استمرار مساعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي الذي أوقف التفاضو معها اعتراضا على تراجع عمليات حقوق الانسان فيها، وتدعم واشنطن عادة الموقف التركي في الانضمام للاتحاد، الذي يسعى لدوره لتعزيز تعاونه الإقليمي وشراكاته المتعددة لمواجهة الإجراءات الاقتصادية التي سيفرضها “ترامب” عليه والتي ربما تؤدي “لحرب اقتصادية”، وهنا سيرز أهمية الدور التركي فيمكن “لترامب” الضغط على الاتحاد لقبول عضوية أنقرة، ويمكن للاتحاد الأوروبي من جهة آخرى تعزيز تعاونه الاقتصادي مع تركيا لمواجهة إجراءات “ترامب” وهو ما سيحقق مصالح للطرفين.
وهذا ينطبق على التعاون الاقتصادي والعسكري، حيث يسعى الاتحاد الأوربي لتحقيق “الاستقلال الاستراتيجي” العسكري بعيدا عن “الناتو” الذي تسيطر عليه واشنطن، وذلك عبر تعزيز الصناعات الدفاعية، وإنشاء مظلة نووية جديدة وهيكل قيادة خاص، وتسعى بروكسل لبناء شراكة عسكرية وثيقة مع أنقرة التي حققت تقدم في الصناعة الدفاعية خلال العقد الماضي، من خلال بناء “المسيرات” (الطائرات بدون طيار)، وقد حققت الشراكة التركية الأوروبية في مشروعات “درع السماء الأوروبية”، وتطوير مقاتلات “يوروفايتر”، نجاحا كبيرا يمكن أن يتكرر مرة آخرى، وهو ما سيعزز مكانة تركيا داخل الاتحاد ومع الولايات المتحدة التي ستسعى لإستقطابها بعيدا عن بروكسل.

4- التعاون داخل حلف “الناتو”:
تعد تركيا من دول “الناتو” التي تنفق أكثر من (5%) من موازنتها على الصناعات الدفاعية، وهو ما طلبه “ترامب”، ولديها استعداد لرفع تلك النسبة وهو ما سيعمل على تعزيز التعاون بين أنقرة وواشنطن داخل الحلف، لاسيما وأن تركيا تملك ثاني أكبر جيش بالحلف ولها صناعات دفاعية متطورة يمكن للحلف الاستفادة منها، كما أن عزوف واشنطن عن المشاركة بفاعلية كبيرة لدعم الحلف سيمثل فرصة لأنقرة لتعزيز نشاطها داخل الحلف ونشر قواتها في عدد من الدول الصغيرة بشرق وشمال أوروبا كبديل للقوات الأمريكية، كما أن تركيا لها تواجد عسكري ممتد من البحر الأسود، و سوريا والشرق الأوسط وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى، وهي مناطق صراع محتمل بين “الناتو” وروسيا أو الصين ولذا سيحتاج الحلف تعزيز تواجده فيها ويمكنه الاستفادة من تركيا في ذلك.
5- دعم دور تركيا الإقليمي:
خلال العامين الماضيين عززت تركيا من دورها الإقليمي عبر تحقيق مصالحات مع كافة الدول العربية، ونجاح وساطتها في عدد من الملفات الصراعية، كان آخرها في ديسمبر 2024 عبر “إعلان أنقرة” الذي أدى لحل النزاع بين الصومال وإثيوبيا وهو ما رحبت به واشنطن، كما نجحت أنقرة في تعزيز نفوذها بالقرن الافريقي وآسيا الوسطى، وهو ما دعمته واشنطن ضمنيا، حيث تشجع الاخيرة تركيا أحيانا لتعمل “وكيل” لواشنطن للتحرك في عدد من الملفات التي لا تنشغل بها الأخيرة بيد أن ذلك سيكون معرض للتنافس بينهم حال رأى “ترامب” التحرك بنفسه في تلك الملفات، أو حال تعارضت المصالح الاستراتيجية في دوائر السياسة الخارجية التركية والأمريكية، كما أن تعزيز مكانة تركيا بالشرق الأوسط لاسيما في سوريا والعراق ولبنان لملء الفراغ الاستراتيجي الناجم عن هزيمة الأذرع الإيرانية في الدول الثلاث هو ما سيؤدي لأن تصبح تركيا “وكيل” لواشنطن في تلك الدول، وهذا لا يتوافق مع مواقف بعض القوى العربية التي كانت تعترض على المدد الإيراني الإقليمي عبر دعم الميليشيات الشيعية في الدول الثلاث وستعترض تلك القوى العريبة على دور تركي إقليمي مضاعف مستقبلا.

ثالثا: القضايا الخلافية:

1- رفع العقوبات الأمريكية عن تركيا:
دعا “فيدان” الإدارة الأمريكية الجديدة لإزالة العقوبات المفروضة على أنقرة، وفي مقدمتها عقوبات “كاتسا”، بما يتيح إطلاق الإمكانات الكاملة للتعاون بين تركيا والولايات المتحدة، حيث رضت واشنطن عقوبات بموجب قانون (كاتس) (CAATSA) على تركيا بعد إبرامها صفقة مع روسيا لشراء (منظومة صواريخ S-400 )، وسيتم رفع العقوبات في حالتين تعهد أنقرة بعدم استخدام المنظومة الروسية لأنها عضو بحلف “الناتو” أو رفض استكمال الصفقة، ووفق نظام العقوبات الحالي على تركيا لا يمكن “لترامب” رفع تلك العقوبات دون موافقة الكونجرس الأمريكي، وسيكون على أنقرة تقديم تنازلات من أجل رفعها، جدير بالذكر أن “ترامب” هو من فرض عقوبات أمريكية لأول مرة على تركيا عام 2019 بعد شن أنقرة عملية “نبع السلام” على شمال شرق سوريا ضد قوات “قسد” حليف واشنطن، وهدد “ترامب” بتدمير الاقتصاد التركي ومنذ ذلك الحين تتراجع معدلاته، كما علق مشاركة تركيا في برنامج المقاتلة الأمريكية (إف 35) وفرض زيادة في الرسوم على واردات الصلب التركية بنسبة (50%).
2-الدعم الأمريكي لقبرص واليونان:
تعد واشنطن من أكبر حلفاء اليونان وقبرص وتسعى الثانية للإنضمام لحلف “الناتو” وهو ما تعترض عليه تركيا ويعد محل جدل بينها وبين واشنطن التي تؤيد انضمام قبرص للحلف كما دعمت انضمام اليونان له من قبل في الخمسينيات من القرن الماضي، وتعترض أنقرة على الدعم السياسي والعسكري الأمريكي المستمر للدولتين، حيث انتقدت شراء قبرص صفقة أسلحة أمريكية في يناير 2025، ومن المتوقع أن يواصل “ترامب” سياسة أسلافه بدعم اليونان وقبرص سياسيا وعسكريا لاسيما في ظل دعوات أممية متكررة بضرورة إيجاد حل نهائي للأزمة القبرصية وتوحيد الجزيرة المنقسمة وهو ما تحول دونه المواقف التركية المتشددة المؤيدة لقبرص الشمالية منذ خمس عقود بعد التدخل العسكري التركي لدعم شمال قبرص وإنشاء “جمهورية قبرص” الانفصالية ذات الأغلبية التركية والتي لا يعترف بها أي دولة بالعالم سوى تركيا، حيث ترى واشنطن أن تعزيز التعاون مع اليونان وقبرص يعزز مكانتها في شرق المتوسط في ظل السياسات التركية الاستقلالية التي تتخذها أنقرة لاسيما بعد تقاربها مع روسيا.
3-توتر العلاقات التركية الإسرائيلية:
أدى الدعم التركي للقضية الفلسطينية بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، الى توتر العلاقات التركية الإسرائيلية بعد عامين من تحسنها، ورهنت أنقرة أكثر من مرة تطور علاقاتها مع تل أبيب بناء على موقف الأخيرة من القضية الفلسطينية، كما أعلنت أنقرة وقف التبادل التجاري مع إسرائيل في يناير 2024، ودعت لتعليق التعاون العسكري بين تل أبيب وحلف “الناتو”، وانضمت للدعوة القضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل وتقود تحالف دولي حاليا من (52) دولة في الأمم المتحدة للمطالبة بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، كما اعترضت تركيا مؤخرا على خطة “ترامب” لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لأي دولة آخرى مما ضاعف التوتر بين الثلاثي (أنقرة، تل أبيب، واشنطن)، في المقابل عرضت إسرائيل عرضت منذ سقوط “الأسد” تقديم الدعم للأكراد والدروز في سوريا وألمحت عضو المكتب السياسي للإدارة الذاتية “إلهام أحمد” عن إمكانية قبول ذلك لحماية الأكراد من الهجمات التركية المحتملة ضدهم، وتوظيف إسرائيل للأزمة الكردية يأتي في ظل سياستها لدعم الأقليات ويعد “تهديد للأمن القومي” التركي ويعد رد على الدعم التركي للقضية الفلسطينية منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر 2023.
وبالطبع فإن “ترامب” يعترض على توتر العلاقات بين اثنين من حلفاء واشنطن بالشرق الأوسط وسيمارس الضغوط على انقرة لعودة العلاقات مع تل أببي، وهذا رغم الاقتناع بأن السياسة الخارجية التركية هي “براجماتية” ويرغب “أردوغان” من إظهار تعاطفه ودعمه للقضية الفلسطينية في حشد المزيد من الشعبية له داخليا وتعزز مكانته الإقليمية، إلا أنه على المدى القصير والمتوسط ربما تتضرر العلاقات التركية الإسرائيلية حال استمر التوتر الحالي بينهم، وسينعكس ذلك سلبا على العلاقات التركية الأمريكية.

 

4-التعاون بين تركيا وروسيا:
على مدى العقد الماضي نسججت تركيا وروسيا علاقات قائمة على المنافع المتبادلة حققت نوع من “التعاون الاستراتيجي” بينهم كان نقطة الانطلاق فيها هو الاتفاق حول الملف السوري عام 2017، حيث منحت أنقرة لروسيا حق بناء محطة نووية لدولة في حلف “الناتو” وقامت بشراء صواريخ (اس 400) منها لأول مرة مما آثار انتقادات الحلف، كما تضاعف التبادل التجاري بين أنقرة وموسكو، واستقبلت الأولى عشرات رجال الأعمال بعد الحرب الروسية الأوكرانية، فضلا عن تعزيز التعاون في مجال نقل الطاقة عبر تفعيل ممر “السيل التركي” لنقل الغاز الروسي للدول الأوروبية، كما تسعى أنقرة للانضمام لمنظمة “شنغهاي للتعاون” وتجمع “بريكس” اللذان تقودوهما روسيا مع الصين، وهو ما اعترض عليه “الناتو” أيضا.
ولذا سيكون استمرار التعاون الاستراتيجي التركي الروسي محل نقاش خلال ولاية “ترامب” وسيكون على “أردوغان” التخلي عن “التوازن” في سياسته الخارجية واختيار قطب دولي للاصطفاف معه، حيث هدد “ترامب” بفرض عقوبات وضرائب جمركية عنيفة على روسيا والدولة الشريكة ما لم يتم التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ومن تلك الدول تركيا التي تعد أحد أكبر الشركاء التجاريين لروسيا وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا 68.1 مليار دولار سنويا عام 2022، وكانت تركيا ثالث أكبر دولة تجارة مع روسيا عام 2023، فحال فرض عقوبات اقتصادية على روسيا ستكون تركيا اكثر الدول المتضررة منها.
من جهة آخرى تتفق واشنطن وأنقرة على ضرورة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية حيث توسطت أنقرة بين موسكو وكييف واستضافت إحدى جولات المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول مارس 2022، وطرحت استمرار وساطتها وقدمت دعم عسكري ومساعدات إنسانية لأوكرانيا رغم تعاونها الاستراتيجي مع روسيا.

 

خلاصة القول، أن إدارة “ترامب” تقدم فرص وتحديات لتطوير العلاقات التركية الأمريكية ففي ظل توتر العلاقات بين أنقرة وموسكو يمكن “لترامب” إنهاء التعاون الاستراتيجي بينهم من خلال التقارب مع أنقرة وإنهاء الملفات الخلافية بين أنقرة وواشنطن لاسيما حول التعامل مع قوات “قسد” بسوريا، بيد أن هناك عدد من التحديات في المقابل ومنها إدارة الملف السوري والتقارب الأمريكي اليوناني والدور التركي الإقليمي المتزايد لاسيما في سوريا، ولذا على “أردوغان” أن يقنع “ترامب” بأن الدور التركي الإقليمي بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى سيحد من نفوذ إيران وسيحقق مصالح واشنطن في تلك الأقاليم، وهو ما يمكن أن يعزز التعاون الأمريكي التركي خلال السنوات الأربع المقبلة.

Tags: اردوغان وترامبتركيا وسورياقسدولاية ترامب الثانية

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: اردوغان وترامب تركيا وسوريا قسد ولاية ترامب الثانية العلاقات الترکیة الإسرائیلیة العلاقات الترکیة الأمریکیة انسحاب القوات الأمریکیة استمرار الدعم الأمریکی المرحلة الانتقالیة العمال الکردستانی بین أنقرة وواشنطن الولایات المتحدة التبادل التجاری الخارجیة الترکی الإدارة الذاتیة توتر العلاقات تعزیز التعاون بالشرق الأوسط وزیر الخارجیة الملف السوری العلاقات بین رفع العقوبات خلال ولایة فی المقابل أنقرة على بین ترکیا فبرایر 2025 واشنطن فی لاسیما فی من الملف فی سوریا مع روسیا شمال شرق من سوریا تل أبیب أکثر من ترکی فی وهو ما کما أن بید أن عدد من فی تلک

إقرأ أيضاً:

خطه ضرب إيران وضعت نوفمبر 2024 .. الجيش الأمريكي أسقط صواريخ متجهة نحو إسرائيل

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن عملية "الأسد الصاعد" ضد إيران، التي نفذت في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، كان مخطط لها منذ أبريل الماضي للتنفيذ إلا أن ظروفا عملياتية حالت دون ذلك في حينه.
وكشف نتنياهو، في بيان متلفز إلى الرأي العام الإسرائيلي بث قبل قليل، عن أن التخطيط للعملية تم منذ ستة أشهر عقب اغتيال زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، وقال إنه "منذ ستة أشهر صدرت التعليمات لرؤساء الأجهزة الأمنية المختصة بالتحضير لضرب إيران ووضع الخطه التنفيذيه لذلك".

وأضاف أنه "أعطى أوامره في نوفمبر 2024 باستهداف وإنهاء برنامج إيران النووي، حيث تولدت القناعة أنه بعد القضاء على المحور المدعوم إيرانيا في المنطقة، وفي مقدمته حزب الله ستقدم إيران على تسريع برنامجها النووي، وهو ما قامت به بالفعل".


فيما ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن الرئيس دونالد ترامب دخل البيت الأبيض، ولديه تعهد بإنهاء الحروب حول العالم، لكن جهوده لإبرام اتفاق نووي مع إيران يبدو أنها دفعت إسرائيل لبدء حرب جديدة، مشيرة إلى أن الجيش الأمريكي ساعد اليوم في إسقاط صواريخ إيرانية متجهة نحو إسرائيل.

ويجري مبعوث البيت الأبيض مفاوضات منذ أشهر مع القادة الإيرانيين في محاولة لفرض قيود على برنامجهم النووي على الرغم من الاعتراضات الشديدة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد أعلن ترامب أن اتفاقا مع إيران سيكون أفضل من "عنف لم يره الناس من قبل". لكن الدبلوماسية "عالية المخاطر"، كانت دائما تحتوي على نقطة ضعف واضحة في جوهرها: /إذا أرادت إسرائيل عرقلة المحادثات، فكل ما تحتاجه هو مهاجمة إيران نفسها.
وقالت: بعد خمسة أشهر من ولاية ثانية لترامب، بدأت بمحاولته أن يكون صانع سلام والاتحاد، يضطرب الشرق الأوسط بصراع جديد لا نهاية للعنف في أوكرانيا في الأفق. وسرعان ما انجرفت واشنطن إلى القتال الجديد، حيث بذلت جهودا للدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية المضادة بينما تشاور ترامب مع فريقه للأمن القومي.
واضافت الصحيفة أن ترامب جرى إبلاغه بخطط إسرائيل لضرب إيران، ولا يبدو أنه سعى لثني نتنياهو عن الهجوم، وعلى الرغم من أن ترامب حث إيران على مواصلة التفاوض أو مواجهة المزيد من الهجمات الإسرائيلية، إلا أن آفاق التوصل إلى اتفاق بدت أبعد من أي وقت مضى.

واعتمدت المفاوضات السابقة جزئيا على تأكيدات أمريكية موثوقة بأن واشنطن ستلجم إسرائيل وتضمن السلام، والآن، كما أشار ترامب، فإن بعض القادة الذين كانت الولايات المتحدة تحاول التوصل إلى اتفاق معهم قد ماتوا.
وقالت إيلي جيرانمايه، خبيرة في الشأن الإيراني بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "ضربات إسرائيل غير المسبوقة في أنحاء إيران الليلة الماضية؛ صُممت لتقويض فرص الرئيس ترامب في إبرام صفقة لاحتواء البرنامج النووي الإيراني".


وبدا الرئيس ترامب وكأنه يحاول استعادة "السردية" /الجمعة/، على الرغم من أنه بدا وكأنه لم يقدم شيئا يذكر من شأنه أن يدفع إيران إلى طاولة المفاوضات.

وقال متحدث باسم ويتكوف إن محادثات الغد مع إيران في عمان لا تزال في موعدها، على الرغم من صعوبة تخيل أن الاجتماع سيعقد في ظل حرب شاملة تلوح في الأفق.

ونبهت روزماري كيلانيك، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز "ديفينس براوريتيز" للأبحاث - الذي يدعو إلى نهج أكثر تقييداً للمشاركة العسكرية الأمريكية - إلى خطورة "تدمير مصداقية" الولايات المتحدة في المفاوضات مع إيران وربما في المفاوضات مع دول أخرى.. وقالت: "ما قيمة تعهد أمريكي إذا لم يتمكن من كبح جماح إسرائيل؟"
لم يبذل ترامب ولا كبار مساعديه محاولات علنية اليوم /الجمعة/؛ لكبح جماح إسرائيل عن شن المزيد من الضربات، على الرغم من أن وزير الخارجية ماركو روبيو سعى - أول أمس - إلى إبعاد واشنطن عن "المجهود الحربي".. قائلاً إن إسرائيل تصرفت بمفردها.

وقال محللون إن الرسائل المتضاربة من غير المرجح أن تكون قوية بما يكفي لوقف هجمات إسرائيل أو إقناع إيران بعدم ضرب المصالح الأمريكية في المنطقة وجر واشنطن أعمق في الحرب.. "لقد كان ترامب في بعض الأحيان على خلاف مع نفسه".

بينما قال جوناثان بانيكوف، المسئول الاستخباراتي الأمريكي الرفيع السابق ومدير مبادرة "سكوكروفت" لأمن الشرق الأوسط في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي: "الرئيس ترامب أراد الدبلوماسية بالتأكيد. أعتقد أنه أراد حقاً أن يحاول إبرام صفقة. أعتقد أنه بدأ يتضح أيضاً أن ذلك لن يحدث ببساطة"، مضيفا "لم يكن هناك أي احتمال - على الإطلاق - أن يكون الإيرانيون مستعدين للتخلي عن التخصيب وحقهم في التخصيب، كما زعموا. وأعتقد أن هذا كان محركاً حقيقياً هنا في كيفية تعامله مع هذا الأمر.. لا أعتقد أن نتنياهو كان ليتمكن من المضي قدماً في هذا دون موافقة الولايات المتحدة على الأقل، أعتقد أنه من الواضح أن ذلك حدث".

وأوضحت "واشنطن بوست" أن قبول حرب إسرائيلية ضد إيران سيكون خروجاً عن خطاب ترامب الانتخابي، وكذلك عن بعض تصرفاته خلال الأشهر الأولى من إدارته؛ فقد تعهد ترامب - خلال حملته الانتخابية - بإنهاء الحروب وإخراج الولايات المتحدة من "التورطات الأجنبية"، وخلال حدث انتخابي في سبتمبر الماضي، قال: "سنعيد الاستقرار بسرعة إلى الشرق الأوسط، وسنعيد السلام إلى العالم".
 

طباعة شارك إيران إسرائيل الجيش الأمريكي نتنياهو

مقالات مشابهة

  • أردوغان يبلغ ترامب استعداد تركيا لمنع التصعيد بين إيران وإسرائيل
  • إعلان تأسيس مجلس الأعمال الأمريكي السوري في واشنطن
  • حادثة غريبة في ولاية أنطاليا التركية “صور”
  • الجيش الإيراني يعلن إسقاط مقاتلة “إف 35 ” صهيونية
  • وزيرة العلاقات مع البرلمان تستقبل وفد “البرلاسان”
  • خطه ضرب إيران وضعت نوفمبر 2024 .. الجيش الأمريكي أسقط صواريخ متجهة نحو إسرائيل
  • زلزال يضرب ولاية أدرنة التركية
  • ترامب يدعو إسرائيل لعدم ضرب إيران مع “قرب” التوصل لاتفاق نووي
  • ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي
  • حظر تجول في سبوكين وسط احتجاجات ضد الهجرة تمتد لعدد من المدن الأمريكية | تفاصيل