الحب والبغض: “مسافة الأمان بينهما”
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
#الحب و #الحب والبغض: “مسافة الأمان بينهما”
يُقال في الموروث الشعبي “بين الحب والبغض شعرة”، وهي عبارة تختزل في كلماتها القليلة فلسفة إنسانية عميقة تصف تقلب المشاعر البشرية، وتناقضاتها، وحدودها الهشة. فكم من محبة انقلبت فجأة إلى كراهية عارمة؟ وكم من خصومة تحولت إلى مودة راسخة؟ هل هي هشاشة في العاطفة؟ أم طبيعة متجذرة في الإنسان؟
في فلسفة المشاعر، لا يُنظر إلى الحب والبغض كمجرد مشاعر متعارضة، بل كقوتين متداخلتين تنبثقان من نفس الجذر العاطفي.
يقول الفيلسوف الألماني “فريدريك نيتشه”: “من يحب بقوة يكره بقوة”. وهذه العبارة تضيء جانبًا خفيًا في النفس البشرية، فالحب لا يكون قويًا إلا حينما يلامس جوهر الكينونة، وكذلك الكره، لا ينبع من فراغ، بل غالبًا ما يكون نتيجة خيبة في علاقة كنا نتوقع منها الكثير. لذا فالألم الذي يخلفه الحبيب، لا يشبه أي ألم، لأنه يأتي من أقرب الناس إلى القلب.
مقالات ذات صلةوعلى الصعيد النفسي، يشير علماء النفس إلى أن التقلب بين الحب والبغض، لا يدل على ضعف في الشخصية، بل على حساسية وجدانية عالية. الإنسان بطبعه كائن معقد، يحمل داخله طيفًا واسعًا من المشاعر، قد تتنافر أحيانًا، لكنها تشكل في مجموعها هويته الشعورية.
أما مجتمعيًا، فتتقاطع هذه الثنائية في العلاقات اليومية: صداقة تنهار بسبب سوء فهم، أو خصومة تنتهي بتسامح. وفي العلاقات الزوجية خاصة، يتجلى هذا التداخل بوضوح. فكثير من حالات الطلاق، لا تحدث بسبب فقدان الحب، بل بسبب تراكم الجراح التي لم تجد طريقها للشفاء. والعكس صحيح، فقد تعود العلاقة أقوى بعد خلاف حاد، لأن الألم أزاح الأقنعة، وفتح المجال للصدق.
لكن ما الذي يجعل هذه الشعرة الدقيقة تنقطع؟ وهل يمكن حمايتها من التمزق؟ الجواب يكمن في الوعي. عندما نعي أن مشاعرنا قابلة للتقلب، وأن الآخر ليس دائمًا كما نتخيله، نصبح أكثر مرونة، وأقل تطرفًا. فنترك للحب أن يكون ناضجًا، لا عاطفة متهورة، وللكره أن يُضبط بالعقل لا أن ينفلت كوحش غاضب.
وفي نهاية المطاف، تظل هذه “الشعرة” رمزية. لا يمكننا الإمساك بها، لكنها تذكرنا بأن أجمل العلاقات وأصعبها، تتطلب وعيًا عاطفيًا، وصبرًا فلسفيًا، وقلبًا يعرف كيف يحب دون أن يغفل حدود الوجع.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
يرقات من الريف
في لحظة الإشراق تستنير الحياة بوجهها المضيء في الكون البديع كحديقة سماوية فيها تغاريد الطيور تتمايل عذوبة وإنشاد.
وصوت السماء يهمس للأرض لتهطل الأمطار وتجري الأنهار كأنها تروي لنا أسرار الحياة لتلتقي الأرواح بالخيال ويمتزج الإبداع بالجمال فتنبض القلوب رقة وصفاء وتختلط المشاعر بالشعاع ويشرق الابتسام فرحا في الآفاق .
إنها ثورة تحدثها المشاعر والغريزة بهجة لترتشف من نهرها الحاني لتسقي الأرواح في الأبدان وتنبت بذور الأمل في الأمنيات وتخضر الصحاري المجدبة في النفوس من جفاف الأحزان حياة الأرياف نكهة تروي إبداعها في مذاق الطبيعة .
خرجت هايدي مع كلبها الصغير مثل طفلة تطير مع فراشات الأنهار مفعم ومليء بالسعادة مع هذا الإشراق تريد أن تنعم بمذاق خاص من فراولة الحقل فالحصاد قادم بعد أيام . لكن الصدفة كانت بمثابة مسرحية أحد أبطالها عازف برائعة بيتهوفن يشدو بها في هذا الصباح من ناي مزج العذوبة بقطر الندى دواء ترتشفه القلوب حساء لتبرؤا منه العلل والإنصات يصغي نحو الهوى حتى جاذبت الأنفس فطرة واختلطت المشاعر بالأنفاس في شهيقها لتحدث رجفة ترتج لها القلوب وتنتفض منها الأبدان ، إنه ذاك الشاب الوسيم كاتب قصاصته بحروف الإثارة والإعجاب في ليلة عيد الميلاد ، إنها أحاسيس دغدغت مشاعرها المرهفة لتزيد حروف أوراقه الملقاة يقينا أن هذا الماهر الماكر عزفا بقراءة نغماته وألحانه من هذا النأي النحيل المظلم في دواخله المستنير في عذوبة ألحانه ليطرب الأشجان عنوة لها وقع ، يضمد جراحًا لم تندمل في نفسها ، إنه عازف يعد النغم بأنامله لمن يرعاه الهوى في مراعي الإعجاب ليقع صيدا ثمينا في شباك الغريزة لينتشل حبها الغريق في بحار وليم الذي رممت الأرض عظامه ولن يعود ، كان كاري يتفنن في الغوص بعذوبة الشدو ليغوص في أعماقها لينتزع من أصدافها لآلئ عقدها المتدلي في هواء قلبها ليقبله ويضعه تاجا على رأسه ، إنها لحظات صدود وهمي تراجعت إلى الوراء قليلًا ، فالغرباء نكرة يجعلون الحياء يستتر خلف الأهداب ، التفت إليها وقد احمرت وجنتاها وفضح هذا الاحمرار تساقط شيء مثل ماء النبيذ من خديها إنها سخونة الشعور تتصبب عرقا عندما تبدي الإعجاب لمن يوافق هواك بخجل .
شدها الارتباك بعد أن أمعن نظراته في عيونها إلى الوراء مسكت ثوبها المتلألئ وشدته حول خصرها فتناثرت الأرداف صارخة تستجدي الهروب ، ورفعت ثوبها فبان غصن البان يشدو ليسابق الريح ، لقد وضعها عازف الناي في خبث هوائه المرهف حتى تناثرت أشلاء لا تحسن التصرف .
إلى ،،، يرقة أخرى في ريف الأعمى الذي يحلم أن يرى السماء .
ابتسم أيها الأنيق