في عصر التكنولوجيا المتسارع، أصبح الذكاء الاصطناعي يتغلغل في تفاصيل حياتنا اليومية، حتى وصل إلى أعمق زوايانا العاطفية.

من تطبيقات المواعدة إلى أدوات تحليل الشخصية، يُروَّج للذكاء الاصطناعي اليوم على أنه الحل السحري لتحسين العلاقات العاطفية، بل وربما إصلاحها.

لكن هل يمكن حقاً لبرنامج تقني أن يفهم مشاعرنا المعقدة؟ وهل تستطيع الخوارزميات أن تحل محل الحدس البشري في بناء العلاقات العاطفية؟

وهم الحب المحسوب

تلعب تطبيقات المواعدة دوراً محورياً في تسهيل التعارف بين الأفراد، إذ تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم اقتراحات تطابق بين الأشخاص بناءً على بياناتهم الشخصية وتفضيلاتهم.


ووفقاً لموقع Psychology Today، فإن أكثر من ربع مستخدمي تطبيقات المواعدة يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل شخصياتهم أو تحسين تواصلهم مع الآخرين. ومع ذلك، رغم أن هذه الأدوات تجعل المواعدة أسهل، فإنها لا تجعلها بالضرورة أفضل.
ويرى الباحثون أن هناك مفارقة جوهرية في استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاقات العاطفية، إذ تعتمد هذه التقنيات على تحليل أنماط السلوك بناءً على البيانات المتاحة، لكنها تعجز عن فهم الجوانب العاطفية العميقة مثل الكيمياء الشخصية أو العواطف غير المعلنة التي تشكل جوهر العلاقات الإنسانية.
في الواقع، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهّل اللقاء الأول، لكنه لا يستطيع ضمان الاستمرارية أو حل الخلافات العاطفية المعقدة.

الذكاء الاصطناعي كمدرب عاطفي!

من بين التطبيقات الحديثة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، هناك أدوات تحلل المحادثات وتقترح ردوداً مناسبة لتعزيز التواصل العاطفي بين الشريكين.

فبحسب تقرير The Conversation، هناك بعض التطبيقات التي تقدم نصائح حول كيفية بدء محادثة جذابة أو كيفية التعامل مع الخلافات بأسلوب أكثر دبلوماسية، بل إن بعض الأدوات مثل "GPT-4" تُستخدم لكتابة رسائل رومانسية تعكس شخصية المستخدم، مما يمنح البعض ثقة إضافية عند التحدث مع شركائهم.
لكن هل يمكن حقاً الاعتماد على خوارزميات لا تملك مشاعر في تقديم نصائح عاطفية؟.. بالتأكيد لا، لأن المشكلة الأساسية تكمن في أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على أنماط محادثات سابقة، ولا يستطيع فهم السياق العاطفي الفريد لكل علاقة.
بمعنى آخر، قد تقدم الخوارزميات نصائح عامة، لكنها لا تستطيع استيعاب التعقيدات النفسية العميقة التي تحكم العلاقات البشرية.

هل يمكن "قرصنة" الحب؟

يعتقد البعض أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تبسيط العلاقات العاطفية من خلال تحليل البيانات وتقديم اقتراحات مدروسة، لكن مقالًا في Seattle Times يشير إلى أن الحب ليس معادلة حسابية يمكن "اختراقها" أو "تحسينها" باستخدام التكنولوجيا، وأن العلاقات العاطفية تقوم على مشاعر غير قابلة للتقييد، مثل التفاهم العفوي، الجاذبية المتبادلة، والتفاعل العاطفي غير المخطط له.
وعلى الرغم من ذلك، هناك تجارب تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يساعد في كشف أنماط السلوك السامة أو تحسين الوعي الذاتي لدى الأفراد.
على سبيل المثال، يمكن لبعض الأدوات تحليل محادثات الأزواج واستخلاص استنتاجات حول أساليب التواصل بينهما، مما يساعد على تحسين الفهم المتبادل، لكن هذا لا يعني أن الذكاء الاصطناعي قادر على خلق مشاعر الحب أو إصلاح العلاقات المتدهورة، بل إنه مجرد أداة تعزز الفهم، لكنها لا تحل محل العواطف الحقيقية.

الذكاء الاصطناعي والمستقبل العاطفي في تقرير نشرته BBC، يتناول الكاتب تأثير الذكاء الاصطناعي على العلاقات العاطفية من منظور فلسفي، متسائلًا: "ماذا يحدث عندما نسأل الخوارزميات عن نصيحة في الحب؟".
وفقاً للتقرير، فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم إجابات ذكية ومنطقية، لكنه لا يمتلك القدرة على الإحساس الحقيقي بالمشاعر.
بعبارة أخرى، يمكنه أن يخبرك كيف تتصرف بطريقة أفضل في علاقتك، لكنه لا يستطيع أن يجعلك تشعر بالحب أو الحزن أو الشغف.
في النهاية، يظل الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، وليس بديلاً عن التفاعل الإنساني الحقيقي، صحيح أنه قد يساعدنا في تحسين تواصلنا أو فهم أنفسنا بشكل أعمق، لكنه لن يكون قادراً على خلق علاقات قائمة على المشاعر الحقيقية، ليظل الحب، بكل تعقيداته وجماله، تجربة إنسانية فريدة لا يمكن حصرها في رموز وأكواد برمجية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الذكاء الاصطناعي عيد الحب أن الذکاء الاصطناعی العلاقات العاطفیة

إقرأ أيضاً:

عائدات AT&T تتضاعف نتيجة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي

في وقت أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي تسيطر على مشهد التكنولوجيا – من Galaxy AI إلى Apple Intelligence – يبدو أن شركات الاتصالات بدورها تراهن بقوة على هذه الثورة، وعلى رأسها شركة AT&T التي باتت تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهدافها التشغيلية والمالية.

 عائد مضاعف واستراتيجية تقود إلى توفير 3 مليارات دولار

بحسب تصريحات الشركة، فإن كل دولار استثمرته AT&T في الذكاء الاصطناعي التوليدي عاد عليها بعائد مضاعف، في خطوة تعكس النجاح الفعلي لهذه الاستثمارات.

وتستهدف الشركة تحقيق وفورات مالية تصل إلى 3 مليارات دولار سنويًا بحلول نهاية عام 2027، عبر دمج حلول الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعاتها.

 دمج الذكاء الاصطناعي في جميع مستويات العمل

تحدث آندي ماركوس، كبير مسؤولي البيانات والذكاء الاصطناعي في AT&T، لمجلة Forbes، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حكرًا على الفرق التقنية، بل أصبح جزءًا من سير العمل اليومي في كافة أقسام الشركة. 

ومنذ انضمامه إلى AT&T عام 2020، يقود ماركوس استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي تشمل الخدمات الموجهة للمستهلكين، والأعمال، والوظائف الداخلية.

وحتى الآن، أكمل أكثر من 50,000 موظف تدريبات رسمية على الذكاء الاصطناعي، بينما تُشغّل الشركة أكثر من 600 نموذج من نماذج التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي ضمن بيئاتها الإنتاجية، وتُراجع آلاف حالات الاستخدام الخاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.

 تطبيقات عملية تعزز الكفاءة وتحسّن تجربة العملاء

تشمل استخدامات الذكاء الاصطناعي في AT&T مجالات مثل كشف الاحتيال، منع المكالمات المزعجة، تحسين عمليات التوزيع الميداني، وأداة موظفين تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي تحمل اسم Ask AT&T. 

وتهدف هذه التطبيقات إلى رفع كفاءة العمل الداخلي وتحسين تجربة العملاء على حد سواء.

وتُدار هذه الجهود من خلال إطار حوكمة صارم وتعاون بين الأقسام المختلفة، مع التركيز على سلامة البيانات، لا سيما وأن الشبكة تنقل يوميًا نحو 900 بيتابايت من البيانات، ما يستدعي إدارة مسؤولة وحذرة.

 المرحلة القادمة: أنظمة ذكية تتخذ قرارات ذاتية

تُخطط AT&T للدخول في المرحلة التالية من تطوير الذكاء الاصطناعي، وهي الأنظمة العاملة ذاتيًا (Agentic Systems)، والتي يُمكنها اتخاذ قرارات بشكل مستقل. ويرى ماركوس أن إمكانيات الذكاء الاصطناعي لا سقف لها، مؤكدًا أن الشركة تواكب هذه التطورات بتفاؤل مدروس.

 تحذيرات من فقاعة محتملة في سوق الذكاء الاصطناعي

ورغم التفاؤل الذي تبديه الشركات، تزداد التحذيرات من جهات متعددة بشأن فورة الذكاء الاصطناعي في الأسواق. 

يرى بعض المحللين أن شركات التكنولوجيا اليوم مبالغ في تقييمها بشكل يُذكّر بفقاعة الإنترنت في مطلع الألفية، مع ارتفاع في نسب السعر إلى الأرباح، واستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية والمواهب، دون خارطة طريق واضحة أو نهاية محددة.

ومع اشتداد المنافسة العالمية، هناك قلق متزايد من أن حمى الذهب الخاصة بالذكاء الاصطناعي قد تنتهي بانفجار اقتصادي مؤلم، إن لم يتم توجيه هذه الاستثمارات بحكمة.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي Apple Intelligence Galaxy AI

مقالات مشابهة

  • 89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • خبراء يكشفون خطر الذكاء الاصطناعي على الدماغ
  • بي بي سي تختار مديرة تنفيذية من ميتا لإدارة الذكاء الاصطناعي
  • وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد
  • عائدات AT&T تتضاعف نتيجة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟