شارك الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، في فعاليات الملتقى البيئي العاشر الذي تنظمه جامعة الأزهر بعنوان: "من أجل المناخ .. إفريقيا في القلب" تحت شعار "بيئتنا حياتنا".

يعقد الملتقى برعاية فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب – شيخ الأزهر، ورئاسة الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتور سلامة داوود – رئيس جامعة الأزهر، ومقرر عام الملتقى الدكتور محمود صديق-نائب رئيس الجامعة والمشرف العام على لجنة خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وبحضور الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، واللواء الطيار منتصر مناع نائب وزير الطيران، والدكتور علي أبو سنة جهاز شئون البيئة، وعدد من ممثلي وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة.


 

وأكد الأمين العام على هامش الملتقى، أننا أمام قضية مهمة لها أولوية قصوى في وقتنا الخالي وهي قضية التغيرات المناخية التي تعد من أوجب الواجبات في هذه الآونة التي تسعى فيها الدولة المصرية إلى الجمهورية الجديدة والتنمية المستدامة، خصوصًا وأن التغيرات المناخية تؤثر على التنمية المستدامة وحركة البناء وعلى البيئات والأوطان.

وأضاف عيّاد، أن الناظر إلى الشرائع السماوية من سيدنا آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجد أن الشرائع السماوية اتفقت فيما بينها على أن الدين ما جاء إلا ليحقق الخير للعباد في الدين والدنيا والآخرة، وبالتالي فأي سلوك متناقض أو فعل شاذ أو أي عمل غريب لا يُنسب إلى الدين، وإنما ينسب لمن قام بالفعل أو السلوك.

وأشار الأمين العام، أنه إذا ما أردنا أن نطبق ذلك على قضية التغيرات المناخية، فقد ننظر إلى الكون على أنه ملك للإنسان وهذه فكرة ليست صائبة، فالكون ملك لله تعالى إلا أن الله تبارك وتعالى بمقتضى أنه خلق الإنسان وكرمّه وجعله سيدًا على جميع المخلوقات أوكل الله إليه مهمة خاصة لا يمكن أن يقوم بها إلا الإنسان إذ زوده الله تعالى بوحي ظاهر ووحي باطن، فالوحي الظاهر هو الرسول الذي يدعو الناس إلى الحق وإلى الخير وإلى الصواب، وبما يحقق المهمة التي خلق الله الإنسان لأجلها، وهذه المهمة هي قضية الاستخلاف، وهذا الاستخلاف ليس صلاة وصيامًا فحسب وإنما العبادة يدخل فيها العمران سواء يعود هذا العمران على أثر شخصي من إجراء تنفيذ العبادات المفروضة أو المحافظة على الكون للأجيال اللاحقة وفق ما استلمه الإنسان اللاحق عن السابق، وأما ما يتعلق بالوحي الباطن فهو العقل، فالله تعالى جعل الإنسان سيدًا بتزويده بالرسل والكتب وكذلك بنعمة العقل والتي بها ومن خلالها يكون التفكير المنظم والعمل الجاد والرؤية الواضحة والبصيرة الراقية التي تضع الأمور في موضعها.

وأكد أمين البحوث الإسلامية، أن مناقشة ما يتعلق بهذه القضية ينبغي أن ينظر إليه على أنه من أوجب الواجبات، وأن الحديث عما يجب على الإنسان تجاه المحافظة على البيئة يعد فريضة حياتية ودينية ينبغي أن نقوم بها، ولهذا قام الأزهر الشريف على التوعية بهذا الجانب منذ أمد بعيد من خلال الملتقيات العلمية في الداخل والخارج بتوجيهات من فضيلة الإمام الأكبر، فضلا عن الإصدارات العلمية، والمبادرات التي قام بها مجمع البحوث الإسلامية بالتعاون مع مؤسسات الدولة مثل مناخنا حياتنا، بر الأمان، فيها الحياة، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البحوث الإسلامية الملتقى البيئي المناخ الأزهر البحوث الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر

نشرت الفضائية المصرية، بث مباشر لنقل شعائر صلاة الجمعة من الجامع  الأزهر بمحافظة القاهرة.

ملتقى الجامع الأزهر يستعرض الجوانب الأخلاقية للرسول في غزوة بدرملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرة يحذر من شبكات التواصل وتأثيرها على الوعي

وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم، في جميع المساجد على مستوى الجمهورية بعنوان: "حُبُّ التَّنَاهِي شَطَطْ خَيْـرُ الأُمُـورِ الوَسَـطْ".

وقالت وزارة الأوقاف، إن الهدف من هذه الخطبة توعية الجمهور بقيم الوسطية والاعتدال، وأنها من أسباب تحقيق الأمن والاستقرار، علمًا بأن الخطبة الثانية ستشهد اختصاص إحدى المحافظات بخطبة تتناول خطورة المخدرات على الفرد والمجتمع؛ إلى جانب تعميم خطبة ثانية على المحافظات الأخرى عن عناية الإسلام بذوي الهمم وضرورة إكرامهم واستثمار طاقاتهم.

موضوع خطبة الجمعة

ونشرت وزارة الأوقاف، نص خطبة الجمعة كالآتي:

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا تَقُولُ، وَلَكَ الحَمْدُ خَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إلهًا أَحَدًا فَرْدًا صَمَدًا، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، الَّذِي مَلَأتَ عَينَهُ مِن جَمَالِك، وَقلبَهُ مِن جَلالكَ، فَأَصْبَحَ فَرِحًا مَسْرُورًا، مُؤيَّدًا مَنْصُورًا، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:

فإنَّ جَمَالَ الدينِ يَتَأَلَّقُ فِي سُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ، وَرَحْمَتِهِ وَرِفْقِهِ، فَهوَ مَصدَرُ السَّعادةِ، وَأَصَلُ الطُّمأنينةِ، وَمَنْبَعُ السَّكِينَةِ وَالسَّلَامِ وَالأَمَانِ، فَليسَ الدينُ مُجردَ كلماتٍ رَنَّانةٍ أَو حَرَكاتٍ شَكْلِيَّةٍ، بَلْ هُوَ حُسْنٌ فِي رُوحِهِ وَمَقَاصِدِهِ، فِي تَشْرِيعَاتِهِ وَأَخْلَاقِياتِهِ، وَفِي قُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يُلَامِسَ شِغَافَ القَلْبِ بِالوسطيةِ وَالسَّمَاحَةِ دُونَ إِفْرَاطٍ أَوْ تَفْرِيطٍ، وَإِلَيْكُمْ أَيُّهَا الكِرَامُ هَذَا البيانُ القرآنيُّ الَّذِي يُؤَصِّلَ لِهَذَا المنهَجِ الفَريدِ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.

أَيُّهَا النَّاسُ، اعْلَمُوا أَنَّ حُبَّ التَّنَاهِي وَالكَمَالِ شَطَطٌ وَانحِرَافٌ، وخَيْرَ الأُمُورِ الوَسَطُ وَالاعْتِدَالُ، فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ سَعَى إِلَى الكَمَالِ المُطْلَقِ فِي عِبَادَتِهِ فَأَرْهَقَ نَفْسَهُ بِمَا لَمْ يُكَلَّفْ بِهِ! وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ بَالَغَ فِي زُهْدِهِ وَتَقَشُّفِهِ حَتَّى ضَيَّعَ حُقُوقَ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ! وَكَمْ مِنْ جَمَاعَةٍ غَالَتْ فِي شِعَارَاتِهَا حَتَّى تَحَوَّلتْ إِلَى تَعَصُّبٍ أَعْمَى يُكَفِّرُ الْأُمَّةَ وَيُفَرِّقُ جَمْعَهَا! أَلَمْ يَطْرُقْ آذَانَ هَؤلَاءِ هَذَا الْبَيَانُ المُحَمَّدِيُّ لِمَنْ طَلَبَ التَّنَاهِيَ وَالْكَمَالَ «أمَا وَاللهِ إنِّي لَأخْشَاكُمْ لِلهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».

تَأَمَّلْ أَيُّهَا النَّبِيلُ هَذَا النِّدَاءَ المُحْكَمَ الحَازِمَ إِلَى كُلِّ مَنْ يُلْزِمُ النَّاسَ بِنَمَطٍ مُعَيَّنٍ مِنَ العِبَادَةِ: لَا تُضَيِّقْ وَاسِعًا، لَا تُبَغِّضِ النَّاسَ فِي دِينِ اللهِ، الْتَمِسِ الحَالَ النَّبَوِيَّ الشَّرِيفَ، وَتَتَبَّعِ التَّيْسِيرَ المُحَمَّدِيَّ الْبَدِيعَ، عَلَيكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَاسْتَشْعِرْ نِعْمَةَ التَّوْفِيقِ الرَّبَّانِيِّ، وَادْخُلْ عَلَى رَبِّكَ مِنْ بَابِ الذُّلِّ وَالانْكِسَارِ وَالافْتِقَارِ وَطَلَبِ المَدَدِ وَالمَعُونَة، وإِذَا اسْتَشْعَرْتَ فِي نَفْسِكَ عُجْبًا فرَدِّدْ بِقَلْبٍ وَلِسَانٍ: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».

أَيُّهَا النَّاسُ، اعْلَمُوا أَنَّ الإِسْلَامُ جَاءَ لِيُحَرِّرَنَا مِنْ قُيُودِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَغْلَالِهَا، لَا لِيَضَعَ عَلَيْنَا أَغْلَالًا جَدِيدَةً بِاسْمِ الدِّينِ وَالتَّدَيُّنِ، لَقَدْ عَلَّمَنَا النَّبِيُّ  صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ خَيْرَ الْأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ، وَأَنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى نَمَلَّ، وَأَنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَلَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُم فَيُشَدِّدَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ وَصَايَا نَبَوِيَّةٌ عُنْوَانُهَا تِلْكَ الكَلِمَاتُ المُنِيرَةُ «حُبُّ التَّنَاهِي شَطَطْ.. خَيْرُ الأُمُورِ الْوَسَطُ».

عِبَادَ اللهِ، تَأَمّلُوا مَعِيَ تِلْكَ الصُّورَةِ الْبَدِيعَةِ الَّتِي رَسَمَهَا لَنَا القُرْآنُ الْكَرِيمُ لِعبَادِ الرَّحْمَنِ أَهْلِ الجَنَّةِ والرِّضْوَانِ {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} هَكَذَا تَكُونُ عِبَادَتُنَا، وَهَكَذَا يَكُونُ سُلُوكُنَا فِي كُلِّ شُؤُونِ حَيَاتِنَا: قَوَامًا، وَسَطًا، عَدْلًا، لَا إِفْرَاطَ وَلَا تَفْرِيطَ، فَلَا تُكَلَّفُ النَّفْسُ مَا لَا تُطِيقُ؛ فتَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، وَتَمَلَّ الرُّوحُ وَتَكَلَّ، ولَا مَجَالَ لِلتَّعَصُّبِ لِلرَّأْيِ، وَلَا لِلتَّنَطُّعِ فِي الفَتْوَى، وَلَا تَضْيِيقِ مَا وَسَّعَهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ وَرَسُولُهُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَخَيْرُ الأُمُورِ الوَسَط!

أَيُّهَا الكِرَامُ، فَلْنَحْرِصْ عَلَى أَنْ تَكُونَ عِبَادَاتُنَا نُورًا يُضِيءُ دُرُوبَنَا، لَا قُيُودًا تُكَبِّلُ أَرْوَاحَنَا، لنَقِفْ عَلَى ثَغْرِ الحِفَاظِ عَلَى ثَوَابِتِ دِينِنَا، وَلْنَلْتَزِمْ بِالنَّهْجِ المُحَمَّديِّ الشَّرِيفِ، فَهُوَ القُدْوَةُ الْحَسَنَةُ، وَهُوَ المِيزَانُ الذِي نَزِنُ بِهِ أَعْمَالَنَا، فَالْأَمْرُ الْوَسَطُ هُوَ سَبِيلُ النَّجَاةِ، وَهُوَ طَرِيقُ السَّعَادَةِ فِي الدَّارَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يُحَقِّقُ التَّوَازُنَ بَيْنَ مَطَالِبَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَبَيْنَ حُقُوقِ الْفَرْدِ وَالْجَمَاعَةِ، وَبَيْنَ العَمَلِ لِلدُّنْيَا وَالْعَمَلِ لِلْآَخِرَةِ.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا النَّبِيلُ، إِنَّ الإِكْرَامَ مَسْلَكُ الصَّالِحِينَ، وَقِيمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قِيَمِ الدِّينِ، فَأَكْرِمْ غَيْرَكَ تَنَلْ رِضَا رَبِّكَ، واعْلَمْ أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالإِكْرَامِ وَالتَّكْرِيمِ وَجَبْرِ الخَواطِرِ أَحْبَابُنَا مِنْ ذَوِي الهِمَمِ، فَهُمْ أُمَرَاءُ يَخْدُمُهُم الأَتْقِيَاءُ، وَالاهْتِمَامُ بِهِمْ وَاجِبٌ دِينِيٌّ وَوَطَنِيٌّ وَإِنْسَانِيٌّ يُؤَكِّدُ قِيَمَ الإِسْلَامِ السَّمْحَةِ الَّتِي جَاءَتْ لِتَكْفُلَ لِلْإِنْسَانِ كَرَامَتَهُ وَتُحَقِّقَ لَهُ الرِّضَا والسَّعَادَة.

عِبَادَ اللهِ، تَأَمَّلُوا العِنَايَةَ الإِلَهِيَّةَ بِذَوِي الهِمَمِ، فَقَدْ رَفَعَ القُرْآنُ الكَرِيمُ الحَرَجَ وَالعَنَتَ وَالمَشَقَّةَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ}، وَقَرَّرَتِ الشَّرِيعَةُ الإِسْلَامِيَّةُ السَّمْحَةُ مِنَ التَّيسِيرَاتِ وَالأَحْكَامِ الخَاصَّةِ مَا يُرَاعِي أَحْوَالهُمْ وَيُطَيِّبُ خَوَاطِرَهُمْ؛ إِذْ خَفَّفَتْ عَنْهُمْ التَّكَالِيفَ الشَّرْعِيَّةَ، إِنَّهَا الرَّحمَةُ الإِلَهِيَّةُ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَاقْتَدُوا أَيُّهَا النُّبَلَاءُ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ وَهَذَا التَّخْفِيفِ، وَادْعَمُوا الكِرَامَ ذَوِي الهِمَمِ، وَاستَثْمِرُوا طَاقَاتِهِمْ لِتَكُونَ عُنْصُرًا فَاعِلًا مُنِيرًا فِي البِنَاءِ وَالتَّقَدُّمِ وَالرُّقِيِّ وَالنُّهُوضِ بِوَطَنِنَا الحَبِيبِ.

أَيُّهَا المُكَرَّمُونَ، اقْدُرُوا لِذَوي الهِمَمِ قَدْرَهُمْ، فَإِنَّ الجَنَابَ الأَنْوَرَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ جَعَلَ مِنْهُمْ مِحْوَرًا لِتَحْقِيقِ النَّصْرِ وَالرِّزْقِ، حِينَ قَالَ: «وَهَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟!»، إِنَّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ المُنِيرَةَ تُغَالِبُ الضَّعفَ الفِطْرِيَّ وَتُبهِرُنَا بِالقُدْرَةِ المُكْتَسَبَةِ، وَتُؤَكِّدُ دَوْرَ هَذِهِ الفِئَةِ المُبَارَكَةِ فِي بِنَاءِ المُجْتَمَعَاتِ.

وَيَا أَيُّهَا الأَبُ الشَّفُوقُ وَالأُمُّ الحُنُونُ، إِذَا كَانَ فِي بَيْتِكُم وَاحِدٌ مِنْ ذَوِي الهِمَمِ وَالبُطُولَةِ فَأَبْشِرُوا! إِنَّ فِي بَيْتِكُمْ كَنْزًا، إِنَّهُ شَفِيعٌ لَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، ارْفُق بِهِمْ كَمَا رَفَقُوا بِي، أَكْرِمْهُمْ كَمَا أَكْرَمُونِي وَ{هَل جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَان}.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الرُّحَمَاءِ
وابْسُطْ عَلَى بِلَادِنَا بِسَاطَ الأَمَلِ والنُّورِ والفَيْضِ وَالإِكْرَامِ

* (الخطبة الثانية – في محافظة واحدة)
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ المُخَدِّرَاتِ دَاءٌ عُضَالٌ يَفْتِكُ بِعَقْلِ الإِنْسَانِ وَيَهُدُّ قُوَّتَهُ وَيُحِيلُ حَيَاتَهُ إِلَى رَمَادٍ، وَيَمْتَدُّ لِيَطَالَ المُجْتَمَعَ بِأَسْرِهِ مُخَلِّفًا وَرَاءَهُ الخَرَابَ وَالدَّمَارَ، فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الكِرَامُ هَذَا السَّرَطَانَ الَّذِي يُذْبِلُ زَهْرَةَ شَبَابِنَا، وَيُقَوِّضُ بُنْيَانَ مُجْتَمَعِنَا، أَلَمْ نَسْمَعْ إِلَى هَذَا النِّدَاءِ الإِلَهِيِّ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ}.

أَيُّهَا المُكَرَّمُونَ، أَلَا يَحِقُّ لَنَا أَنْ نَتَسَاءَلَ: مَا الَّذِي يَدْفَعُ بَعْضَ شَبَابِنَا إِلَى الوُقُوعِ فِي بَرَاثِنِ هَذَا المُسْتَنْقَعِ الفَاسِدِ؟ هَلْ هُوَ اليَأْسُ؟ أَمِ الفَرَاغُ؟ أَمْ هُوَ ضَعْفُ الوَازِعِ الدِّينِيِّ وَالأَخلَاقِيِّ؟ كَيْفَ تَسْتَغِلُّ هَذِهِ السُّمُومُ فِئَةً غَالِيَةً مِنْ أَبْنَائِنَا الَّذِينَ هُمْ عِمَادُ المُسْتَقْبَلِ وَأَمَلُ الغَدِ؟ كَيْفَ يُغَرَّرُ بِهِمْ بِأَوْهَامٍ زَائِفَةٍ، وَمُتْعَةٍ لَحْظِيَّةٍ سُرْعَانَ مَا تَنْقَلِبُ إِلَى جَحِيمٍ لَا يُطَاقُ؟!

عِبَادَ اللهِ، ازْرَعُوا فِي قُلُوبِ أَوْلَادِكُمْ أَنَّ المُخَدِّرَاتِ وَحْشٌ كَاسِرٌ يَنْهَشُ الرُّوحَ، وَيَسْلِبُ الإِرَادَةَ، وَيَقْضِي عَلَى الطُّمُوحِ، وَيُحَوِّلُ المُتَعَاطِي تَدْرِيجِيًّا إِلَى كَائِنٍ هَامِشيٍّ، لَا يَرَى فِي الحَيَاةِ إِلَّا مَنْفَذًا لِلْحُصُولِ عَلَى جُرْعَةٍ أُخْرَى، وتَدَبَّرُوا هَذَا الوَعِيدَ المُحَمَّدِيَّ  الَّذِي يَهُزُّ القُلُوبَ «إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَال، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ».

وَهَذِهِ رِسَالَةٌ إِلَى مُدْمِنٍ، أَنْتَ إِنْسَانٌ يَحْمِلُ فِي دَاخِلِهِ كُنُوزًا دَفِينَةً مِنَ القُدْرَاتِ وَالمَوَاهِبِ، أَنْتَ قِصَّةُ نَجَاحٍ لَمْ تُرْوَ بَعْدُ،  لَا تَدَعْ هَذِهِ الغَيْمَةَ السَّوْدَاءَ تُخْفِي شَمْسَكَ، فَالحَيَاةُ بِجَمَالِهَا الحَقِيقِيِّ تَنْتَظِرُكَ خَارِجَ سِجْنِ الوَهْمِ الَّذِي اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ لَكَ رَبًّا يَقُولُ عَنْ نَفْسِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الرُّحَمَاءِ
وابْسُطْ عَلَى بِلَادِنَا بِسَاطَ الأَمَلِ والنُّورِ والفَيْضِ وَالإِكْرَامِ

طباعة شارك موضوع خطبة الجمعة خطبة الجمعة الأوقاف الخطبة الثانية الجامع الأزهر

مقالات مشابهة

  • سياحة نشطة وسط دعوات بتعزيز جهود الحفاظ على البيئة في عجلون
  • خطيب الجامع الأزهر يكشف عن سلوك يرفع شأن الإنسان في الدنيا والآخرة
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر
  • مؤسسة جيل القرآن تكرم عدداً من الحفاظ والحافظات لكتاب الله في جامع عبد الله بن عباس بمدينة حلب
  • البحوث الإسلامية يعلن أسماء 31 فائزة في مسابقة «بنت الأزهر الوافدة»
  • مؤسسة جيل القرآن تكرم 520 من الحفاظ والحافظات لكتاب الله
  • أمين البحوث الإسلامية يتابع العمل في المشروعات العلمية الجديدة بالمجمع
  • توجيهات بخروج الإصدارات العلمية الصادرة عن مجمع البحوث بشكل يليق بمكانة الأزهر
  • أمين البحوث الإسلامية: بناء الوعي مسئولية كبيرة ينبغي إدراك قيمتها
  • الطفل النابغة أنس مصطفى ربيع يبدع في ترديد الخريدة البهية.. فيديو