في حفل تنصيبه يوم العشرين من يناير الماضي، قطع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعدا على نفسه بالسعي إلى إرساء السلام حول العالم، وإطفاء نيران الحروب المدمرة، إلا أن بعض القرارات التي أعلنها فيما بعد حفل التنصيب أشعلت حروبا من نوع آخر أقلقت دول العالم، وهي الحروب التجارية.

وكانت القارة الأوروبية هي إحدى المناطق التي أشهر ترامب سلاح "الرسوم الجمركية" ضدها، لتستنفر القارة العجوز ضد الرئيس السابع والأربعين في البيت الأبيض، وكانت ردود الأفعال على خطاب نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، في مؤتمر ميونيخ للأمن يوم الجمعة من جانب الاتحاد الأوروبي غاضبة ووصفت ما جرى بـ"أنه بالاستماع لكلمة نائب الرئيس الأمريكي بدا الأمر كما لو كانوا يحاولون افتعال شجار معنا".

وقبل انطلاق مؤتمر ميونيخ، أطلقت المفوضية الأوروبية تحذيرا ضد الولايات المتحدة، وتعهدت بالرد "على الفور" إذا نفذ الرئيس ترامب تعريفات جمركية تطابق تلك التي يفرضها شركاء أمريكا التجاريون.

بعد إعادة فرض الرسوم الجمركية على الصلب والألمونيوم هذا الأسبوع، وقع ترامب مذكرة أمس الخميس تحدد عملية فرض ما يسمى بالرسوم الجمركية "المتبادلة". 

ومن شأن هذه الرسوم أن ترفع فعليا الرسوم الجمركية على صادرات أي دولة إلى الولايات المتحدة، استنادا إلى مستوى الرسوم الجمركية أو الحواجز غير الجمركية التي تفرضها تلك الدولة على السلع الأمريكية.

وقالت الرئيسة التنفيذية للاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين في أول رد فعل علني لها على إعلان ترامب: "لن نترك الرسوم الجمركية غير المبررة ضد الاتحاد الأوروبي دون رد وسوف نتخذ تدابير مضادة متناسبة وواضحة".

وفي حديثها خلال مؤتمر أمني في ميونيخ، قالت فون دير لاين إن الحروب التجارية والتعريفات الجمركية لا تعود بالنفع على أحد؛ بل إنها ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف بالنسبة للمستهلكين والشركات؛ وتعطل سلاسل التوريد عبر الأطلسي.

وفي بيان سابق، قالت المفوضية الأوروبية: "سوف يتفاعل الاتحاد الأوروبي بحزم وفورية ضد الحواجز غير المبررة أمام التجارة الحرة والعادلة، بما في ذلك عندما تُستخدم التعريفات الجمركية لتحدي السياسات القانونية وغير التمييزية".

وقالت صحيفة بوليتيكو الأمريكية إنه منذ المناوشات التجارية في فترة ولاية ترامب الأولى، وسع الاتحاد الأوروبي ترسانته الدفاعية التجارية بطريقة تمكنه من الرد على التدابير التي يراها غير قانونية.

وأشارت بروكسل إلى تمسكها بالتجارة القائمة على القواعد، متهمة واشنطن بتقويض التزاماتها القائمة. 

وقالت المفوضية: "لعقود من الزمان، عمل الاتحاد الأوروبي مع شركاء تجاريين مثل الولايات المتحدة لخفض التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز التجارية في جميع أنحاء العالم، وتعزيز هذا الانفتاح من خلال الالتزامات الملزمة في نظام التجارة القائم على القواعد - الالتزامات التي تقوضها الولايات المتحدة الآن".

ومن المرجع أن تدفع إجراءات الإداراة الأمريكية الجديدة، الاتحاد الأوروبي إلى الصين كأحد الخيارات للتعامل مع القرارات الصادرة من جانب ترامب. 

وقالت بوليتيكو إن الخيار الأول للأوربيين هو الخضوع لإرادة ترامب و"الانفصال" الكامل عن اعتمادهم على السلع الصينية ــ وهو ما من شأنه أن يختبر الوحدة بين دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين ومؤسسات بروكسل، ويؤدي على الأرجح إلى ردود فعل انتقامية من بكين ويزيد من إعاقة اقتصاداتهم المتعثرة. 

بينما الخيار الثاني هو ترك ترامب ليتصرف بمفرده مع الصين ــ وهو ما من شأنه أن يختبر وحدة دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، وقد يدفع الولايات المتحدة إلى فرض تعريفات جمركية على السلع الأوروبية، وقد يؤدي إلى إعاقة اقتصاداتها المتعثرة.

قال نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، يوم الجمعة إن انسحاب أوروبا من القيم الأساسية للولايات المتحدة أمر مقلق، مشيرا إلى أن التهديدات الأخطر على الجانبين تأتي من الداخل.

وأضاف أن حرية التعبير تتراجع في الغرب، موضحا أنه لا يمكن تحقيق الأمن إذا كنا نخاف من الصوت المعارض، مؤكدا على ضرورة وضع قيود على الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى أن سياسات قادة أوروبا ساهمت بمشكلة المهاجرين بالقارة، مؤكدا أن البلدان الأوروبية تواجه أزمات كبيرة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب الاتحاد الأوروبي الرئيس الأمريكي نائب الرئيس الأمريكي مؤتمر ميونيخ جي دي فانس المزيد الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة الرئیس الأمریکی الرسوم الجمرکیة

إقرأ أيضاً:

جولدمان ساكس: المستهلكون الأمريكيون يتحملون أكثر من نصف تكلفة الرسوم الجمركية

كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة "جولدمان ساكس" أن المستهلكين الأمريكيين يتحملون ما يصل إلى 55% من تكلفة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب خلال الأشهر الستة الماضية، في إطار سياسة تجارية تهدف إلى إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية الدولية.


ووفقاً للتقرير، فإن الرسوم التي طالت واردات النحاس، والصلب، والألمنيوم، وبعض السيارات وقطع الغيار، ساهمت في رفع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.93% في أغسطس، بينما ارتفع مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي إلى 2.7%، متجاوزاً الهدف الرسمي البالغ 2%.


وفرضت الإدارة الأميركية رسوماً تصل إلى 28% على الصين و16% على دول أخرى، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار شهرياً منذ خطاب "يوم التحرير" الذي ألقاه ترامب في أبريل.


ورغم تأكيد البيت الأبيض أن الرسوم ستُحمّل في النهاية على المصدرين الأجانب، إلا أن محللي "جولدمان ساكس" أشاروا إلى أن الشركات الأميركية والمستهلكين يتحملون العبء الأكبر، مع احتمال ارتفاع النسبة إلى 70% في حال تنفيذ تهديدات ترامب بفرض رسوم إضافية على الأثاث وخزائن المطابخ، وفقا لشبكة "ان بي سي نيوز" الأمريكية.


وتستعد المحكمة العليا الأمريكية لبدء جلسات النظر في قانونية هذه الرسوم في الخامس من نوفمبر، وسط ترقب من الشركات التي قد تؤجل رفع الأسعار لحين صدور الحكم.


وفي سبتمبر، بلغت إيرادات الرسوم الجمركية أكثر من 31 مليار دولار، ما دفع الإدارة إلى اقتراح استخدام هذه الأموال لدعم الأسر الأميركية والمزارعين، وتمويل برامج التغذية المتأثرة بالإغلاق الحكومي.
 

طباعة شارك مؤسسة جولدمان ساكس المستهلكين الأمريكيين تكلفة الرسوم الجمركية الرئيس دونالد ترامب إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية الدولية

مقالات مشابهة

  • رسوم ترامب الجمركية على الخشب والأثاث تربك سوق الإسكان الأمريكي
  • دخول «رسوم ترامب» الجمركية على الخشب والأثاث حيّز التطبيق
  • ترامب: أمريكا أصبحت أغنى دولة بالعالم بفضل الرسوم الجمركية
  • رسوم ترامب الجمركية على الخشب والأثاث تدخل حيّز التطبيق
  • دخول رسوم ترامب الجمركية على الخشب والأثاث حيّز التطبيق
  • الصين تبدأ المواجهة الجمركية مع الولايات المتحدة
  • الصين تبدأ فرض رسوم موانئ على السفن الأميركية
  • جولدمان ساكس: المستهلكون الأمريكيون يتحملون أكثر من نصف تكلفة الرسوم الجمركية
  • الصين تتعهد برد حازم على الرسوم الجمركية الأمريكية
  • الصين تطالب الولايات المتحدة بالكف عن التهديد بالرسوم الجمركية