الجاليات العربية في بريطانيا تحيي يومها السنوي.. دعمت غزة في مواجهة الإبادة
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
أحيت الجاليات العربية في بريطانيا يوم أمس السبت يومها السنوي، الذي خصصته هذا العام للإشادة بصمود المرأة الفلسطينية وللتضامن مع قطاع غزة وفلسطين التي واجهت حرب إبادة على مدى ما يقارب والعام والنصف.
واجتمعت عشرات العائلات العربية في قاعة بايرون هول شمال لندن بدعوة من المنتدى الفلسطيني في بريطانيا في أجواء ثقافية وتراثية لإحياء الهوية الفلسطينية وتعزيز التضامن مع الفلسطينيين.
وحول الهدف من يوم الجاليات العربية في بريطانيا قال رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا زاهر البيراوي: "اليوم السنوي للجاليات العربية الذي ينظمة المنتدى، يهدف إلى إظهار الهوية والتراث الوطني للأقطار المشاركة، كما يهدف إلى تعزيز معاني الوحدة والمحبة والترابط بين أوساط الجاليات العربية فيما بينها، وكذلك تقوية وتعزيز حالة التضامن العربي مع أهلنا في فلسطين ودعم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ومع قضية الأمة المركزية".
وأضاف: "يكتسب هذا اليوم أهمية خاصة في هذا العام وخاصة بعد حرب دامية على أهلنا في غزة العزة ارتقى فيها ما يزيد عن 60 ألفا من الشهداء وجرح وأصيب ما يزيد عن مائة ألف من أهل غزة وتشرد معظم أهلنا في القطاع. كما يكتسب أهمية خاصة لأنه يأتي في ظل حملة مسعورة من صهاينة العالم وصهاينة دولة الاحتلال (صنيعة الاستعمار) لتفريغ غزة من سكانها الأصلين وترحيلهم إلى دول عديدة"..
وأشار بيراوي إلى أن هذا النشاط يأتي بعد الانفراجة بوقف هذه الحرب المجنونة (ولو مؤقتا) في غزة. وبعد أن انسحبت قوات الاحتلال واندحرت من مواقع تقدمها في القطاع.
كما يأتي يوم الجاليات لهذا العام أيضا بعد تحول تاريخي في سوريا وانتهاء حقبة سوداء من الظلم والديكتاتورية والفساد، وانتصار المظلومين الذين عانوا من النظام المخلوع على مدار العقود الماضية".
ولفت بيراوي الانتباه كذلك إلى ما يجري من إرهاصات وصفها بـ "الإيجابية" في السودان.. وقال: "نحن اليوم نطمح أن نرى حالة من التغيير الإيجابي في كل عالمنا العربي، تغييرا يحقق للإنسان العربي حريته ويحقق له كرامته ويقدم له مقومات الحياة الكريمة، ويجعل الأمة كلها على قلب رجل واحد ويحدد اتجاه بوصلتها نحو تحرير أرضها ومقدساتها وعلى رأسها أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي ومعراجه للسماء"، وفق تعبيره.
من جهتها أشادت الناشطة الفلسطينية هبة شنار في كلمة لها ضمن فعاليات يوم الجاليات العربية، بصمود المرأة الفلسطينية في غزة، وقالت: "سلام على نساء غزة، صانعات الأمل، وعلى عجائزها اللواتي تغزل أرض فلسطين تضاريسها على وجوههن.. سلام على صباياها اليافعات اللواتي تلتصق أرجلهن بتراب غزة وتحلق وجوههن نحو سمائها التي لا تغيب شمسها. سلام على فتيات غزة، اللواتي يتزنرن بالمجد بدلا من مراييل المدارس التي هدمها القصف".
وأكدت أن "هذه الحرب لم يكن فيها شيء جميل، ولكن شدة المعاناة تحت إبادة جماعية مستمرة لأكثر من خمسة عشر شهرا أخرجت أجمل ما في نساء غزة. كانت المرأة الغزاوية في هذه الحرب شريكة بقسوة الحرب، وخساراتها.. شريكة بالموت، ولكنها أيضا كانت شريكة بالحياة، وبالصمود".
وأضافت: "لقد كشفت هذه الحرب عن العديد من البطلات الغزاويات. كان من حظنا أن التقطت الكاميرات والإعلاميون بعض قصصهن، ولكن من لم يعرفن أكثر بكثير".
وأكدت شنار أن "الحرب في غزة كشفت عن بطلة اسمها الطبيبة الفلسطينية، أو الممرضة الغزاوية، التي عملت في ظروف قاسية وخطيرة، في مستشفيات تحت القصف، تفتقد أبسط مقومات الحياة. عالجت هؤلاء البطلات المرضى في هذه الأوضاع القاتلة، وضمدن جراحا دون أدوية و"شاش" وقطن كاف، وطبخن وخبزن في المستشفيات، وخرجن بدون شيء -إلا الكرامة- عند اقتحام جيش الاحتلال للمستشفيات، وركضن تحت القصف، كالطبيبة أميرة عسولي، لإنقاذ جريح لا يعرفن اسمه، واستقبلن شهيدا يتبين لاحقا أنه من أفراد عائلاتهن. فكم من "أميرة العسولي" لم تصلها كاميرات الإعلام؟".
وأضافت: "في هذا اليوم، تحتفي نساء بريطانيا من كل الجاليات بالمرأة الغزاوية، بوجهها الذي صار وشما على قرص الشمس فزاده نورا، بجمالها الذي لا تسرق من خضرته السنوات، بصمودها الذي يعلم الكون معنى الصمود، بعلمها وعملها ورعايتها للعائلة في أحلك الظروف، بجراحاتها التي لا تندمل، بصبرها الذي يشبه صبر أيوب، بكرامتها التي لا تنقص منها الطائرات والدبابات والسفن الحربية، بعبقريتها في صناعة الأمل وسط الألم، والبناء وسط الدمار، والحياة رغم علو رائحة الموت الكثيف".
ثم عقدت ندوة نسائية تناولت صمود نساء غزة في مواجهة الإبادة، تحدثت فيها جيهان سيد عيسى وهي أديبة وكاتبة سورية، وحلا حنينة ناشطة حقوقية وابنة غزة، وخديجة أبو نجم ناشطة من فلسطينيي الشتات، والصحفية الفلسطينية نسرين خوالد.
وتضمن برنامج اليوم السنوي لمهرجان الجاليات العربية في بريطانيا مأكولات تراثية تعكس غنى المطبخ الفلسطيني والعربي ومعروضات شعبية تسلط الضوء على الحرف والفنون التقليدية ومبادرات لدعم غزة عبر مشاريع إنسانية وخيرية، كما تضمن جناحا خاصا للأطفال بأنشطة ترفيهية وتعليمية.
وضمن الفقرة الفنية غنى الفنان خيري حاتم للهوية الفلسطينية وفي مقدمتها المرأة التي صمدت في مواجهة حرب إبادة غير مسبوقة في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر.
ودأب المنتدى الفلسطيني في بريطانيا على تنظيم يوم سنوي للجاليات العربية، في سياق دعمه لأواصر الوحدة والترابط بين المكونات العربية في المملكة المتحدة وتعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية بين مختلف الجاليات العربية.
وتزامن مهرجان الجاليات العربية في بريطانيا مع المظاهرة الوطنية الكبرى التي نظمها أنصار فلسطين في العاصمة لندن شارك فيها مئات الآلاف رفضا لخطة ترامب تهجير الفلسطينيين من غزة ورفضا للحرب.
وفي 4 فبراير/ شباط الجاري، كشف ترامب في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبيت الأبيض، عن عزم بلاده الاستيلاء على غزة بعد تهجير الفلسطينيين منها.
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، مثل الأردن ومصر، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى يشمل 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، على أن يتم التفاوض في الأولى لبدء الثانية، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية بريطانيا يوم فعاليات بريطانيا يوم فعاليات جالية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
في مواجهة الانكسار.. قراءات فكرية في دروب النهضة العربية (1)
ظل سؤال النهضة العربية ـ منذ لحظة الانكسار التاريخي أمام الحداثة الغربية ـ سؤالًا مؤجَّلًا، مؤجَّلًا لا لأنه غاب عن الوعي، بل لأنه بقي أسيرًا بين التبعية والتقليد، أو بين الاستلاب والجمود. وفي هذا المسار المتوتر، برزت مشاريع فكرية حاولت أن تُخرج العقل العربي من أزمته، وأن تؤسّس لتصوّر جديد للذات والآخر، للعقل والدين، للتراث والحداثة.
ومن بين هذه المشاريع، استوقفتني كمشتغل بالفكر والكتابة ثلاث محطات مركزية في المشهد العربي المعاصر: محمد عابد الجابري، الذي خاض معركة "نقد العقل العربي" بمنهج بنيوي تاريخي صارم؛ وطه عبد الرحمن، الذي اختار أن ينحت مشروعًا قيميًا أخلاقيًا بعمق روحي وفلسفي أصيل؛ ونايف بن نهار، الذي دخل ساحة الفكر بتفكيك جريء للمؤسسة الدينية السلطوية، متحديًا السائد ومؤسسًا لخطاب تحرري لا يخشى الاصطدام بالواقع.
ما شدّني إلى هؤلاء المفكرين الثلاثة هو أن كلًّا منهم حاول، من زاويته الخاصة، أن يعيد مساءلة المفاهيم المؤسسة للثقافة العربية: ما العقل؟ ما علاقة الدين بالسلطة؟ كيف نواجه الحداثة دون أن نخسر ذواتنا؟ وهل يمكن تأسيس حداثة عربية ـ إسلامية دون أن نستنسخ النموذج الغربي؟ هذه الأسئلة ليست مجرد قضايا نظرية، بل هي إشكاليات وجودية تمسّ الكينونة الحضارية للأمة.
في كتابه الأهم "تكوين العقل العربي"، رسم الجابري معالم مشروع تفكيكي للعقل العربي، مميزًا بين ثلاثة نظم معرفية (البياني، العرفاني، البرهاني)، معتبرًا أن الخلاص يكمن في ترسيخ البرهان كمنهج عقلاني حداثي. أما طه عبد الرحمن، ففي مؤلفاته مثل "الحق العربي في الاختلاف الفلسفي" و"روح الحداثة"، قدّم قراءة عميقة للحداثة من الداخل، داعيًا إلى تأسيس "حداثة إيمانية" تنقذ الإنسان من فقدان المعنى. في حين جاء نايف بن نهار، في كتبه مثل "جدلية الدين والسياسة" و"الخطاب الديني المعاصر"، ليضع يده على الجرح السياسي الذي جعل الدين أداة طيعة في يد السلطة، ورفع راية التفكيك في وجه المؤسسات المغلقة.
ما يجمع هذه المشاريع ـ رغم اختلاف المناهج ـ هو سعيها للإجابة عن سؤال واحد: كيف ننهض؟ لكن ما يفرّقها هو تصورها لماهية الأزمة: فالجابري يراها أزمة في البنية العقلية، وطه يراها في انطفاء البعد الأخلاقي والروحي، ونايف في تواطؤ الخطاب الديني مع السلطة.
وهذا التباين لا يُضعف قيمة أي مشروع، بل يُغني خارطة الفكر ويُضيء لنا بأن النهضة لن تكون بزاوية واحدة، بل بتكامل العقل، والأخلاق، والتحرر.
إن هذه الورقة تحاول أن لا تكتفي بتقديم تلخيص أو مقارنة سطحية، بل تنحو نحو الغوص في البنية العميقة لكل مشروع، لا من أجل المفاضلة، بل لاستخلاص عناصر القوة والقصور، علّنا نسهم في فتح أفق جديد للفكر العربي نحو نهضة طال انتظارها، ولا تزال ملامحها تتشكل في مدارات النقد والفكر والمساءلة.
العقل النقدي وتحرير الوعي.. بين الجابري والتاريخ المسكوت عنه
"كل فكر لا يُمارس النقد هو فكر قابل للاستعباد".. (محمد عابد الجابري)
في محاولة فهم تشكُّل "العقل العربي"، لا يمكن تجاهل مشروع محمد عابد الجابري، الذي شكل علامة فارقة في الفكر العربي المعاصر. لقد سعى الجابري إلى إخراج العقل من أسر التقليد، والى بناء عقل نقدي، عقل يعي ذاته وتاريخه، ويملك أدوات التجاوز لا مجرد التكرار. لكن السؤال المحوري هنا هو: كيف قرأ الجابري العقل العربي؟ ولماذا ربط أزمة النهضة ببنية هذا العقل لا بظروفه السياسية فحسب؟
نقد العقل أم نقد الذاكرة؟
يرى الجابري أن أكبر عائق أمام انطلاقة عربية جديدة هو "بنية العقل العربي" كما تشكلت في سياقات تاريخية معينة. في مشروعه الضخم "نقد العقل العربي"، لا يكتفي بتوصيف أزمة الفكر، بل يحاول تفكيك النظم المعرفية التي وجهت هذا العقل:
أحد أهم إسهامات الجابري هو ربط البنية المعرفية بالتكوين التاريخي والسياسي للمجتمعات الإسلامية. لقد فهم أن العقل لا يعمل في فراغ، بل يتشكل في قلب الصراع على السلطة، بين الفقهاء، والفلاسفة، والمتكلمين، والسلاطين.ـ البياني: الذي يتغذى على النصوص والشروح.
ـ العرفاني: الذي يستند إلى الحدس والكشف الصوفي.
ـ البرهاني: الذي يمثل العقل الاستدلالي البرهاني المنطقي.
يرى الجابري أن النظام البرهاني هو القادر وحده على بناء عقل حداثي عقلاني، في حين أن النظم الأخرى كرّست الجمود والتكرار، وأعاقت النقد والمساءلة.
لكنه لا يقع في فخ الرفض الجذري للتراث، بل يمارس عليه عملية “الحفر المعرفي”، مميزًا بين ما يمكن استعادته، وما يجب تجاوزه.
الجابري والتفكيك التاريخي
أحد أهم إسهامات الجابري هو ربط البنية المعرفية بالتكوين التاريخي والسياسي للمجتمعات الإسلامية. لقد فهم أن العقل لا يعمل في فراغ، بل يتشكل في قلب الصراع على السلطة، بين الفقهاء، والفلاسفة، والمتكلمين، والسلاطين.
لذلك، فإن تفكيك البنية المعرفية للعقل العربي يعني أيضًا تفكيك التواطؤ التاريخي بين الفكر والسلطة. هنا يظهر البعد السياسي لمشروع الجابري:
ـ لم يكن هدفه إعادة إنتاج التراث، بل تحرير العقل من "التاريخ المسكوت عنه" الذي كُتبت فيه كثير من معارفنا باسم الدين، لكنها كانت أحيانًا أدوات للهيمنة.
حداثة بلا استلاب
رفض الجابري الحداثة المستوردة كنسق فوقي يُفرض على المجتمع، كما رفض التقليد الأعمى للغرب. لقد نادى بـ "تحديث من الداخل"، تحديث يستند إلى نقد الذات، لا محاكات الآخر، ويرتكز على استعادة “التراث البرهاني” كأداة عقلانية.
لكن المشروع لم يكن خاليًا من التحديات:
ـ تعرّض الجابري لنقد حاد من مفكرين رأوا أن نزوعه العقلاني أغفل البعد الروحي أو الأخلاقي.
ـ كما اتُّهم أحيانًا بـ "تغريب الفكر" حين دعا إلى قطيعة معرفية مع نظم البيان والعرفان.
رغم ذلك، يظل مشروعه أحد أكثر المشاريع الفكرية العربية صرامة واتساقًا.
تحرير الوعي.. المهمة المستمرة
إن ما يجعل فكر الجابري ملحًا اليوم، هو أنه لا يقف عند حدود الأكاديمية، بل يحمل بعدًا تحرريًا واضحًا:
ـ تحرير الوعي من الأسطورة.
ـ تحرير المعرفة من التكرار.
ـ تحرير الدين من التوظيف السياسي.
وفي ظل التحولات العميقة التي تعيشها مجتمعاتنا، تزداد الحاجة إلى “عقل نقدي” لا يخاف من الحفر في التربة العميقة للتراث، ولا ينجرف مع سطحيات الحداثة.
الجابري في مرآة اليوم
اليوم، بعد عقدين على وفاته، تبقى أعمال الجابري مرجعًا لفهم أزمة العقل العربي، ولكننا أيضًا بحاجة إلى تطوير مقاربته: فالعقل العربي اليوم لا يواجه فقط تراثًا جامدًا، بل يواجه أيضًا سلطة رقمية، وفرة معرفية غير نقدية، وأزمات هوية مركبة، ومشروع الجابري كان تأسيسيًا، لكن الأجيال الجديدة مطالبة بتركيب جديد يجمع بين النقد العقلي والوعي الأخلاقي والروح التحررية.
رفض الجابري الحداثة المستوردة كنسق فوقي يُفرض على المجتمع، كما رفض التقليد الأعمى للغرب. لقد نادى بـ "تحديث من الداخل"، تحديث يستند إلى نقد الذات، لا محاكات الآخر، ويرتكز على استعادة “التراث البرهاني” كأداة عقلانية.من الواضح أن الجابري لم يكن مجرد ناقد للتراث، بل كان معماريًا للفكر العربي الحديث. لقد وضع حجر الأساس لعقل عربي ناقد، عقل يرفض التقديس، ويستأنف الحوار مع الماضي من موقع الفاعلية لا من موقع الخضوع.
وإذ نتابع في المقال القادم قراءة مشروع طه عبد الرحمن، سنكتشف وجهًا آخر للأزمة: إنها ليست فقط أزمة عقل مغلق، بل أزمة ضمير مفرغ من القيم. وهناك، سننتقل من "تفكيك البنية العقلية" إلى "بعث الروح الأخلاقية".
المراجع:
ـ محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي
ـ محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي
ـ حوارات وندوات منشورة للجابري
ـ أعمال نقدية معاصرة حول مشروعه (انظر: رضوان السيد، جورج طرابيشي، فهمي جدعان)
*كاتب وإعلامي