نشرت صحيفة "إيكونوميم" التركية مقال رأي للكاتب أوصال شاهباز بين فيه تغير منهج أوروبا في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، حيث كانت القمة الأخيرة التي عقدت في باريس تحت عنوان "قمة الذكاء الاصطناعي والفرص"، في حين أن القمة التي سبقتها في لندن كانت تحت عنوان "قمة الذكاء الاصطناعي والأمن"، إذ أن هذا التحول في الاسم من "الأمن" إلى "الفرص" يعكس التفاعل القائم بين السياسة والتكنولوجيا.



وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاول تحويل اجتماع باريس إلى فعالية تسويقية تظهر قيادة فرنسا في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا. وفي هذا السياق، أعلن رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، قبل يوم واحد من القمة، عن استثمار يتراوح بين 30 إلى 50 مليار يورو لإنشاء مركز بيانات في فرنسا بقدرة 1 غيغاوات.

وأضاف الكاتب أن شركة "ميسترال" الفرنسية للذكاء الاصطناعي كانت حاضرة في كل مكان خلال القمة. كما أن هذه القمة، التي شهدت مشاركة جهات غير حكومية مثل الشركات ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب الوفود الرسمية، أُقيمت لأول مرة بتنسيق "متعدد الأطراف".

ويرى الكاتب أنه من الصعب القول إن ماكرون كتب قصة نجاح في باريس. ففي قمة لندن، تم التركيز على مخاطر الأمان في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بينما حددت قمة سيئول خارطة طريق لتعزيز كفاءة كل دولة في هذه المجالات. أما في باريس، فقد فقدت هذه العناوين أولويتها.

وعلى الرغم من ذلك، لم توقع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على البيان الختامي الذي وقعه الصينيون والأوروبيون. ويبدو أن تغيير ماكرون لاسم القمة من "الأمن" إلى "الفرص" بعد استشعاره للجو العام، لم يكن كافيًا لإقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. أما بريطانيا، فقد امتنعت عن التوقيع لأن البيان لم يتضمن خطوات ملموسة كافية.



وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن الاتحاد الأوروبي يعيق الشركات الصغيرة من خلال قوانين مثل قانون الخدمات الرقمية وقانون حماية البيانات العامة. فقد أكد نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، الذي مثل بلاده في القمة، أن الإفراط في تنظيم الذكاء الاصطناعي قد يضر أكثر مما ينفع، مضيفًا أن الدولة لا يجب أن تمنع البالغين من الوصول إلى الأفكار التي تراها "معلومات مضللة". مما أثار رد فعل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي بدا عليها الذهول عند سماع تصريحاته.

وأكد الكاتب أن لكل دولة رؤيتها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي. فالصين، مثلًا، تركز على الرقابة الحكومية وتطوير خوارزميات "وطنية" تتماشى مع قيم الحزب الشيوعي، لكنها تفعل ذلك بذكاء ووفق احتياجاتها. أما الاتحاد الأوروبي، فهو يتبع نهج "السلامة أولًا، ثم الابتكار" عبر قانون الذكاء الاصطناعي، الذي يصنف الأنظمة إلى أربع فئات من المخاطر، ويمنع تقنيات مثل التعرف على الوجوه في الأماكن العامة، بينما يفرض تدقيقًا صارمًا على الذكاء الاصطناعي المستخدم في التوظيف، والقضاء، والصحة، والتعليم.

وأثار ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض، قلقًا في بروكسل بشأن كيفية تطبيق القانون الجديد، لدرجة أن بعض التشريعات المتعلقة بحماية المستهلك من أخطار الذكاء الاصطناعي قد جُمّدت.



ولفت الكاتب إلى أن الولايات المتحدة لم تكن تتدخل كثيرًا في تنظيم الذكاء الاصطناعي، ومع عودة ترامب إلى الحكم، أُلغيت قرارات بايدن المتعلقة بتنظيم هذا المجال، مما ترك الساحة مفتوحة تمامًا. ثم أعلن ترامب عن مشروع "ستار جيت"، وهو استثمار بقيمة 500 مليار دولار مع شركة اوبن إيه آي لإنشاء مراكز بيانات، محوّلًا قضية الذكاء الاصطناعي إلى مشروع عقاري ضخم.

وأكد الكاتب أن هذا التوجه لا يقتصر على أمريكا، إذ أعلنت الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن بدء استخدام الذكاء الاصطناعي في إصدار الأحكام القضائية، وهو أمر يُعد "عالي الخطورة" وفقًا للتشريعات الأوروبية. وهنا يطرح السؤال نفسه: أيهما تفضل؟ حكمًا فوريًا تصدره خوارزمية، أم انتظار القضاء البشري لخمس سنوات؟

ويخلص الكاتب إلى أن الحوكمة العالمية للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تمر بتحول جذري، حيث يتراجع الخطاب المثالي حول التعاون الدولي، ليحل محله نهج أكثر واقعية وتوجه نحو الانقسام بدلًا من الوحدة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية الذكاء الاصطناعي الفرص الذكاء الاصطناعي قمة باريس الفرص التحول العالمي سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی الکاتب أن

إقرأ أيضاً:

ميتا تستقطب علماء الذكاء الاصطناعي من المنافسين

استقطبت "ميتا" مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي لدى كبرى الشركات المنافسة، ومن بينها غوغل، من أجل تأسيس فريق جديد يركز على تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي الشامل (artificial general intelligence)، وذلك حسب تقرير من بلومبيرغ.

ويتزامن هذا التقرير مع تصريح الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان -في بودكاست مع شقيقه جاك ألتمان- بأن "ميتا" حاولت استقطاب مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي في "أوبن إيه آي" عبر عروض ورواتب وصلت إلى 100 مليون دولار، ولكنها فشلت في ذلك حسب تقرير موقع "تيك كرانش" التقني.

New episode of Uncapped with @sama. Enjoy ???? pic.twitter.com/2IxYt3B4Gm

— Jack Altman (@jaltma) June 17, 2025

وأضاف تقرير "تيك كرانش" -على لسان سام ألتمان- مجموعة من التعليقات بشأن وضع "ميتا" الحالي وما تقوم به من جهود للوصول للذكاء الاصطناعي الشامل، مؤكدا أن "أوبن إيه آي" لديها فرصة أكبر في تحقيق الذكاء الاصطناعي الشامل مقارنةً ببقية الشركات، وذلك بفضل البيئة الإبداعية التي ترعاها الشركة، مشيرا لكون "ميتا" تركز على الرواتب أكثر من تركيزها على البيئة الإبداعية.

نواة لفريق جديد

وأكد تقرير بلومبيرغ أن موجة الانتقالات والتعيينات التي تخوضها "ميتا" الآن هي جزء من مساعي الشركة لتأسيس فريق ذكاء اصطناعي جديد يعزز من موقف الشركة وسط الشركات المنافسة.

لذا كان من المحوري أن تستقطب الشركة مجموعة من أبرز الأسماء في عالم الذكاء الاصطناعي، وهو ما يحاول زوكربيرغ القيام به شخصيا، حسب تقرير بلومبيرغ الذي أكد أن الرئيس التنفيذي للشركة يجري في بعض الأحيان المقابلات بنفسه من منزله ويتصل بالمرشحين شخصيا.

"ميتا" استقطبت مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي لدى كبرى الشركات المنافسة، ومن بينها غوغل (مواقع التواصل)

وأشارت بلومبيرغ إلى نجاح زوكربيرغ في استقطاب جاك راي، باحث رئيسي في "غوغل ديب مايند" (Google DeepMind) فضلا عن يوهان شالكويك رئيس قسم التعلم الآلي في شركة "سيسامي للذكاء الاصطناعي الصوتي" (Sesame)، وذلك عبر إنفاق عشرات الملايين من الدولارات إلى جانب عرض بعض أسهم الشركة ضمن هذه الصفقات، حسب ما جاء في التقرير.

إعلان

وفي مقدمة المواهب الجديدة الواردة إلى "ميتا" يأتي ألكسندر وانغ (28 عاما) مؤسس شركة "سكيل إيه آي" التي استثمرت "ميتا" فيها 14 مليار دولار مقابل 49% من أسهم الشركة، ومن المتوقع -حسب بلومبيرغ- أن ينتقل مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي في الشركة إلى "ميتا"، إذ تسعى الأخيرة لتعيين 50 عالم ذكاء اصطناعي جديدا.

مقالات مشابهة

  • أبل تدرس الاستحواذ على Perplexity AI لتعويض تأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي
  • “سدايا”: حجم الإنفاق على الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى 202 مليار دولار بحلول 2028م وسيحدث تحولًا كبيرًا على مستوى الأعمال والاقتصاد العالمي
  • الذكاء الاصطناعي في التحكيم الرياضي بين الدقة والتحديات
  • محتوى بلا بشر… الذكاء الاصطناعي يغزو تيك توك والارباح تتضاعف
  • غوغل تطور البحث الصوتي.. تفاعل ذكي مدعوم بـ«الذكاء الاصطناعي»
  • وضع الذكاء الاصطناعي.. رهان غوغل الجديد لمواجهة منافسي البحث
  • المغرب يحافظ على صدارة شمال إفريقيا في مؤشر التحول الطاقي العالمي
  • مش خطر على شغلك| الذكاء الاصطناعي يزيد راتبك بنسبة 56%
  • تدريب طلاب للمشاركة بأولمبياد الذكاء الاصطناعي العالمي
  • ميتا تستقطب علماء الذكاء الاصطناعي من المنافسين