في مساء شتوي دافئ، تخابرت مع صديقنا الودود د. عبد الباقي، فتحولت النفس إلى شعور بالدفء والارتياح. أما أنت، يا من تنوي التواصل مع هذا الرجل، فلتكن على أهبة الاستعداد؛ المعرفة وحسن الإصغاء زاد لا غنى عنهما في حضرته.
تعالوا نقترب أكثر لنتحدث عن د. عبد الباقي، ذاك الطبيب الماهر الذي لا يشق له غبار في مجاله، أما الجانب الآخر منه، فهو بيت القصيد.
“بُقّة”، كما يحلو لأصحابه مناداته، يشاركنا الوجدان والجغرافيا. وخلال تلك المحادثة، كنتُ محظوظاً إذ سمعته يسرد عن الأسفار وأحوال الناس في جنوب غرب الجزيرة، فتجلّى لي كمنجم معرفة بتفاصيل المنطقة من كل زاوية. ثم أشار علينا بشدّ الرحال إلى باريس، مدينة الجمال والنور، تلك الحسناء التي تستحق الزيارة. لكن يا للخسارة! بيني وبينها بحر الشمال وتذكرة طائرة لم أحظَ بها بعد!
تحدثنا بحماس عن أيقونات باريس، تلك المزارات العريقة التي تُعد من أروع ما تزخر به أوروبا، وعلى رأسها برج إيفل، ذلك الصرح الأسطوري الذي طالما تخيلناه أحد عجائب الدنيا. أما اللوفر، فحدث ولا حرج! متحف الأحلام الذي تسكن أروقته تحفٌ تروي قصص الحضارات وتعكس سحر التاريخ. وكيف يُذكر باريس دون الشانزليزيه؟ ذاك الشارع الباذخ بالأناقة، حيث تمتزج روائح القهوة الفرنسية بعطور العابرين، وتنبض المدينة بحياة لا تهدأ.
وهكذا، بين الحلم والتخطيط، تبدو رحلة باريس أقرب من مجرد فكرة عابرة، بل وعد يترقب لحظة التنفيذ. وبهذا اتفقنا على تحقيق حلم واحد، حلمٌ قد آن أوانه.
سفرٌ مؤجل ولقاءٌ مرتقب:
طالما راودني حلم لقاء صديقي الإسفيري عثمان يوسف، ذاك الذي جمعني به فضاء الإنترنت فصار كأنما هو جارٌ لي أو رفيق درب. ما أروع أن تلتقي بأناس يألفونك وتألفهم، حتى تتمنى أن يجمعكم لقاء وجهاً لوجه! كنا دائماً نحدّث بعضنا عن سفرٍ مشترك، وكان آخر حديث بيننا يدور حول باريس، وكأنما تقاطع الحلم في أذهاننا، إذ وجدته يخطط لزيارة نفس الأماكن التي لطالما تمنيتُها—اللوفر، الشانزليزيه، وبرج إيفل.
أوصيته بألا ينسى حمل طبلته ومفتاحه، حتى يتسنى لنا زيارة “كبري الطبالي” الشهير، والتجول في ساحات باريس وبيوت الأزياء، حيث تعبق الموضة برائحة العصر. وهنا، داهمني شريط الذكريات، فاستحضرت أغنية البنات القديمة التي كانت تتردد في ساحات الجمال عندنا:
سايق العظمة سافر خلّاني وين
يا ماشي لي باريس…
جيب لي معاك عريس
شرطاً يكون لَبِيس…
ومن هيئة التدريس
كانت تلك الأغنية انعكاساً لأيام المجد، حين كان أساتذة هيئة التدريس حلماً للفتيات، قبل أن يتبدّد ذلك الزمن المجيد، ويتناثر أولئك الأماجد في أصقاع الأرض. لكننا، رغم كل شيء، على موعد مع العودة.
إلى باريس، إذن! وان طال السفر واحزم حقائبك، يا صديقي، واستجمع بعض الكلمات الفرنسية، حتى لا نجد أنفسنا في مأزق الطهي البحري هناك، فهم لا يترددون في تقديم الضفادع والصارقيل بكل فخر!
إلى لقاءٍ قريب، يحمل بين طياته حلماً يتحقق.
لكم منا كل الود والاحترام،
دكتور عبد الباقي أحمد عبد الباقي
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الباقی
إقرأ أيضاً:
باريس تدعو إسرائيل إلى "الانسحاب في أسرع وقت" من لبنان
دانت فرنسا، الجمعة، الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت، ودعت إسرائيل إلى "الانسحاب بأسرع وقت من جميع الأراضي اللبنانية"، وذلك في بيان لوزارة الخارجية.
وشنّت إسرائيل مساء الخميس غارات جوية على معقل حزب الله، هي الأعنف منذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024 وهدّدت الجمعة بمواصلة غاراتها إذا لم تنزع الدولة اللبنانية سلاح الحزب.
وقالت الخارجية الفرنسية: "تدعو باريس جميع الأطراف إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار".
وشددت على أن "فرنسا تؤكد مجددا أن آلية المراقبة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، قائمة لمساعدة الأطراف على مواجهة التهديدات ومنع أي تصعيد من شأنه أن يضر بأمن واستقرار لبنان وإسرائيل".
وأكدت الخارجية الفرنسية أن "تفكيك المواقع العسكرية غير المصرح بها على الأراضي اللبنانية من مسؤولية القوات المسلحة اللبنانية بشكل أساسي" مدعومة من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
وندد الرئيس اللبناني جوزيف عون بـ"الانتهاك الصارخ" لوقف إطلاق النار عقب الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وكانت آخر الغارات على الضاحية الجنوبية وقعت في 27 أبريل.