تعد مصر حليفًا جيو استراتيجى لـ الولايات المتحدة لأسباب متعددة ترجع فى أساسها إلى عدد من العوامل ذات الأهمية، أبرزها الموقع الاستراتيجى لمصر، إضافة إلى العنصر البشرى، والثقل السياسى والتاريخى، وهى الأمور التى تجتمع لتجعل للقاهرة مكانة خاصة فى الاستراتيجية الأمريكية على كافة الأصعدة الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية .

شكري وبلينكن يجريان مباحثات

وفي هذا الإطار، أجرى وزير الخارجية، سامح شكري، أمس الاثنين 21 أغسطس، اتصالًا هاتفيا بنظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين، والملفات والأوضاع في المنطقة وأبرزها الوضع في السودان وليبيا والنيجر وسوريا وفلسطين.

وقال المتحدث الرسمي باسم بوزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبوزيد، في بيان عبر صفحة الوزارة على فيسبوك، إن "سامح شكري وزير الخارجية المصري، أجرى اتصالاً هاتفيًا، مع وزير خارجية الولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، في إطار متابعة أبرز المستجدات على صعيد العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

بلينكن: على روسيا إنهاء حربها على أوكرانيا فورًا ارتفاع معدلات الرهن العقاري لأعلى مستوى في أمريكا.. تفاصيل

وأضاف أبو زيد، أن الوزيرين أكدا خلال الاتصال، على "أهمية العمل على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، بالدفع بمختلف أطر التعاون التنموية والاقتصادية والعسكرية".

وأردف أبوزيد في البيان أنه "تم بحث المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وبخاصة الأوضاع في السودان وليبيا والنيجر، ونتائج اجتماع لجنة الاتصال العربية الخاصة بسوريا، والتطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وتابع البيان أن "الوزيرين أكدا حرصهما على استمرار التنسيق والتشاور خلال الفترة القادمة، لمتابعة مسارات التعاون بين البلدين، والعمل المشترك من أجل مواجهة التحديات المتزايدة في المنطقة".

العلاقات المصرية الأمريكية

وسبق هذا الاتصال مكالمة أخرى أجريت بين الوزيرين في 4 أغسطس الجاري، تم خلالها بحث تنسيق الجهود لإنهاء الصراع في السودان، ودعم الممثل الخاص للأمم المتحدة عبدالله باثيلي في التوسط في مسار انتخابات ناجحة في ليبيا، وتعزيز تدابير متساوية للأمن والكرامة والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين.

من جانبه، قال الخبير في الشئون الأمريكية، الدكتور أحمد سيد أحمد، إن مصر تتمتع بثقل كبير في الأجندة والسياسة الأمريكية، خاصة في التعامل مع قضايا وملفات وصراعات مهمة في المنطقة، وينبع ذلك من العمق الاستراتيجي الذي يحكم العلاقات بين البلدين.

بلينكن يتحدث هاتفيا مع بول ويلن المعتقل الأمريكي بروسيا منذ 4 سنوات بعد خلافها مع الولايات المتحدة.. المكسيك تعلن قبولها لنتائج لجنة تجارة الذرة

وأضاف سيد، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة هي علاقات متشابكة ومترابطة على جميع المستويات الأمنية، والاقتصادية، السياسية، مشيراً إلى أنه يوجد إطار مؤسسي يحكم هذه العلاقات دائماً ويسهم في دفعها وتطويرها للأمام.

وأكد الخبير في الشئون الأمريكية، أن هذه العلاقات شهدت طفرة كبيرة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس دونالد ترامب، خاصة بعد أن تسببت سياسات إدارة الرئيس السابق أوباما، في إيجاد نوع من التباعد، ولكنها لم تصل إلى مرحلة القطيعة، لأنها علاقات استراتيجية متواصلة ومستمرة، مما يعكس دائما الرؤية الأمريكية في التعاون مع مصر في القضايا والأزمات وتحقيق الأمن والسلم الإقليمي والعالمي، مضيفاً أن التنسيق المصري الأمريكي، يمثل جزءا مهما في استراتيجية التعاون مع القضايا والملفات.

مصر والولايات المتحدةتعاون مشترك بين الولايات المتحدة ومصر

ويجمع مصر بالولايات المتحدة الأمريكية علاقات قوية خاصة خلال الأشهر الأخيرة، فعندما اشتعلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، عمل الرئيسان عبد الفتاح السيسي وجو بايدن معًا للتوسط في وقف إطلاق النار والالتزام بتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، وتلعب مصر اليوم دورًا أساسيًا في تثبيت التهدئة تمهيدًا لإطلاق جهود سلام جادة.

ومع ترقب إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا، لعبت مصر دورًا حاسمًا في التقريب بين جميع الأطراف، ومع انهيار مناقشات قمة برلين بشأن مستقبل ليبيا بما هدد انتخابات ديسمبر عملت مصر والولايات المتحدة بسرعة لضمان نجاح مؤتمر باريس حول ليبيا، وتعملان معًا لإبقاء عملية الانتخابات في مسارها الصحيح وإجراء الاستحقاقات في أوقاتها المحددة.

وفي أغسطس الماضي، عندما أنذرت الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان بالفوضى، عملت مصر والولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق مع الدول المجاورة للسماح لمصر بتزويد لبنان بالغاز الضروري لدعم وإعادة المستشفيات والشركات والخدمات الحكومية للعمل بعدما كانت على حافة هاوية.

ومع المخاطر والشكوك التي أثارها الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، نسقت وزارة الدفاع المصرية والقيادة المركزية الأمريكية مع 21 دولة عمليات جوية وبرية وبحرية مشتركة في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر، في رسالة للجميع بأن مصر والولايات المتحدة وحلفاؤها على أهبة الاستعداد لحماية السلام والاستقرار معًا.

وفي قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26)، وقفت مصر إلى جانب الولايات المتحدة ودول أخرى للإعلان عن التزامات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، واختيار مصر لقيادة جهود تغير المناخ وصولًا إلى استضافتها مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27 في شرم الشيخ يعد دليلاً واضحًا على الثقة الدولية في مصر الجديدة اليوم.

وتواكب جهود مصر المشتركة دوليًا مع الولايات المتحدة تقدمًا كبيرًا يقوده الرئيس السيسي في الداخل، بهدف حماية الأرواح وحقوق الإنسان بطريقة شاملة ومتوازنة لجميع المصريين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة شكري بلينكن وزير الخارجية سامح شكري السودان ليبيا النيجر سوريا فلسطين أمريكا مصر والولایات المتحدة الولایات المتحدة بین البلدین

إقرأ أيضاً:

متى تتراجع الولايات المتحدة؟

لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.

من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.

في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر

منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.

صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.

الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.

ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.

هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.

وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض

1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.

2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.

3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.

أفغانستان والعراق

في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.

وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.

ما الذي نتوقعه؟

من المقاومة:

- الثبات والتطوير.

- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.

- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.

- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.

- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.

من الشعوب:

- كسر الوهم الأمريكي.

- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.

- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".

- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.

ومن الحكومات:

- عدم الثقة بالقاتل.

- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.

- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.

- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.

الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.

مقالات مشابهة

  • وكيل خطة النواب: تحسين مناخ الاستثمار أولوية لمواجهة التحديات الاقتصادية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: لجنة وطنية لمواجهة الضغوط الأمريكية
  • وزير الخارجية: جهود مصرية مكثفة مع قطر والولايات المتحدة لوقف أعمال القتل بغزة
  • العراق ولبنان يؤكدان على تعزيز العلاقات بين البلدين
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟
  • مايك هاكابي: العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة متينة
  • أردوغان وزيلينسكي يبحثان العلاقات والتطورات الإقليمية والدولية
  • وزيرا خارجيتي سلطنة عمان وتونس يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية
  • الدكتور المصطفى: رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا تم بدون شروط مسبقة، ومسار العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بدأ للتو
  • الرئيس السيسي ورئيس وزراء اليونان يؤكدان دفع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين