عربي21:
2025-06-03@01:37:34 GMT

متى تتراجع الولايات المتحدة؟

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.



من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.

في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر

منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.

صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.

الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.

ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.

هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.

وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض

1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.

2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.

3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.

أفغانستان والعراق

في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.

وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.

ما الذي نتوقعه؟

من المقاومة:

- الثبات والتطوير.

- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.

- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.

- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.

- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.

من الشعوب:

- كسر الوهم الأمريكي.

- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.

- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".

- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.

ومن الحكومات:

- عدم الثقة بالقاتل.

- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.

- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.

- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.

الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء العراق غزة اليمن العراق امريكا غزة اليمن افغانستان قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلا إذا

إقرأ أيضاً:

ترامب: الولايات المتحدة ستضاعف الرسوم الجمركية 50% على الصلب

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى الولايات المتحدة لتصل إلى 50% بدلاً من 25%، في خطوة تهدف إلى دعم صناعة الصلب الوطنية، وتعزيز فرص العمل داخل البلاد. وجاء الإعلان خلال خطاب ألقاه الرئيس في مصنع شركة "يو إس ستيل" بمدينة ويست ميفلين بولاية بنسلفانيا.

وقال ترامب في كلمته: "سنرفع الرسوم الجمركية على الصلب المستورد إلى 50%، ما سيعزز مكانة صناعة الصلب ويؤمن الوظائف في الولايات المتحدة"، مؤكداً أن بلاده لا يمكن أن تستغني عن صناعة الصلب باعتبارها جزءًا أساسيًا من أمنها الاقتصادي والصناعي. وأضاف: "إذا لم يكن لديك الصلب، فلن يكون لديك بلد".

وجدد الرئيس الأميركي دعمه للصفقة التي تبلغ قيمتها 14 مليار دولار بين شركة "يو إس ستيل" الأميركية وشركة "نيبون ستيل" اليابانية، مشيرًا إلى أن الاتفاق سيحافظ على الطابع الأميركي للشركة ومقرها الرئيسي في بيتسبرغ، مع منح الحكومة الأميركية "حصة ذهبية" لضمان الإشراف المستمر على الصفقة.

وفي تصريحاته، أوضح ترامب أن شركة نيبون ستستثمر 14 مليار دولار على مدار 14 شهرًا في تطوير "يو إس ستيل"، الشركة الصناعية الأميركية العريقة التي يعود تاريخ تأسيسها لأكثر من 120 عامًا. وأشار إلى أن الصفقة ليست بيعًا كاملاً، بل "شراكة" استراتيجية تهدف لتعزيز الصناعة الأميركية، واصفًا الاتفاق بأنه "استثمار" ستظل فيه السيطرة للولايات المتحدة.

كما كشف ترامب عن خطة مرتقبة لإقرار أكبر تخفيضات ضريبية للطبقة العاملة في تاريخ البلاد، تشمل الإبقاء على معدلات ضرائب الدخل الحالية، وإلغاء الضرائب على الإكراميات وساعات العمل الإضافية، ما وصفه بـ"مشروع القانون الكبير والجميل" لدعم العمال الأميركيين.

طباعة شارك ترامب الرسوم الجمركية الصلب الولايات المتحدة الرسوم

مقالات مشابهة

  • تراجع الأسهم الأمريكية مع تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين
  • إيران تطالب بـ”ضمانات” من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • السلطات الأمريكية تكشف عن جنسية منفذ الهجوم على مسيرة دعم إسرائيل
  • السلطات الأمريكية تكشف هوية منفذ الهجوم على مسيرة داعمة لإسرائيل
  • اللقطات الأولى لهجوم استهدف مسيرة داعمة لإسرائيل بولاية كولورادو الأمريكية
  • مجلة أمريكية : صواريخ اليمن تربك كيان الاحتلال… وواشنطن تنأى بنفسها
  • لجان المقاومة : نحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية جريمة إبادة الجائعين في غزة
  • الصين تحذّر الولايات المتحدة من «اللعب بالنار» بسبب تصريحات وزير الدفاع الأمريكي
  • ترامب: الولايات المتحدة ستضاعف الرسوم الجمركية 50% على الصلب