رامي بن سالم البوسعيدي

 

يُشكِّل إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة في سلطنة عُمان خطوة محورية في تطوير البيئة القانونية والاقتصادية، ويعكس هذا التوجه رؤية استراتيجية لتعزيز المناخ الاستثماري وتحقيق العدالة الناجزة في القضايا ذات الطابع التجاري.

ويأتي هذا القرار استجابة لمتطلبات السوق الحديثة التي تتسم بتعقيد العلاقات التجارية وتشعبها؛ حيث ستتولى المحكمة النظر في جميع المنازعات التي يكون أحد أطرافها تاجرًا أو تتعلق بالأعمال التجارية أو عقود الاستثمار؛ مما يوفر آلية متخصصة وسريعة لمعالجة النزاعات التجارية بشكل يضمن الاستقرار القانوني والشفافية في التعاملات، ويعد تخصيص جهة قضائية لهذه النوعية من القضايا عاملًا حاسمًا في تقليل الضغط على المحاكم العامة من خلال وجود كادر قضائي متخصص يمتلك الخبرة والكفاءة في التعامل مع القضايا التجارية والاستثمارية على مختلف درجات التقاضي.

ووجود محكمة متخصصة بقضايا الاستثمار يسهم بشكل مباشر في تحسين بيئة الأعمال من خلال توفير إطار قانوني متطور يستجيب لاحتياجات القطاع الخاص والمستثمرين، ويعزز هذا التوجه ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء؛ حيث يمثل القضاء المتخصص عاملًا جوهريًا في تقليل المخاطر القانونية المرتبطة بالاستثمار. وتكمن أهمية المحكمة في قدرتها على تسريع الفصل في النزاعات التجارية، ما ينعكس إيجابًا على سرعة تنفيذ العقود وضمان استمرارية المشاريع دون تأخير بسبب التعقيدات الإجرائية، ويعد تسريع البت في القضايا الاقتصادية والتجارية مطلبًا أساسيًا في الأسواق الحديثة، خاصةً مع التوجه العالمي نحو تعزيز مناخ الاستثمار من خلال توفير بيئة قانونية مرنة وقادرة على حماية الحقوق وتطبيق القوانين بشكل فاعل.

وعلى المستوى الكلي، يُسهم إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة في تعزيز تنافسية الاقتصاد العُماني ورفع جاذبية السوق للاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ إذ إنَّ وجود منظومة قضائية متخصصة يقلل من درجة عدم اليقين القانوني ويمنح المستثمرين مزيدًا من الطمأنينة عند اتخاذ قرارات استثمارية طويلة الأمد، وتتماشى هذه الخطوة مع التوجهات العالمية التي تربط بين فعالية النظام القضائي وقدرته على حماية الحقوق التجارية وبين جذب رؤوس الأموال؛ فالاستثمارات الضخمة تتطلب بيئة قانونية واضحة وشفافة لضمان تنفيذ العقود وحل المنازعات بسرعة وكفاءة، وهو ما تحققه محكمة الاستثمار والتجارة من خلال آليات متطورة تتماشى مع المعايير الدولية في فض النزاعات الاقتصادية.

إضافة أن المحكمة الجديدة تدعم جهود المجلس الأعلى للقضاء في تحسين مؤشرات جاذبية الاستثمار وتعزيز ثقة المستثمرين في النظام القانوني العُماني، ويأتي هذا التطور ضمن استراتيجية أوسع تستهدف تحسين بيئة الأعمال ودعم "رؤية عُمان 2040" التي تُركِّز على تنويع الاقتصاد وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يكون لمحكمة الاستثمار والتجارة دور محوري في تسهيل ممارسة الأعمال من خلال الحد من التأخير في حل النزاعات وتقديم حلول قضائية متخصصة تتسم بالكفاءة والسرعة، كما يعكس هذا التوجه إدراك السلطنة لأهمية توفير بيئة قانونية متطورة قادرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادي المُستدام.

ولا يقتصر أثر المحكمة على تسريع الفصل في المنازعات فحسب؛ بل يمتد ليشمل خلق بيئة أعمال أكثر استقرارًا وشفافية، مما يُسهم في رفع تصنيف السلطنة في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال؛ حيث إنَّ وجود قضاء متخصص في القضايا التجارية يمنح المستثمرين المحليين والأجانب ضمانات قانونية واضحة ويقلل من التكلفة الزمنية والمالية المرتبطة بالنزاعات الطويلة، كما أن المحكمة توفر آلية قانونية مرنة تتلاءم مع متطلبات العصر وتحديات الاقتصاد الرقمي وأسواق المال؛ ما يعزز موقع السلطنة كمركز إقليمي جاذب للاستثمارات.

وأخيرًا.. نستطيع القول إنَّ إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة بمثابة خطوة استراتيجية تُعزِّز من تنافسية الاقتصاد العُماني وتوفر بيئة قانونية مستقرة تدعم جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتأتي ضمن إطار أوسع لتطوير المنظومة القضائية والاقتصادية؛ بما يتوافق مع المعايير الدولية ويعزز من مكانة السلطنة كوجهة استثمارية متميزة في المنطقة، وأن تسريع الفصل في القضايا التجارية وحماية حقوق المستثمرين، يساهمان بشكل مباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، ويعكسان التزام الحكومة بتوفير بيئة أعمال متطورة، تدعم النمو والتنافسية، في ظل التحولات الاقتصادية العالمية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير قطاع الأعمال يبحث مع السفير الصيني سبل تعزيز التعاون وفرص الاستثمار

بحث المهندس محمد شيمي وزير قطاع الأعمال العام، خلال لقائه، اليوم الخميس، في مقر الوزارة بالعاصمة الإدارية، مع السفير لياو ليتشيانج سفير جمهورية الصين الشعبية في مصر، سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتجارية والاستثماري.

وأكد المهندس محمد شيمي عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط بين مصر والصين والشعبين الصديقين، مشيدًا بالتطور الملحوظ في علاقات البلدين في مختلف المجالات والتي شهدت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة.

واستعرض الوزير مجالات عمل الشركات التابعة للوزارة، وفرص الاستثمار الواعدة المتاحة في مختلف القطاعات سواء الصناعات المعدنية أو الكيماوية أو الدوائية إلى جانب الغزل والنسيج والسياحة والفنادق والتطوير العقاري.

وتناول اللقاء عددًا من المشروعات المشتركة، وفي مقدمتها التعاون بين شركة النصر لصناعة السيارات، وشركة يوتونج الصينية الرائدة في إنتاج الأتوبيسات، حيث تم إنتاج أتوبيسات النصر سكاي بمواصفات عالمية وتم توريدها للعمل لدى عدد من شركات النقل السياحي، فضلا عن مشروعات تعاون أخرى مع الجانب الصيني لإنتاج طرازات متنوعة من المركبات، في إطار استراتيجية الدولة لتوطين صناعة المركبات وتعزيز الاعتماد على التكنولوجيا النظيفة والمستدامة.

وأكد انفتاح الوزارة وترحيبها التام بتعزيز التعاون مع الجانب الصيني والاستعداد لأساليب متعددة من الشراكة التي تحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، مشيرًا إلى أن الوزارة حريصة على تقديم التسهيلات المطلوبة لجذب الاستثمارات الأجنبية الجادة، وخاصة الصينية، وتوفير بيئة أعمال محفزة ومشجعة.

ومن جانبه، أكد السفير الصيني حرص بلاده على تعزيز التعاون المشترك مع مصر، وخاصة في ضوء العلاقات القوية والمتميزة بين قيادتي البلدين، والتي تمثل أساسًا متينًا لدفع الشراكة الاقتصادية إلى مستويات متقدمة.

وأشار إلى هناك اهتمامًا كبيرًا من الشركات الصينية بتوسيع نطاق التعاون مع الجانب المصري، والاستعداد للدخول في شراكات مع شركات قطاع الأعمال العام، والاستفادة من فرص الاستثمار الواعدة التي توفرها السوق المصرية.

مقالات مشابهة

  • محافظ دمشق: معرض “بيلدكس 22” يسهم في تعزيز بيئة الاستثمار وتبادل الخبرات
  • اتفاق وزيري خارجية مصر وحامبيا على تعزيز التبادل التجاري وزيادة فرص الاستثمار
  • صناعيون من حمص: اتفاقيات الطاقة خطوة في تعزيز بيئة الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة
  • وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى يؤكد خلال لقائه وفداً من أبناء الجالية السورية في استراليا أهمية تعزيز التواصل بين الجهات الحكومية والجاليات السورية في المهجر، للاستفادة من خبراتهم في مختلف المجالات ولا سيما المجال الإعلامي، بهدف دعم جهود وزارة الإعلام
  • ترامب ينتقد قرار المحكمة بشأن إلغاء الرسوم التجارية
  • المجلس التصديري للأثاث يبحث خطط المعارض الدولية وجذب بعثات المشترين
  • وزير قطاع الأعمال يبحث مع السفير الصيني سبل تعزيز التعاون وفرص الاستثمار
  • الزراعة: إعطاء 6.8 مليون جرعة تحصين لرؤوس الماشية في 2025
  • وزير الخارجية يبحث مع وزير الصناعة والتجارة المغربي تعزيز التبادل التجاري والاستثماري
  • وزير الزراعة يبحث تعزيز الاستثمار الزراعي مع رومانيا