سودانايل:
2025-06-15@10:08:04 GMT

الشيطان ولا الكيزان

تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT

تأمُلات
كمال الهِدَي

. إن خيروني بين الإطمئنان للشيطان أو الكيزان فسوف أختار الأول بكل تأكيد.

. فالشيطان معلوم، وقد علمنا ديننا كيفية تجنب شروره ومحاولات تنكره، أما الكوز فهو كائن خطير، خسيس، خبيث، قاتل، مجرم، لص، عميل، خائن، وكاره للوطن وأهله، متلون ومخادع يصعب التعامل معه، ولا يأمن شروره إلا من متعهم الله بعقول راجحة تماماً وأصحاب المواقف الراسخة رسوخ الجبال.



. لكن ما تقدم ليس مبرراً لدعم ومساندة ما يجري في نيروبي.

. وليخجل من نفسه كل مثقف كان داعماً للثورة على موقف مساندة الجنجويد تحت أي مبرر أو حجة واهية.

. لا لأي سبب غير أن الجنجويد صنيعة الكيزان الذين إستعدوا الشعب السوداني وقتلوه وشردوه ونهبوا ثرواته فثار ضدهم وأوشك أن يرمي بهم في مزابل التاريخ لولاء أخطاء وتقاعس وخذلان بعض من تولوا أمر ثورة الشباب بعد إنطلاق شراراتها الأولى.

. وطالما أن الجنجويد صناعة كيزانية خالص وتمكين برهاني كامل الدسم، وبما أنهم شاركوا كيزانهم جميع الجرائم التي أُرتكبت في حق جميع السودانيين بمختلف أعراقهم وألوانهم ومناطقهم طوال العقود الماضية، فلا يستقيم عقلاً أن يصطف أي ثائر حقيقي مع أي من الطرفين (الكيزان والجنجويد).

. لا يستقيم عقلاً أن يهتف ثائر في تلك القاعة بنيروبي بشعار الثورة (حرية سلام وعدالة) في الوقت الذي يفتك فيه جنود من يهتف وسطهم بأهلنا في القطينة وغيرها، هذا موقف مخجل لو يدركون.

. وهل غسل الجنجويد أيديهم من جرائمهم السابقة والحالية وأقروا بها وأعتذروا عنها وقدموا مرتكبيها للمحاكمات حتى تحاول إقناعنا يا مثقف وثوري غير كامل الدسم بأن هذا هو الموقف الصحيح!

. منطق أن الحكم على الميثاق والحكومة الموازية يحتاج بعض الوقت حتى نرى ما هو برنامجهم وكيف سيتصرفون منطق بائس في نظري ومجرد محاولة لإقناع النفس بموقف غير سليم.

. فقد جربنا مثل هذه المواقف البائسة، والإنتظار غير المبرر كثيراً ولم نجن سوى الخراب.

. فالكيزان أنفسهم عندما انقلبوا على السلطة في ٨٩ بدأ الكثيرون جدلاً عقيماً حول ماهية الإنقلابيين وما سوف يطرحونه من برامج متجاهلين المؤشرات الواضحة التي أكدت منذ الوهلة الأولى أن الإنقلابيين لابد أن يكونوا طغاة متجبرين سيقودون البلاد وأهلها للهلاك.

. وبعد أن تكشفت الأمور واقتنع بعضنا بأنهم كذلك كانوا قد بدأوا يتمكنون من السلطة.

. وعندما إنقلب البرهان على حكومة ثورة ديسمبر أعِدنا نفس الخطأ، وبدلاً من اتخاذ موقف سريع وحاسم ظللنا نمني الأنفس بكلام ساذج عن أن العالم لن يقبل بالإنقلابات بعد اليوم، وأن اللجنة الرباعية أم الثلاثية لا أذكر قالت كذا وكذا، وكأن العالم مدينة فاضلة معنية برفاهية من يعيشون فيها من الضعفاء الذين ينتظرون الحلول من الآخرين.

. الكلام الذي سمعناه من الحلو وعبارة " لا يهم من يحكم السودان، بل كيف يُحكم" سمعناها أيضاً كثيراً حتى صارت أسطوانة مشروخة.

. فجبريل ومناوي وأردول وهجو وكل الأرزقية الذي شكلوا حاضنة للبرهان بعد إنقلابه كانوا يرددون مثل هذه العبارات وغيرها من الشعارات الجاذبة من "دعم الهامش" وخلافها.

. وما أن وجدوا طريقهم للسلطة رأينا كيف أنهم زادوا أهل الهامش تهميشاً وفقراً، ونهبوا مع سادتهم كل موارد البلد.

. فما الذي يضمن لك يا مثقف أن يكون الحلو صادقاً فيما يردده الآن بعد أن رفض في السابق كافة دعوات الحوار حتى مع رئيس وزراء حكومة الثورة!

. الشتائم والسباب والسخرية من بعض الشخصيات التافهة ممن توجهوا لنيروبي مثل سندالة وغيره أيضاً ليس موقفاً جاداً، ولا مخرجاً من المأساة العظيمة التي نعيشها.

. فقبل أن تسب وتسخر عليك يا مواطن أن تكون جاداً ومسئولاً ولو لمرة واحدة في هذا الظرف العصيب و تعاتب نفسك، لأن كل رويبضة صار شخصية معروفة بسببك أنت وبفعل (الكوبي بيست) الذي صار عادة لغالبية السودانيين مستنيرين ومتوسطي تعليم.

. كل يعيد نشر ما يقع عليه بصره دون تأنٍ أو تفكير في العواقب.

. صحيح أن جهاز أمن الكيزان وظف بعض ضعاف النفوس من الإعلاميين والمطربين والناشطين والحربويات من الكتاب وإداريي الأندية لإلهاء الناس، لكن كان من الممكن إفشال هذا المخطط الخبيث لو تمتعنا بالوعي الكافي والتريث.

. لكن المؤسف أننا ساعدناهم بأكثر مما كانوا يتوقعون.

. إذاً أي مجرم شارك في تأجيج النيران بالإصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك وبذر بذور الفرقة والشتات بين السودانيين ساهمت أنت نفسك كمواطن بقدر كبير في صناعته فلا نلومن إلا أنفسنا، وعلينا أن نقر بهواننا وضعف حيلتنا وسذاجتنا وجرينا المستمر وراء (الشمار) بجهالة نُحسد عليها.

. الوطن يمر بمنعطف بالغ الخطورة ونحن كما نحن محلنا سر نكتفي بالسخرية والتندر في غير محله، ونبدو مثل (جُهال) لا يدركون حجم الأهوال التي تسبب لنا فيها الكيزان وجنجويدهم لنزيد نحن الطين بِلة بغفلاتنا المستمرة وتبسيطنا للأمور.

. الوجع بلغ حداً لا يطاق علي وطن يتسرب من بين أيدينا بهذه البساطة.

. عندما بات الجنوب على بعد خطوات من الإنفصال أحسست بألم شديد وتوقعت أن نتحرك كشعب لمواجهة الحملات (التطفيشية) التي قادها الكيزان في الأشهر التي سبقت الإستفتاء، لكننا للأسف لم نحرك ساكناً.

. والآن ها نحن نقف على أعتاب إنفصال جديد ستعقبه أغلب الظن إنفصالات أخرى ولا يلوح في الأفق ما يشير إلى إستفادتنا من أخطاء الأمس، بل يتضح جلياً أننا سنعيد ذات الأخطاء ببلادة لم أجد لها مثيلاً، وبالرغم من ذلك لا يمل بعضنا من ترديد عبارات من شاكلة " ثورتنا ثورة وعي".

. والواقع أنني لم أسمع طوال عمري بشعب واعٍ يقبل بتفكيك بلده دون أن يتخذ فعلاً جاداً لمنع ذلك.

. قال المجتمعون في نيروبي الكثير عن وحدة السودان بالرغم من وفرة المؤشرات التي تؤكد غير ذلك، وعموماً أمام هذا الخنوع والضعف الشعبي واللا مبالاة العجيبة ليس أمامنا غير أن نقول " ربنا يكضب الشينة".

. وما دام الشعب فاقد للحيلة إلى هذه الدرجة ستتقزم طموحاتنا كثيراً ليصبح خلافنا معهم حول هذه الوحدة، فإن أصروا عليها وقلبوا كل المؤشرات وخذلونا في توقعاتنا سنحمد المولى عز وجل على ذلك، وبعدها يكون لكل حادث حديث، أما الجدية والسعي المسئول لوقف الحرب عند هذا الحد فيبدو أنه أصبح من المستحيلات أمام الإصرار على مواقفنا السلبية وجهلنا بالعواقب الوخيمة.

kamalalhidai@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الحاشية: الوجه الخفي الذي يشوّه صورة المسؤولين !!

بقلم : تيمور الشرهاني ..

تتجلى أحياناً صورة المسؤول في أبهى صورها: إنسانٌ وديع، متواضع، يحمل في قلبه الكثير من الإنسانية والاحترام للجميع. إلا أن ما لا يراه الكثيرون أن دائرة النفوذ المحيطة بهذا المسؤول قد تتحول إلى عامل تشويه لصورته، نتيجة تصرفات غريبة تصدر عن بعض أفراد الحاشية من دون رقيب أو حسيب.

لا سيما تتراكم الحوادث التي تثبت أن بعض المقربين من المسؤولين يتجاوزون حدود اللباقة والسلوك السوي. منهم من يجتهد من تلقاء نفسه، متخذاً قرارات فردية لا تعكس توجيهات أو رغبات المسؤول ذاته، ومنهم من يترك لمزاجيته العنان في التعامل مع الناس، فيسقط إرهاصاته النفسية ومشاكله العائلية على عامة الناس بلا وازع من ضمير.

ما يزيد الأمر تعقيداً هو غياب بعض المسؤولين عن متابعة تفاصيل تصرفات الحاشية، مما يمنح هؤلاء مساحة واسعة للتسلط والإساءة، خصوصاً حين تكون الضحية من أصحاب الوقار والهيبة في المجتمع !! . ورغم أن تربية هؤلاء الضحايا ترفض الرد بالمثل، إلا أن الألم يبقى قائماً، والجرح لا يندمل بسهولة.

هذه دعوة صريحة إلى كل مسؤول يتبوأ منصباً في الدولة: راقب تصرفات حاشيتك، وراجع سلوك المحيطين بكَ، فهناك من يتصرف خارج السياق والاحترام، ويهدد سمعتك قبل كل شيء. فالجميع يدرك أن البشر ليسوا أنبياء، ولكن المسؤول الحقيقي هو من يتحمل مسؤولية أفعاله وأفعال من حوله، ويحاسب قبل أن يُحاسب.

تيمور الشرهاني

مقالات مشابهة

  • عاجل| وزير الخارجية الإيراني: دفاعنا هو رد على الاعتداء الذي تعرضنا له وسنتوقف عندما يتوقف العدوان علينا
  • الذي لم يراه عمار نجم الدين
  • جنرال لم يُحْرِز نصراً قَطْ!!
  • النمر يوضح أسباب التعرق الذي يبلل الملابس اثناء النوم
  • من هو محمد حسين باقري رئيس الأركان الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • ما الذي حدث في إيران ؟ ولماذا لم تُطلق المضادات؟
  • الحاشية: الوجه الخفي الذي يشوّه صورة المسؤولين !!
  • هل شاهدت سمكة الشيطان النادرة من قبل؟.. فيديو قد يبهرك
  • توقف قطارات النقل في تونس عن العمل.. ما الذي حصل؟
  • حكومة المساومات،،، كامل إدريس بين سطوة المليشيات وفوضي الكيزان