تتجه روسيا إلى المضي قدمًا في خطتها لإنشاء أول قاعدة بحرية لها في أفريقيا على البحر الأحمر بعد سنوات من الانتظار، وهو ما قد يجعل موسكو مثل الولايات المتحدة والصين في المنطقة، اللواتي يمتلكن قواعد في جيبوتي.

وجاء في تقرير لموقع "المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات" أن البحر الأحمر يعد أحد الممرات المائية في العالم الذي يحظى بأهمية إستراتيجية؛ حيث يربط قناة السويس بالمحيط الهندي ويؤمن عبور حوالي 12 بالمئة من التجارة العالمية.



وفي شباط/ فبراير 2024، قام وزير الخارجية السوداني علي يوسف أحمد الشريف بزيارة إلى موسكو، حيث التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، وعقب الاجتماع قال إن البلدين توصلا إلى "اتفاق كامل" بشأن القاعدة الروسية، وهو ما عزز مبادرة من شأنها أن تسمح بتمركز ما يصل إلى أربع سفن حربية ونحو 300 جندي هناك على مدى 25 عاما.

وأشار التقرير الذي ترجمع "عربي21" إلى أنه خلال الفترة الاستعمارية، تم رسم حدود السودان بشكل مصطنع دون مراعاة الاختلافات العرقية والدينية، مما أدى إلى حرب أهلية شبه دائمة لا تزال آثارها مستمرة إلى حدود الساعة. 

وفي سنة 2011، انقسمت البلاد إلى جزأين، حيث أجرى جنوب السودان استفتاءً وأعلن نفسه دولة مستقلة، وعليه، تتسم العلاقات بين الدولتين بالتوتر، وتصل أحيانًا إلى مواجهات مسلحة.


في الوقت نفسه، يشهد السودان حربًا أهلية شرسة في السنوات الأخيرة، ففي 15 نيسان/ أبريل 2023، اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وتعليقًا على الاتفاق بشأن القاعدة البحرية الروسية كتبت صحيفة "خبر7" التركية  أنه خلال الحرب الأهلية المستمرة في السودان، تحافظ روسيا على اتصالات وثيقة مع كل من الجيش والجماعات المسلحة الأخرى. 

وفي هذا السياق، تلتقي وفود روسية رفيعة المستوى مع مسؤولين سودانيين في بورتسودان وتحاول تعزيز التعاون العسكري مع المنطقة.

ويرى الخبراء أن الوجود الروسي في السودان أمر بالغ الأهمية بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بمستقبل القواعد الروسية في سوريا، معتبرين أن القاعدة العسكرية الجديدة في السودان ستمنح موسكو ميزة استراتيجية كبيرة في البحر الأحمر.

وفي مؤتمر صحفي مشترك، صرّح سيرغي لافروف بأن المحادثات ركّزت بشكل خاص على الحرب المستمرة في السودان بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع، مؤكدًا أن موسكو مهتمة بتطبيع الوضع في السودان وتلتزم بوقف الأعمال القتالية في أسرع وقت ممكن من خلال إطلاق حوار وطني ينبغي أن يشمل جميع القوى السياسية والإثنية والدينية في البلاد.

وأضاف لافروف أنه بعد استقرار الأوضاع في السودان، ستتهيأ الظروف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث سيكون أحد الأولويات مساعدة السودان في استغلال موارده المعدنية، مقابل قيام روسيا بتزويد السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية. بموجب الاتفاق، يجب ألا يتجاوز الحد الأقصى لعدد الأفراد العسكريين في القاعدة الروسية في بورتسودان 300 فرد، كما لن يُسمح بوجود أكثر من أربعة سفن روسية في الميناء في نفس الوقت.

وأشار موقع "يورآسيان تايمز" الهندي الكندي إلى أن روسيا تواصل توسيع وجودها العسكري في النقاط الإستراتيجية حول العالم، مما يمنحها إمكانية الوصول إلى طرق بحرية حيوية. كما أوضح الموقع أن القاعدة البحرية في السودان ستكون أول منشأة عسكرية بحرية دائمة لروسيا في إفريقيا، مما يجعلها تحظى بنفوذ مماثل للولايات المتحدة والصين في المنطقة.

ولفت موقع "يورآسيان تايمز" الانتباه إلى أن القاعدة البحرية على ساحل السودان من شأنها أيضاً أن تساعد روسيا على تعويض الخسارة المحتملة لقاعدة ميناء طرطوس في سوريا. في ظل عدم الاستقرار في سوريا والهجمات المنتظمة على البنية التحتية قد تصبح القاعدة السودانية جزءًا من إستراتيجية روسية واسعة النطاق لتوسيع نفوذها العسكري في أفريقيا. كما أن إنشاء مركز دائم للدعم اللوجستي في السودان سيمنح روسيا القدرة على الاستجابة السريعة للتغيرات في الوضع الإقليمي، بالإضافة إلى ضمان تنفيذ العمليات البحرية في المحيط الهندي.

وذكر الموقع أن المفاوضات حول إنشاء قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر قائمة منذ سنة 2017، عندما اقترح الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير على روسيا إقامة مركز للدعم اللوجستي للبحرية الروسية خلال زيارته إلى سوتشي. ومع ذلك، حالت الأحداث اللاحقة، بما في ذلك الانقلاب العسكري سنة 2019، دون تنفيذ المشروع.


وفي سنة 2020، تم التوصل إلى اتفاق يمنح روسيا الحق في نشر ما يصل إلى أربعة سفن حربية، بما في ذلك السفن النووية، في السودان لمدة 25 عامًا. وكان المشروع يهدف إلى إنشاء قاعدة ذات وظيفة دفاعية، تركز على دعم الاستقرار والسلام في المنطقة.

وأردف الموقع أن خطط موسكو واجهت تهديدًا جديدًا مع اندلاع الحرب الأهلية في السودان في نيسان/ أبريل 2023، بحيث عطل الصراع بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية خطط بناء القاعدة. ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن روسيا توفر حوالي 87 بالمئة من إجمالي واردات السودان من الأسلحة، مما يعكس الدور المحوري لموسكو في تقديم الدعم العسكري لهذا البلد.

ونقل الموقع عن المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني: "الجيش السوداني في أمسّ الحاجة إلى الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار لطائراته الحربية المصنّعة في روسيا. تقديم قاعدة بحرية لروسيا مقابل ذلك هو الخيار الأفضل".

وفي محاولاتها لمنع تعزيز نفوذ روسيا في أفريقيا ومن أجل الفوز بالموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان، بما في ذلك مناجم الذهب، تسعى الولايات المتحدة بأي ثمن إلى منع إنشاء قاعدة بحرية روسية في ميناء بورتسودان. وفي سبيل ذلك، تحاول تحقيق هذا الهدف بأيدي أطراف أخرى.

وعليه، في 24 أيلول/ سبتمبر 2023، وفي مطار شانون الأيرلندي، جرى "اجتماع غير مقرر" بين فولوديمير زيلينسكي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان. وقد أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية هذه الرواية، مشيرة إلى أن خط المواجهة بين أوكرانيا وروسيا يمتد الآن إلى أفريقيا.


وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن مشاركة كييف في نزاع داخلي في دولة أخرى تنطوي على مخاطر سياسية كبيرة، خاصة في ظل تردد الغرب في تقديم دعم إضافي لأوكرانيا.

وفي ختام التقرير نوه الموقع بأن الوضع الجيوسياسي العالمي تغير بعد وصول ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، ومن غير المعروف كيفية رد فعل واشنطن على تصرفات كييف في إفريقيا خاصة في ظل وضوح طموحات الرئيس الأمريكي الحالي تجاه الدول الغنية بالموارد الطبيعية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية روسيا قاعدة بحرية السوداني السودان روسيا البحر الاحمر قاعدة بحرية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البحر الأحمر إنشاء قاعدة قاعدة بحریة أن القاعدة فی السودان روسیة فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

اليمن يتقدّم أولويات إسرائيل .. خطة موسّعة ضد صنعاء

ووفقاً لمعلومات نقلتها القناة، فإن الجهات المختصة في الجيش والأجهزة الاستخباراتية تعمل «على مدار الساعة»، في انتظار الإشارة السياسية للانطلاق، وإن تل أبيب «تعرف كيف تكرّر ما فعلته خلال 12 دقيقة في إيران، وتنفّذه في اليمن»، في إشارة إلى العملية الجوية الخاطفة التي نفذتها إسرائيل ضد منشآت عسكرية إيرانية أخيراً واغتالت خلالها عدداً من القادة العسكريين الإيرانيين.

خطة إسرائيلية لضرب «أنصار الله» في اليمن تعكس تحوّلاً في الأولويات الأمنية، وسط فشل الحسم الأميركي ومأزق الردع في البحر الأحمر.

 وجاء هذا التصريح في سياق تقييم أمني شامل أجراه وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي اعتبر أن غزة واليمن باتا الجبهتين الأكثر سخونة، مقابل فتور نسبي في جبهتي لبنان وسوريا. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن اليمن لم يعد ساحة هامشية كما كان خلال العامين الماضيين، حيث تولّت الولايات المتحدة بالوكالة عن إسرائيل استهدافه؛ وبات حالياً يتقدّم اليمن إلى مركز الأولويات الأمنية الإسرائيلية، خصوصاً بعد أن أصبحت العمليات اليمنية (صواريخ ومسيّرات) تشكّل تهديداً ماثلاً لإسرائيل.

ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي المتزايد، في ظل تعطّل كامل في العمل في ميناء «إيلات» - المنفذ البحري الحيوي الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر -، بعد سلسلة استهدافات شنتها حركة «أنصار الله» ضد سفن شحن متّجهة نحو الموانئ الإسرائيلية. ودفعت هذه الهجمات شركات الملاحة إلى تقليص رحلاتها في اتجاه إسرائيل، وهو ما رفع بدوره كلفة التأمين البحري، وحمّل الاقتصاد الإسرائيلي أعباءً إضافية.

ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن يؤدي استمرار هذا الواقع إلى تكريس «تفاهم غير معلن» بين واشنطن وصنعاء في شأن وقف إطلاق النار، وهو ما تعتبره تل أبيب مقدمة لتثبيت واقع إستراتيجي جديد يكرّس دور «أنصار الله» كقوة بحرية فاعلة من مضيق باب المندب إلى قناة السويس، الأمر الذي ترى فيه إسرائيل تهديداً يتجاوز أمنها القومي ليطال الأمن البحري الإقليمي والدولي.

وليست تلك المخاوف وليدة اللحظة؛ إذ سبق أن وجهت إسرائيل، منذ أكتوبر 2023، نحو ست ضربات إلى اليمن، استهدفت - بحسب ادعائها - منشآت مرتبطة بالبنية اللوجستية والعملياتية للحركة؛ لكن تل أبيب، كما واشنطن قبلها، لم تحقّق «حسماً عملياتياً» من ذلك. وتفيد تقارير عسكرية واستخباراتية غربية بأن «أنصار الله» أعادت بناء قوتها العسكرية على قاعدة التحصينات التحتية، حيث أنشأت شبكة أنفاق تمتد لعشرات الكيلومترات، مزودة بمصاعد كهربائية، وأنظمة تهوئة ذكية، ومولدات مستقلّة، وتضم مخازن للصواريخ ومراكز قيادة محصّنة يصعب استهدافها جواً. وقد عجزت القوات الأميركية، خلال حملتها المكثّفة في البحر الأحمر مطلع 2024، عن تعطيل هذه البنية أو وقف الهجمات «الحوثية» الجوية والبحرية.

وبالتوازي مع التهديدات العسكرية، أفادت تقارير عبرية بأن إسرائيل أعادت توجيه أقمارها الصناعية نحو اليمن، وبدأت عمليات استخبارية لالتقاط بيانات الاتصالات الهاتفية من المحطات الهوائية داخل مناطق سيطرة «أنصار الله»، في محاولة لتفكيك بنية القيادة والسيطرة التابعة للحركة، بالاستفادة من تجربتَي حربيها على لبنان وإيران.

ورغم تسارع التحضيرات العسكرية، تبدو إسرائيل مدركة لتعقيدات الساحة اليمنية. فالجغرافيا الصعبة، والبعد الكبير عن حدودها، والتجربتان السعودية والأميركية، كلها أمور غير مشجعة، وتجعل من خيار «حرب الاستنزاف» أمراً مستبعداً، على عكس ما يجري في غزة أو جرى في إيران. وحتى الضربات الجوية المحدّدة، تواجه تحديات كبيرة في فعالية التدمير، نظراً إلى طبيعة الأهداف المحصّنة.

ويرى محللون أن إسرائيل تميل، في ضوء ذلك، إلى تبني نهج «الضربات الذكية»: عمليات دقيقة عالية التأثير الرمزي، تستهدف شخصيات قيادية أو منشآت ذات بعد سياسي أو معنوي، مع تضخيم إعلامي يخلق انطباعاً بالردع ويعزّز معنويات الجبهة الداخلية الإسرائيلية، من دون الانجرار إلى صراع طويل ومكلف في ساحة بعيدة.

في المحصّلة، إسرائيل أمام معضلة إستراتيجية؛ فمن جهة، ثمة ضغوط متزايدة لضمان أمن الملاحة وكبح قوة «أنصار الله» المتنامية في البحر الأحمر، ومن جهة أخرى، ثمة إدراك بأن اليمن ليس مسرحاً قابلاً للحسم العسكري السريع. وهكذا، تتحرّك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بين خياري «الرسائل المحدّدة» و«الضربات الرمزية»، في محاولة لاحتواء التهديد، من دون إشعال حرب استنزاف جديدة.

"نقلاً عن الأخبار اللبنانية"

مقالات مشابهة

  • رفض قاطع.. وتوعد بإحباط المشروع.. الجيش السوداني يصف الحكومة الموازية بـ«المؤامرة»
  • لن نفرط.. وزير “المعادن” السوداني يعلن الحرب على مهربي الذهب
  • السيسي يتابع إنشاء محور لوجستي لربط البحرين الأحمر والمتوسط
  • انفصال فعلي".. حميدتي يعلن حكومة ومجلسا رئاسياً من قلب دارفور ويصعّد التحدي للجيش السوداني!
  • إجلاء أب وابنتيه علقوا على صخرة بحرية في تيبازة
  • منخفض الهند الحراري يهيمن على أجواء السودان
  • اليمن يتقدّم أولويات إسرائيل .. خطة موسّعة ضد صنعاء
  • حريق ضخم وانفجارات تهز أكبر قاعدة عسكرية في اليمن
  • عائشة الماجدي تكتب ✍️ رجال المرور ببورتسودان
  • الجنيه السوداني يتراجع إلى مستوى قياسي مع ارتفاع الواردات