عائض الأحمد
في صغرنا، كان الأكبر سنًا هو القائد، وعلينا أن نضع أقدامنا بعد أن يرفع قدميه، ولو كان أعمى بصر وبصيرة، وكل مؤهلاته عددا في أيام السنة، حتى لو أصابه الخرف، أو استعار خرقة بالية ليمسح بها الصدأ المتراكم على "عقله"، فما لنا غير السمع والطاعة تحت بند "أكبر منك بيوم "أغبى" عنك بسنوات"!
حينما أستحضر، تلك السذاجة المبطنة بالاحترام والموغلة في قلته أندب الوقت وأستحلفه بالله أن يبرء من تلك الصفحة إما بالمحو أو التجاهل وإن لم تكن هذه أو تلك، فخذ العبرة دون مساس بشخوص تلك المرحلة الراحلة إلى غير رجعة، وإن كان هناك من يستلهم بعضا من تصرفاته دون وعي معتقدا أنه المرجع والفهرس والحاشية، وكل أنماط الفروع تترابط بين يديه وتحت سمعه وبصره، فما لنا غير نهج العقلاء بحديث يشبه الصمت، فقمة الإزعاج لحظات تغافل العقلاء.
"السطوة" لم تكن تعني الأفعال فقط؛ فهناك من يسطو على دواخلنا ويسرق أعمارنا ويحيلنا إلى مجرد "عفش" زائد لا نفع منه ولا حاجة لأحد به، وإن تمنيت أن تكون مجرد ضوء في عتمة لمن مد يديه وأشعلك كفتيل زيت محترق يومض في يوم عصف نفعه، وتجاوزك وانحاز لمدبري الإنفاق وترشيد الطاقة وإخفاء الجهد، وعَصَر آخر حبه "زيتون" لأمةٍ أوشكت أنت تُفلس قبل أن تتذوق معنى من عاش حرًا مات بكرامة.
لماذا تظن أن هذه القواعد البشرية ملزمة ويجب العمل بها دون مشقة البحث أو السؤال؟ كفاهم يقينًا بأنك من سنها أو لم يعد كافيًا؟!
كان لي جار يرى أن أهل الحي مخطئون ويتعمدون مخالفته لدرجه العداء، فكان يذهب للبحث عن مسجد للصلاة فيه لأن "أبو صالح" وضع حذاء ابنه في موضع اعتاده، وذاك طفل؛ مما يعني "تعرُّضه لما قد يُبطل فرضه"! وهو يرتدي جواربه ويخاف أن يؤدي فريضته دون طهارة، فأرهقه خلع الحذاء والجوارب في كل مرة، فعزم ألا يأتي لمسجدنا وقاطع مجالسنا، خوفا على نفسه ودينه.
لم أكن أعتقد بأن هذا سببًا مقنعًا، ولقيته بعد سنوات فتجرأت على سؤاله فصعقني رده: "ومن قال لك يا أخي أنني أعني ذلك، والدي استحلفني بالله أن أقاطع أهل الحي اعتراضا على التقليل من قدره بتجاهل زيارته في مرضه أو أعد وليمة تليق بمقامه، هكذا كان".
واجتهادًا منى أقول: لو لم يكن لديه قناعة بكل هذا لما فعل، وكأن حاله يُرثى له بموافقته وحمق قبوله، والأكثر سوءًا هو رسالته بأنه يتعرض لمؤامرة في دينه.
ختامًا: الاختلاف لا يعني العداء، فأنت تستطيع الانصراف دون "مشقة" الاعتذار.
شيء من ذاته: الخبرة تنمو بالممارسة، والحكمة بالمُعَايَشَة، وكلهما سلوك إنساني.
لها: لم يتخطانا موعد قط، ساعتي البيولوجية تحاكي نبضات قلبك بالثواني.
نقد: البقاء لم يعد للأصلح والأفضل، الأشهر سَحَب بساط الأدنى موهبة وفكر.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لن يتحرر السودان كاملاً إلا بعودة قوية وفاعلة لقوات الاحتياط الشعبي، وليس مجرد الاستنفار
لواء البراء يتقدم، وقوات الاحتياط تبدأ من المحليات و الأحياء.
مكي المغربي
لن يتحرر السودان كاملاً إلا بعودة قوية وفاعلة لقوات الاحتياط الشعبي، وليس مجرد الاستنفار، إضافة إلى ضرورة وجود مكتب لمنسقيات قوات الاحتياط في كل محلية وكل وحدة إدارية، بل في كل حي وفريق، وكذلك منسقيات الشرطة الشعبية، في كل (كبسولة) في ميدان كما كانت سابقا.
صحيح أن الحل الاستراتيجي يتمثل في زيادة عدد الجيش والقوات النظامية بنسبة 300٪ وربما أكثر، إلا أن هذا الحل يتطلب عودة التعافي للاقتصاد الوطني وتحسين شروط الخدمة في القوات النظامية؛ ولذلك فإن هذا الواجب يمضي جنباً إلى جنب مع واجب التحرير، ولن يكتمل في الوقت الراهن. الأولوية هي التحرير، وسيعمل قانون الاحتياط الشعبي على تنظيم كل ما ذُكر، إلى دحر التمرد ووقوف السودان على قدميه.
قوات الإسناد الخاصة هي الاحتياط الشعبي حالياً وتعمل تحت إمرة القوات المسلحة، ولواء البراء بن مالك ومجموعات الإسناد الخاص تقوم بواجبها بتكليف الجيش.
أعجبني للغاية المؤتمر الصحفي الذي تناول فيه رئيس اللجنة العليا للاستنفار والتعبئة العامة تنظيمها في جميع ولايات السودان. لقد ظهر الأستاذ أبو القاسم أدروب مبتسما وبقدرات ممتازة في الاستماع والإجابة على أسئلة الصحفيين المباشرة الصعبة خلال المؤتمر الذي عقد في أمدرمان (الصمود). كما أود أن أوجه التحية لقائد قطاع شمال كردفان، محمد بدر الدين، والناطق الرسمي باسم لواء البراء بن مالك، الأستاذ الصحفي المجاهد عمار عبد الوهاب بشير.
كان مؤتمرا صحفيا ديموقراطيا بصورة أفضل من ديموقراطية قحت والعملاء المزعومة.
بالنسبة لي، وكما كتبت في إفادة باللغة الإنجليزية موجهة للخارج، فإن عدم الحشد والتعبئة تحت مظلة قوات الاحتياط الشعبي يعني ضياع الثروة الشبابية هدرًا، وربما يؤدي إلى انتشار مبادرات التجنيد العشوائية المبعثرة التي ستشجع مناخ الفوضى، خاصةً في ظل وجود إرهاب وعصابات في الساحل وشرق وغرب أفريقيا؛ إذن، لا بد من تنظيم التعبئة والانتشار في الاحياء وافتتاح الوحدات، للحراسة والتجنيد والتأمين ولرفع راية الجهاد من سواكن إلى نيالا، وجبل من عوينات إلى جبل موية.
وأهم من ذلك، ما يخصنا في الداخل وحتى يعود النساء والاطفال لبيوتهم، أن روح الجهاد في المجتمعات والإحياء تُعد الترياق المضاد للخيانة والتعاون والتخابر مع المليشيا التي ترغب في العودة عبر التفلتات والفوضى الأمنية. مجددا أقول .. لا يمكن تحقيق التحرير إلا بالعودة إلى الجهاد في سبيل الله ودحر العملاء من داخل المدن والأحياء والازقة والحواري وحتى العشوائيات.
ولذلك أؤيد تقدم لواء البراء إلى الأمام هذه الخطوة المباركة، وتبني التعبئة العامة وافتتاح العمل الإشرافي التنسيقي في كافة أنحاء السودان. وكما قال أبو القاسم أدروب: “نحن لا نتوقف عند مسمى أو شعار محدد”، ولذلك نقول له: إلى الأمام.
ونؤكد أن الخطوة المقبلة تتمثل في عودة منسقيات الاحتياط الشعبي ومنسقيات الشرطة الشعبية، وهو المطلوب إثباته، شاء من شاء وأبى من أبى.
والكلام ليك .. يا المطير … عينيك!
مكي المغربي
إنضم لقناة النيلين على واتساب