العراق لانقاذ طيرانه من العقوبات: تعثر القطاع العام ونجاح متزايد للقطاع الخاص
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
23 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: واجهت الخطوط الجوية العراقية على مدى سنوات طويلة تحديات كبيرة تمثلت في فرض الحظر والعقوبات الأوروبية بسبب عدم قدرتها على الالتزام بمعايير السلامة الجوية التي يحددها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا).
وأثر هذا الحظر بشكل مباشر على سمعة الشركة وأدائها التشغيلي، مما جعلها تعاني من تدهور في قدرتها التنافسية مقارنة بشركات الطيران الإقليمية الأخرى.
ويعكس هذا الوضع، من وجهة نظر تحليلية، ضعف البنية التحتية لقطاع الطيران في العراق، الذي ظل لعقود تحت وطأة الحروب والعقوبات الدولية، مما أعاق تطوير أسطوله الجوي وتحديث معداته.
ودعا العراق، في خطوة دبلوماسية وفنية، الاتحاد الدولي للنقل الجوي إلى تقديم الدعم اللازم لرفع الحظر الأوروبي عن الخطوط الجوية العراقية.
وبحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وفد من الإياتا سبل إنهاء هذا الحظر، في لقاء عكس التزام الحكومة بمعالجة القضية على أعلى المستويات.
وأوضح بيان رسمي أن الاجتماع تناول الخطة التي وضعتها لجنة مخصصة لتلبية متطلبات رفع الحظر، مع الإشارة إلى نسب التقدم المحرزة في هذا المجال.
وتُظهر إحصاءات دولية أن نسبة الشركات الجوية في الشرق الأوسط التي تعمل بأنظمة أتمتة متكاملة تصل إلى 70%، بينما يبقى العراق متأخراً في هذا المجال، مما يعزز الحاجة إلى استثمارات ضخمة.
وحققت شركة فلاي بغداد، في المقابل، إنجازاً مهماً بحصولها على رخصة تشغيلية من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، وهي خطوة أعادتها إلى مسار عملياتها الجوية. وأشار مصدر مطلع إلى أن هذا الإنجاز يعكس التزام الشركة بمعايير الطيران العالمية، مما يضعها في صدارة شركات الطيران العراقية الخاصة.
ويُعد هذا التطور مؤشراً إيجابياً على إمكانية النهوض بقطاع الطيران العراقي، لكنه يبرز في الوقت ذاته الفجوة بين أداء القطاع العام، ممثلاً بالخطوط الجوية العراقية، والقطاع الخاص الذي يبدو أكثر مرونة في مواجهة التحديات.
ويعكس هذا التباين بين الشركتين واقعاً أعمق يتعلق بإدارة الموارد في العراق، حيث يبدو أن الشركات الخاصة مثل فلاي بغداد تستفيد من مرونة أكبر في اتخاذ القرارات والتكيف مع المتطلبات الدولية. وتشير التقديرات إلى أن فلاي بغداد نقلت أكثر من 500 ألف مسافر سنوياً قبل تعليق عملياتها، وهو رقم يعكس قدرتها على استقطاب السوق المحلي والإقليمي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
كذبة المياه التركية: قادة العراق يعدون بالفيضان ويتركون الشعب يظمأ
14 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة: في قلب الشرق الأوسط، حيث يلتقي التاريخ بالتحديات الوجودية، يواجه العراق أكبر أزمة مياه في تاريخه الحديث، أزمة ليست مجرد نقص في الإمدادات بل تهديد يهز أركان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
أنهار دجلة والفرات، التي روت حضارات قديمة وغذت شعوباً لآلاف السنين، تتحول اليوم إلى شرايين جافة، تئن تحت وطأة الجفاف الذي يبتلع الأراضي الخصبة ويحول المزارع إلى صحاري قاحلة.
اجتماعات أنقرة: تفاهمات هشة أم خطوة نحو الإنقاذ؟في الأيام القليلة الماضية، أجرت وزارة الموارد المائية العراقية اجتماعات مكثفة مع مسؤولين أتراك في أنقرة، أسفرت عن مجموعة من التفاهمات المركزية حول أزمة المياه. رحبت الوزارة بهذه اللقاءات كخطوة إيجابية، حيث تم التوصل إلى إطار اتفاقي مبدئي لإدارة تدفقات نهري دجلة والفرات، يشمل زيادة الإطلاقات المائية الفورية إلى 500 متر مكعب في الثانية لكل نهر خلال أشهر تشرين الأول والثاني.
الاتفاق، الذي يُعد امتداداً لآليات مشتركة اتُفق عليها قبل عامين، يركز على إعادة تأهيل البنية التحتية المائية العراقية من خلال لجنة عمل مشتركة، مع التركيز على الإجراءات قصيرة المدى لتوجيه المياه نحو الجنوب المتضرر.
لكن هذه التفاهمات تأتي محملة بأمل هش، إذ يُنظر إليها كجسر مؤقت فوق هاوية الجفاف. الزيادة الموعودة في التدفقات، التي ارتفعت مؤخراً بنسبة تصل إلى 88% في بعض الأقسام من الفرات، قد تخفف الضغط الفوري على السدود والقنوات، لكنها لا تضمن استدامة طويلة الأمد.
وفي الواقع، يُشكل هذا الإطار خطوة دبلوماسية مهمة، إذ دعا الجانب العراقي إلى توقيع الاتفاق النهائي في بغداد قريباً، مع الإقرار المشترك بأن كلا البلدين يواجهان انخفاضاً في هطول الأمطار ومستويات الخزانات، مما يتطلب ترقية الشبكات داخل العراق إلى جانب التنسيق على التدفقات النهرية.
وعود السياسيين: زيارات متكررة وإطلاقات وهميةوراء الجدران الدبلوماسية، يتردد صدى وعود كاذبة ألقت بظلالها على الثقة العامة.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، زار عدد من المسؤولين العراقيين – من خميس الخنجر إلى صالح المطلك، مروراً بوزير الموارد المائية ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني – أنقرة مراراً، معلنين في كل مرة عن زيادات في الإطلاقات المائية كأنها منجزات تاريخية.
هذه الزيارات، التي غالباً ما تُروج كانتصارات دبلوماسية، أثارت موجة من الإحباط الشعبي، إذ تحولت الوعود إلى سراب يتبخر مع مرور الشهور. تركيا، التي تعد ولا تفي في كل الاجتماعات التي تجمع الطرفين، تستمر في استخدام المياه كورقة ضغط، مستفيدة من غياب معاهدة ملزمة تحدد الحصص السنوية لكلا النهرين.
هذا الفشل الذريع في الحصول على حصة ثابتة ليس مصادفة، بل نتيجة لعقود من التفاوض غير المتوازن، حيث يعتمد العراق بنسبة 90% على المياه الوافدة من تركيا. الإعلانات المتكررة عن زيادات مؤقتة، مثل تلك التي وعد بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة البرلماني العراقي محمود المشهداني في يوليو، سرعان ما تذوب أمام الواقع: تدفقات انخفضت إلى 120 متر مكعب في الثانية فقط في بعض الفترات، مما يعكس نمطاً من الخداع الدبلوماسي يُتهم به الجانب التركي.
هذه الوعود، التي تُباع للشعب كحلول سحرية، لا تفعل سوى تعميق الشعور بالخيانة، حيث يرى المواطنون فيها مجرد مسكنات لألم مزمن.
و في الجنوب، حيث يلتقي الظمأ بالغضب المكبوت، يواصل المتظاهرون احتجاجاتهم الليلية المتقدة، محولين الشوارع إلى ساحات صراع يومي.
ومن البصرة إلى ميسان وذي قار، يخرج الآلاف ليلاً ليطالبوا بحقهم في قطرة ماء نظيفة، محاصرين طرقاً رئيسية ومصانع نفطية في حركة احتجاجية تعبر عن يأس يفوق الوصف.
وهذه الاحتجاجات، التي اندلعت مؤخراً في أكثر من خمس محافظات، ليست مجرد صرخة؛ إنها ثورة صامتة ضد إهمال يهدد بتحويل المناطق الزراعية إلى أراضٍ مهجورة، ودفع عشرات الآلاف إلى الهجرة القسرية نحو المدن الكبرى.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts