من الإنسان الاجتماعي إلى الرقمي
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
منذ أنْ خلق الله الإنسان وهو في حالة تطور مستمر في حياته الإجتماعية حتى وصل لطفرة التكنولوجيا، وأوجد حالة من التفاعل معها حتى أصبح آلة روبورتية رقميّة، وكل ما يفكر فيه الإنسان ويتخيله سهل التحقّق في الفضاء الرقميّ السريع، فقد يتحول في أي لحظة إلى واقع محقق من حياته؛ لأن التقنيات الرقميّة هي نتاج فكره وتخيله، هذا يعني أنه قادر على صناعة التقنيات الرقميّة بشكل أساسي وفطريّ واستخدام الأجهزة الذكية والحواسب اللوحية بشكل حاسم.
من الملاحظ اليوم أنّ الإنسان أصبح في حيرة من أمره بين عالمين: عالمٍ اجتماعيّ بكل أدواته ومقوماته، وعالمٍ رقمي بكل تقنياته وتطبيقاته، لكن التساؤل: أيهما سينتصر وسيؤثر في الآخر: الاجتماعيّ أم الرقميّ؟ وهل سيبقى صراع التوازن بين هذين العالميْنِ؟
غزت تقنيات الذكاء الاصطناعيّ الرقميّة كل العلوم دون استثناء حتى العلوم الإنسانية التي تتكون من مجموع العلوم والاختصاصات التي تتناول النشاط الإنسانيّ، حتى وصل علم الجريمة الذي تحول من التقليديّة/الواقعيّة إلى الجرائم الإلكترونيّة، وأصبح حلها نصًا قانونيًا إلكترونيًا، وكما غيرت التقنيات الرقميّة طبيعة العلاقات الاجتماعية التي تحكمها القيم والعادات والتقاليد والأعراف حتى أصبحت تسير ضمن تقنيات ذكية، أي انتقال الإنسان الكائن المتفاعل اجتماعيًا إلى الإنسان الآلي الذي تحكمه شريحة مشفرة إلكترونيّة رقميّة ، وبذلك انتقل الإنسان من مجتمع قائم على علاقات اجتماعية مباشرة بين الأفراد إلى مجتمع يقوم على علاقات تتوسطها وسائط إلكترونيّة، وتحول المفهوم التقليدي للرابط الاجتماعيّ والعلاقة الاجتماعية لتؤسس طرحًا جديدًا في مضمونه الإنسان الرقمي ، اغترب فيه التفاعل الاجتماعيّ مع الأقارب والجيران في المجتمع الرقمي، وخلق تفاعلات جديدة بعيـدة عـن التنمـيط المفروض من الجماعة الأولية التقليدية؛ مما أدى إلى بروز الهُوية الفردية بدل سيطرة الهُويـة الجماعية الاجتماعية، إضافة إلى ذلك كشفتْ قلة اللقاءات الاجتماعية المتفاعلة بشكل مباشر ظهور مشاعر إلكترونيّة وتفـاعلات أسـرية رقميّة، مما يعني رقمنـة التفـاعلات الاجتماعية، وبالتالي تغيير طبيعة الهُوية الذي يحملها الإنسان في تفاعلاته اليومية.
أخيراً:
إن الإنسان لم يبقَ أسير العلاقات الاجتماعية التقليدية التي تنحصر في “الأسرة والجيرة والصداقة”، بل شكّل تفاعلات اجتماعية أخرى ازدادت انتشارًا بظهور المجتمع الرقميّ من خلال مواقع التواصل الاجتماعيّ التي انتقلت بسببها كثير من العلاقات إلى الواقع، وأصبحت تفاعلات اجتماعية حقيقة؛ وهذا ما يفسر أنّ المجتمع الرقميّ أثّر على تفاعلات الإنسان الاجتماعية، لكن ذلك لم يمنع الإنسان من حمل هُويات إجتماعية تقليدية متعددة، وهذا كله يعود إلـى طريقة تفاعله مع معاني المضمون الإجتماعيّ والثقافيّ للفضاء الرقميّ ، ونشير هنا أننا مع التطور الرقميّ شريطة أن يحافظ على إرثنا الاجتماعيّ، ويحمي موروثنا الثقافيّ الذي يخدم الإنسان الاجتماعي على هذه الأرض بكل الطرق الذكية.
shadyalkafarna@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: إلکترونی ة الرقمی ة رقمی ة
إقرأ أيضاً:
المسؤولية الاجتماعية في الحج..
صراحة نيوز ـ د. شريف بن محمد الأتربي
منذ خلق الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها، وهو يسخر لهم سبل العيش فيها، حيث علم أدم أسماء الأشياء قبل هبوطه ومن معه من الجنة إلى الأرض، ومن ثم أخذ آدم عليه السلام مسؤولية الحياة لكافة أبناؤه وتوارثوها فيما بينهم وستظل قائمة حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، هذه هي المسؤولية الاجتماعية في أبسط صورها، دعم الإنسان لأخيه الإنسان ليعيش حياة هانئة مستقرة.
في عصرنا الحديث ارتبطت المسؤولية الاجتماعية بالأفراد الأكثر حاجة، حيث عملت الدول والأفراد من خلال أنفسهم، أو من خلال الجمعيات الخيرية على دعمهم من خلال توفير الإعانات، والمآكل والملبس، والدعم المالي أيضا، بل أن كثير من هذه الجمعيات ساهمت في حماية أبناء هذه الأسر من الجهل من خلال توفير مقاعد دراسية لهم ودعم رحلة التعلم منذ بدايتها وحتى التحاق هؤلاء الأبناء بسوق العمل.
لم يعد توفير المأكل والمشرب والكسوة والدعم المالي فقط هي الخدمات التي تقدمها الجهات الضالعة بمهام المسؤولية الاجتماعية في الدولة؛ بل تعددت لتشمل المشاركة المجتمعية، وبناء المصانع، وتوفير الوظائف، وغيرها من الخدمات، كما عملت هذه الجهات على دعم الدولة أيضا في مجال المسؤولية الاجتماعية، حيث قدمت خدماتها في مجالات متعددة، مثل السقيا، والتعليم، والإرشاد الديني، وعالم الأعمال أيضا.
في موسم الحج تتجلى مسؤولية الجهات العاملة في مجال المسؤولية الاجتماعية، خاصة مع تشديد الرقابة على الحج وقصره على من يحملون تصريح سواء من الداخل أو الخارج، فالمسؤولية الاجتماعية تعتبر جزءًا أساسيًا من القيم الإسلامية، حيث تشجع على العطاء ومساعدة الآخرين خاصة في المواسم الدينية مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، وموسم الحج، حيث تساهم هذه القيم في دعم القرارات الحكومية التي تهدف إلى تسهيل أداء المناسك وتعزيز تجربة الحجاج.
إن نشر الوعي حول الأنظمة والقوانين المتعلقة بالحج، يعد واحدا من أهم جوانب العمل المجتمعي، حيث تلعب المسؤولية الاجتماعية دورًا مهمًا في ذلك من خلال الحملات التوعوية للمقيمين والجاليات وللمواطنين أيضا، حيث يمكن للمؤسسات التأكيد على أهمية الالتزام بتعليمات الدولة، مما يسهم في تنظيم عملية الحج بشكل أفضل.
يعد الحج فرصة للعاملين في مجال العمل الاجتماعي لإبراز جوانب الدعم المجتمعي للمواطن وللدولة، حيث تقوم المؤسسات والشركات بتقديم الدعم اللوجستي للحجاج، مثل توفير وسائل النقل والإقامة والتنقل بين المشاعر، هذا الدعم يسهم في تنفيذ قرارات الدولة المتعلقة بتنظيم الحج بشكل فعال، مما يضمن سلامة الحجاج وراحتهم.
إن المسؤولية الاجتماعية تلعب دورًا حيويًا في دعم قرارات الدولة المتعلقة بالحج، فهي من ناحية تسهم في تعزيز القيم الإنسانية، وتوفير الخدمات، وتحقيق التنمية المستدامة، ومن ناحية أخر تبرز التعاون بين الدولة والقطاعات الثلاثة: العام والخاص والقطاع غير الربحي، مما يُمكن من تحسين تجربة الحج وضمان نجاحها، وأيضا يعكس التزام المملكة بتقديم أفضل الخدمات للحجاج.