إجابة المضطر.. رسالة أمل من الله
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
المضطر هو ذلك الإنسان الذي بلغ به اليأس مبلغا عظيما، وانقطعت به الأسباب، ولم يجد لنفسه مخرجا من الكرب الذي ألم به. إنه ذلك الشخص الذي تضيق به الدنيا، وتنغلق في وجهه الأبواب، فلا يجد ملاذا إلا في دعاء الله والتضرع إليه.
قد يكون المضطر مريضا لا يجد دواء لمرضه، أو فقيرا لا يجد قوت يومه، أو مظلوما لا يجد نصيرا، أو تائها لا يجد هاديا، أو مدينا غير قادر على سداد دينه.
في هذه اللحظات، عندما تنقطع بنا الأسباب، وتتلاشى الآمال، لا نملك سوى التوجه إلى خالقنا، الذي بيده ملكوت كل شيء. في هذه اللحظات، تتجلى لنا عظمة قوله تعالى: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" (النمل: 62).
هذه الآية الكريمة ليست مجرد كلمات، بل هي البلسم الشافى لكل قلب موجوع، ونور يضيء دروب التائهين. إنها تذكرنا بأن الله هو الملجأ الوحيد في لحظات الشدة، وأنه هو القادر على إجابة دعاء المضطرين، وكشف كرب المكروبين.
إن إجابة الله لدعاء المضطر ليست دائمًا كما نتوقعها. فقد تأتي الإجابة على شكل فرج قريب، أو على شكل صبر جميل يعيننا على تحمل البلاء، أو على شكل حكمة نتعلمها من التجربة. المهم أن نثق بأن الله يسمع دعاءنا، وأنه سيجيبنا في الوقت الذي يراه مناسبا، وبالطريقة التي يعلمها خيرا لنا. فقد يجيب الله دعاءنا مباشرة، وقد يؤخر الإجابة لحكمة يعلمها، وقد يصرف عنا شرا أعظم، وقد يرزقنا خيرا مما طلبنا.
ولإجابة دعاء المضطر شروط، منها: أن يكون الدعاء خالصا لله تعالى، لا رياء فيه ولا سمعة. وأن يكون الداعي موقنا بأن الله قادر على إجابة دعائه. وأن يتضرع الداعي إلى الله تعالى، ويظهر له ضعفه وحاجته. ويجب أن يحسن الداعي الظن بالله تعالى، وأن يعلم أنه سيجيب دعاءه. وعلى الداعى أن يتجنب أكل الحرام، وأن يكون مطعمه ومشربه وملبسه حلالًا. ويستحب للداعي أن يدعو بالأدعية المأثورة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأن يختار الأدعية التي تناسب حاجته.
لقد شهد التاريخ الإسلامي العديد من القصص التي تجلت فيها قدرة الله على إجابة دعاء المضطرين. فكم من مكروب فرج الله كربه، وكم من مريض شفاه الله من سقمه، وكم من تائه هداه الله إلى طريقه. وفي واقعنا المعاصر، نرى العديد من الأمثلة على ذلك، فكم من شخص فقد الأمل في الحياة، ثم لجأ إلى الله بالدعاء، فأنقذه الله من يأسه، وأعاده إلى الحياة من جديد.
إن آية "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ" هي رسالة أمل لكل يائس، وبشارة خير لكل مكروب. إنها تذكرنا بأن الله معنا في كل لحظة، وأنه لن يتركنا وحدنا في مواجهة مصاعب الحياة. فلنلجأ إلى الله في لحظات ضعفنا، ولنتضرع إليه في لحظات يأسنا، ولنثق بأنه سيجيب دعاءنا، ويكشف كربنا، ويجعل لنا من كل ضيق مخرجا. ولنتذكر دائمًا أن الله هو "أرحم الراحمين".
وإذا لجأ إليك مضطر أو مكروب، تخلق بأخلاق الله فى إجابة المضطر، واعلم أنه هدية الله لك، فلا تتردد فى نجدته وفك كربه وإجابة طلبه، ما دمت قادرا على ذلك، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَة".ِ (رواه البخارى ومسلم، فى صحيحيهما).
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دعاء المضطر بأن الله أن الله لا یجد
إقرأ أيضاً:
ماذا نفعل حتى لا نصاب بالسحر؟.. أمين الفتوى يجيب
هل السحر حقيقة؟ وماذا نعمل حتى لا نصاب به؟ سؤال أجاب عنه الدكتور مجدى عاشور مستشار مفتى الجمهورية السابق وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.
وأجاب مجدى عاشور عبر صفحته الرسمية عن السؤال قائلا : إن السحر ذكر في قول الله تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانَ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسِ السحر) [البقرة : 102] ، وفي قوله سبحانه : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) [ الفلق : 4] والنفاثات هنا : الساحرات . وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "اجتنبوا السبع الموبقات (أي المهلكات) وذكر منها "السحر" [متفق عليه] .
وتابع: لذلك فهو من المنكرات العظيمة، ومن كبائر الذنوب ، ومن يفعله يرتكب إثما عظيما، ولا يُقبل منه عمل.
وأضاف: لكننا ننبه أن كثيرا من الدجاجلة يوهمون الناس بالسحر ، ليأخذوا منهم الأموال أو لينالوا الظهور والشهرة بين الناس. وما يذكرونه دجل وكذب ، وكلام عن الغيب بالباطل .
وأشار إلى أنه على المسلم الحقيقي ألا يلتفت لهذا ولا ينساق وراء هؤلاء المشعوذين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل وعليه أن يحصن نفسه بقوة الإرادة وبأن النافع والضار هو الله سبحانه ، وأن يتقي السحر وغيره بقراءة سورتي الفلق والناس كثيرا ، ولن يضره شيء إن شاء الله .
قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن السحر موجود لكنه من كيد الشيطان، ولكن كيد الشيطان ضعيف، فلا يوجد سحر يستمر لمدة طويلة من الزمن.
وأضاف أمين الفتوى، في تصريح له، أن السحر ينحل بقراءة الفاتحة على الشخص المسحور وآية الكرسي وخواتيم البقرة والمعوذتين، ولابد من اللجوء إلى الله، وعلى المسلم المصاب بهذا الأمر أن يطرد من نفسه وتفكيره هذه الوساوس.
وتابع: ينبغي علينا ألا نعالج النار بالنار ، ولا نذهب للمشعوذين ولا الدجالين، ونستبدل ذلك بالذهاب إلى الطبيب النفسي ، لأن العلاج النفسي له دور في الشفاء من هذه الأزمة.
دعاء الشعراوي لفك السحركشف الإمام الراحل محمد متولى الشعراوي، في حلقة مسجلة نادرة له عن دعاء فك السحر، مؤكدًا أن السحر لا يصيب الإنسان إلا إذا أراد الله تعالى ذلك.
وأوضح الشيخ الشعراوي في تفسيره قول الله تعالى: «وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» (سورة البقرة: 102)»، أنه ما دام البشر سيتعلمون ذلك، إذن كيف يحمي الحق سبحانه وتعالى خلقه من هذه المسألة؟، يكفي أن تعلم أن الله يقول «وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»، فلو أنك تتبعت هؤلاء لاستذلوك، واستنزفوك، وتركك الله لهم، لأنك اعتقدت فيهم.
فك السحروأضاف كاشفًا دعاء فك السحر: أما إن قلت: «اللهم إنك أقدرت بعض عبادك على السحر والشر، ولكنك احتفظت لذاتك بإذن الضر، فأعوذ بما احتفظت به مما أقدرت عليه بحق قولك الكريم: «وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ».
وتابع: بعد أن تقول دعاء فك السحر لايمكنهم الله منك، لكن إن استجبت لهم وذهبت لهم، يقولون: سنحل لك، وبالفعل يحل لك مرة، لكن إن ابتعدت عنه "يعقد لك" حتى تذهب إليه مرة ثانية».