حين تصبح الذئاب حليفا في مواجهة التغير المناخي
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
بعد مرور أكثر من مئتي عام على آخر مرة سُمع فيها عواء الذئاب في مرتفعات أسكتلندا، يعتقد الباحثون أن الوقت قد حان لعودة هذه المفترسات إلى هناك، حيث كانت تستوطن تلك العوالم منذ آلاف السنين.
ويبني الباحثون هذا الرأي على نتائج دراسة أجراها فريق من جامعة ليدز في المملكة المتحدة عن علاقة مثيرة بين وجود الذئاب ومكافحة التغير المناخي من خلال المساهمة في نمو الغابات، حيث أظهرت محاكاة جديدة أن عودة الذئاب قد تؤدي إلى خفض كبير في انبعاثات الكربون.
وقد شهدت المنطقة تراجعا حادا في أعداد الذئاب بسبب عمليات الصيد الجائر والأنشطة البشرية المكثفة، وكان آخر توثيق لعملية صيد ذئب قبل حوالي 250 عاما.
ومع هذا التراجع الحاد، بدأت معالم الطبيعة في البلاد تتغير بشكل دائم، لاسيما بعد تمرد اليعاقبة عام 1745 الذي شهد إزالة واسعة للغابات وإنشاء أراض مخصصة للصيد.
وبغياب الذئاب، تزايدت أعداد الغزلان الحمراء التي كانت تسيطر عليها المفترسات الطبيعية، ويُقدّر عددها نحو 400 ألف غزال، مما أدى إلى تدهور الأرض بسبب التهام الأشجار الصغيرة وإعاقة نمو الغابات. واليوم، تغطي الغابات المشجرة أقل من 4% من مساحة أسكتلندا، مما يجعلها واحدة من أدنى النسب في أوروبا وفق بيان صحفي رسمي صادر عن الجامعة.
وفي النظم البيئية، تلعب بعض الأنواع دورا حيويا في الحفاظ على التوازن الحيوي والبيئي، وتُعرف باسم "الأنواع الرئيسة" وتُعدّ الذئاب مثالا بارزا على ذلك. فمن خلال افتراسها لحيوانات الرعي والعشب مثل الغزلان الحمراء، تساهم الذئاب في الحفاظ على صحة الغطاء النباتي، مما يسمح للغابات بالنمو والاستمرار.
إعلانوقد أثبتت فكرة إعادة إدخال الذئاب لاستعادة التوازن البيئي نجاحها في أماكن أخرى من العالم، أبرزها حديقة يلوستون الوطنية بالولايات المتحدة. إذ ساعدت عودة الذئاب في الحد من أعداد الغزلان مما أدى إلى انتعاش الحياة النباتية، وهو ما انعكس إيجابيا على التنوع البيولوجي حيث استفادت منه العديد من الأنواع الأخرى.
وفي حال تطبيق هذا النموذج على أسكتلندا، يعتقد الباحثون في الدراسة المنشورة حديثا بدورية "بريتيش إكولوجيكال سوسايتي" أن إعادة إدخال الذئاب قد تسهم في استعادة انتشار الغابات في البلاد.
وتشير محاكاة الباحثين إلى أن إدخال الذئاب إلى 4 مناطق رئيسة في أسكتلندا قد يؤدي إلى تقليص كثافة الغزلان في هذه المناطق، مما يهيئ بيئة ملائمة لنمو الأشجار الصغيرة وتعافي النظم البيئية.
وبمرور الوقت، ستؤدي هذه الغابات المتوسعة دورا حاسما في امتصاص الكربون من الغلاف الجوي، مما يساعد البلاد على تحقيق أهدافها المناخية.
ويقدّر الباحثون أن كل ذئب يمكن أن يساهم في امتصاص نحو 6080 طنا متريا من ثاني أكسيد الكربون سنويا، وهو ما يعادل 195 ألف دولار بناء على أسعار السوق الحالية لائتمانات الكربون.
وتحمل هذه الاستعادة إمكانات هائلة على المدى الطويل، إذ يمكن لهذه الغابات الجديدة، على مدار 100عام، امتصاص ما يصل إلى 100 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، مما يسهم بشكل كبير في جهود أسكتلندا لمكافحة التغير المناخي.
كما أن توسّع هذه الغابات قد يساعد في تحقيق الأهداف المناخية الوطنية، إلى جانب توفير فرص اقتصادية لمالكي الأراضي والمجتمعات من خلال التمويل الكربوني، الذي يشمل بيع الائتمانات الكربونية الناتجة عن قدرة الغابات على امتصاص الكربون.
وعلى الرغم من الفوائد البيئية والاقتصادية الواعدة، فإن إعادة إدخال الذئاب إلى أسكتلندا لا تخلو من التحديات. إذ تُعد الصراعات بين الإنسان والحيوانات البرية، لا سيما مع الضواري الكبيرة، أمرا شائعا. ويقر الباحثون بأن نجاح إعادة الإدخال يتطلب سياسات عامة مدروسة بعناية.
إعلانويشير عالم البيئة والمزارع لي شوفيلد، المشارك في تأليف الدراسة، إلى أن تفهُّم مخاوف الجمهور وإشراك المجتمعات المحلية في عملية صنع القرار سيكون أمرا حاسما لضمان نجاح المشروع. ومن خلال الاستفادة من الدروس المستخلصة من عمليات إعادة إدخال الذئاب بالولايات المتحدة وأوروبا، يعتقد الفريق أن تنفيذ إستراتيجيات مناسبة يمكن أن يحقق توازنا بين احتياجات الإنسان والحياة البرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قمة الويب تغي ر المناخ التغیر المناخی من خلال
إقرأ أيضاً:
ابتكار محفز نانوي يحول ثاني أكسيد الكربون إلى كحول
روسيا – ابتكر فريق بحثي من روسيا وإيران وفرنسا محفزا يعتمد على مادة الغرافين وأكاسيد عدة معادن، يسمح بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كحول.
ويشير المكتب الإعلامي لمؤسسة العلوم الروسية إلى أن المحفز يحول غاز ثاني أكسيد الكربون بكفاءة عالية تصل إل 77 بالمئة إلى ميثيل بيوتانول وأنواع أخرى من الكحول وكيتونات لها أهمية لقطاع الصناعة.
ويقول أحمد أوستوفاري الأستاذ المشارك في الجامعة الوطنية للبحوث: “حدث التفاعل في ظروف الضغط الجوي ودرجة حرارة الغرفة، ما يجعل عملية التحويل مواتية من حيث الطاقة وسهولة العمل والتوسع. وتميز هذه الظروف المعتدلة الطريقة المبتكرة عن الطرق الأخرى لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون، التي تتطلب تكاليف طاقة كبيرة”.
ويذكر أن علماء الصحة والسلامة والبيئة يعملون منذ سنوات عديدة على ابتكار محفزات متنوعة تسمح بإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحويله إلى مواد خام قيمة للصناعة. فمثلا، ابتكر كيميائيون روس، بالتعاون مع زملائهم الصينيين، مؤخرا محفزا نانويا يعتمد على الكربون والإنديوم، يحول جزيئات ثاني أكسيد الكربون إلى حمض الفورميك.
واستمرارا لهذه البحوث ابتكر كيميائيون روس وإيرانيون وفرنسيون محفزا نانويا يسهل تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أنواع معقدة من الكحول وجزيئات عضوية أخرى. وهو مزيج من نوعين من المواد النانوية: جسيمات أكسيد الغرافين المختزل وجسيمات نانوية من سبيكة مؤكسدة تحتوي على الحديد والكوبالت والنيكل والنحاس، موزعة بالتساوي عليها.
وأظهرت التجارب أن المحفز الجديد يحول ثاني أكسيد الكربون إلى مركبات عضوية بكفاءة 77 بالمئة، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة 60 بالمئة التي تعطيها محفزات تعتمد على الفضة والنحاس ومواد أخرى. كما أن المحفز المبتكر لا يفقد نشاطه لمدة عشر ساعات على الأقل، ما يبسط استخدامه الصناعي ويقلل من التكلفة.
ووفقا للباحثين، تؤدي عملية معالجة ثاني أكسيد الكربون إلى ظهور مركبين رئيسيين، هما كحول ميثيل بيوتانول وكيتون ميثيل بيوتانون، التي تستخدم في الصناعات الكيميائية في تركيب المستحضرات الصيدلانية والنكهات والمذيبات، وتعتبران مواد خام قيمة. لذلك يثير هذا المحفز الجديد الاهتمام بشكل خاص للاستخدام والتطوير.
المصدر: تاس