ما هي السورة التي تمنع غضب الله؟ قراءة سورة الفاتحة من أركان الصلّاة لا تُقبل الصّلاة إلا بها،  تشتمل سورة الفاتحة على معاني القرآن بشكلٍ عامٍ فيما يتعلق بالتوحيد والأحكام وأحكام الجزاء، وفرض الله تعالى على المُسلم قراءة سورة الفاتحة في كلّ ركعةٍ من ركعات صلاته كي تصحّ.

آية تحمينا من غضب الله

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق إننا نقرأ في صلواتنا قوله تعالى: «مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» الآية 4 من سورة الفاتحة، في اليوم والليلة أكثر من سبعة عشرة مرة، فيذكرنا ربنا بأنه مالك لهذا اليوم، ويذكرنا كذلك بهذا اليوم العظيم.

وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه سبحانه يملك هذا اليوم، وهو مالك الملك، وقد ذكر سبحانه وتعالى اسم «مالك الملك» في قوله تعالى : «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِى المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» الآية 26 من سورة آل عمران، وذلك لإزالة توهم الناس أن المخلوق يملك، حيث يُرى له من كسب ظاهر وتصرف مجازي في ملك الله، إلا أن الله ينفي كون ذلك الملك على حقيقته؛ فلو كان كذلك لما انتُزع منهم وأعطي لغيرهم فالمُلك لله وحده.

وأضاف أن «مالك الملك» مركب إضافي من كلمتين الأولى: مالك وهو اسم فاعل من ملك الشيء يملكه فهو مالك له، ويقتضي الانفراد بالتصرف في المملوك، فيتصرف فيه تصرفا مطلقا، والمُلك بضم الميم مصدر بمعنى السلطان والقدرة، منوهًا بأن اسم الله تعالى [مالك الملك] يتبع قسم الجلال، فهو يُحدث في قلب المؤمن خضوعه خشوعا لله، فيشعر المؤمن بعظمته وقدرته على التصرف في ملكه، كما أنه يُشعر المؤمن بالافتقار والاحتياج إلى الله، ويشعره بمدى الضعف الإنساني حيث لا يملك لنفسه موتا ولا حياة ولا نشورا.

وتابع: وكون [مالك الملك] من قسم الجلال فإن ذلك يقتضي من المسلم أن يتعلق به، ولا يتطلع للعظمة والكبرياء وتوهم التصرف في الأشياء، مما يوجب غضب ربنا سبحانه وتعالى، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : قال الله عز وجل : «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار» [رواه أبو داود ، والحاكم في المستدرك].

وأشار إلى أن «مالك» هكذا بغير إضافة «المُلك» يصلح لأن يطلق على البشر على جهة الاسم أو الصفة، و تكون صفة كذلك لمن يملك من البشر، مع التنبيه على أن ملكية البشر ملكية مجازية، فالله هو المالك على أو المنفعة ، يقتضي تمكن من يضاف إليه من انتفاعه بالمملوك والعوض عنه من حيث هو كذلك، ففي الحقيقة، ربنا يملك البشر وما تحت أيديهم، والملكية المجازية التي هي للبشر عرفها الإمام القرافي بأنها: حكم شرعي مقدر في العين.ونوه بأن ذلك لأن كل من تنتقل إليه عين أو منفعة عن طريق الشراء أو الهبة أو الإرث أو الإيجار أو غير ذلك فهو مالك لها، أباح له التشريع الإسلامي حرية بيعها ووهبها وإهدائها وتأجيرها وغير ذلك من أشكال التصرف، إذن فمالك تطلق على المخلوق باعتبارها اسم يتسمى به، وتطلق باعتبارها صفة له تدل على قدرته على التصرف فيما يملكه.

وأكد أن المالك من ناحية التصرف أقوى من المَلك، والملك من ناحية الرتبة أعلى من المالك فمن له الحكم والفصل في يوم القيامة ؟ الله إذن هو الملك و من له التصرف المطلق يوم القيامة يحاسب من يشاء ويعذب من يشاء ويرحم من يشاء؟ الله إذن هو المالك والملك في نفس الوقت، أما بين البشر فقد يسمى مَلكا من يحكم البلاد ولكنه لا يسمى مالكا للدولة، فلا الدولة ولا الشعب من أملاكه، وإنما هو ملك؛ لأنه يملك حق تسيير أمور البلاد بما يتفق مع مصلحة الرعية، فحكم الحاكم منوط بالمصلحة كما تقرر في الفقه.
دعاء التوبة قبل رمضان .. ردده الآن يمحو الذنوب ويعينك على الطاعةدعاء أواخر شهر شعبان.. ودعه بهذه الكلمات
فضائل سورة الفاتحة

وردت العديد من الفضائل والمميزات لسورة الفاتحة، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:

1-أن سورة الفاتحة أفضل وأعظم سورةٍ وردت في القرآن الكريم، وذلك مصداقًا لقول رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ، قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ».

2-كما لم يرد أفضل من سورة الفاتحة في الكتب السماوية، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: « والذي نفْسي بيَدِه، ما أُنزِلَ في التوراةِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الزَّبورِ، ولا في الفُرقانِ مِثلُها».

3-سورة الفاتحة لهاميزةٌ مهمةٌ؛ إذ إنّها تشتمل على معاني القرآن بشكلٍ عامٍ فيما يتعلق بالتوحيد والأحكام وأحكام الجزاء، ولذلك سُميّت بأمّ القرآن وأمّ الكتاب كما ورد عن النبي- صلّى الله عليه وسلّم-، وفي العادة يقال إنّ للشيء أُمًّا إن كان له مرجعًا يرجع إليه، وعلامةً تُقصد ويُتّجه إليها، ولذلك فقد أوجب الله قراءتها في الصلاة.

4-فرض الله على كلّ مسلمٍ قراءة سورة الفاتحة في كلّ ركعةٍ يؤدّيها، وجُعلت ركنًا من أركان الصلاة لا تُقبل الصلاة إلّا بها، يكرّرها العبد على الأقل سبعة عشرة مرة كل يومٍ، وذلك مصداقًا لقول رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفاتِحَةِ الكِتابِ»، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «كلُّ صلاةٍ لا يُقرَأُ فيها بفاتحةِ الكِتابِ فهي خِداجٌ كلُّ صَلاةٍ لا يُقرَأُ فيها بفاتحةِ الكِتابِ فهي خِداجٌ كلُّ صلاةٍ لا يُقرَأُ فيها بفاتحةِ الكِتابِ فهي خداجٌ»، ويُقصد بلفظ خِداج الفساد.

 

لطائف من سورة الفاتحة:

نبّهت سورة الفاتحة إلى عددٍ من اللطائف والعِبر، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:

1-يُفرّق بين لفظي الله والإله؛ فاسم الله مخصوصٌ به وحده سبحانه، فهو اسمٌ للذات القدسية العليا، ولا يتّصف بها إلّا المستحق للعبادة بحقٍّ، أمّا الإله فلفظٌ يُطلق على من يُعبد على حقٍ أو على باطلٍ. لفت النظر إلى أهم عملين من أعمال القلوب؛ وهي: الإخلاص والتوكل.

2-بيان أهمية الصحبة الصالحة والقدوة للمسلم، قال تعالى: «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ».

3-التنويه إلى ضرورة وحدة الأمة واجتماعها على كلمة الحق.

4-ذكر حاجة المسلم إلى الهداية بجميع أنواعها؛ هداية الإرشاد والتوفيق والتثبيت.

5-ضرورة الحرص على الأدب في الكلام مع الله -سبحانه-، فعلى العبد أن ينسب النعمة والفضل إلى الله -تعالى-.

فوائد سورة الفاتحة

1-قراءة سورة الفاتحة في الصلاة تتحقّق فيها المناجاة بين العبد وربه، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث القدسي: قالَ اللَّهُ تَعالَى: « قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، ولِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قالَ العَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وإذا قالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: أثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وإذا قالَ: {مالِكِ يَومِ الدِّينِ}، قالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وقالَ مَرَّةً فَوَّضَ إلَيَّ عَبْدِي، فإذا قالَ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قالَ: هذا بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي، ولِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قالَ: {اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذينَ أنْعَمْتَ عليهم غيرِ المَغْضُوبِ عليهم ولا الضَّالِّينَ} قالَ: هذا لِعَبْدِي ولِعَبْدِي ما سَأَلَ).

2-سورة الفاتحة رقيةٌ للمريض، وفيها شفاءٌ للناس، ودليل ذلك إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لجماعةٍ من الصحابة الرقية بالفاتحة، إلّا أنّ الرقية بها لا تنفع إلّا بتحقّق عددٍ من الشروط الواجب أخذها بعين الاعتبار، ودليل ما سبق ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّه قال: « أنَّ نَاسًا مِن أصْحَابِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أتَوْا علَى حَيٍّ مِن أحْيَاءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ، إذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقالوا: هلْ معكُمْ مِن دَوَاءٍ أوْ رَاقٍ؟ فَقالوا: إنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، ولَا نَفْعَلُ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَجَعَلُوا لهمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بأُمِّ القُرْآنِ، ويَجْمَعُ بُزَاقَهُ ويَتْفِلُ، فَبَرَأَ فأتَوْا بالشَّاءِ، فَقالوا: لا نَأْخُذُهُ حتَّى نَسْأَلَ النبيَّ- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وقالَ: وما أدْرَاكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا واضْرِبُوا لي بسَهْمٍ».

3-تشتمل سورة الفاتحة على أفضل الدعاء؛ بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم، كما أنّها تشتمل على آداب الدعاء؛ بالحمد أولًا، ثمّ الثناء، ثمّ التمجيد، وإفراد العبودية لله، والاستعانة به دون سواه، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «إذا صلَّى أحدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللهِ والثَّناءِ عليهِ ثُمَّ لَيُصَلِّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ثُمَّ لَيَدْعُ بَعْدُ بِما شاءَ».

أسماءسورة الفاتحة

أُطلق على سورة الفاتحة العديد من الأسماء، وفيما يأتي بيان بعض تلك الأسماء:

1-سورة الفاتحة وهي مؤنثٌ لفاتح، وسُمّيت بذلك لأنّ الله -تعالى- افتتح بها كتابه العظيم.

2-سورة الفاتحة أم القرآن أو أم الكتاب؛ وقد جاءت هذه التسمية من رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، إذ إنّ الفاتحة الأصل لما ورد في القرآن الكريم من قضايا رغم قلّة عدد آياتها وقصرها؛ فاشتملت توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات لله تعالى، إضافةً إلى العقائد والرسالات والنبوّات وغيرها من المقاصد.

3-الحمد؛ وهو ما ابتدأت به سورة الفاتحة.

4-السبع المثاني؛ وهو الاسم الذي أطلقه على سورة الفاتحة الله -تعالى- بقوله في سورة الحجر: « وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني وَالقُرآنَ العَظيمَ»، ويُقصد بالمثاني أنّ العبد يُثني فيها على الله بما أمر، وقد يكون المقصود أنّها تُعاد في كلّ ركعةٍ في كلّ صلاةٍ.

5-الشافية؛ إذ قال الرسول - صلّى الله عليه وسلّم-: «وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ».

6-الكافية؛ وسميت سورة الفاتحة بذلك لأنّ الصلاة لا تتمّ إلّا بها ولا تتم بقراءة غيرها من السور.

أحكام متعلقة سورة الفاتحة

سورة الفاتحة لها مجموعةً من الأحكام المتعلقة بها، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:

1-يستحبّ التأمين فور الانتهاء من قراءة سورة الفاتحة أو سماعها، أي قول: "آمين"، ودليل ذلك قول الرسول- صلّى الله عليه وسلّم-: «كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا فرَغ مِن قراءةِ أُمِّ القُرآنِ رفَع صوتَه وقال: آمينَ».

2-كما يستحبّ ذلك للمصلي سواءً كان منفردًا أو في جماعةٍ، إمامًا أو مأمومًا، ودليل ذلك ما ثبت عن الإمام مسلم في صحيحه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: « لا تُبَادِرُوا الإمَامَ إذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وإذَا قالَ: {وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولوا: آمِينَ».

3-قسّم ابن القيم- رحمه الله- سورة الفاتحة إلى ثلاثة أقسام؛ فأولها رحمةٌ، وأوسطها هدايةٌ، وآخرها نعمةٌ، وتتمثل الرحمة بالعقيدة الصافية ومعرفة الله تعالى، أمّا الهداية فتكون بالعبادة المذكورة في وسط السورة، واتّباع المنهج السليم والسير على الطريق المستقيم والقيام بأوامر الله من النعم التي أنعم بها الله على عباده.

4-تدلّ سورة الفاتحة على أنّ الأصل في التربية الإسلامية أن تكون بصورةٍ جماعيةٍ، وذلك ما دلّ عليه استخدام ضمير الجمع في أكثر من موضعٍ من السورة.

5-بيّن الله -تعالى- أن القرآن الكريم أساس الهداية وعمودها، وذلك في بيان العلاقة والرابط في نهاية سورة الفاتحة وبداية سورة البقرة، إذ ورد طلب الهداية في آخر الفاتحة، وبدأت سورة البقرة في بيان أنّ القرآن هو طريق الهداية، إذ قال: « الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ».

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المزيد علیه الصلاة والسلام قراءة سورة الفاتحة ل ى الله علیه وسل م سورة الفاتحة فی مالک الملک قال الرسول لله تعالى رسول الله التصرف فی من سورة الک تاب من الم الم لک

إقرأ أيضاً:

اتحاد المسلمين.. زوال للصهاينة والهيمنة الغربية

 

سالم البادي (أبومعن)

في هذا الطرح وددنا تقديم نداء للأمة المحمدية من أجل إيقاظها من غفوتها وغفلتها فقد طالت غفوتها وتأخرت استفاقتها.. ندعوها إلى وحدة القلوب، والعودة إلى منهاجها الإسلامي القويم وتعاليم دينها الحنيف، وتقوية إيمانها، وتوحيد صفوفها، وتطهير القلوب من النزاعات والخلافات والأحقاد للوصول للاتحاد الحقيقي للأمة الإسلامية، واستعادت مكانتها بين الأمم واستعادت عزتها وكرامتها، وخروجها من حالة الشتات والضياع التي تعيشها آلامه.

لقد تخلفت الأمة الإسلامية لأكثر من 400 عام عن ركب الحضارة الغربية، وتعرضت لطوفان استعماري واسع، أدى إلى نهب مواردها وتقسيمها وتفكيكها وتمزيقها، مما أثر سلبًا على التطور الاقتصادي والاجتماعي فيها، وشهد العالم الإسلامي صراعات داخلية وفكرية واضطرابات سياسية، مما أضعف قدرته على التنافس مع القوى الغربية.

كلمة صادقة من قلب مخلص أكتبها لقادتنا الميامين في الخليج العربي وفي جميع أقطار الدول العربية والإسلامية قاطبة، أدعوهم فيها إلى نبذ الخلافات فيما بينهم، وأن يوحدوا صفوفهم وكلمتهم، ويجعلوا همهم وهدفهم وحدة واستقرار وأمن وسلامة ورفاهية الأمة، ورفعة وإعلاء كلمتها.

حال الأمة اليوم

ما كنَّا نتمنى أبدًا ولا أظن أحدًا يتمنى أن يرى مثل هذه المناظر المأساوية البشعة والمجازر الإنسانية والإبادة اليومية في قطاع غزة منذ ما يقارب العامين، ولا أحد يحرك ساكنا لإغاثة القطاع بالمعونات والأدوية والغذاء، حتى وصل الحال بهم إلى مستوى المجاعة وهو السلاح الذي فرضه الكيان المغتصب كأحد أسلحته المحرمة إنسانيا ودوليا.

وأمة المليار باتت عاجزة عن إدخال الماء والطعام لشعب غزة الذين تزهق أرواحهم أمام العالم، كل لحظة وكل ساعة وكل يوم، وللأسف هذه المناظر المأساوية الدامية تحدث في قلب العالم الإسلامي، والعالم اكتفى بالتنديد والمشاهدة، وترك شعبا محاصرا جائعا مشردا تنهش في جسده الكلاب الضالة والحيوانات السائبة.

أي زمن وفي أي عالم نحن نعيش؟

زمن قلّت فيه النخوة والشهامة وأصبحت الإنسانية عملة نادرة!

وضُرب بالمبادئ والقيم والأخلاق الإنسانية عرض الحائط، فهل من مجيب!

أصبح بعض المسلمين غرباء في أوطانهم، أذلاء في ديارهم، مغلوبون على أمرهم في كثير من الأصقاع والأمكنة، فقد استبيحت مقدراتهم ومقدساتهم، واستبيحت دماءهم في غزة وغيرها..، إنا لله وإنا إليه راجعون.

وقفة لمراجعة النفس

المسلمون بحاجة ماسة اليوم أكثر مما مضى إلى استعادة ثقتهم بهويتهم التي شابها الكثير من الخلل، ومحاسبة النفس حتى تكون أنموذجًا لدين الله -تبارك وتعالى- حتى لا نرضى ولا نسمح بأن يضع الغرب الإسلام في قفص الاتهام ويصفه بأنه دين دموي وإرهابي ودين مختلق رجعي كما يدعي الليبراليون والعلمانيون لذلك نقول إن الأمة الإسلامية كانت وستظل -بإذن الله تبارك وتعالى- منارة للعالم ونور يهتدى به وشعاعا منقذا للبشرية جمعاء.

تظُن بعض النخب السياسية في الدول العربية والإسلامية أن التقرب مع الكيان الصهيوني أو ما يسمى بعمليه "التطبيع" يفتح لهم أبواب الغرب خاصة أمريكا، ويجعل الإدارة الأمريكية طوع طموحاتهم السياسية، وهذا التوجه بلا شك مرفوض جملة وتفصيلا لدى الشعوب المسلمة وبعض الدول العربية والإسلامية وتعتبره تفكير خاطئ، لما له من تداعيات خطيرة على الامة الإسلامية على المدى القريب والبعيد.

من يريد أن يعرف مزيدا من الدلائل والحقائق ليتأكد من مخططات الصهاينة وأعداء الإسلام ومؤامراتهم وكيدهم فعليه بقراءة «مذكرات هيلاري كلنتون» التي تتحدث بصراحة عن خطط إسقاط الدول العربية والإسلامية، فهل بعد كل هذا وذاك وتلك المواقف والأحداث التي تعصف بالأمة ابتداءً من فلسطين ولبنان وأفغانستان والعراق مرورا بليبيا وسوريا، والجريحة المحاصرة اليتيمة "غزة الصمود" وآخرها حرب الصهاينة والأمريكان والغرب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي كانت وما زالت تؤازر وتدافع وتدعم القضية الفلسطينية منذ أكثر من 30 عاما ولاقت ما لاقته من قرارات تعسفيه وعقوبات أممية وغربية وأمريكية طيلة 4 عقود.

سرطان في جسد الأمة

الكيان الصهيوني هو السرطان الذي زرع في جسد الأمة الإسلامية منذ أكثر من سبعة عقود، من قبل المستعمر الغربي لكي يقوم بأعمال وظيفية لخلق أزمات وتوترات سياسية مستمرة ومن عدم الاستقرار بالمنطقة.

وظل يمارس العداء على دول المنطقة وأشعل فتيل الأزمات والحروب وآخرها اعتدائه هذه الأيام على إيران بحجة منعها من امتلاك سلاح نووي، ودعمها لغزة ولبنان واليمن، فشنت حربها الشعواء، في ظل المفاوضات القائمة بين إيران والولايات المتحدة، ولكن هؤلاء الصهاينة ومن حالفهم لا عهد لهم ولا ميثاق، والغدر والخيانة أحد ممارساتهم الخبيثة.

أهمية الوحدة الإسلامية

ولتحقيق الوحدة بين المسلمين، يجب تعزيز الوعي بأهمية الوحدة، والتركيز على المشتركات الدينية والثقافية، وتجنب ونبذ الخلافات والنزاعات المذهبية، وتعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الفئات، ودعم المشاريع والأنشطة التي تجمع المسلمين.

إن مفهوم وحدة المصير يتجاوز الحدود الجغرافية، ويدعو إلى الاعتراف بالترابط بين جميع طوائف المسلمين، ويدرك أن الأفعال لها عواقب عالمية، وأن رفاهية كل فرد مرتبطة برفاهية الآخرين.

هذا المنظور يشجع على التفكير على نطاق أوسع، والتعاون عبر الحدود، وإعطاء الأولوية لصالح الأمة.

نسأل الله تعالى أن يحفظ بلاد المسلمين من كيد الكائدين الحاقدين الحاسدين الطغاة المتكبرين، وأن ينصر المسلمين ويرفع رايتهم ويحقق أهدافهم، ويوحد قلوب المؤمنين الصادقين المخلصين، ولكل من كان حريصًا على هذا الدين، ولمن كان حريصًا على هذه الأمة التي وصفها الله تعالى أنها خير أمة أخرجت للناس في قوله عزوجل:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}( آل عمران: 110).

وحدة المسلمين هي زوال للكيان الصهيوني وزوال الاستعمار الغربي، واستعادة الدول العربية والإسلامية حريتها وسيادتها وعزها وكرامتها.

يخبرنا الله تعالى عن عظيم قدرته أنه من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته فإنِّه تعالى يستبدل به من هو خير منه، وأشد منعة، وأقوم سبيلا، يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: 54].

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • غزة في سورة الفجر
  • حكم التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء تجيب
  • 3 شهداء وإصابات خلال هجوم لمستوطنين على بلدة كفر مالك شرق رام الله
  • من مكةَ إلى المدينةِ: رحلةُ بناء أمة
  • عاجل| الصحة الفلسطينية: 3 شهداء و7 مصابين في عدوان مستوطنين على بلدة كفر مالك شمال شرق رام الله
  • اتحاد المسلمين.. زوال للصهاينة والهيمنة الغربية
  • هل رؤية الله تعالى ممكنة في المنام؟.. أمين الفتوى يجيب
  • في ذكرى الهجرة.. إذا استنفرتم فانفروا
  • فوائد قراءة أذكار المساء يوميا.. 4 فضائل عظيمة أخبرنا عنها النبي
  • 5 مكاسب لإطعام الطعام .. سبب لدخول الجنة والنجاة من النار