الازدحامات التي تطول إلى ست ساعات تدفع مليلية إلى توسعة المعبر الحدودي من أجل "توفير ظروف كريمة" للعابرين إلى المغرب
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
رئيس مليلية، خوان خوسيه إمبرودا، يقترح تحسين الخدمات على الحدود مع المغرب، مشيرًا إلى فترات الانتظار الطويلة التي تصل إلى ست ساعات، ويعلن عن إجراءات لتحسين أوضاع العابرين، بما في ذلك احتمال نزع ملكية الأراضي.
قال رئيس مدينة مليلية المستقلة، خوان خوسيه إمبرودا، إنه لا يريد « فرض سلطة القانون » لكنه أكد الحاجة إلى « تحرك قوي لتحسين جودة الخدمات » عند المعبر الحدودي، بما يشمل الرعاية الصحية، والمأوى، ودورات المياه، مشيرًا إلى أن الانتظار لعبور الحدود إلى المغرب قد يصل إلى ست ساعات.
وأعلنت حكومة مدينة مليلية (المحتلة) عن خطط لإنشاء مساحة بالقرب من الحدود مع المغرب بهدف « توفير حياة كريمة » للأشخاص الذين يعبرون إلى المملكة.
وخلال مؤتمر صحفي، أوضح إمبرودا أنهم يجرون محادثات مع مالكي أراضٍ قريبة من معبر بني أنصار للتوصل إلى اتفاق يتيح تخصيص هذه المساحة. وأشار إلى أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق، سيطلب نزع ملكية هذه الأراضي « لأغراض اجتماعية ملحّة ».
وقال إمبرودا: « لا أريد فرض القانون بالقوة، لكن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات جذرية لتحسين الخدمات، مثل توفير الرعاية الصحية، والملاجئ، ودورات المياه. » كما لفت إلى أن العديد من الأطفال وكبار السن يضطرون إلى الانتظار لساعات طويلة داخل السيارات لعبور الحدود.
« الأوضاع غير مقبولة »وأكد رئيس المدينة أنه « لا يمكن قبول هذا الوضع »، موضحًا أن الانتظار لعبور الحدود سيرًا على الأقدام قد يستغرق ما يصل إلى ست ساعات.
وأضاف: « هذا الأمر يمثل مشكلة قائمة منذ فترة طويلة في مدينة مليلية، لكن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الحكومة الوطنية. ومع ذلك، سنقوم بهذا الإجراء لأنه من العار أن نترك العديد من الأشخاص، الذين يأتون لكسب لقمة العيش وخدمة المدينة، في هذه الظروف المزرية. »
من جهة أخرى، سخر إمبرودا من تصريحات النائب الاشتراكي في مجلس مليلية، رافائيل روبليس، الذي وصف إعادة فتح الجمارك التجارية مع المغرب بأنها « خطوة تاريخية ».
وقال إمبرودا متهكمًا: « الشيء التاريخي هو أن الحدود كانت تعمل بشكل طبيعي منذ عهد الملكة إيزابيل الثانية، مع كل الإجراءات الجمركية، حتى 1 غشت 2018، عندما جاء بيدرو سانشيز إلى الحكومة عقب مذكرة حجب الثقة غير العادلة ».
عن (مليلية هوي)
كلمات دلالية إسبانيا المغرب حدود معابر مليليةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: إسبانيا المغرب حدود معابر مليلية
إقرأ أيضاً:
أمهات فلسطينيات على خطّ الانتظار.. حكايات الفراق في زمن الحرب
غزة "عمان "د.حكمت المصري:
أمهات فلسطينيات عالقات خارج غزة بعد سفر للعلاج أو النجاة المؤقتة، يعشن أمومة عبر الشاشات، ويواجهن "فقدًا غامضًا" بلا أفق للعودة، وبدون اعتراف قانوني.
لم يخترن الرحيل، ولم يُمنحن حق العودة. آلاف الأمهات الفلسطينيات وجدن أنفسهن، منذ أكثر من عامين، خارج قطاع غزة، بعدما خرجن للعلاج أو لمرافقة أطفال مصابين، أو فرارًا من موتٍ محدق، ليعلقن في منفى قسري طويل، تاركات أطفالهن يكبرون بعيدًا عن صدورهن، ويتحوّلن إلى أمهات بالهاتف: بالصوت دون اللمس، وبالصورة دون الحضن.
تمتلئ قلوبهن بالخوف والانتظار، يلاحقن نشرات الأخبار بلا انقطاع، ويتلقين مقاطع الجنازات التي يرسلها الأقارب كأنه قدر يومي. يرين الفقدان يتراكم على الشاشات، وجوه تُدفن دون وداع، وبيوتًا تنهار أمام أعينهن، بينما العجز يطبق على صدورهن في منافي لا يعرفن متى تنتهي.
"أطلب صور أحفادي كي لا أنسى ملامحهم"، تلخص السيدة ليلى أبو شدق (53 عامًا) بهذه العبارة مأساة نسيان قسري تعيشه منذ أكثر من عامين، بعد سفرها إلى مصر قبل اندلاع الحرب بأيام، لعلاج ابنها أمين الذي يعاني من إعاقة جسدية منذ الولادة.
تقول ليلى: "خرجت للعلاج، ولم أكن أعلم أن الحرب ستغلق كل الأبواب خلفي. أعيش خوفًا دائمًا على أولادي وأحفادي في غزة، يتنقلون من نزوح إلى نزوح، بينما أراقب نشرات الأخبار على مدار الساعة. استشهد أخي زياد، وعمي، وأكثر من ثلاثين شخصًا من العائلة. لم أودّع أحدًا، رأيت جنازاتهم فقط عبر الهاتف".
وتتابع: "بيتي في بيت لاهيا دُمر بالكامل، والمدينة باتت تحت الاحتلال، لكنني رغم ذلك سأتجه إلى غزة فور فتح معبر رفح البري. نار الشوق أقسى من كل شيء".
شاشة بدل الحضن
الفراق هنا ليس حدثًا عابرًا، بل حالة ممتدة تُقاس بعدد المكالمات الفائتة، وبالمسافة بين قلبين لم يختارا الفراق. تتحوّل مكالمات الفيديو إلى طقس يومي مرهق، مليء بالدموع، لا يخفف الشوق بل يضاعفه.
ليلى واحدة من مئات الأمهات اللواتي أُغلق المعبر دون عودتهن. من بينهن أريج كيلاني (39 عامًا)، التي خرجت في بداية الحرب لمرافقة شقيقتها المصابة بالسرطان، وتركَت أطفالها في غزة مع والدهم.
تقول أريج: "كنت أعتقد أن الحرب ستنتهي سريعًا. اليوم مضى أكثر من عامين ولا أستطيع العودة. أشتاق لأطفالي حدّ الألم. ابني الصغير يطلب مني العودة في كل اتصال، ثم يشيح بنظره عن الهاتف، ثم يغلق الخط".
وتضيف: "كنت أشتري لهم الألعاب والملابس للسنة القادمة وأقول: سنعود قريبًا. اليوم صغرت الملابس وكبروا هم بعيدًا عني، يعانون من النزوح والأمراض والعوز، أعلم أن وجودي بينهم كان ضروريًا، ولكن الله لن ينساهم".
فقدان مضاعف
لم يكن الوضع أقل قسوة لدى الدكتورة آمال موسى (55 عامًا)، التي رافقت أختها للعلاج خارج غزة ووجدت نفسها مجبرة على ترك عملها وأبنائها. تقول: "كنت بين نارين، إما ترك أختي التي كانت بين الموت والحياة، وإما ترك أولادي تحت القصف. توقعت سفرًا لشهر أو اثنين، لكنه تحوّل إلى عامين من الغياب. ابني اجتاز الثانوية العامة وكنت أتمنى أن أكون بجانبه، لكن المعبر كان أقسى من كل أمنياتي".
"فقد غامض" وجرح غير مرئي
تصف الأخصائية النفسية الدكتورة نفوذ أبو سعدة هذه الحالة بأنها "فقد غامض"، حيث يكون الشخص حيًا لكنه غائب جسديًا ومكسور نفسيًا. وتوضح أن هذا النوع من الفقد من أكثر أنواع الصدمات تعقيدًا، خاصة لدى الأطفال، بسبب غياب الأم في بيئة مشبعة بالخطر والنزوح والخوف.
وتقول: "الطفل لا يستطيع تفسير سبب غياب والدته، ما يؤدي إلى مشاعر هجران، قلق مزمن، وتراجع في الإحساس بالأمان. هنا يصبح دور الأسرة الممتدة - الجدة والعمة والخالة - حاسمًا في تخفيف العبء النفسي عبر الاحتواء".
وتشير إلى أن تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO) يؤكد أن النزوح القسري والفصل الأسري يضاعفان معدلات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة. كما أظهرت دراسة نشرت في مجلة European Child & Adolescent Psychiatry أن الأطفال المتأثرين بالفصل القسري يعانون من آثار طويلة الأمد على صحتهم النفسية والسلوك الاجتماعي.
وفي السياق ذاته، تؤكد كل من اليونيسف واليونسكو أن برامج الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتأثرين بالنزاعات ضرورة إنسانية ملحّة، وأن "الأمان النفسي" شرط أساسي لأي تعافٍ لاحق.
فراغ قانوني... وألم بلا توصيف
لا تُصنّف هؤلاء النساء ضمن إطار قانوني واضح: لسن لاجئات، ولا نازحات، ولا مسافرات باختيارهن. هن أمهات عالقات خارج الزمن والجغرافيا، بلا حماية قانونية ولا برامج دعم متخصصة، فيما تبقى معاناتهن خارج الإحصاءات.
الحرب تقتل الأمومة مرتين
لم تكتفِ الحرب بتحويل الأطفال إلى أيتام، بل جعلت الأمهات أحياءً بلا أمومة. عن هذا النوع من الفقد نكتب، عن أم ترى ابنها يكبر من وراء شاشة، وتخشى أن ينتهي بها الأمر غريبة في قلبه.