لا تخونوا غزة ولا تخونوا شعبها ولا تتآمروا على قادتها وعتادها فإنها الحصن الأمين للعرب والمسلمين وخط الدفاع الأول لأمتنا العربية والإسلامية، وهي رمز العزة والنضال والتضحية والفداء، احفظوا لها كرامتها وعزتها، فمن نصرها نال شرف الدفاع عن الأقصى ومقدساتنا، ومن خذلها وقع في براثن الذل والهوان غير مأسوف عليه، انصروا صمود شعبها، وإيمان وعقيدة وبسالة جندها، وتضحيات أهلها.
إن ما يتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الفضائيات في الشروع والعمل على نزع سلاح حماس والمقاومة والانصياع إلى رؤية المجتمع الدولي وأملا في استقرار المنطقة، أو حماية أهل غزة من بطش الاحتلال لاحقا يعد خيانة عظمى وانبطاحا سياسيا، وهو بمثابة تسليم المنطقة للكيان الإسرائيلي على طبق من ذهب لتحقيق أهدافه المعلنة؛ وهي توسيع رقعة الاحتلال كبداية لتحقيق دولتهم المزعومة من النيل إلى الفرات باحتلال أجزاء من أوطاننا العربية مثل مصر والأردن والسعودية ودول أخرى، وهذا ما صرح به ترامب أنه لا يستطيع أن ينظر على الخريطة فيرى إسرائيل كما هي الآن.
إن التعامل مع سياسة ترامب فيما يصبو إليه دون موقف حاسم وجاد وموحد ستكون بمثابة نكبة ونكسة جديدة للقضية الفلسطينية على أيدي العرب.
إن هذه السياسة الخبيثة التي تحاك بالمقاومة سوف تجعل شعوب المنطقة على صفيح ساخن، وفي حالة من الغليان لا تهدأ ولا تتوقف ولا يستطيع أحد التنبؤ بما يحدث في ظل استمرارها، وسوف تحول المنطقة لحالة من الفوضى وعدم الاستقرار لسنوات طويلة.
إذا لم نتعلم من التاريخ ونصطف حول المقاومة مساندة ودعم، ونستثمر هذا الانتصار العظيم لصالح قضيتنا وأمتنا وأمننا الاستراتيجي سوف نظل المفعول به دائما، ولن يتركوا لنا فرصة بعد اليوم لنكون الفاعل بأي حال من الأحوال.
إن الذي بدأ بالحجارة والسكين مدافعا عن الأرض والمقدسات وقدم في سبيل ذلك آلاف الشهداء والمصابين حتى وصل إلى الطوفان لا ينبغي أن نتركه وحيدا، بل يجب أن نثمن جهدهم وجهادهم ونتبنى رؤيتهم ونعلنها صراحة على أعلى المستويات وفي كل المحافل الدولية.
أما عن الرغبة والمطالبة في خروج قادة المقاومة من غزة ونزع سلاحها وعتادها؛ فهذا خط أحمر غير قابل للتفاوض أو النقاش ولا ينبغي أن يدرج على أي جدول أعمال للنظر فيه.
ما ينبغي فعله الآن وليس غدا ولا يوجد وقت للتسويف، أو للتبرير، ولا إلى اختلاق المعاذير، هو ضرورة الوقوف صفا واحدا دعما للمقاومة الفلسطينية. إن هذا الدعم أصبح الآن فريضة شرعية، ومسؤولية سياسية، وضرورة اجتماعية كي نحقق للشعب الفلسطيني أمنه وتوفير الحياة الكريمة التي هي حقه المشروع كصاحب الأرض والتاريخ، وأيضا لكبح غطرسة الكيان ووقف تهديدات وتصريحات ترامب العنترية عند حدها.
إن من الأمانة الواجبة علينا الآن هو الانتصار لدماء الشهداء الأبرار والتي تقتضي التوقف عن تشويه وبث معلومات مغلوطة ومتعمدة عن قادة المقاومة من وقت لآخر على منصات التواصل الاجتماعي ومن بعض القنوات الفضائية الناطقة باللغة العربية وعليهم أن يتحملوا المسؤولية ويستشعروا حساسية المرحلة وإدراك وفهم طبيعة الصراع بصورة صحيحة، فإذا استمرت هذه الأصوات الاعلامية ضد المقاومة فهي بمثابة خيانة عظمى تعمل جنبا إلى جنب مع الاعلام الصهيوني.
وفي تصريح مفاجئ ومستفز للرئيس الأمريكي ترامب، وهو يشجع نتنياهو على مزيد من القتل بقوله "افعل ما شئت يا بيبي"، تفاجأنا بصوت مصري آخر يدعو حماس الانصياع لرؤية المجتمع الدولي وعليهم "إنكار الذات والتنحي" لصالح الفارس المغوار محمود عباس الذي حمى الضفة الغربية من العربدة الصهيونية وتذهب حماس تبيع سُبح وعطور في أسواق غزة. عار عليكم أن تقبلوا بالذل في زمن الانتصار عار عليكم أن تعشقوا العبودية والانكسار، ليتنا نتعلم من المثل الشعبي الذي يقول "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب".
هذا للأسف الشديد هو الذي شجع الرئيس الأمريكي ترامب على التعامل مع حكام العرب ومن ورائهم الشعوب العربية، وكأنهم أطفال صغار قصر لا يمتلكون اتخاذ أي قرار يخص مصيرهم وكأنهم تحت إمرته، ووزراء في حكومته ورهن إشارته في تحقيق أهدافه واستراتيجياته التي يحلم بها هو واليمين المتطرف في كل من أمريكا وإسرائيل.
بعض من الانتصارات الاستراتيجية التي تحققت على أيدي المقاومة والتي ينبغي استثمارها:
إن المكاسب الاستراتيجية التي تحققت على أرض الواقع وفي الميدان وعلى أرض غزة فاقت كل التقديرات، لقد اكتسبت المقاومة وحماس تأييدا شعبيا جارفا وغير مسبوق، تضاعفت معه الحاضنة الشعبية للمقاومة والتف حولها الشعب الفلسطيني في مشاهد تقشعر لها الأبدان مع بداية تنفيذ المرحلة الأولى لبنود الصفقة، حتى وصول تقبيل الأسير الصهيوني رأس اثنين من مقاتلي القسام من على منصة التسليم في الدفعة السابعة، لينسف هذا المشهد كذب روايات الكيان الصهيوني عن سوء معاملة الأسرى من قبل حماس والترويج لهذا عبر وسائل إعلامه المختلفة، والتي تأكد كذبها بهذه المعاملة الحسنة من قبل حماس للأسرى تضع نتنياهو وحكومته في مأزق سياسي جديد.
ومن مشاهد النصر أيضا خروج جنود حماس في كل مرحلة من مراحل تسليم الأسرى بكامل زيهم العسكري ومدججين بالسلاح، في ظاهرة هي أقرب للعروض العسكرية واستعراض للقوة في كل مرحلة من مراحل التسليم وأن حماس ما زالت باقية وقوية وثابتة على قدميها، في رسالة للداخل والخارج مفادها نحن اليوم التالي ونحن على الأرض باقون ونحو التحرير ماضون، وبذلك أسقطت كل محاولات التهجير ونزع السلاح التي يتحدث عنها الكيان الصهيوني آناء الليل وأطراف النهار. هذا بالإضافة إلى الحالة النفسية العالية في صفوف مقاتلي حماس وأنها على استعداد دائم وجاهزية تامة لأي عدوان محتمل، وكذلك سعادة وفرحة الشعب الفلسطيني بالمقاومة. إن هذه الحالة سوف تؤسس لمرحلة التحرير القادمة (قل متى هو قل عسى أن يكون قريبا).
أيضا من النصر الاستراتيجي الذي ينبغي استثماره حالة البؤس واليأس التي أصابت الداخل الصهيوني، وجعل الكثير منهم يطالب بالهجرة هربا من الالتحاق بالجيش حتى لا يلقوا مصير زملائهم.
وعلى المستوى الشعبي لحكومة الاحتلال نشاهد سخط كبير وغير مسبوق وتآكل للحاضنة الشعبية لحكومة نتنياهو، هذا بالإضافة إلى حالات الاستقالات في حكومته التي لا تتوقف.
ومن أهم الانتصارات الاستراتيجية التي تحققت وينبغي استثمارها أيضا؛ مطالبة الكثيرين بضرورة تسليم نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية على إثر الدعوى التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بسبب حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، كذلك حالة الخوف الشديد الذي تطارد الشعب الصهيوني الذي لم يعد يشعر بالأمان على هذه الأرض، بعدما صرح ضباط جيش صهاينة سابقون بأن إسرائيل لم تعد وطنا آمنا ولا تصلح للعيش، بل أصبح المواطن الإسرائيلي منبوذا عالميا وغير مرحب به في المحافل الدولية وهذا ما يهدد الوجود الإسرائيلي.
لقد حقق طوفان الأقصى نصرا استراتيجيا غير مسبوق على كل المستويات، وكبّد الكيان الصهيوني خسرانا مبينا خسر معه سمعته وكل أهدافه المعلنة.
وليس أمام الشعب الصهيوني إلا أن يهاجروا أفرادا وجماعات ويدركوا الحقيقة جيدا بأنهم محتلون ويتركوا الأرض لأصحابها طوعا إن رغبوا في حياة آمنة ومستقرة، ولا ينبغي لهم أن ينصاعوا لرموز اليمين المتطرف الذي يتاجر بأرواحهم ويلقي بهم إلى الجحيم.
والرسالة الأخيرة لكم بنو صهيون على لسان أحد مقاتلي القسام: "إما نحن، وإما نحن، فهذه الأرض أرضنا بناها أجدادنا، ورويناها بدمائنا، فإما نحن، وإما نحن".
هل استوعبتم الرسالة؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات غزة الاحتلال المقاومة التهجير احتلال مقاومة غزة تهجير مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تدريب قوات فلسطينية وفق خطة أمنية مصرية.. ماذا تُعد القاهرة وشركاؤها لغزة؟
كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن ملامح خطة أمنية متكاملة أعدّتها القاهرة لما بعد الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، وذلك بعد يوم واحد من توقع 17 دولة بينها مصر على "إعلان نيويورك"، الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وإنهاء حكم حركة "حماس" في غزة.
وحمل حديث عبد العاطي، لقناة "العربية" السعودية، الكثير من الأبعاد والدلالات وأثار مخاوف مما قد يجري إعداده من خطط بحق قطاع غزة، خاصة مع تأكيده أن مصر تعمل على تجهيز ترتيبات واضحة لـ"اليوم التالي" في غزة، بما يشمل الجوانب الأمنية والإدارية.
كما أعلن أن بلاده بدأت بالفعل تدريب "قوات فلسطينية" من المتوقع أن تتولى مهام حفظ الأمن في القطاع فور انتهاء العمليات العسكرية، مشددا على أن القاهرة لن تسمح بالفوضى أو بفراغ أمني قد تستغله أطراف داخلية أو خارجية.
حديث عبدالعاطي، يتلاقى مع مقترح أمريكي إسرائيلي يقضي بتشكيل قوة متعددة الجنسيات تتألف من قوات أمريكية وعربية تتولى مسؤوليات الأمن والشرطة في غزة، ومن الدول العربية مصر والإمارات، وفق تقرير لموقع " The Soufan Center"، 3 تموز/ يوليو الجاري.
ويعرقل الاحتلال الإسرائيلي فرص التوصل لاتفاق وقف حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية الجارية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على قطاع غزة، ووضعت نحو 2.3 مليون فلسطيني بوضع غير إنساني، مع استمرار آلة الحرب، وسياسة الحصار، وغلق معابر القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية.
والأربعاء، أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص (39 بالمئة) يقضون أياما دون طعام، وأن أكثر من 500 ألف شخص، "يعانون من ظروف أشبه بالمجاعة".
مؤشرات على الدور المصري
وبينما يسعى الاحتلال الإسرائيلي وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على القطاع، عبر طرح عدة مشروعات بينها تهجير 600 ألف فلسطيني إلى سيناء، وتحويل القطاع إلى منطقة سياحية عالمية، وجعله معبرا لـ"ممر بايدن" التجاري، والتخلص بشكل نهائي من المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ونزع سلاحها، تبدو عدة مؤشرات على السطح حول دور مصري بالخطط المحتملة.
وفي تأكيد على دور القاهرة المحتمل في إعادة إعمار غزة، أعلن وزير الخارجية بدر عبد العاطي، أمام مؤتمر "حل الدولتين" في الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، الاثنين، الماضي، تنظيم مؤتمر لإعادة إعمار غزة بالتعاون مع الشركاء فور إنهاء الحرب.
وخلال ذات المؤتمر وفي غياب الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا وقعت مصر والسعودية وقطر والأردن وتركيا و12 دولة أخرى والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية الثلاثاء الماضي، على "إعلان نيويورك"، الذي يطالب "حماس" بإنهاء حكم القطاع ونزع سلاحها، وتولي السلطة الفلسطينية أمور غزة بدعم دولي.
الإعلان الذي وقعته أيضا: فرنسا، والبرازيل، وكندا، وإندونيسيا، وإيرلندا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، والنرويج، والسنغال، وإسبانيا، وبريطانيا، وإيرلندا الشمالية، ودعا لخطوات محددة وسريعة لتطبيق حل الدولتين عبر 42 بندا، أكد أنه عقب وقف إطلاق النار في غزة، يتم إنشاء لجنة إدارية انتقالية فورا في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية، ونشر بعثة دولية مؤقتة برعاية الأمم المتحدة.
وفي مؤشر ثاني، حول دور مصري محتمل في قطاع غزة، أعلنت صحيفة "هآرتس" العبرية الأحد الماضي، عن تنفيذ الإمارات "خط مياه" من محطة أقامتها في العريش بشمال سيناء في مصر إلى منطقة المواصي بجنوب قطاع غزة، بموافقة إسرائيلية، لتوفير 15 لترا من المياه المحلاة يوميا لكل فرد، لما يقارب 600 ألف فلسطيني.
وأوضحت أن ممثلين من الإمارات بدأوا في جلب المعدات للمشروع إلى مصر بطريقة خاضعة للإشراف وبعد فحوصات أمنية صارمة عبر معبر كرم أبوسالم الذي تديره إسرائيل، الأمر الذي قرأ أن من خلفه مراقبون فائدة تعود على النظام المصري.
توقيت مثير وتوتر في الأجواء
ويأتي حديث عبد العاطي عن تدريب قوات لتولي الأمن في غزة، و"إعلان نيويورك" المطالب لحماس بتسليم السلطة والسلاح، في توقيت تشهد فيه الأجواء المصرية توترا مع المقاومة الفلسطينية.
وفي خطاب مسجل وجه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، نداء للمصريين قال فيه: "نقول لأهلنا في مصر قيادة وجيشا وشعبا وأزهر وكنيسة نتطلع لمصر العظيمة أن تعلن أن غزة لن تموت جوعا".
الأمر الذي لاقى انتقادات لاذعة من أذرع إعلامية مصرية، منها اتهام المذيع أحمد موسى، المقرب من جهات سيادية مصرية لحركة حماس، بسرقة المساعدات المصرية وبيعها للشعب الفلسطيني.
ويتهم نشطاء مصريون وفلسطينيون وعرب القاهرة، بالمشاركة في غلق معبر رفح ومنع وصول المساعدات الإنسانية، ما تنفيه القاهرة رسميا وتتهم إسرائيل بهذا الفعل.
وفي بيان حكومي الأربعاء، أكدت أنه تم دخول 4500 طن مساعدات غذائية لغزة، و35 ألف شاحنة منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، وتحمل "الهلال الأحمر" المصري 105 ملايين دولار، وإنفاق 578 مليون دولار خلال 21 شهرا، لتوفير الرعاية الصحية للمصابين الفلسطينيين وذويهم.
وعلى الجانب الآخر، نقلت قناة "العربية" عن حماس، قولها إن البيانات المصرية الرسمية حول دخول المساعدات إلى غزة "لا تعكس الواقع إطلاقا".
ماذا يعني دور مصر ؟
تحليلات مركز "ذا صوفان سنتر" تشير إلى أن مصر قد تضطر إلى القبول بدور أمني في غزة ما بعد الحرب، خاصة إذا لم تظهر بدائل ذات مصداقية، وذلك للحفاظ على دورها في القطاع، وضمان عدم تهجير الغزيين إلى أراضيها، والحفاظ على أمنها القومي، ولتأكيد دورها الإقليمي أمام واشنطن وتل أبيب والخليج العربي.
وإلى جانب تدريب العناصر الأمنية الفلسطينية، تشير التوقعات لدور أمني مصري في مكافحة التهريب عبر الحدود مع القطاع، لكنها فيما يخص الدور الإداري، ورغم رفض القاهرة مقترح توليها إدارة مباشرة للقطاع، يبقى دورها الإداري مفقودا في معبر رفح، مع سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني منه، وعلى محور صلاح الدين منذ آذار/ مارس 2024.
واقترحت مصر في كانون الأول/ ديسمبر 2024، تشكيل "لجنة إسناد مجتمعي" لإدارة قطاع غزة، وقد وافقت عليه حماس، بعد محادثات مع حركة فتح، قبلت فيه حماس بالتنازل عن السلطة وتدشين حكومة تكنوقراط مع تمثيل للحركة بها.
لكن أي خطة تعيد قادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى غزة للحكم بعد الحرب أو مشاركة حماس بها، تلاقي اعترض إسرائيل التي تصر حكومتها على خطط البقاء في القطاع، ما يدعم فكرة الحضور المصري الأمني والإداري المحتمل للقطاع كإحدى الحلول المحتملة والمؤقتة في ظل التباينات القائمة، وفق مراقبين.
"مخاوف قائمة لهذا السبب"
وفي قراءته، لإعلان وزير الخارجية المصري، أعرب الخبير في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات الدكتور مراد علي، عن بعض المخاوف، مبينا أن "هذا الإعلان يأتي مع ظهور (مجموعة ياسر أبو شباب) وما يثار عن علاقاتها بإبراهيم العرجاني -رئيس اتحاد القبائل العربية في مصر.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وعندما أجد أن أبو شباب يكتب قبل أيام مقالة في (وول ستريت جورنال) طالب فيها بإدارة فلسطينية لغزة يقودها هو ومجموعته، بعد إسقاط حماس، مع أن المعلومات تشير إلى أنه لا يقرأ ولا يكتب، يدفعني الأمر للتساؤل: من أوصله للكتابة بالمنصة الدولية؟، ولماذا يتم تسويقه الآن؟".
وقال علي: "عندما تربط هذه النقاط تظهر لدينا علامات حذر، وهنا متخذي القرار ووزير الخارجية المصري مطالبون بالإجابة عن تساؤلات: من أين جاءت بالمتدربين؟ وما الدور المنوط بهم؟"، ملمحا إلى أنه "يظهر بفضائيات محددة بأسئلة غير ذات معنى، وبهدف تشويه المقاومة والترويج لدور نظام القاهرة".
ومضى يؤكد أنه "يتحدثون الآن عن دولة فلسطينية ويسوقون لها، فما ماهية هذه الدولة؟، وهل ستكون عاصمتها القدس أم تم التنازل عنها؟، وما حدود تلك الدولة؟، وعلى أي أساس ستكون بلا جيش ومنزوعة السلاح؟، ومن يضمن حمايتها؟، وكيف تملك قراراها؟"، خاتما بالقول إنها "ورقة لتهدئة الشارع العربي".
"زرع أطراف مرتبطة بإسرائيل"
وفي رؤيته، قال رئيس "أكاديمية العلاقات الدولية" المصري الدكتور عصام عبد الشافي، لـ"عربي21": "الحديث عن دور أمني وإداري لمصر في القطاع ليس بجديد وليس مرتبطا فقط بتصريحات عبدالعاطي، ولكنها فكرة مطروحة منذ أشهر، عندما تم الحديث عن تعاون مصري إماراتي لتشكيل هذه القوات".
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بعدة جامعات عربية وغربية، أوضح أن "الإمارات وبشكل منفرد بدأت في تمويل جماعة أبوشباب المرتبطة بإسرائيل".
ويعتقد عبد الشافي، أن "الهدف الرئيسي القضاء على حركات المقاومة بالقطاع، وسيطرة أطراف مرتبطة بإسرائيل ارتباطا استراتيجيا على غزة".
ولفت إلى أن "فكرة وجود كيان أو جهة موحدة مرتبطة بالسلطة الفلسطينية في غزة، في وقت يعلم الجميع موقع ومكانة هذه السلطة بالمعادلة الفلسطينية وأنها بلا وزن ولا قيمة، فهي مجرد أداة لفرض السيطرة الأمنية على فلسطينيي القطاع من ناحية، ومحاولة إعادة إحياء دور للسلطة بالقطاع، وبهدف تأمين الضفة وغزة في مواجهة المقاومة ولصالح إسرائيل".
ويعتقد أن "الفكرة قد تكون قابلة للتحقيق في مرحلة ما كأحد سيناريوهات مطروحة في ظل حرب إبادة مستمرة وتدمير ممنهج للبنى التحتية وسياسات التجويع؛ ولكن لا أعتقد أنها يمكن أن تستمر طويلا لأنه في الأخير هذه قضية أرض وحرية واحتلال، ومحاولات القضاء على المقاومة بالكامل أعتقد أنها لن تنجح وإلا لنجحت محاولات سابقة منذ 1948".
"مرتزقة.. وعناصر محسوبة على هؤلاء"
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الكاتب الصحفي المصري الفلسطيني أدهم حسانين، إن "مصر تقوم بدور لكسر شوكة المقاومة ومحاولة لإدخال عناصر محسوبة على دحلان أو على القاهرة أو تل أبيب"، مبينا "أنه ليس دورا جديدا بل تقوم في الأساس بأدوار لصالح إسرائيل وأمريكا، والدليل غلق معبر رفح، وبالتالي لو وضعوا له دورا جديدا فسيقوم به للحفاظ على الكرسي".
وأضام قائلا: "المخطط معد منذ بداية الحرب، والحديث دائم عن اليوم التالي من انتهائها، والهدف محاولة سيطرة الاحتلال على القطاع، لأن المقاومة أظهرت عواره ونقاط ضعفه، والأيام الأخيرة أثخنت المقاومة جراح الاحتلال الذي لم يعلن الأرقام الحقيقية لقتلاه".