منذ فترة طويلة، كان المهتمون بالعلاقات المصرية السودانية يطمحون، في تفكير جمعي، ونقاشات مباشرة بين المهتمين في البلدين، وذلك بغية التأسيس لشكل جديد لمفهوم هذه العلاقات التي باتت حبيسة التقلبات السياسية عقود طويلة، اضافة إلى إرث تاريخي من تصورات ذهنية عقيمة ظلت حائلا أمام أي تطوير وتقدم فيها، وجاءت الفرصة سانحة رغم بشاعة الحرب في السودان وانعكاساتها المدمرة، إلا أنه لوكان هناك من جانب إيجابي لهذه الحرب، فهو فرصة وجود أعداد كبيرة من الشعب السوداني في مصر لفترة تناهز الآن ثلاث سنوات، حققت احتكاكا مباشرا، بين القواعد العريضة من الشعبين، ما أدى إلى لغة مختلفة مبنية على التجربة، تبددت فيها الصورة القديمة في الذهنية السودانية لما كان عليه المصريين، ونشأت مساحة حميمة من الود والمعايشة بينهما، وبذلك خلقت الظروف أرضية جيدة لإعادة تأسيس مفهوم العلاقة من جديد، ببداية صحيحة على مستوى القاعدة، في فرصة قدرية كان من الصعب تحقيقها في الظروف العادية.

رغم هذه الفرصة الذهبية التي جاءت لرسم ملامح علاقة جديدة، إلا أن النخبة والمهتميين والإعلاميين لم ينتبهوا بالشكل الكافي لمعناها والبناء عليها، ولم يحدث التقارب الكافي بين المختصيين في شتى المجالات، سوى تجربة واحدة كانت في تقديري رائدة ومهمة، وهي فكرة الشركة المصرية السودانية للتنمية والاستثمارات المتعددة، والتي تبنت زمام المبادرة كأحد أهم جسور التواصل بين البلدين، بمحاولة طموحة في المجال الإقتصادي والاستثمارات في البلدين، لم يكن الملتقى المصري السوداني لرجال الأعمل الذي أقامته الشركة مجرد مؤتمر تبغي منه دعاية وإعلان لنفسها، بل كان هدف حقيقي، عملت عليه الشركة لإجلاس رجال الأعمال في البلدين في مختلف التخصصات، واتاحة الفرصة لهم للنقاش حول مشاكلهم، وبلورة حلول لكيفية حلها، في نقاش حضاري ثري قرب المسافات وبادل وجهات النظر المختلفة، ولم تكتف الشركة بذلك بل أصرت على وجود توصيات عن ثلاث ورش فنية في خمس مجالات مختلفة في الغذاء والدواء وإعادة إعمار السودان والربط اللوجستي بين مصر والسودان والتكامل المصرفي بين البلدين، لرفعها للملتقى في نسخته الثانية وتسلميها للمسؤوليين في البلدين كل في مجاله بحضور رئيس الوزراء المصري والسوداني.

عمل كبير بذلت فيه الشركة مجهودات كبيرة، وخصصت له فريق عمل متكامل ومحترف ليخرج بالصورة التي تليق بالعلاقات المصرية السودانية، نجحت الشركة في مسعاها، وحققت ضربة بداية قوية على طريق علاقات مصرية سودانية ترتقي لمعنى مصر والسودان معا، ولم تكتف الشركة بذلك أيضا بل تسعى لمساعدة كافة مجالات التعاون الأخرى بين البلدين لمزيد من تطوير وبناء العلاقات في ثوبها الجديد، ومن خلف الكواليس هناك بصمات للشركة حول مشاريع إعلامية وثقافية وفنية، ظلت داعمة لمثل هذه المبادرات الطموحة التي تساعد على مزيد من التقارب بين أسلحة العلاقات الناعمة التي يجب تقويتها لأي محاولة تحاول تعكير صفو العلاقات المصرية السودانية والنيل منها.

ظللنا كمراقبين نحلم بهذا الشكل الجديد للعلاقة الذي يخلق تحالفا قويا مبني على الندية والإحترام المتبادل، وسط هذه الغابة المحيطة بنا إقليميا ودوليا، بعد أن تأكدنا أنه لاغنى لبعضنا عن الآخر، ومازلنا نأمل في تجاوب على نفس المستوى من المسؤولين في البلدين لتذليل كافة العقبات التي تقف أمام أي شراكة منتجة في كافة المجالات، نبتغي قاعدة شعبية عريضة متلاحمة، ومصالح إقتصادية قوية تحمي العلاقات من أي تقلبات سياسية وأي تدخلات خارجية لا يرضيها وجودنا معا، وهنا يأتي دور الإعلام الهادف المؤمن بالعلاقات المصرية السودانية والذي يحتاج إلى فرصة لتوحيد الجهود وتصويبها نحو أي منغصات على طريق العلاقة، علاوة على مزيد من خلق مساحات أكبر للتقارب بين الشعبين، بالتركيز على كل التجارب الايجابية التي نتجت من حياتهما معا، مع خلق مناشط تجمع الشباب في البلدين وروابط اجتماعية تعمل على تمتين الوشائج بينهما.

نشكر المصرية السودانية التي جاءت اسما على مسمى على ضربة البداية القوية والمحسوبة، والتي تعمل من خلالها بوعي وإدراك حجم العلاقات بجانب المكاسب المادية لديها أهداف أسمى في علاقات مصرية سودانية متطورة، ومازلنا نطمع وننتظر الكثير من الشركة الرائدة في العلاقات المصرية السودانية في أن تظل فاتحة لأبوابها كما عهدناها لأي فكرة أو مشروع أو تجربة تحاول الانضمام إلى مفهوم إعادة رسم ملامح جديدة للعلاقات المصرية السودانية، وذلك بعد أن أصبحت الشركة قبلة آمنة لكل رجل أعمال وإعلامي وفنان وشاعر ومثقف و… يريد مزيدا من العمل والتجربة في مصر والسودان، ومازال لدينا عمل استراتيجي كبير نطمح من خلاله تحقيق مزيد من التعاون الذي يحقق تحالفا يحمينا في البلدين ويجنبنا مخاطر الراهن والمستقبل، بمفهوم أنه لن يوتى السودان من مصر ولن تؤتى مصر من السودان… شعب واحد في بلدين…. مصير مشترك فرص واعدة وتحديات واحدة.

صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/03 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة إبراهيم شقلاوي يكتب: زحام المبعوثين والبنك الدولي2025/12/03 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ويالها من ذكرى)2025/12/03 المبادرة المطلوبة من الرئيس ترامب لإنهاء حرب السودان2025/12/01 أبرز قيادات المليشيا المتبقية هم (..)2025/12/01 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كوشة العالم..)2025/12/01 إبراهيم شقلاوي يكتب: البرهان يستخدم تكتيكاً جديداً2025/12/01شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات د. حسن محمد صالح يكتب: صدمة ثانية تتعرض لها ثمود 2025/12/01

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: العلاقات المصریة السودانیة بین البلدین فی البلدین

إقرأ أيضاً:

وزير الطيران المدني يشهد افتتاح أعمال التطوير الشاملة لمركز عمليات الشركة المصرية للمطارات

 في إطار توجهات وزارة الطيران المدني نحو رفع كفاءة منظومة المتابعة والتشغيل بقطاع المطارات المصرية، افتتح الدكتور سامح الحفني وزير الطيران المدني أعمال التطوير الشاملة لمركز العمليات الرئيسي بالشركة المصرية للمطارات، عقب الإنتهاء من مشروع تحديث متكامل يُمثل نقلة نوعية في آليات المراقبة وإدارة المواقف التشغيلية.

مصر للطيران: تكوين شراكات اقتصادية مع "طيران أبوظبي" يسهم في تعزيز القدرات التشغيلية استجابة لتوجيهات إيرباص.. مصر للطيران تنجز تحديثات أسطول A320 دون التأثير على انتظام الرحلات

وفى هذا السياق؛ أكد الدكتور سامح  الحفني خلال تفقده للمركز أن البنية التشغيلية تُعد ركيزة أساسية ضمن خطط الوزارة لتعزيز جاهزية المطارات المصرية، مشيرًا إلى أن المركز المُطوّر يُمثل منصة متقدمة لدعم سرعة اتخاذ القرار وتحسين التنسيق بين المطارات والجهات المعنية بما يواكب المعايير الدولية.

وأوضح المهندس أيمن عرب رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية أن التطوير الجديد خطوة استراتيجية ضمن خطة القابضة للمطارات لتحديث آليات المتابعة والتحكم من أجل تحقيق أعلى مستويات الجاهزية، لافتًا إلى أن المركز يوفّر معلومات دقيقة ولحظية تُعزز جودة القرار وترسّخ أسس الإدارة الاحترافية للأزمات.

كما أكد الطيار وائل النشار رئيس الشركة المصرية للمطارات أن المركز بعد تطويره بات يعتمد على بنية تحليلية متقدمة تشمل منظومات حديثة للتقارير والإحصائيات الخاصة بحركة الركاب والرحلات، بالإضافة إلى تفعيل نظام تحليل تأخيرات الإقلاع القادر على تحديد الأسباب الفعلية واقتراح حلول عملية لرفع كفاءة التشغيل، مشيرًا إلى دوره في تطوير منهجية إعداد تقارير البلاغات الشهرية لتصبح أكثر شمولًا ودقة.

وشملت أعمال التطوير تحديثًا كاملًا لبيئة العمل داخل المركز، من خلال إعادة تصميم الهوية البصرية وتجديد الغرفة بالكامل، وتزويدها بشاشات عرض عالمية لعرض البيانات التشغيلية والتقارير اللحظية عبر منظومة مرنة تُسهّل ترتيب المعلومات وفقًا لأولويات الحدث ومتطلبات التشغيل.

كما تم  تعزيز قدرات المتابعة عبر منظومة مراقبة متطورة (CCTV) تربط المركز بالمطارات لحظة بلحظة، بما يتيح متابعة حركة التشغيل والبلاغات والأحداث الطارئة فورًا، ويرفع كفاءة إدارة المواقف غير المتوقعة.

وتضمّن المشروع تحديث منظومة الفيديو كونفرنس لضمان تواصل فعّال مع غرف الأزمات بالمطارات، إضافة إلى تطوير منظومة الاتصال اللاسلكي لربط المركز بكافة الإدارات التشغيلية.

ويُجسد هذا التطوير نموذجًا متقدمًا لمراكز العمليات المعتمدة على أحدث معايير إدارة الأزمات والتشغيل عالميًا، بما يعكس التزام قطاع الطيران المدني بتحسين منظومة التشغيل داخل المطارات المصرية وتعزيز قدرات المتابعة والتحليل لخدمة حركة الطيران وتطوير جودة الخدمات المقدمة للمسافرين.

مقالات مشابهة

  • حزب الوعي يرفض بيان إثيوبيا: اتهامات باطلة للمؤسسات المصرية ومحاولات لتزييف الوقائع
  • المشاط: تثمن حجم العلاقات المصرية الإماراتية التي تتجسد في التعاون في مختلف المجالات
  • وزير الاستثمار يبحث مع نظيره الباكستاني تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • لافروف: روسيا تقدر اهتمام زملائها الصينيين بالمهام التي حددها قادة البلدين
  • وزير الاستثمار يلتقي وزير تجارة باكستان لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • وزير الطيران يشهد افتتاح أعمال التطوير الشاملة لمركز عمليات الشركة المصرية للمطارات
  • مباحثات مصرية إندونيسية لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين
  • وزير الطيران المدني يشهد افتتاح أعمال التطوير الشاملة لمركز عمليات الشركة المصرية للمطارات
  • وزير الكهرباء يبحث سبل الاستفادة من خبرات الشركة المصرية للتعدين وتعظيم عوائد الخامات الأرضية