(اللهم سلِّمنا لرمضان وسلِّم رمضان لنا وتسلَّمه منا متقبلا) وهلَّ علينا شهر الخير والبركات والمشاعر الجميلة، ليس منا من أحد، إلا وهذا الشهر الفضيل، يسكن فؤاده بذكرياته، وطاعاته، وطقوسه، التي ألفتها بيوت المسلمين في جميع أنحاء العالم، لكنني هنا سأتوقف عند البيوت السعودية، وكيف كانت تستقبل رمضان شوقاً، وتعيشه سروراً، وحين يرحل، تبكيه حباً، وتمنّي ألا يرحل!! رمضان هو الشهر التاسع في السنة الهجرية، وهو من الأشهر المعظَّمة الحُرم، قال عنه الله عزَّ وجلَّ: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون).
اللهم وفقنا وأبنائنا وبناتنا والمسلمين أجمعين لحسن قيامه وصيامه، قال الرسول عليه الصلاة والسلام عن رمضان: ( قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم).
ومنذ عرفت نفسي، ورمضان شهر تميزه البيوت السعودية بلمّاتها العائلية، فإن لم يكونوا يجتمعون في سائر الأيام إلا رمضان تلتقي فيه العائلة على مائدة الإفطار، ويتبادل الجيران أنواع الطعام، وتتزَّين الحارات بالإضاءات، وبسفرة الإفطار في الطرقات لأهلها وللمارين وعابري السبيل، ويشارك الصغار في توزيع بعض المشروبات والأطعمة الرمضانية، وتضجّ المساجد بالمصلين، ومن أجمل الصور في تلك الأيام (المسحراتي)، والذي كان بصوت مميّز، وقرع على الطبل لازال في مسامعي، وهو ينادي للسحور، لأنه في تلك الأيام كان أقصى وقت للسهر لا يتعدى العاشرة مساءً، وكان الناس بحاجة لمن يوقظهم للسحور قبل موعد الفجر. ولم تكن تخلو البيوت من أمهات أو عمات أو سيدات البيت مسؤولات عن تجهيز السحور، والقيام بمهمة إيقاظ أفراد الأسرة كباراً وصغاراً، أتذكر في بيتنا كانت الجلسة على سفرة السحور من أمتع الجلسات مع الوالد والوالدة رحمهما الله وإخوتي وأخواتي حفظ الله الأحياء ورحم من مات، أتذكر صوت أمي وهي تنادي للسحور، أتذكر كيف كنا في رمضان نداوم حين كنا ندرس وحين لحقنا العمل لم يكن العمل أو الدراسة في رمضان صعبة عند الناس كما هي اليوم، ذلك لأن برنامج الناس كل الناس مع السهر، يكاد يكون معدوماً، إلا في مناسبات موسمية، كما المغريات التي تستنزف الأوقات معدومة، في رمضان كان الناس يتبادلون التهاني بحيوية، وكانت أجهزة الهاتف الأرضي، لاتقف بسماع صوت الأهل والأحباب والجيران، تهاني كلها حياة. اليوم للأسف معظم الناس لا وقت لديهم لاتصالات، أو رسائل بعبارات يكتبونها، أو صوتيات يسجلونها، لجأوا للملصقات وللنسخ واللصق، أجد ذلك لا يجدي مع المقربين لأنهم يستحقون أكثر فهي مناسبات محدودة .
مّا يثلج الصدر -ولله الحمد-، أن الناس بدأت تتغير نظرتهم للتعامل مع الشهر الكريم، فصار الغالبية يستغلونه للعبادة، ويبذلون جهداً لنيل بركته، والحرص على قيمته الدينية الكبيرة، وينهون كل احتياجاتهم قبل رمضان، ليتفرغوا للعبادة، لكن ومع هذا، لا زلنا بحاجة لوعي أكثر، يقضي على التزاحم الشديد، واللا معقول، في الأسواق ليلة رمضان، من أجل (مقاضي رمضان)، وكأن البيوت تخلو من كل شيء، وكأن الأسواق ستغلق أبوابها! مع أن رمضان شهر عبادات، وليس للموائد والولائم.
تقبلوا تهنئتي لكم أن يجعله رمضاناً متقبلاً مباركاً سعيداً على السعودية وقيادتها وأهلها، وعلى جميع المسلمين. ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: رمضان شهر
إقرأ أيضاً:
دعاء شهر محرم .. ابدأ الشهر الفضيل بهذه الكلمات واحرص عليها عقب الصلوات
اليوم الخميس، غرة شهر محرم، وبداية العام الهجري الجديد 1447هـ ، وشهر محرم هو أول شهور السنة القمرية أو الهجرية، ويأتي بعد نهاية شهر ذي الحجة، ويُعد من الأشهر العظيمة التي يستحب فيها الإكثار من الأعمال الصالحة، حيث ورد في فضل صيامه أجر عظيم، لا سيما صيام يوم عاشوراء، الذي نجّى الله تعالى فيه نبيه موسى عليه السلام وأهلك فرعون وجنوده، وهو من المناسبات الدينية التي تستحضر فيها الأمة الإسلامية ذكرى الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة.
دعاء شهر محرم
اللهم اقضِ حاجتي، وفرّج كربتي، وارحمني ولا تبتليني، وارزقني من حيث لا أحتسب.
اللهم إني استودعتك السنة الجديدة، فاجعلها يا رب مليئة بالتوفيق والسعادة.
اللهم في فاتح محرم، احفظ لنا من نحب، وبشرنا بما يسر، وحقق لنا ما نتمنى.
اللهم اجعلها سنة لا يضيق لنا فيها صدر، ولا يخيب لنا فيها أمر، ولا يُرد لنا فيها دعاء.
اللهم اختم لنا عامنا الماضي بالصالحات، وبارك لنا في السنة الجديدة، واجعل الفرح واليسر فيها.
اللهم إني أسألك الطيبات، وفعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوب علي وتغفر لي وترحمني.
اللهم ارزقنا التوفيق، وزدنا علمًا وعملًا صالحًا، واجعلنا من المتقين المخلصين. اللهم إني توكلت عليك وسلمت أمري إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.
اللهم افتح لنا خزائن رحمتك، اللهم رحمة لا تعذبنا بعدها في الدنيا والآخرة، وارزقنا من فضلك الواسع رزقًا حلالًا طيبًا، ولا تحوجنا ولا تفقرنا إلى أحد سواك، وزدنا لك شكرًا، وإليك فقرًا، وبك عمّن سواك غنى وتعففًا.
اللهم إني أسألك خير المسألة وخير الدعاء وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة وخير الممات، وثبتني وثقل موازيني، وحقق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل الخير وخواتمه وأوله وآخره وظاهره وباطنه والدرجات العلى من الجنة.
اللهم سخّر لي جميع خلقك كما سخّرت البحر لسيدنا موسى عليه السلام، وألن لي قلوبهم كما ألنت الحديد لداود عليه السلام، فإنهم لا ينطقون إلا بإذنك، نواصيهم في قبضتك، وقلوبهم بيدك تصرفها كيف شئت، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا علام الغيوب أطفأت غضبهم بلا إله إلا الله، واستجلبت محبتهم.
اللهم أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر بي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي.
رب اجعلني لك شكّارًا، لك ذكّارًا، لك مخبتًا، إليك أوّاهًا منيبًا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبّت حجتي، واهدِ قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة صدري.
اللهم يا ذا الرحمة الواسعة، يا مطّلعًا على السرائر والضمائر والهواجس والخواطر، لا يعزب عنك شيء، أسألك فيضة من فيضان فضلك، وقبضة من نور سلطانك، وأنسًا وفرجًا من بحر كرمك، أنت بيدك الأمر كله ومقاليد كل شيء، فهب لنا ما تقرّ به أعيننا وتغنينا عن سؤال غيرك، فإنك واسع الكرم، كثير الجود، حسن الشيم، في بابك واقفون، ولجودك الواسع المعروف منتظرون، يا كريم يا رحيم.
اللهم يسّر لي هذا الأمر، واجعل الخيرة فيه، إنك على كل شيء قدير. اللهم إني توكلت عليك وسلمت أمري إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.
رب أدخلني مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، اللهم إني استودعتك أموري كلها، فوفقني لما تحبه وترضاه يا أكرم الأكرمين.
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
دعاء أول جمعة من شهر محرم 1447هـ
في فضل هذا الشهر العظيم، الذي يعدّ من أفضل شهور الله تعالى، نستقبله بالرجاء والدعاء والتوسل إلى الله عز وجل بأن يجعل عامنا الجديد عام خير وبركة وأمن وأمان، ونسأل الله القبول والتوفيق في كل أمر.
وقد جاء في فضل شهر الله المحرم ما رواه أبو ذر رضي الله عنه قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ الليل خير؟ وأيّ الأشهر أفضل؟ فقال: خير الليل جوفه، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم»،
وفي حديث آخر عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله».
أدعية مستحبة في شهر محرم
اللهم إنا نسألك الخير كله في هذا العام القادم، ولا تحرمنا من فعل الطاعات، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، يا أكرم الأكرمين.
ربّ هب لي من لدنك ذرية طيبة، إنك سميع الدعاء.
اللهم ارزقني بالزوج الذي هو خير لي، وأكون خيرًا له، في ديننا ودنيانا ومعاشنا وعاقبة أمرنا عاجله وآجله.
اللهم إني أسألك بخوفي من الوقوع في الحرام، وبحفظي لجوارحي، وأسألك يا ربّ بصالح أعمالي أن ترزقني زوجًا صالحًا يعينني في ديني ودنياي، فإنك على كل شيء قدير.
إلهي، كم من شيء غبت عنه فشهدته، فيسرت فيه المنافع، وحفظتني فيه من الغيبة، ووقيتني فيه بلا علم مني، ولا حول ولا قوة إلا بك، فلك الحمد على ذلك.
يا من قلت للشيء كن فيكون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم لا تجعلنا من الخاسرين، رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم، وإن لم تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين.
اللهم اجعل هذا العام عام خير وسلام، وطهر فيه بلاد المقدس من اليهود المعتدين، فإنهم لا يعجزونك، ولكل ظالم نهاية، يا قهّار يا جبار، يا الله يا الله يا الله.
نسأل الله أن يجعل هذه الجمعة بداية عام مليء بالخير، ويكتب لنا فيه القبول والتيسير، ويجعلنا فيه من المقبولين عنده، آمين.