ما دلالات المفاوضات المباشرة بين أميركا وحماس؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
بعد أن كشف البيت الأبيض عن أن الولايات المتحدة أجرت اتصالات مباشرة لأول مرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الدوحة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تلوح في الأفق جملة تساؤلات عن مسار هذه المفاوضات ومدى جدواها، بعد أن تعثرت مرارا وهي بيد الوسطاء، وذلك مع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق.
وباتت غزة في وضع حرج مع انتهاء المرحلة الأولى، حيث أغلقت إسرائيل مجددا جميع المعابر المؤدية إلى القطاع لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع أداة ضغط على حماس لإجبارها على قبول بإملاءاتها.
ويريد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -مدعوما بضوء أخضر أميركي- تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني 2025، للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، من دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.
في المقابل، تؤكد حماس وجوب بدء مفاوضات المرحلة الثانية التي تشمل وضع حد للحرب والانسحاب الشامل لجيش الاحتلال من غزة، تمهيدا للمرحلة الثالثة وأساسها إعادة إعمار القطاع المدمّر.
إعلانوفي مقابلة مع الجزيرة نت، أجاب الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ومدير مؤسسة فيميد للإعلام الفلسطينية إبراهيم المدهون عن بعض التساؤلات بشأن مسار هذه المفاوضات.
أميركا تفاوض حماس.. ما وراء ذلك؟لم يكن مفاجئا أن تستجيب حركة حماس لأي حوار مع الولايات المتحدة، فهي لا تمانع الحديث مع أي دولة في العالم باستثناء الاحتلال الإسرائيلي، بل ترى في فتح قنوات مع واشنطن خطوة مهمة لفهم مواقفها والتأثير على قراراتها.
لكن الجديد هذه المرة أن الحوار لم يأتِ عبر قنوات خلفية أو شخصيات غير رسمية، بل جرى بشكل مباشر بين مسؤول في الإدارة الأميركية وحماس، في سابقة تحمل دلالات إستراتيجية عميقة.
الحوار الذي كُشف عنه يجري بين آدم بولر مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقيادات في حركة حماس، ويتمحور بشكل أساسي حول الأسير الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكساندر المحتجز لدى المقاومة الفلسطينية.
لكن هذا الحوار يتجاوز كونه مفاوضات إنسانية بحتة، فهو يأتي بعد فشل إسرائيل والولايات المتحدة في تحقيق أهدافهما في الحرب على غزة، ويعكس تحولا تكتيكيا في طريقة تعامل واشنطن مع الصراع.
وفي رأي المحلل والكاتب السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة في منشور على منصة إكس، فإن الاتصالات واللقاءات بين آدم بولر مبعوث الرئيس ترامب لشؤون الأسرى وحركة حماس في الدوحة بالتوازي مع مفاوضات وقف إطلاق النار والنقاش تعني ما يلي:
اعتراف واشنطن واقعيا بالحركة كجزء مهم من المشهد الفلسطيني، ولا يمكن تجاوزها بعد فشل القضاء عليها عسكريا. تراجع ثقة ترامب بنتنياهو الذي يقدم حساباته الشخصية على حساب مصالح الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، حسب قناعة رأي عام إسرائيلي واسع، فنتنياهو يسعى لتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار، مما يعني تعليق إطلاق سراح الأسرى، واستمرار التوتر تحت عنوان الحرب. هناك مصلحة لواشنطن بوقف الحرب لاستثمار علاقاتها سياسيا (التطبيع) واقتصاديا مع الدول العربية، وهذا يحتاج إلى هدوء في المنطقة. تهديد ترامب ونتنياهو لغزة بالجحيم والحرب الفتاكة ما زال أداة ضغط تفاوضية، والباب ما زال مشرعا لمزيد من المفاوضات. إعلان لماذا تفاوض واشنطن حماس الآن؟ظلت الإدارات الأميركية المتعاقبة على مدار سنوات تضع شروطا تعجيزية أمام أي حوار مع حماس، أبرزها الاعتراف بإسرائيل، ونزع السلاح، والالتزام بالاتفاقات السابقة مع الاحتلال. لكن اليوم، ومع استمرار المعارك في غزة وفشل الاحتلال في تحقيق أي انتصار سياسي أو عسكري، باتت واشنطن أمام واقع جديد: حماس لم تُهزم، ولم تُستأصل، ولا يمكن تجاهلها بعد الآن.
الحوار المباشر هو اعتراف أميركي غير معلن بأن حركة حماس باتت رقما ثابتا في المعادلة السياسية، ولا يمكن تجاوزها في أي عملية سياسية.
كما أن إسرائيل نفسها اضطرت في السابق للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع حماس، سواء خلال مفاوضات إطلاق سراح جلعاد شاليط، أو مفاوضات وقف إطلاق النار المتكررة عبر وسطاء إقليميين، أو صفقة تبادل الأسرى التي وقعت في الدوحة برعاية قطرية مصرية، والتي أدت إلى إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل أسرى إسرائيليين.
ما انعكاسات الحوار على معادلة الصراع؟لا شك أن مجرد انعقاد هذه المفاوضات يمثل ضربة قاسية لنتنياهو وحكومته، إذ يُظهر مدى ضعف إسرائيل وعجزها عن فرض إرادتها بالقوة، رغم استخدامها كافة الأساليب الوحشية في حربها على غزة.
وكشفت مصادر إسرائيلية عن غضب نتنياهو من هذه المحادثات، ومحاولاته المتكررة للضغط على إدارة ترامب لوقفها، لكنه لم ينجح. بل إن هذا التطور أظهر إسرائيل بحجمها الحقيقي، مجرد تابع للسياسة الأميركية، وليس كما تحاول تصوير نفسها كقوة مستقلة.
ما الذي يجب أن تطالب به حماس؟حماس أمام فرصة حقيقية لا ينبغي تفويتها، إذ يمكنها البناء على هذا الحوار وتحويله من مجرد مفاوضات حول أسير أميركي إلى نقاش سياسي أوسع.
ومن أبرز المطالب التي يمكن أن تطرحها الحركة:
رفع اسم حماس من قائمة "الإرهاب" الأميركية. الاعتراف بحماس كجزء من الحل السياسي في المنطقة. ضمان دور حماس في أي معادلة سياسية فلسطينية مستقبلية، بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية. التفاوض على تهدئة طويلة الأمد بشروط تحقق للشعب الفلسطيني حقوقه، دون المساس بالمقاومة. إعلان هل هذه بداية تحول أميركي؟إدراك الولايات المتحدة بأن حماس جزء من الحل وليس المشكلة قد يكون مقدمة لتحولات أوسع في السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية. وإذا استطاعت حماس إدارة هذا الحوار بحكمة، فقد تجد نفسها أمام نافذة سياسية جديدة تتيح لها تعزيز شرعيتها الدولية، وتخفيف الضغوط على حلفائها، وربما حتى فرض واقع جديد يغير قواعد اللعبة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتدرك إسرائيل جيدا خطورة هذا المسار، ولذلك من المتوقع أن تسعى بكل الطرق لإفشاله. كما أن بعض القوى الإقليمية قد لا ترحب بانفتاح أميركي على حماس، ومن المرجح أن نشهد خلال الأيام المقبلة حملات إعلامية إسرائيلية وتسريبات مضللة، وربما حتى تحركات سياسية تهدف إلى عرقلة الحوار.
ما تأثير تهديدات ترامب؟وقال المحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة إن التهديدات الأميركية تحمل تناقضا كبيرا بين تهديدات ترامب ومسار التفاوض الذي بدأته الإدارة الأميركية مع حركة حماس، ويعد هذا التفاوض غير مسبوق على هذا المستوى، فالإدارة الأميركية نفسها هي التي أعلنت عنه، وبناء عليه يمكن قراءة هذه التهديدات بوصفها ممارسة أقصى درجات الضغط على حماس من أجل الحصول على بعض التنازلات خلال هذه المفاوضات.
كما تأتي أيضا في سياق أن الإدارة الأميركية لم تعد ترى أن مسار المفاوضات الذي تتبعه حكومة نتنياهو مجديا وأن الوقت ينفد، وأن النتائج المترتبة عنها لم تكن بالوتيرة نفسها التي تنتج عن المفاوضات مع الإدارة الأميركية التي تعتمد على لغة الصفقات والنتائج السريعة.
وإن حماس بهذا المسار الجديد من المفاوضات يمكنها أن تقدم رؤيتها في إطار أنها أصبحت لاعبا مركزيا، ويمثل اعترافا بأنها بعد كل هذه الحرب فشل الاحتلال في القضاء عليها.
وهذه التهديدات لا بد من التعامل معها بجدية، فقد وردت على لسان الرئيس الأميركي بكل فجاجة وعنجهية، والخطير فيها أنها لا ترتبط فقط بحركة حماس أو قياداتها، ولكنها تشمل كل المشروع الوطني المرتبط بالمقاومة، وليس في قطاع غزة وحدها بل في كل الجغرافيا الفلسطينية.
إعلانإن حماس ستتعامل مع هذه الضغوط ليس بتنازلات ولكن بالواقعية التي تراعي المتغيرات في المشهد عامة، وبما يتناسب مع تصريحات ترامب ومخرجات القمة العربية والمعطيات الميدانية وما يتعلق بوضع المقاومة.
وإذا نجحت حماس في أن تحيّد الإدارة الأميركية في ألا تكون طرفا مركزيا في المعركة تكون نجحت كثيرا، فأميركا اليوم لم تعد تقدم نفسها كوسيط، ولكنها طرف آخر، مما يزيد في تعقيد المشهد لأن أميركا لم تعد وسيطا ضامنا في المفاوضات، ولكنها تمارس كل أدوات الضغط والتهديد بفتح أبواب الجحيم.
وكان ترامب حذر حركة حماس، في ما سماه "التحذير الأخير لهم"، بإنهاء أمر الحركة إذا لم تطلق فورا سراح جميع الأسرى الإسرائيليين لديها، وتعيد الموتى منهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة وقف إطلاق النار هذه المفاوضات حرکة حماس
إقرأ أيضاً:
أميركا تحظر دخول مواطني 12 دولة فما ردود الأفعال؟
دخل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنع مواطني 12 دولة من دخول الولايات المتحدة حيز التنفيذ ابتداء من اليوم الاثنين، فما أبرز ردود الأفعال الدولية والحقوقية على ذلك؟
بداية نشير إلى أن ترامب كان قد أصدر القرار قبل نحو أسبوع، ثم دخل حيز التنفيذ بعد منتصف الليلة الماضية بالتوقيت المحلي، السابعة صباح اليوم بتوقيت مكة المكرمة.
وحسب الإعلان الرئاسي الأميركي، فقد اتخذ هذا القرار من أجل "حماية الولايات المتحدة من إرهابيين أجانب وتهديدات أخرى للأمن القومي"، علما بأنه يشمل مواطني 4 دول عربية هي ليبيا والسودان والصومال واليمن إضافة إلى إيران وأفغانستان وميانمار وهاييتي وتشاد وإريتريا والكونغو برازافيل وغينيا الاستوائية.
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد بررت الإدارة الأميركية التي تعتمد سياسة هجرة صارمة جدا إدراج هذه الدول في قائمة الحظر بما وصفته "بغياب الإدارات الفاعلة في هذه البلدان للتدقيق بالمسافرين وميل مواطني بعضها إلى البقاء في الولايات المتحدة بعد انتهاء صلاحيات تأشيراتهم".
وشمل القرار فرض قيود على مواطني 7 دول أخرى للحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة وهي بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان وفنزويلا.
إعلانوعزا ترامب قراره إلى الهجوم الذي استهدف مظاهرة يهودية في ولاية كولورادو ونفّذه رجل قالت السلطات إنه دخل البلاد بشكل غير قانوني، علما بأن أيا من القائمتين اللتين نشرتهما إدارة ترامب لا يشمل مصر التي يتحدر منها الرجل البالغ 45 عاما والمتهم بشنّ هجوم كولورادو.
وعقب القرار، أعربت العديد من الجهات الدولية والدول المستهدفة ومواطنيها عن مخاوفها، فجاءت أبرز ردود الأفعال كما يلي:
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك أعرب عن "مخاوف من منظور القانون الدولي"، وقال إن "البعد الواسع جدا والشامل للحظر الجديد للسفر يثير مخاوف من منظار القانون الدولي، خصوصا (في ضوء) مبدأ عدم التمييز و(ضرورة) تناسب الإجراءات المتخذة استجابة للقلق الذي تم التعبير عنه على صعيد الأمن". منظمة العفو الدولية نددت بهذا المرسوم ووصفته بأنه "تمييزي وعنصري وقاس". الاتحاد الأفريقي عبّر عن قلقه من تداعيات الحظر على 7 دول في القارة، وقال في بيان إن "المفوضية تشعر بالقلق حيال التأثير السلبي المحتمل لهذا النوع من الإجراءات على العلاقات بين الناس والتبادل التعليمي والتعامل التجاري والعلاقات الدبلوماسية الأوسع التي تمّت رعايتها بعناية على مدى عقود". تشاد، وهي إحدى الدول الأفريقية المستهدفة بالقرار الأميركي، أعلنت أنها ستعلق ردا على ذلك منح تأشيرات للمواطنين الأميركيين. ياسمين أنصاري، عضو الكونغرس الأميركية من أصل إيراني، كتبت على منصة إكس أمس الأحد "أُدرك تماما حجم الألم الذي تُسببه قرارات حظر السفر القاسية والمعادية للأجانب التي فرضها ترامب، فقد تضررت عائلتي بشدة بسببه". وأضافت "سنُحارب هذا الحظر بكل إمكاناتنا". عبر نواب من الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة عن قلقهم إزاء هذه السياسات. ومن بينهم النائب رو خانا الذي كتب عبر مواقع التواصل مؤكدا أن "حظر ترامب لسفر مواطني أكثر من 12 دولة قاسٍ وغير دستوري.. من حق الناس طلب اللجوء". إعلانجدير بالذكر أن القيود الأميركية تستثني حملة تأشيرات معينة والأفراد الذين "يخدم سفرهم إلى الولايات المتحدة المصلحة الوطنية".
ويستثني الحظر لاعبي كرة القدم الذين سيشاركون في كأس العالم 2026 التي ستُقام في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وكذلك الرياضيون الذين سيشاركون في دورة الألعاب الأولمبية التي ستستضيفها لوس أنجلوس في 2028.