هل تقاتل اوكرانيا بقرون منطين !؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
بقلم : عمر الناصر ..
عندما ارى اثار الدمار في اوكرانيا اتذكر لعبة “ميدالية الشرف” medal of honor التي اعادت بي الذاكرة الى اصوات صافرات الانذار و دوي الصواريخ التي زارت بغداد في الماضي ، لادرك انها ستغنينا عن التفكير بسخافة ومزاح فايروس كورونا الثقيل الذي يخاطب عقولنا، فيقول اطمئنوا لن يكون للكمامة اهمية عندما نسمع قرقعة اصوات المدافع، لان رائحة الموت اصبحت تدور في كل مكان، وطعم الحياة لن يحتاج لفيتامين سي او زنك لرفع نسبة الاوكسجين لدى الابرياء.
ان اعظم شعور يعيشه الضمير عندما يعطي القاتل الوعد بالرحمة وقت الاجهاز وانزال القصاص بضحيته، لكونه يعلم سلفاً بحجم الخيانة التي تعرض لها الاخير، ولتدرك الضحية بعدها بأن الوقت لم يعد يكفي حتى لأن تتبجح بالقول بأن هنالك رد مزلزل سوف يأتي من حلفاءها الذين يقفون خلفها لتستطيع ان تحاجج به القاتل، على اعتبار ان ملامح الانكسار وتعابير الوجوه ستعكس الحقيقة الكاملة دون تزييف او مكابرة، تثبتها خيبة الامل في عيون غرقت بالدموع، لم تعد قادرة على الاحتفاظ بها بين المسامات لمنعها من السقوط ، فبانت اولى طلائعها في خطاب رئيس اوكرانيا زيلينسكي الموجه لدول الناتو ، بأنه قد لن يراهم مجدداً اي بمعنى ان الموت بدأ يدنوا من مقتربات حياته كلما اقتربت القوات الروسية من عاصمة بلاده ، فوقف حينها بين امرين احلاهما مر ، مكانته كرئيس دولة اوقعته اميركا ودول الحلف بفخ التصريحات الاستفزازية لروسيا التي تم ترجمتها كتهديد وجودي لروسيا ، فتخلت عنه القارة العجوز بأسرها ، وعدم الحصول على اجابة لسؤاله المصيري لاكثر من ٢٧ مسؤول من داخل الناتو ، اجيبوني بصراحة !! هل سوف توافقون على انضمام اوكرانيا لحلف شمال الاطلسي !؟ فلم يجيبه احد والكثير كان خائف ومتردد حتى من الاجابة ، فادرك حينها انهم تركوا اوكرانيا تواجه خطر الدب الروسي لوحدها .
اليوم باتت الحقيقة صادمة ومؤلمة تؤرق الكثير من الاوكرانيين، في ظل وجود خطأ استراتيجي فادح وعنجهية وغباء سياسي ارجعهم عدة قرون الى الوراء ليعيد بنا الذاكرة لمغامرات النظام السابق ، مابين طمعهم بالحصول على رضى العم سام ، ومابين حلم الانضمام لحلف شمال الاطلسي لضمان استمرارية الحماية من التهديدات الروسية ، لتجد اوكرانيا نفسها حائرة فيما بعد، حتى وان تعافت من ويلات الحرب والدمار فسيبقى التقسيم واقع حال لا مهرب منه ، لان النسبة المئوية لخيارات الجيدة في عملية الرجوع كدولة لها سيادة ومستقلة كما كانت في سابق عهدها أصبحت “صفر” ، وهذه النسبة بأعتقادي هي افضل الاسوء التي تتناسب مع حجمها المستقبلي ومكانتها التي تراجعت الى مراتب دول العالم النامي حسب المعطيات الموجودة على ارض الواقع .
للاسف اقول لايوجد شيء بالامكان ان يكتب عنه التاريخ الاوكراني عنه الا المقاومة والاستبسال ،لان قرار الدخول في حرب غير متكافئة كان قرار متهور غير محسوب من قبل الادارة الاوكرانية، في وقت لم تضمن الاخيرة وقوف جميع دول اوروبا معها ، لانها غير مهيأة تماما لقرار الحرب المفاجئ، ولان عملية المغامرة بدخول حرب استنزاف لقدراتها العسكرية والاقتصادية يكون الخاسر الاكبر فيها هم دافعي الضرائب التي تعتمد عليهم الدول الاوروبية في رفع اقتصادياتها ورفاهيتها ،لان القارة العجوز لاتؤمن بزمن المعجزات ولا تراهن على رجوع نبي الله يوسف لكي يمسح على وجهها لاعادتها شابة بوجهها الجميل.
من الناحية السياسية للموضوع فهو معقد للغاية وهذه الفرصة تعد اكثر من مناسبة، ووقت ملائم جاء من صالح ثلاث دول، اولها روسيا التي استغلت ضعف بايدن وموضوع فرض العقوبات عليها سواء دخلت الى اوكرانيا او لم تدخل ، والصين التي استغلت الفرصة ربما لغرض ضم تايوان اليها، وما قرار رفع جهوزية القوات الصينية وتحليق الطيران الصيني في خليج تايوان ، وتصريحها بأن دخول روسيا لاوكرانيا لايعد عملية غزو، بالاضافة الى قرب حسم مفاوضات ٤+١ في فيننا لانهاء ملف برنامج ايران النووي الذي تنتظره منذ فترة طويلة ربما يكون حل حقيقي لمشاكلها ووقف تدخلاتها في منطقة الشرق الاوسط.
قد يفكر البعض بأن روسيا لجأت الى استخدام سياسة ” الارض المحروقة ” لتبرير الهجوم على اوكرانيا، فلم تعد البنى التحتية العسكرية بمأمن على الاطلاق ، وحتى المنشأت المدنية قد تعرضت لخطر الدمار والانهيار، والبعض الاخر يرى العالم من وراء اصبعه ، وسط خوف وقلق وتردد من قبل الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي من اصدار اي قرار يثير حفيظة روسيا خوفاً على مصالحهم واقتصادياتهم التي تعاني اليوم من ازمات اقتصادية كبيرة، وتدفق عالي لموجات اللاجئين الى اراضيها، لكن بنهاية المطاف ان قرار شن الحرب على اوكرانيا اظهر عورة “النمر المصنوع من الورق” ولتبقى التساؤلات تطرح من قبل الكثير من المختصين، لماذا تخلى العالم عن نصرة كييف ؟
انتهى …
خارج النص|| الادانة والشجب والاستنكار قتال بقرون من طين لاتفي بالغرض اثناء المبارزة ..
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
عبدالعزيز الحلو في وجه الطاحونة التي لا ترحم
عندما تمرد عبدالعزيز الحلو عقب انفصال الجنوب كان المؤتمر الوطني هو الحزب الحاكم وكان تمرده بالنسبة للجيش تمردا سياسيا في ظل وجود حكومة وحزب حاكم يقع على عاتقهما بشكل كامل التعامل مع هذا التمرد وحله بوصفه إشكال سياسي.
الجيش لم يتصور المعركة حينها كمعركة ضد الدولة وإنما كمعركة ضد النظام، حتى قيل حينها إن بعض العساكر كانوا يسمون حرب جنوب كردفان ب “حرب عمر البشير”.
ففي ظل وجود نظام سياسي هو نظام المؤتمر الوطني كانت الحرب تفهم كحرب ضد النظام بشكل صريح أو ضمني حتى بالنسبة للأجهزة النظامية وكذلك بالنسبة للشعب.
وتجمدت حرب جبال النوبة على هذا الأساس بعد اتفاق وقف إطلاق نار استمر تقريبا لعشرة سنوات.
ولكن بعد تحالفه مع الجنجويد في حربهم ضد الدولة والشعب وضع تمرده في سياق آخر مختلف كليا. الجيش الآن والقوات النظامية والمستنفرين يقاتلون حركة الحلو بدوافع جديدة، لم يعد الحلو متمردا على نظام المؤتمر الوطني، ولكنه يحارب الدولة والشعب في حرب يراها الشعب كحرب عدوان خارجي صريح ضد الدولة.
الحلو أراد أن يركب موجة حرب 15 أبريل ولكنه بذلك جر على نفسه وعلى قواته غضبة الطاحونة التي لا ترحم وستطحنه مع الجنجويد الذين هم أشد منه بأسا وأكثر قوة وعتادا وعددا وسيطروا على العاصمة وولايات مساحتها أضعاف منطقة كادوا فتمت هزيمتم وطردهم وتجري ملاحقتهم الآن في كردفان ودارفور. مساحة المنطقة التي يسيطر عليها الحلو هي شيء لا يذكر بالنسبة للحرب التي يخوضها الجيش وكذلك قواته وعددها وتسليحها هي لا شيء بالمقارنة مع المعارك الكبيرة التي خاضها الجيش وانتصر فيها كلها.
عبدالعزيز الحلو “دبور زن على خراب عشه”
حليم غباس