ماذا يستطيع الأفراد أن يفعلوا إزاء تغير المناخ؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
أحد الأسئلة الأكثر شيوعا وإرباكا في قضية التغير المناخي هو هل يمكن لأفعال شخص واحد أن تحدث فرقا حقا أم أن المشكلة كبيرة لدرجة أن الإصلاح يجب أن يأتي من الدول القوية وصناع السياسات وكبار المؤثرين؟
عمليا يصعب فصل الأمور، فالأفعال والممارسات الشخصية والعمل المؤسساتي المنظم وأيضا التعاون الدولي ترتبط ارتباطا وثيقا، كما تعتمد النتيجة أيضا على أفعال الشخص نفسه ومكان وجوده.
فالسلوك الذي يتبعه مواطن أميركي أو كندي أو ألماني من الطبقة المتوسطة أكثر أهمية على المستوى البيئي من أفعال مزارع على سبيل المثال من بنغلاديش أو بورما أو اليمن، على اعتبار أن الناس في البلدان الغنية بصمتهم الكربونية عالية، ويستهلكون أكثر بكثير من الناس في البلدان الفقيرة، وبالتالي فإن خياراتهم أكثر أهمية للانبعاثات العالمية.
وهذه بعض الطرق التي يمكن لأي شخص يتبعها أن يكون جزءا من الحل بشأن أزمة المناخ العالمية:
نشر الوعيالالتزام الشخصي بأهمية الحفاظ على البيئة يتطلب تشجيع الأصدقاء وأفراد العائلة وزملاء العمل على تقليل التلوث الكربوني، والعوة إلى المشاركة الجماعية والانضمام إلى جمعيات بيئية محلية أو عالمية تهدف لاتخاذ خطوات عملية بشأن المناخ.
إعلان تغيير عادات التنقليعتبر قطاع النقل مسؤولا عن نحو ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميا. ويمكن للفرد أن يسهم في التخفيض من ذلك، بممارسة المشي وترك سيارته، واستعمال الدراجات الهوائية كلما أمكنه ذلك. وإذا كانت المسافات بعيدة، يمكن استخدام وسائل النقل العام، ويفضل أن تكون الوسائل العاملة بالكهرباء.
ويشمل ذلك استبدال مزود الطاقة المنزلي أو في المصانع والمزارع والمؤسسات الخاصة بمزود خال من الكربون أو يعمل بالطاقة المتجددة، وتركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل وخفض التدفئة بدرجة أو درجتين وعدم استعمال المكيفات إن أمكن.
كما ينبغي إيقاف تشغيل الأجهزة والأضواء حال عدم استخدامها، وكذلك استخدام عازل للأسقف بحيث يكون المنزل أكثر دفئا في الشتاء، وأكثر برودة في الصيف، مما سيسهم في توفير الطاقة والمال أيضا.
تعديل النظام الغذائيللحفاظ على البيئة ومن أجل التعافي المناخي، يفضل تناول المزيد من الوجبات النباتية، والتقليص قدر الإمكان من استهلاك اللحوم.
وتستخدم نحو 60% من الأراضي الزراعية في العالم للرعي الماشية التي تطلق غاز الميثان، ويستهلك الناس في العديد من البلدان أغذية من مصادر حيوانية أكثر مما هو صحي.
ويمكن أن تساعد النظم الغذائية الغنية بالمنتجات النباتية أيضا في تقليل الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري والسرطان، وهو ما سيترك بدوره آثارا إيجابية بشكل غير مباشر على البيئة والمناخ.
وفقا لتقرير مؤشر نفايات الأغذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يُهدر ثلث الطعام المنتج عالميا. ويتخلص سكان العالم من مليار طن من الطعام سنويا، وهو ما يمثل نحو 10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
إعلانولذلك يجدر بالفرد تجنب الهدر والاكتفاء بشراء ما يحتاجه فقط، وكذلك الاستفادة من كل جزء صالح للأكل من الأطعمة التي يتم شراؤها.
وينبغي هنا قياس أحجام حصص السلع الأساسية قبل طهيها، وتخزين الطعام بشكل صحيح ومشاركة ما يزيد عن الحاجة مع الأصدقاء والجيران أو التبرع به أو تدويره.
اختيار المنتجات المستدامةلتقليل البصمة الكربونية في الطعام والوجبات، يجدر شراء الأطعمة المحلية والموسمية. وهو ما سيساعد الشركات الصغيرة والمزارع القريبة، وسيسهم في تقليل انبعاثات الوقود الأحفوري المرتبطة بالنقل والتخزين.
وتستخدم الزراعة المستدامة طاقة أقل بنسبة تصل إلى 56%، وتنتج انبعاثات أقل بنسبة 64%، كما تسمح بمستويات أكبر من التنوع البيولوجي مقارنة بالزراعة التقليدية.
ويمكن للفرد أن يكون أكثر فعالية، من خلال زراعة الفاكهة والخضراوات بنفسه في حديقة أو شرفة منزله أو الاشتراك في حديقة مجتمعية في منطقته أو حيه.
ويمكن استخدام المخلفات غير الصالحة للأكل في صناعة السماد لتخصيب الحدائق إذ إن التسميد هو أحد أفضل الخيارات لإدارة النفايات العضوية مع تقليل الآثار البيئية أيضا.
اختيار ملابس صديقة للبيئةتمثل صناعة الأزياء ما بين 8% إلى 10% من انبعاثات الكربون العالمية، أي أكثر من جميع الرحلات الجوية الدولية والشحن البحري مجتمعين وفق الأمم المتحدة، وقد خلقت "الموضة السريعة" ثقافة التخلص من الملابس التي ينتهي بها الحال، سريعا، إلى مكبات النفايات.
لكن يمكن تغيير هذا النمط من السلوك من خلال شراء عدد أقل من الملابس الجديدة وارتدائها لفترة أطول، والبحث عن المنتجات المستدامة والاستعاضة عن الشراء بخدمات التأجير للمناسبات الخاصة، وإعادة تدوير الملابس وإصلاحها عند الضرورة.
في كل عام يتم تدمير ما يقرب من 12 مليون هكتار من الغابات. وتعد إزالة الغابات، إلى جانب الزراعة والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي، مسؤولة عما يقرب من 25% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
إعلانويمكن للفرد أن يعكس هذا الاتجاه من خلال زراعة الأشجار، إما بشكل فردي أو كجزء من مجموعة، أو في إطار الحملات العالمية التي تقودها الأمم المتحدة والمنظمات المحلية لوقف تدهور الأراضي والمحيطات، وحماية التنوع البيولوجي، وإعادة بناء النظم البيئية.
الاستثمارات الصديقة للكوكبيمكن للأفراد أيضا المشاركة في التغيير عبر توظيف مدخراتهم واستثماراتهم باختيار المؤسسات المالية التي لا تستثمر في الصناعات الملوثة والتي تسبب انبعاثات شديدة. إذ هناك العديد من المؤسسات المالية التي تقدم استثمارات أخلاقية.
وبالتراكم، يمكن أن يُحدث أي سلوك فردي إيجابي مهما كان بسيطا فرقا في حماية البيئة والمحيط من حوله، وهو ما سينعكس على قضية التغير المناخي وآثاره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان بيئي على البیئة وهو ما
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي: تغير في موقف واشنطن يُنذر بمسار جديد في ليبيا
العبدلي: رسالة ترامب أوصلت موقفًا حازمًا لجميع الأطراف الليبية
ليبيا – رأى المحلل السياسي حسام الدين العبدلي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجّه رسالة صريحة عبر مستشاره للشؤون الأفريقية مسعد بولس، مفادها أن الوضع السياسي القائم في ليبيا غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة وترامب شخصيًا.
تحذير غير عبثي وطبقة سياسية هشة
العبدلي وفي تصريح لوكالة “سبوتنيك”، أكد أن رسالة ترامب وصلت إلى جميع الأطراف الليبية دون استثناء، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي لم يطلق تصريحاته عبثًا، بل كانت محسوبة، ولديه سوابق في توجيه تهديدات مبطنة لدول أخرى.
وأوضح أن الطبقة السياسية الليبية ضعيفة ولا تستطيع معارضة الولايات المتحدة، ما يجعل الرسالة الأمريكية بمثابة كشف لواقع سياسي هش قد يفضي إلى مسار جديد، في ظل اهتمام أمريكي متزايد بالملف الليبي.
مصالح اقتصادية وعروض بمليارات الدولارات
العبدلي أشار إلى أن الولايات المتحدة تملك مصالح اقتصادية كبيرة في ليبيا، أبرزها الاتفاقيات مع المؤسسة الوطنية للنفط، وامتيازات في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، لكنه شدد على أن العروض التي قدمها عبد الحميد الدبيبة بقيمة 70 مليار دولار، تأتي ضمن محاولات تودد مكشوفة وفاشلة، إذ إن واشنطن قادرة على فرض ما تريده دون الحاجة لمجاملات.
تغير في أولويات واشنطن وتوجه نحو تدخل مباشر
وأوضح العبدلي أن ليبيا لم تكن ضمن أولويات الإدارات الأمريكية السابقة، لكن تصريحات ترامب تشير إلى تحول في هذا الاتجاه، وقد يتضح شكل التدخل خلال الفترة المقبلة، مع دعم متوقع لخارطة الطريق الأممية.
الديمقراطية غائبة والدعم موجّه لحلفاء واشنطن
وحول المسار الديمقراطي، قال العبدلي إن بعثة الأمم المتحدة ما تزال تملك دورًا في كسر الانسداد، لكنها تواجه تحديات كبيرة. ورغم رفع واشنطن شعار الديمقراطية، إلا أن ممارساتها في ليبيا تدل على سعيها لتمكين حلفائها بغض النظر عن إرادة الشعب.
الدعوة لإفساح المجال أمام الشباب
وأشاد العبدلي بتصريحات ترامب حول دعم الشباب الليبي، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة التقت بعدد من الكفاءات الشابة. وقال إن من قادوا ليبيا خلال العقود الماضية تسببوا بانهيار الدولة، وأن الوقت قد حان ليأخذ الشباب دورهم، خاصة أن العقلية القديمة ترتبط بالفساد وتشبث السلطة.
الفرصة قائمة ولكن تتطلب جدية أمريكية
وختم العبدلي بالتأكيد على أن التغيير ضرورة حتمية، وإذا اقترن دعم الشباب الليبي من قبل واشنطن بجدية في دعم البعثة الأممية ووقف الفوضى السياسية، فإن ذلك سيمثل خطوة إيجابية على طريق إنقاذ ليبيا.