القمة العربية واليوم التالي في غزة وفلسطين
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
انعقدت القمة العربية الطارئة بالقاهرة تحت عنوان «إعادة إعمار غزة». لكنها جاءت في الحقيقة خطةً شاملةً، تشمل الإدارة (الأمنية) وتكلفة الإعمار (حتى عام 2030)، وبالتعاون مع قواتٍ من الأمم المتحدة والشرطة الفلسطينية والدول العربية والأوروبية. وبالطبع، كما في كل مرةٍ، اهتمت الخطة بإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وإعادة ربط غزة بالضفة.
وما ترددت في القول، وإنْ على استحياء، بنزع سلاح الفصائل. وكل ذلك مع مطالبة السلطة الفلسطينية بالإصلاح لتكون قادرةً على الحضور والعمل في قطاع غزة الذي غادرت معظم المسؤوليات فيه منذ عام 2007. وجاء خطاب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ليؤكد على ضرورات الإصلاح، وعلى الوحدة الفلسطينية، وأنه سيعين نائباً له. وحتى «حماس» أعلنت على الفور ترحيبها بالحديث عن إعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية. وما تعرضت لمسألتَي «إدارة غزة» و«نزع السلاح»، لكنّ متحدثين باسمها قالوا يومي الأحد والاثنين الماضيَين إنهم متمسكون بالسلاح الذي يمثل الشرف والوطنية، ولكي يظلوا قادرين على المقاومة!
في كل خطابٍ أُلقي بالمؤتمر كانت هناك إشارات إلى رفض خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لتهجير أهل غزة؛ بل كان ذلك هو سبب ضرورة البديل المتمثل في خطة شاملة لإعادة الإعمار. ويفكّر بيان القمة في المستقبل، وأنه لا سلام إلا بالحل العادل المتمثل في الدولتين.
كيف كان وقع ذلك على كلٍ من إسرائيل وأميركا؟ وزارة الخارجية الإسرائيلية ردّت فوراً بأنّ المؤتمر جاء مخيباً للآمال؛ لأنه لم يراعِ الهموم الأمنية لإسرائيل، ولم يحلّ مسألة الميليشيات، وهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. والواقع أنه منذ عام 2002 على الأقلّ، وفي قمة بيروت، طُرحت «الاستراتيجية العربية للسلام»، وما خرجت عليها دول الجامعة منذ ذلك الحين. وفي مؤتمر القمة الأخير جرى تأكيدها للمرة العاشرة أو يزيد.
أما لدى الإسرائيليين، وفي زمن العنف والحروب الدموية، فإنّ تكتيكات السلام واستراتيجياته لم تعد واردة. والهمّ لدى الأكثرية، وليس لدى الوزراء المتطرفين فقط، أنه بعد هجوم «7 أكتوبر» لن تقف النار حقاً إلا بعد نزع سلاح «حماس» ليكتمل النصر، وبالطبع إطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين. وهناك تفكير كثير في خطة ترمب للتهجير، لكنّ التهجير والاستيلاء لن يقتصر، وفق وزراء اليمين، على غزة، بل سيتناول الضفة بالتهجير والضم أيضاً، خصوصاً المستوطنات في المرحلة الأولى.
«الخطة المصرية»، التي صارت «عربية» في القمة، واضحة وواقعية، كما ذكر البيان الختامي، وسيكون هناك اجتماع لوزراء خارجية «منظمة التعاون الإسلامي»، كما سيكون هناك في الشهر المقبل مؤتمر دولي للمانحين لإعادة الإعمار.
وإذا كانت الخطة تحظى بالدعم العربي والأوروبي والآسيوي، فإنه تظل هناك ضرورات بالطبع لموافقة الطرفين الآخرين أو أحدهما على الأقل: أميركا وإسرائيل. ورغم أن ترمب هو صاحب خطة التهجير؛ فإنّ الضغط عليه قد ينفع، بخلاف الضغط على إسرائيل، فإنه بعد هجوم «7 أكتوبر» ما عاد ناجحاً. ربما لا تزال آمال الحلول السلمية تجول في خاطر بعض قدامى رجالات المخابرات. لكن رئيس أركان الحرب الجديد مصرٌّ على إزالة كل الضباط الكبار الذين شهدوا واقعة «7 أكتوبر». وهو، مثل ترمب، مهتم بإنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تطيل الحروب حياته السياسية. ولذلك؛ فإنّ الحرب قد تتجدد بالفعل بحجة ضرورة القضاء على «حماس»، وعلى حركات الشبان بالضفة. هل ما عاد هناك أمل في ستيف ويتكوف مبعوث ترمب؟! يقال إنه سيعود إلى الشرق الأوسط خلال أيام. وقد يدفع باتجاه تمديد المرحلة الأولى، أو الدخول في المفاوضات على المرحلة الثانية التي تطلّ على إطلاق الأسرى والوقف النهائي للقتال.
العرب قوة معتبَرة إذا اجتمعوا. وهم الآن على قلب رجلٍ واحد. إنما إذا كان الهمّ الرئيس هو التجاوب الأميركي والإسرائيلي، فهناك الهمّ الآخر على العرب، وهو الخلاص من «حماس» وسلاحها. وقد عاشت إسرائيل مع «حماس» سنوات وسنوات، ورغم أن الوضع تغير بعد واقعة «7 أكتوبر»، فإن هناك إسرائيليين لا يزالون يراهنون على بقاء «حماس» ليتحججوا بها في متابعة الحرب!
لدى العرب همُّ «حماس» الكبير، كما أنّ لديهم وعليهم همَّ السلطة الفلسطينية التي لا يريدها أحد من الفلسطينيين قبل الإسرائيليين. وكان العرب يشكون كثيراً من قلة فاعلية الأوروبيين، لكنّ رئيس «المجلس الأوروبي»، الحاضر في اجتماع القمة، أيّد الخطة المصرية.
كانت القضية الفلسطينية دائماً تحدياً كبيراً على العرب. وصار التحدي أعظم بعدما تُركت للميليشيات لسنوات. إنما لا شك في أن تكلفة الغياب ستظل أعظم بكثير من تكلفة الحضور.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة
إقرأ أيضاً:
القومي الإسلامي: العدوان على إيران وفلسطين يؤكد وحدة المشروع الاستعماري
أدان المحامي خالد السفياني، المنسق العام للمؤتمر القومي ـ الإسلامي ورئيس لجنة المتابعة في المؤتمر العربي العام، بشدة العدوان العسكري الأمريكي الأخير على إيران، واصفاً إياه بأنه امتداد مباشر للعدوان الصهيوني، وتأكيد جديد على "وحدة المشروعين الصهيوني والاستعماري" في استهداف الأمة.
العدوان تأكيد على التحالف التاريخي بين واشنطن وتل أبيب
وقال السفياني، في بيان تلقته "عربي21"، إن انضمام الإدارة الأمريكية علناً إلى العدوان الإسرائيلي على إيران يكشف بوضوح عمق التحالف الاستراتيجي القائم بين الطرفين، منذ عقود طويلة من "الاغتصاب والهيمنة"، بدءاً من فلسطين وصولاً إلى "أراضٍ عربية وإسلامية أخرى".
وأضاف: "كنا ولا نزال نؤكد أن مواجهة الاحتلال الصهيوني لا تنفصل عن مواجهة المشروع الاستعماري العالمي بكل أدواته، بما في ذلك القوة الأمريكية التي لطالما كانت الظهير العسكري والسياسي والدبلوماسي لتل أبيب".
دعوة إلى مقاومة شاملة وموقف موحد
وشدّد السفياني على أن المؤتمر العربي العام، بجميع مكوناته – من المؤتمر القومي العربي، إلى القومي-الإسلامي، إلى مؤتمر الأحزاب العربية، ومؤسسة القدس الدولية – يدين العدوان الصهيو-أميركي على إيران، ويعتبره حلقة جديدة في حرب شاملة تستهدف كل من يقف إلى جانب القضية الفلسطينية.
ودعا إلى تحرك عاجل وشامل على المستويات الشعبية والسياسية والقانونية في العالم العربي والإسلامي لدعم إيران في وجه هذا العدوان، مشيدًا بصلابة الشعب الإيراني وقيادته وجيشه في مواجهة الاستهداف الخارجي.
وقوف إيران مع فلسطين سبب في استهدافها
وأكد السفياني أن سبب استهداف إيران ومحاصرتها لم يكن سوى موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية ومناهضة المشروع الصهيوني، قائلاً: "إيران تدفع اليوم ثمن وقوفها مع المقاومة الفلسطينية، وغزة، وكل من يقاوم الاحتلال".
وأضاف: "ما واجهته من عدوان مباشر، وما سبق ذلك من حصار اقتصادي قاسٍ، هو انتقام من مواقفها المبدئية، وهي مواقف تستوجب الدعم لا العقاب".
دعوة لاجتماعات دولية وحراك شعبي واسع
وطالب السفياني بعقد اجتماعات عاجلة للقمة العربية، والقمة الإسلامية، وحركة عدم الانحياز، ومجلس الأمن الدولي، إضافة إلى تفعيل دور المنظمات الحقوقية الدولية لوقف هذا التصعيد الخطير.
كما دعا إلى حراك شعبي عربي وإسلامي وأممي واسع يندد بالعدوان، ويؤكد وحدة المصير بين الشعوب الحرة في وجه ما وصفه بـ"المشيئة الصهيونية" التي تقود العدوان على **إيران، وفلسطين، ولبنان، واليمن، وغيرها من الدول المقاومة".
السفياني ختم: "النصر حتمي طالما أن هناك من يقاوم.. هذا العدوان لن يثنينا عن دعم قضايانا العادلة. إيران وفلسطين تقفان اليوم في خندق واحد. والمستقبل سيكون للشعوب الحرة، لا للمستكبرين، ولا للمعتدين".
ومنذ 13 يونيو/ حزيران الجاري، تشن إسرائيل عدوانا على إيران استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين، وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.