لجريدة عمان:
2025-06-04@19:37:53 GMT

أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي

تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT

أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي

ولد محمد بن جعفر في بداية القرن الثالث الهجري، في محلة اليمن بإزكي. كان محمد بن جعفر أصما ولا يعرف على وجه الدقة المرحلة العمرية من حياته التي أصيب بها بالصمم، وكان الأصم لقبا يُعرف به، ويبدو أنه أصيب بالصمم في أواخر حياته.

تواصل مع علماء عصره كمحمد بن محبوب، وسعيد بن مَحرِز، وسليمان بن الحكم والوضاح بن عقبة، وأبو صفرة.

عينه الإمام الصلت بن مالك الخروصي ( حكم 237- 372هـ/ 851- 886م) واليا على صحار، إلا أنه لم يستمر طويلا، حيث اعتزل بعد شهرين فقط من عمله.

ومما يحكى عنه أن والده أوصاه أن يؤدي عنه دينا لرجل في البصرة، فسافر محمد بن جعفر إلى البصرة ولم يجد الرجل، وسأل عنه فقيل له: إنه بمدينة واسط، وفي طريقه إلى واسط، استشار أبا صفرة فيما يفعل في حالة لم يجد صاحب الدين بواسط، فقال له: تنادي باسمه بأعلى صوتك في سوق واسط، فإن لم يخرج شخص يعرفه، وزع المبلغ على فقراء والمساكين.

بلغ محمد بن جعفر شهرة علمية واسعة في عمان وكان مما يروى عن الناس أنهم يقولون: «رجعت عمان في ذلك العصر إلى أصم وأعمى وأعرج، الأصم محمد بن جعفر، أما الأعمى فالصلت بن خميس الخروصي، والأعرج نبهان بن عثمان».

شهد محمد بن جعفر وولده الأزهر مسألة عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي، والأحداث الدامية التي رافقت قرار العزل والفوضى التي اجتاحت عمان خلال تلك الفترة، وانقسام العمانيين والتدخل العباسي الذي أسفرت عنه سيطرة الدولة العباسية على عمان، وكان لمحمد بن جعفر ولابنه الأزهر موقف من هذه الفتنة، حيث ناصرا موسى بن موسى الإزكوي وراشد بن النظر الخروصي في قضية عزل للإمام الصلت بن مالك الخروصي، إلا أن الأزهر قرر أن يلغي تأييده وأن يقف عن الموضوع، وبذلك أسس توجها سياسيا وفكريا مختلفا عما كان سائدا.

لمحمد بن جعفر عدد من المؤلفات منها سيرة تنسب إليه، ومجموعة من القصائد الشعرية كتبها في أبواب الفقه، مثل قصيدته التي كتبها في الحج، وقصيدة أخرى كتبها في ضحايا الإبل، وله قصائد أخرى في الوصايا. ويكثر التأليف الشعري في المسائل الفقهية وذلك لسهولة حفظ طلاب العلم لها، وسهولة فهم عامة الناس للشعر وحفظهم له، وتداول الشعر في مجالس الرجال ومجالس النساء، وبالتالي فإن الكتابات الشعرية الفقهية كانت في ذلك الوقت وسيلة لتثقيف الناس وتعليمهم أمور الدين، ونشر الوعي بينهم حول ما يجهلونه في أمور الدنيا والدين.

عُد ابن جعفر من أهم علماء الإباضية في القرنين الثاني والثالث الهجريين، ومن أهم مؤلفاته التي لاقت اهتماما كبيرا من جميع العلماء وعبر مختلف العصور كتابه «الجامع»، وهو كتاب في أصول الشريعة ويقع في ثلاثة أجزاء، الجزء الأول في الأديان، والثاني في الأحكام، والثالث في الديات والكفارات، وهو من أقدم التآليف في الفقه الإباضي بعُمان، وكل من جاء بعده من الإباضية اعتمد عليه وأخذ منه واستفاد منه، وابن جعفر مثّل من خلال كتابه الجامع نمطًا فقهيًا كان هو السائد في عُمان في تلك الحقبة، وهو الاعتماد على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة باعتبارهما أصل التشريع الإسلامي، ولا يعتد كثيرا بالمرويات الفقهية أو بالأخذ عمن سبقه كثيرا.

اعتنى طلاب العلم والعلماء بكتاب «الجامع» وكانوا يطلقون عليه «قرآن الأثر». لاشتماله على كافة أصول الفقه، وتميز بسهولة الطرح والعرض، وسهولة الألفاظ ووضوح المعاني، وقوة الاستدلال والاستقصاء التي تدل على غزارة علمه، وتبحره في العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية.

واهتم العلماء بشرح الجامع وأضافوا عليه إضافات وشروحات حتى تعذر مع هذه الإضافات معرفة أصل الكتاب. واعتنى عدد منهم بتأليف مؤلفات في شرح «الجامع»، ومن العلماء الذين ألفوا مؤلفات في شرح جامع ابن جعفر، محمد بن عبدالله بن بركة البهلوي، وكتب أبو سعيد محمد بن سعيد الكُدمي كتاب «المعتبر لجامع ابن جعفر» الذي كتبه في تسعة أجزاء ولم يصلنا منه إلا جزءان، وكتب أحمد بن النظر «كتاب الدعائم»، وكتب الشيخ مهنا بن خلفان البوسعيدي كتاب «تهذيب الأثر في تلخيص جامع الشيخ محمد بن جعفر». وقام أصحاب هذه المؤلفات بشرح الكتاب «الجامع» ففصلوا المجمل، وأوضحوا المشكلات وحللوا المسائل.

قال عنه الشيخ مهنا بن خلفان البوسعيدي عن كتاب الجامع:« كتاب شريف جليل القدر، محتوٍ على معان جليلة في الأثر، ويعد من المصادر الأساسية في الفقه».

اعتنت وزارة التراث والثقافة سابقا( حاليا وزارة التراث والسياحة) بجامع ابن جعفر، فأعادت طباعته بطريقة جديدة وأخرجته بحلة جديدة في عشرة أجزاء، وعرض لأول مرة في معرض مسقط الدولي للكتاب عام 2018م، وتم الاحتفاء بالكتاب والإعلان عنه والترويج له عند الباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي في سلطنة عمان وخارجها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ابن جعفر

إقرأ أيضاً:

الجامع الأزهر: الحج جسر روحي يجمع المسلمين ويعمق وحدة الأمة وتماسكها

عقد الجامع الأزهر أمس الاثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان "آداب وواجبات الحج في الفقه الإسلامي"، واستضاف الملتقى: الدكتور حسن الصغير، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، والمشرف العام على لجان الفتوى بالأزهر الشريف، والأمين المساعد للبحوث بمجمع البحوث الإسلامية، ود. محمد محمد عبد الستار الجبالي، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الحوار الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة الرواق بالجامع الأزهر. 

وافتتح الدكتور حسن الصغير، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون، والمشرف العام على لجان الفتوى بالأزهر، حديثه بتوضيح آداب الحج التي تعد سننا مستحبة للحجيج، وواجبات الحج التي لا يصح الحج إلا بها، كما تطرق فضيلته إلى إمكانية إسقاط هذه الآداب والواجبات على غير الحجاج أيضا، فكما أن أول ما نعلمه للحاج هو التوبة النصوح بشروطها المعروفة، فإن هذا الواجب ينطبق على كل مسلم في مكانه، وتذكير الحاج بها ينبع من قدسية رحلة الحج والحرص على ألا يضيع الحاج أجرها، وأن يستفيد منها بالابتعاد عن كل ما ينقص من ثوابه،  كذلك فإن هذه الأمور واجبة علينا جميعًا، و كما نأمر الحاج بـصلة الرحم التي قد يكون قطعها، وهو كذلك أمر واجب على الجميع، وما يدل على هذا قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾، وكما نوجه الحاج إلى تحري طيب النفقة، فإن هذا المبدأ يعد واجبًا على المسلم في كل زمان ومكان، وفي أي عمل يقوم به ﴿ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾، وكما يحظر على الحج اللغط والرفث ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾، كذلك مأمور بها كل إنسان سواء كان في الحج أو في أي مكان.

وأضاف المشرف على لجان الفتوى بالأزهر، إنه على الإنسان أن يتحلى بالأدب في كل وقت، فالأيام جميعها ملك لله سبحانه وتعالى، ولكن الأمر يكتسب أهمية خاصة في الأيام المباركة، حيث يضاعف الله فيها الأجر والثواب، وبالتالي ينبغي علينا مضاعفة اجتهادنا في الابتعاد عن المعاصي في هذه الأيام المباركة، وفي سياق هذه المشاركة الروحية مع الحجيج، ينبغي علينا أيضا أن نتعمق في فهم أمور ديننا ومناسك الحج، فهذا يعد مشاركة للحجاج في آدابهم، فالفقه الإسلامي، بجانب كونه مجموعة من القواعد المنظمة والضابطة لعباداتنا، يحمل في طياته جانبًا عميقا من الحكمة والمقاصد الشرعية التي تستدعي منا تأملاً بالغ الأهمية، فالحاج مطالب بأداء النسك على الوجه الصحيح، وغير الحاج مطالب بتطبيق الحكمة والغاية من هذه النسك لأن شعائر الله جاءت من أجل صلاح البشرية دون التقيد بزمان ومكان.  

وأوضح المشرف على لجان الفتوى بالأزهر، أن الله سبحانه وتعالى قد خص أيام الحج بفضل عظيم للمسلمين، مستشهدا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"، ويقصد بها الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وهذا الفضل لا يقتصر على الحجاج فحسب، بل يشمل غير الحجاج أيضا، مما يؤكد أن شعائر الله تحمل في طياتها دلائل خير وبركة لجميع المسلمين، وكأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يمنح جميع المسلمين فرصة المشاركة في الأجر والثواب، وليس لمن حج فقط.

أحكام المرأة في الحج .. الأزهر للفتوى يوضحمناسك الحج خطوة بخطوة.. من يوم التروية إلى طواف الوداع بطريقة سهلة وميسرةحكم الحج من مال الزوجة الخاص.. الإفتاء توضحأفضل الأذكار التي أوصانا بها النبي في العشر الأوائل من ذي الحجة.. رددها الآن

من جانبه ، أشار الدكتور محمد عبد الستار الجبالي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى حكمة الله تعالى في جعل مواسم للطاعات؛ لكي نتمكن من خلالها تدارك ما فاتنا من خيرات، حيث يضاعف الله فيها الأجر على الطاعات إكراما لعباده "إن لله في أيام الدهر لنفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً"، ومن هذه المواسم المباركة تلك الأيام الخاصة بشعائر الحج، فكما منح الله الحجيج شرف هذه العبادة وفضلها العظيم، شمل فضله جميع خلقه، فجعل أيام الحج أيام خير وبركة لجميع عباده.

وبين أن الحج يقوي الجانب الإيماني في نفس المؤمن، الذي يعد دعامة أساسية في بناء الشخصية المسلمة، لذا، من لم يتمكن من أداء فريضة الحج، فلا يزال بإمكانه مشاركة الحجاج الجانب الروحي من خلال اغتنام فضل هذه الأيام المباركة. 

وبين عضو مجمع البحوث الإسلامية أن شعائر الحج تحمل معنى عظيمًا وحكمة بالغة، تكمن في أداء مناسك الحج بهذا الجمع من  الناس من كل حدب وصوب، هذا التجمع الذي يعد دلالة عظمية على وحدة الأمة وتماسكها، وأنها مجتمعة على قلب رجل واحد في أداء منسك واحد لله رب العالمين، مستدلا على هذا المعنى السامي، الذي تحتاجه  الإمة الإسلامية اليوم أكثر من أي وقت مضى، بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى، أبلغت؟" قالوا: بلغ رسول الله. ثم قال: "أي يوم هذا؟" قالوا: يوم حرام. ثم قال: "أي شهر هذا؟" قالوا: شهر حرام. ثم قال: "أي بلد هذا؟" قالوا: بلد حرام. قال: "فإن الله قد حرّم بينكم دماءكم وأموالكم" قال: ولا أدري قال: "أو أعراضكم"، أم لا "كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. أبلغت؟" قالوا: بلغ رسول الله. قال: "ليبلغ الشاهد الغائب"، كما أن هذا المعنى لم يكن خاص بالحجيج في حجة الوداع وإنما هو نداء نبوي من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الأمة على امتداد مكانها وعلى اختلاف زمانها.

يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.

طباعة شارك الجامع الأزهر الملتقى الفقهي ملتقى الجامع الأزهر

مقالات مشابهة

  • محمد بن زايد وسلطان عمان يتبادلان هاتفياً التهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك
  • رئيس الدولة يستقبل ولي عهد أم القيوين ويبحثان عددا من الموضوعات التي تتعلق بشؤون المواطن والوطن
  • كتاب (الحوت والأخطبوط)
  • الصمت المونديالي
  • الجامع الأزهر: الحج جسر روحي يجمع المسلمين ويعمق وحدة الأمة وتماسكها
  • بعد قليل.. بدء امتحان «الفقه» لطلاب الثانوية الأزهرية
  • الإتحاد : مصيلحي يرفض التراجع عن الاستقالة بسبب الشتائم التي تعرض لها
  • فقدان أربعة صيادين من صيرة عدن في عرض البحر
  • ائتلاف المالكي:قائمة الإطار ستكون الأولى في انتخابات صلاح الدين
  • اختتام دورة توعوية لمنتسبي الضبط المروري