الابتكار العلمي والتكنولوجي في الصين.. قوة دافعة نحو المستقبل
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
تشو شيوان **
خلال الأيام الماضية برزت الصين كقوة دافعة للابتكار التكنولوجي وذلك بعد ظهور نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك"، وأيضًا كانت حاضرة في المشهد الإبداعي فقد حقق فيلم "نِه تشا 2" المرتبة الخامسة كأكثر الأفلام تحقيقًا للإرادات عالميًا، ما عَرَّف العالم على الابداع الصيني عالي الجودة.
ومن الملاحظ أن الصين في السنوات الأخيرة تشهد طفرة هائلة في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي والابداعي، من الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء إلى الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحيوية، وهذا التقدم الملحوظ لم يأت من فراغ، بل هو نتاج استثمارات ضخمة وجهود حثيثة تبذلها الحكومة الصينية لتحويل البلاد إلى قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا.
لقد شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ أثناء حضوره اجتماع مجموعة مشتركة خلال الدورة الثالثة للمجلس الوطني الـ14 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، على تعزيز دور التعليم في دعم التقدم العلمي والتكنولوجي، فضلا عن تطوير المواهب، ودعا إلى فهم عميق لاحتياجات التحديث صيني النمط فيما يتعلق بالتعليم والعلوم والتكنولوجيا والمواهب، وقال إن الهدف هو تنشئة تدفق مستمر من المواهب، وإطلاق إمكاناتهم الكاملة، وضمان الاستفادة الكاملة من قدراتهم.
ومن خلال حديث الرئيس شي نجد أن الحكومة الصينية تدرك أهمية الابتكار العلمي والتكنولوجي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك خصصت استثمارات ضخمة لدعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، وفقًا لتقارير إعلامية تجاوزت نسبة إنفاق الصين على البحث والتطوير 2.5% من إجمالي الناتج المحلي، وفي عام 2023 بلغ عدد براءات الاختراع المصرح بها 921 ألفا، بزيادة قدرها 15.3 في المائة عن العام الأسبق، مما يعكس التزام الصين ببناء اقتصاد قائم على الابتكار، مع استمرار الصين في تعزيز قدراتها في مجالات البحث والتطوير والابتكار، من المتوقع أن تُواصل ريادتها في العديد من المجالات التكنولوجية، والتزامها بتطوير القوى الإنتاجية الحديثة وتبنيها لاستراتيجيات التنمية المستدامة يُشير إلى مستقبل مشرق، حيث ستظل الصين في طليعة الدول التي تُشكِّل ملامح الابتكار العلمي والتكنولوجي على مستوى العالم.
حققت الصين إنجازات بارزة في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية؛ فمثلًا في علوم الفضاء، نجحت الصين في إنزال مركبة فضائية على الجانب المظلم من القمر، وأطلقت محطة فضائية خاصة بها، كما تخطط لإرسال بعثات مأهولة إلى القمر في المستقبل القريب، وفيما يخص صناعة الطائرات فقط بدأت الصين في صناعة طائراتها المدنية الخاصة بها؛ إذ تُعد الطائرة الصينية C919 إنجازًا كبيرًا في صناعة الطيران الصينية؛ حيث تمثل أول طائرة ركاب كبيرة يتم تصميمها وتصنيعها محليًا في الصين. وتتميز الطائرة C919 بتصميم حديث يعتمد على تقنيات متطورة؛ حيث يمكنها حمل ما يصل إلى 168 راكبًا في نسختها القياسية، وتصل مداها إلى حوالي 4075 كيلومترًا، ويعكس نجاح هذا المشروع الطموح الصيني في تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الطيران وتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية. ومن المتوقع أن تؤدي C919 دورًا مهمًا في تعزيز مكانة الصين كقوة عالمية في صناعة الطيران، خاصة مع تزايد الطلب على الطائرات التجارية في الأسواق المحلية والدولية.
أما فيما يخص بالذكاء الاصطناعي، فتحتل الصين المرتبة الثانية عالميًا في عدد براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتطبق هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات، من الرعاية الصحية إلى النقل والخدمات المالية، وأجد أن الاختراقات التي حققتها الصين في مجال الذكاء الاصطناعي قد تحفز تحولات نموذجية في مختلف التخصصات العلمية.
وفيما يخص الطاقة النظيفة، تعد الصين أكبر منتج للألواح الشمسية وتوربينات الرياح في العالم، كما أنها تستثمر بكثافة في تطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة الأخرى، مثل الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية، والصين تُدرك أهمية التنمية المستدامة، لذا تُركِّز على الابتكار في المجالات البيئية والتكنولوجيات الخضراء. من خلال تبني مفاهيم التنمية الخضراء، وتسعى إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مما يُعزِّز جودة الحياة لمواطنيها ويُساهم في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، وهو ما يعكس أيضًا التزام الصين كدولة عظمى مع قضايا العالم الحساسة في وقت تتخلى عدة دول عن التزاماتها البيئية، أيضًا فيما يخص التكنولوجيا الحيوية فتشهد الصين تقدمًا سريعًا في مجال التكنولوجيا الحيوية، حيث تطور أدوية وعلاجات جديدة لأمراض مستعصية، كما تنجح في إنتاج محاصيل زراعية معدلة وراثيًا.
من وجهة نظري، أجدُ أن المستقبل يبدو واعدًا للابتكار العلمي والتكنولوجي في الصين، خصوصًا مع استمرار الدعم الحكومي والاستثمارات الضخمة، ومن المتوقع أن تحقق الصين المزيد من الإنجازات الرائدة في مختلف المجالات، مما سيمكنها من تعزيز مكانتها كقوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا، والإسهام في حل التحديات العالمية، مثل تغير المناخ والأمراض المعدية.
وفي الختام يمكننا القول إن الابتكارات العلمية والتكنولوجية في الصين تُشكِّل قوة دافعة نحو المستقبل؛ حيث تسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتعزيز مكانة الصين على الساحة الدولية. ومع استمرار الجهود والاستثمارات، من المتوقع أن تشهد الصين المزيد من الإنجازات الرائدة في هذا المجال، مما سيفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي ويصب في مصلحة البشرية جمعاء.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المجلس الأعلى للأمناء: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز "جيل المستقبل"
أشاد المجلس الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين برئاسة عبد الرؤوف علام بالخطوات الرائدة التي تتخذها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، تحت قيادة الوزير محمد عبداللطيف، في تطوير المنظومة التعليمية وربط طلاب المدارس بأحدث التقنيات العالمية، خاصة في مجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي.
وأكد عبد الرؤوف علام رئيس المجلس الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين على أهمية إدراج منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي لطلاب الصف الأول الثانوي.
وأوضح أن بناء قدرات أبنائنا الطلاب في مجالات المستقبل الرقمي لم يعد خياراً، بل هو ضرورة وطنية ملحة. هذا المنهج يجهزهم ليس فقط لسوق العمل المتغير، ولكن لتشكيل هذا المستقبل بأنفسهم، مما يضمن لمصر مكانتها الريادية في العصر الرقمي.
وشدد رئيس المجلس الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين على أن هذا التوجه يتماشى مع رؤية الدولة المصرية للتحول الرقمي وبناء جيل قادر على المنافسة عالمياً.
نجاح منصة "كيريو" اليابانية في بناء القدرات الرقميةوسلط المجلس الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين الضوء على التعاون المثمر مع الجانب الياباني ممثلاً في منصة كيريو (Qureo) لدراسة البرمجة والذكاء الاصطناعي. وأشار المجلس إلى أن هذه المنصة قد أثبتت نجاحاً فائقاً في بناء المهارات الرقمية لطلابنا. وأوضح المجلس أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني قد يسرت على طلاب الصف الأول الثانوي الدخول إلى المنصة، حيث أتاحت لهم رابطاً للحصول على اسم المستخدم وكلمة السر، مؤكداً على دور أخصائي التطوير التكنولوجي في كل مدرسة كحلقة وصل أساسية لتمكين الطلاب.
خطوات مبسطة للانطلاق نحو عالم البرمجةوفي إطار حرص المجلس على مساعدة أولياء الأمور والطلاب، أوضح - في بيان له - الخطوات المتبعة لدخول الطلاب على منصة "كيريو":
الدخول على موقع وزارة التربية والتعليم ومن ثم الانتقال إلى منصة الشهادات العامة لعامي 2025-2026.
الضغط على أيقونة "التدريب على الذكاء الاصطناعي متاح الاستلام للصف الأول الثانوي".
إدخال الإيميل الموحد الخاص بالطالب، المستخدم لطباعة استمارة الصف الثالث الإعدادي، كـ "اسم الحساب" وإدخال كلمة المرور.
الضغط على "استلام بيانات التدريب على الذكاء الاصطناعي".
ستظهر بيانات الطالب الشخصية، وفي الأسفل سيجد اسم المستخدم وكلمة المرور الخاصين بمنصة كيريو.
نسخ اسم المستخدم وكلمة المرور والبدء الفوري في رحلة التعلم عبر رابط المنصة اضغط هنا.
و يثمن المجلس الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين جهود محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، المتواصلة والدؤوبة لضمان جودة العملية التعليمية وربطها بالتوجهات العالمية الحديثة، مما يعزز من قدرة الطالب المصري على مواجهة تحديات المستقبل.
وطالب المجلس جميع أولياء الأمور لمتابعة أبنائهم وحثهم على الاستفادة القصوى من هذه المنصة القيمة التي تقدم تدريباً عالمياً مجانياً.